صمت "الرئاسي" و"الحكومة" يفاقم أزمة الكهرباء في عدن    ثمن باخرة نفط من شبوة كفيلة بانشاء محطة كهربا استراتيجية    إيران وإسرائيل.. نهاية لمرحلة الردع أم دورة جديدة من التصعيد؟    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    مصرع وإصابة عدد من عناصر المليشيات الحوثية الإرهابية غربي تعز    غارات عنيفة على مناطق قطاع غزة والاحتلال أكبر مصنع للأدوية    السيول الغزيرة تقطع الخط الدولي وتجرف سيارة في حضرموت    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    شاب يقتل شقيقه جنوبي اليمن ووالده يتنازل عن دمه فورًا    الحوثيون يغلقون مسجد في عمران بعد إتهام خطيب المسجد بالترضي على الصحابة    صاعقة رعدية تنهي حياة شاب يمني    محمد المساح..وداعا يا صاحبنا الجميل!    صورة ..الحوثيون يهدّون الناشط السعودي حصان الرئيس الراحل "صالح" في الحديدة    آية في القرآن تجلب الرزق وفضل سورة فيه تبعد الفقر    رفع جاهزية اللواء الخامس دفاع شبوة لإغاثة المواطنين من السيول    العليمي يتحدث صادقآ عن آلآف المشاريع في المناطق المحررة    نصيب تهامة من المناصب العليا للشرعية مستشار لا يستشار    مقتل مغترب يمني من تعز طعناً على أيدي رفاقه في السكن    انهيار منزل بمدينة شبام التأريخية بوادي حضرموت    على الجنوب طرق كل أبواب التعاون بما فيها روسيا وايران    ما هي قصة شحنة الأدوية التي أحدثت ضجةً في ميناء عدن؟(وثيقة)    وفاة الكاتب والصحفي اليمني محمد المساح عن عمر ناهز 75 عامًا    العليمي يكرّر كذبات سيّده عفاش بالحديث عن مشاريع غير موجودة على الأرض    صورة تُثير الجدل: هل ترك اللواء هيثم قاسم طاهر العسكرية واتجه للزراعة؟...اليك الحقيقة(صورة)    عاجل: انفجارات عنيفة تهز مدينة عربية وحرائق كبيرة تتصاعد من قاعدة عسكرية قصفتها اسرائيل "فيديو"    الدوري الايطالي: يوفنتوس يتعثر خارج أرضه ضد كالياري    نادي المعلمين اليمنيين يطالب بإطلاق سراح أربعة معلمين معتقلين لدى الحوثيين    وزير سابق يكشف عن الشخص الذي يمتلك رؤية متكاملة لحل مشاكل اليمن...من هو؟    مبنى تاريخي يودع شبام حضرموت بصمت تحت تأثير الامطار!    رئيس الاتحاد العربي للهجن يصل باريس للمشاركة في عرض الإبل    شروط استفزازية تعرقل عودة بث إذاعة وتلفزيون عدن من العاصمة    لماذا يموتون والغيث يهمي؟    اليمن تأسف لفشل مجلس الأمن في منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة مميز    تعز.. قوات الجيش تحبط محاولة تسلل حوثية في جبهة عصيفرة شمالي المدينة    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    - بنك اليمن الدولي يقيم دورتين حول الجودة والتهديد الأمني السيبراني وعمر راشد يؤكد علي تطوير الموظفين بما يساهم في حماية حسابات العملاء    بن بريك يدعو الحكومة لتحمل مسؤوليتها في تجاوز آثار الكوارث والسيول    المانيا تقرب من حجز مقعد خامس في دوري الابطال    الحوثيون يفتحون مركز العزل للكوليرا في ذمار ويلزمون المرضى بدفع تكاليف باهظة للعلاج    بعد إفراج الحوثيين عن شحنة مبيدات.. شاهد ما حدث لمئات الطيور عقب شربها من المياه المخصصة لري شجرة القات    تشافي وأنشيلوتي.. مؤتمر صحفي يفسد علاقة الاحترام    الأهلي يصارع مازيمبي.. والترجي يحاصر صن دوانز    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحدد بعض الدول المساحة الإعلانية لواجهة محلاتها التجارية بالمتر
فوضى الإعلانات تشوه وجه المدينة..!!
نشر في الجمهورية يوم 12 - 02 - 2014

تشكل الإعلانات المنتشرة في الشوارع الوجه الآخر للمدينة، وربما وجهها الأكثر مشاهدة من قبل الزوار والناس عامة، وحين تمعن النظر في اللوحات المنتشرة في واجهة المحلات التجارية، يأخذك نوع من الهستيريا للعشوائية التي تنتصب عليها، لا أدري لماذا لا يهتم اليمنيون بمظهر مدينتهم، ولماذا كل حياتهم تنعكس على واجهاتها، في الطرق الرئيسية التي لا تزيد عن عشرات الأمتار – إن لم تكن أقل- نجد اللوحات الإعلانية العملاقة تتوالى كعرض تلفزيوني، لا مجال للرؤية هنا، كل شيء أصبح واقعاً بعد أن دخلت المؤسسات الدعائية قيد الترخيص، وأصبحت تقرر مجال رؤيتنا كما تريد، لا كما نريد، بينما الجهات المختصة تغض الطرف غير عابئة بالمخاطر.
في هذه المدينة المغرقة بالعشوائية؛ نجد واجهة أحد المباني يجمع عشر لوحات إعلانية، ما بين لوحة ( لبقالة ،مكتب ،صيدلية ،فرن ومواد بناء) وغيرها، وتخيل كمية الإعلانات العشوائية التي ترتص على بنايات العاصمة صنعاء، ناهيك عن الإعلانات العشوائية في الشوارع والممرات ومداخل الحارات.
دوشة الإعلانات في اليمن جعلت من الشركات المالكة والمعلنين يستهينان بتفكير الناس وعقولهم، ولم يكتفوا بالتلفاز والصحف وغيرها من الوسائل المتاحة من اللوحات الرقمية، بل صاروا يضيقون علينا حياتنا ويحصروننا بإعلاناتهم التي وصلت لأسوار المنازل . لم يشهد الإعلان سلبية بهذا الشكل الذي طرأ مؤخراً، إلا في السنوات الأخيرة ،بعد أن تفنن التجار في زيارة عواصم البلدان الأخرى، لينقلوا إلينا شكل إعلاناتها لا مواصفاتها.. إنها اليمن أينما تولي وجهك فثمة إعلان بانتظارك .
زاوية الرؤية
يقول رئيس قسم العلاقات العامة بكلية الإعلام، الدكتور عمر عبرين: في كثير من الدول يجب أن يتناسب الإعلان مع المكان الذي يتم اختياره، وحجم المساحة الإعلانية وزاوية الرؤية للشخص العابر في الطريق أو السائق للسيارة بحيث لا يشكل ضرراً عليه، لكن في المجتمع اليمني نلاحظ أنه متروك للمعلن أو للوكالة الإعلانية حجز المساحة الإعلانية أينما يريد، دون مراعاة ضرره على الناس.
- يضيف: “على الجهات الرقابية والمعنية سواء كان مجلساً محلياً أو وزارة، أن يقوموا بتحديد أخلاقيات معينة أو قوانين تحدد طبيعة المساحات الإعلانية والأماكن المناسبة لوضعها، بما يحقق الفائدة للمعلن ويراعي حاجة المواطن في السير في الطريق بأمان.
- فني اللوحات نادر المذحجي، قال: لا توجد لائحة تحدد الأماكن المعينة التي توضع بها اللوحات، وعددها بكل شارع، “على أمانة العاصمة أن تقوم بتخصيص أماكن محددة لنصب اللوحات داخل الشوارع بناء على دراسات يراعى فيها حجم الشارع وأماكن نصب هذه اللوحات، من ثم تخضع هذه الأماكن للمناقصة بين الشركات الدعائية، ومن يطلع حظه يأخذها، لكن الذي يحصل أن شركات الدعاية والإعلان تأتي للشوارع الضيقة التي لا يوجد فيها مكان لوضع لوحة أو ما شابه ،ومع ذلك تقحم اللوحة بلوحة أخرى ويسري هذا الموضوع على أكثر من شركة ، بنفس المكان”!.
- ويرى أستاذ علم الاجتماع مجيب شمسان، أن المجتمع نفسه لم يرتق لتقبل مثل هذه الأفكار، لكن الممكن عمله هو عملية ضبط للجهات التي تقوم بتنفيذ مثل هذه الأشياء كالمؤسسات الدعائية، “ لا بد أن تكون هناك عملية رقابة في كيفية تمرير الإعلان والطريقة واللغة التي يكتب بها. ويضيف: «في الدول الأخرى لا يمكن أن يكتب إعلان إلا بلغة دقيقة وسليمة وبلون معين وبطريقة محددة، ليس أي شخص يحق له أن يكتب الإعلان بالطريقة التي يريد».
تغاضي
تزدحم الإعلانات العشوائية على أرصفة الشوارع الرئيسية، والجولات، وتطال حتى إعلانات اللوحات الإرشادية، في ظل غياب الاهتمام العام من قبل الجهات المختصة والشعب على حد سواء، حتى إن هذه الإعلانات تسبب تشتيتاً للسائق أثناء العبور.
- يقول فني اللوحات: “في شارع الستين لم تكد تنهي النظر في هذه اللوحة، وأنت تمشي بالسيارة إلا وقد اللوحة الأخرى ظهرت أمام عينك مباشرة، لا يترك حتى مساحة بصرية للعين للرؤية، لا بد من وجود لائحة تنظم هذا الموضوع ، لكني اعتقد أن ازدياد عائد إيجار هذه اللوحات هو ما جعل الجهات المختصة تتغاضى عنها لنصب المزيد، وهذا لم يشوه أمانة العاصمة فقط، إنما يقتل الحياة فيها”.
- ويرى أستاذ علم الاجتماع مجيب شمسان أن الإعلانات عندنا غير منتظمة من الناحية اللغوية وغير صحيحة من الناحية الشكلية والتصميم، كما أنها غير خاضعة للضغط والتنظيم من قبل الجهات المختصة في الإطار العام؛ الكل يعمل ما برأسه بدون مراعاة لحقوق الآخرين وهذه كارثة كبيرة، وأوضح: صعب جداً أننا نقيس إلى أي مدى أنها تمثل تشوهاً للمدينة، لكنها تمثل نوعاً من الإزعاج من ناحية اللغة المكتوبة، ومن يستطيع أن يدرك هذا الخطأ هم فئة قليلة”.
- يقول مدير الدعاية والإعلان بصندوق النظافة والتحسين التابع لأمانة العاصمة، أحمد محمد الحميري: “لا يوجد عندنا إعلانات جذابة إلى حد أنها تترك المواطن يرفع رأسه باستمرار لمعاينتها”، لكنه يعود ليقول عن لوحات شركات الاتصالات المنتشرة بكل مكان، «إن البعض ينجذب للوحة من أجل الجوائز التي تعرض أحياناً».
ابتكارات تسيء للآخرين
يتفنن التجار المسافرون للخارج بنقل نماذج من الإعلانات المصممة هناك إلى اليمن، لوحات “مفروشات......”، تمتد من جدار المنزل إلى مسافة كبيرة فوق الشارع العام ، حينما توجهت إلى المعرض، وسألت أحد عماله، قال: إن هذه اللوحات تلفت انتباه الزبائن وليس فيها شيء، «هي مرتفعة جداً فكيف تضايق المارة» قلت له إنها تشد انتباه السائقين حين يمرون ، مما يسبب الحوادث، ناهيك عن أنها خارجة عن المساحة المسموح بها. لكنه صمت.
- أحمد الحميري، في رد على سؤالنا: هل هناك نية من قبل صندوق النظافة والتحسين لاقتلاع مثل هذه اللوحات ؟ يقول: حاولنا من قبل ولم نستطع؛ سألته كيف، قال: “أحياناً تكون قدراتك محدودة ، تعمل بقدر طاقتك فلا تستطيع” ، أعدت السؤال: لا تستطيعون أم إن هؤلاء تجار كبار فلا يجرؤ أحد على الاقتراب منهم ؟، قال: “لا ، إنما هناك إشكالية تتم عند نزول الفريق لاقتلاع مثل هذه اللوحات، الفريق ينزل الساعة الثانية ليلاً لتنفيذ مهمته والشارع خالي، فيخرج لهم أشخاص “مالك ..مش حق أبوك “ ويبدوا يتشابكوا معهم بالكلام وغيره، حتى انهم قد يضطروا للاعتداء عليهم “، سألته: لماذا لا يتم رفع مثل هذه القضايا لأمانة العاصمة ليتم التحرك أمنياً، لكن خيبة أمل تنتابه، وقال: مثل هذه الأشياء تتم بصعوبة.
- يقول المختص بهذه الإعلانات، ورئيس قسم العلاقات العامة بكلية الإعلام: “هذه اللوحات نجدها بدون حماية بأعمدة جانبية تضمن عدم سقوطها في حالات الرياح والأمطار، وخاصة في الشوارع غير المرصوفة قد تتخلخل الأرضية أسفل اللوحة الإعلانية الطولية ذات الحجم الكبير المبالغ فيه، وهذا يشكل تهديداً للمواطن.
مخاطر مرورية
تشكل هذه اللوحات مصدر قلق للسائقين خاصة حين تحتوى على معلومات هامة للمواطن، يضطر السائق إلى الانتباه لها اكثر من الطريق، كما قال: عبد الملك عبد الغفور(سائق ) ، وأضاف: اكبر غلط تواجد هذه اللوحات في الجولات .
وأكد سائق التاكسي (42)عاماً أن الإعلانات طغت على إشارات المرور، وعلى إدارة المرور أن تنتبه وتضع إشارات ولافتات، نحن لا نلاحظ إشارات مرور على الشوارع، وخاصة الشوارع المعكوسة، تصل لعند المرور يقول لك أنت عاكس خط، اللوحات غير موجودة إنما الإعلانات متواجدة “. ووجه عبد الغفور رسالة لأمانة العاصمة أن ترفع اللوحات الكبيرة من الشوارع، وخاصة تلك التي تمتد وسط الشوارع.
- رجل المرور محمد عبده العميسي، قال: هذه اللوحات تلفت انتباه السائقين أثناء قيادتهم للسيارات، وان البعض يشرد مع اللوحة ولا ينتبه لإشارات المرور أو لشرطي المرور. وأضاف: “انصح كل أصحاب الشركات أن تعمل لوحات بحجم صغير بحيث لا تؤدي إلى شرود السائقين”.
العميسي الذي يعمل في جولة القادسية مع زملائه وجه رسائل للإدارة العامة للمرور “أن ترفع قضية على هذه الشركات حتى تقلل من حجم هذه اللوحات، معتبراً إياها خطراً على حياة الناس والسكان القاطنين جوارها والعابرين أيضاً.. يضيف رجل المرور: “هذه اللوحات تسببت في حادث أو اثنين على الأغلب هنا”.
لوحات متنقلة
فيما يشتكي الناس من عشوائية اللوحات الإعلانية على المحلات التجارية؛ ينصب البعض لوحات إعلانية متنقلة أمام محلاتهم في الرصيف العام، حين مررنا على مثل هذه اللوحات برز أن هذه الظاهرة بدأت تتفشى قريباً في ظل ضعف المراقبة وتواطؤ بعض الجهات المختصة. في طريقنا أمام إحدى هذه المحلات التجارية، قال صاحب المحل - رفض الكشف عن اسمه - إن هذه اللوحات مرخص لها، واخرج لي ترخيص المحل وعليه رخصة (حديد + لوحة) ، ترى كيف يتم الترخيص لمثل هذه الأشياء.
- مدير الدعاية والإعلان بصندوق النظافة والتحسين التابع لأمانة العاصمة احمد محمد الحميري، قال: “الإعلانات المتنقلة مخالفة وتحتاج إلى جهد، وأصحابها أول ما يسمعوا البلدية يأخذوها ويدخلوها المحلات، واليوم التالي يخرجوها من جديد، مثل هذه الإعلانات تعيق عملية السير وتعتبر أذية للناس، ونحن لم نمنح مثل هذه التراخيص”؛ لكن من الذي منحهم.. سألناه؛ فتحفظ عن ذكر أحد ، لكنه أخبرنا أن ننظر في الترخيص المصرح به.
- نظرنا فإذا التصريح يتبع مكتب الأشغال العامة والطرق بأمانة العاصمة، تواصلنا مع مدير المكتب الأستاذ عبد الرقيب رضا، وبدوره قال: “صحيح أن الترخيص من قبلنا لكن إيراداتها وعائداتها يعود لصندوق النظافة والتحسين”، سألته: لكنكم أنتم من تصرحون ؟، قال: “نحن لدينا قانون يحدد مثل هذه الأشياء، لدينا آلية بموجبها نعمل، وهذه الآلية موجودة”.
- يقول هنا أحمد الحميري: “هذه الأشياء تحتاج لتنسيق من قيادة الصندوق مع مكتب الأشغال العامة وقيادة الأمانة.. لأنها مشكلة تؤرقنا جميعاً”.
تواصلنا مع نائب مدير صندوق النظافة والتحسين الأستاذ أحمد الجوزي، حيث قال: “سنعمل تعميماً لمكتب الأشغال بمنع الترخيص لهذه اللوحات الحديدية، ونلغي التراخيص السابقة، وعلى مكتب الأشغال مصادرة هذه اللوحات”.
- أستاذ علم الاجتماع مجيب شمسان، يرى أن “هذه اللوحات التي تنتصب أمام المحلات التجارية تعكس ثقافة المجتمع، أنه مجتمع عفوي عشوائي غير منظم الكل يكتب ما يريد دون تنظيم، وهذا يعكس غياب الدولة وغياب الجهة الرقابية التي تنظم مثل هذه الأشياء”.
حرمات المقابر
لوحات كان من المفترض أن تكون دعاءً للموتى بالرحمة، لكن جلب المزيد من الأموال جعل من هذه الأماكن مصدراً مهماً للترويج واستقطاب المعلنين، كما يحدث جوار مقبرة الصياح.
يقول مدير الدعاية والإعلان بصندوق النظافة: “إن هذه اللوحات على الرصيف لا فوق المقبرة، وإن عائدات كبيرة للصندوق الذي يغطي نفقات وأجور عامل النظافة منها، لكن هل يرضى عامل النظافة بنصب هذه اللوحات في هذه الأماكن؟!.
- سألته: ألا يوجد لديكم نية لاقتلاعها ؟ قال: “سنحاول فرض هذه الرؤى من الآن، أما ما هو موجود فلن يتم قلعه”، ويضيف: لماذا لا تعمل الشركات الكبرى دعاء المقابر، وتضع تحتها اسم شركتها كنوع من الدعاية”.
واستطرد قائلا: “هذه اللوحات تسبب تشوهاً بصرياً من ناحية المقاس والمواصفات التي بنيت عليها، يجب أن تصل مثل هذه الآراء إلى الجهات المختصة حتى يقتنعوا بذلك، ويقرروا إزالتها”.
لوحات قاتلة
تمثل إعلانات المواد الغذائية التي تعلن عن سلعة ما عبر لوحات قماشية تتناثر هنا وهناك، تمثل انتهاكاً حقيقياً لحقوق المواطن.. يقول نادر المذحجي: “اللوحات القماشية التي تعلق في الجولات كان قد صدر قرار بمنعها نهائياً من قبل ، لكنها الآن تعود مجدداً، هذه اللوحات بعشوائيتها تقتل المنظر الجميل”.
ويقول الدكتور عمر عبرين: “في كثير من الدول لا يعلن عن مواد غذائية أو صحية إلا بموافقة وزارة الصحة والسكان والجهات المخولة بذلك، ويذكر في اللوحة الإعلانية بترخيص من وزارة كذا، بحيث إن هذه الوزارة مكلفة بالرقابة على مضمون الإعلان ونوعية السلع المعلن عنها، والمواد المكونة منها، وصلاحياتها للمواطن، ويتبع جهة أخرى هي حماية المستهلك لهذه المضامين” ويضيف: “كارثة الإعلانات التخفيضية التي تروج عن خمسين في المائة من التخفيض خلافاً للنسب الأخرى، المستهلك بمجرد مشاهدته الخمسين في المائة تخفيض يذهب مباشرة للمركز التجاري فيجد أن هذا التخفيض غير حقيقي، بينما في الدول الأخرى وزارة التجارة هي المخولة في إصدار ترخيص لشركة أو مؤسسة أنها تصرح في تواجد هذا التخفيض من عدمه، وتراقب هل التزم بنسبة هذا التخفيض أم لا، وهذا التخفيض له مواسم محددة، تخفيض صيفي وشتوي، لكن بالنسبة لليمن مجرد إعلانات لجر المستهلك للجهة المنتجة لهذه السلع، وبالتالي يقع المستهلك أمام إشكالية، ويكتشف أن النسبة المخفضة هي أصلاً مضافة للسعر الأصلي”.
- وتحدث رئيس قسم العلاقات العامة بكلية الإعلام عن خطورة الإعلانات التي تروج لسلع غذائية قد لا تكون مناسبة لصحة المستهلك، “على وزارة الصحة والجهات المختصة أن تتابع هذه الإعلانات ولا تسمح لأي شركة أياً كانت بالإعلان عن هذه السلعة في الطرق أو في أي وسيلة إعلانية إلا بترخيص يضمن المضمون”.
أخطاء مسئولة
صندوق النظافة والتحسين تكمن مهمته في تنظيم المظهر العام للمدينة لكن حين يتخلف عن هذه المهمة تكون الكارثة.. يتحدث نادر المذحجي عن أخطاء ومخالفات ارتكبها تابعون لصندوق النظافة والتحسين في أمانة العاصمة، سارداً حكاية حدثت معه عندما كان ينفذ حملة إعلانية مرخصة في حديقة السبعين بصنعاء، مؤكداً أن موظفين من صندوق النظافة والتحسين كان لديهم حملة في حديقة الثورة بصنعاء أيضاً، لكنه تفاجأ حين عادوا وأرادوا نصب إعلاناتهم في الحديقة التي أصبحت المساحات الإعلانية بحكم الترخيص تابعة لشركته، وحين لم يجدوا مساحة - حد قوله- قاموا بنصب إعلاناتهم في إحدى اللوحات الإرشادية العملاقة التي تخدم المواطن والسائح في الشارع العام، وأن هذا الإعلان استمر لمدة شهر بعد انتهاء المهرجان ولم يبعده أحد، وأشار أنه حين تطرق للموضوع مع أحد العاملين في الصندوق أجابه “أن الوضع مقلوب على الآخر” من يقوم بهذه المخالفات هم أشخاص تابعون لأمانة العاصمة وللصندوق تحديداً، هؤلاء هم قدوة المجتمع!.
بدائل
في ظل الخطر الذي تشكله هذه الهياكل الحديدية على المواطن يبرز في الأفق بديل لها، يقول نادر المذحجي: “اللوحات التي تتوافر داخل صنعاء كلها عبارة عن هياكل حديدية، بينما هناك وسائل ربما تعرض الإعلان بشكل أجمل، مثل اللوحات الرقمية التي غيبت تماما، ولا يمكن أن تجد في صنعاء كلها سوى ثلاث إلى أربع لوحات رقمية، بينما يفترض أن تكون هناك لوحات رقمية عملاقة تستغل بدل هذه الهياكل”. ويتفق معه الدكتور عمر عبرين في هذه النقطة.
- ويضيف المذحجي: “قبل سنتين قامت شركة (جولدن) بتركيب لوحات على أعمدة الإنارة بالشوارع الرئيسية، بهياكل خفيفة مثل الألمونيوم بحيث إنه لو سقطت لا يمكن أن تحدث مشاكل، وليست في أماكن خطرة، قد ربما تعكس تشويهاً لكنها أخف ضرراً من غيرها، وخلال شهر 11/ 2013 جاءت شركات تريد تقلد شركة “جولدن” فمُنحت تراخيص نصب لوحاتها على أعمدة الضغط العالي؛ وهذه أكثر خطورة من غيرها، وأنت تخيل أحد عمال هذه اللوحات يقوم بتحريك أحد الأسلاك الكهربائية.
تجاوز العشوائية
لست بحاجة إلى مكاتب هندسية لتعرف كم مدينتنا أصبحت عشوائية، فقط تحتاج لنية مسبقة للمشي في شوارعها، وعيناك مغمضتان على آخرهما لتدرك الحقيقة، فهل السوق الإعلاني اليمني قادر على تجاوز العشوائية التي يمر بها ؟!.
- يقول أسامة عبد الله اليوسفي “مسوق”: “اللوحات العملاقة أصبحت ثقافة متداولة عند أغلب الشركات الإعلانية، إذا أرادت الشركة أن تخاطب المستهلك على أنها شريكة كبيرة في البلد لابد أن تفعل لوحات كبيرة في أماكن متفرقة، وأغلب الشركات لا تكترث أبداً بمسألة إرضاء العميل، لا من ناحية المنتج ولا من ناحية الإعلانات الموجهة لبيع المنتج، ونتيجة لعدم معرفة المجتمع بأبسط حقوقه فهو معرض للابتزاز من كل الجهات حتى من الجهات الحكومية التي تنشر إعلاناتها بمساحات كبيرة جداً دون مراعاة لشعور المواطن.
يضيف اليوسفي: «لماذا لا نستخدم الإعلانات في مجال العلاقات العامة بدل ما نعرض إعلان المؤسسة نضع لوحة كبيرة بمكان مخصص ونحدد عليها أسماء الشركات التي شاركت فيها كنوع من التسويق لها، بدل ما نغطي وجه المدينة بالإعلان عن المنتجات».
- الدكتور عمر عبرين، قال: “إذا حصل تنظيم بين الجهات المعنية الثلاث، بأن يحددوا طبيعة حاجة المواطن من حيث المضمون، ومن حيث سلامته في مروره من الطريق، ويفترض على المجلس المحلي توفير هذه الميزة للمواطن أولاً قبل المعلن أو الوكالة الإعلانية”.
- ويرى أستاذ علم الاجتماع مجيب شمسان أن “أي إعلان لابد أن يحظى بموافقة صندوق النظافة والتحسين، وأن تتمتع هذه الهيئة بمختصين يراعون كافة الجوانب النفسية للمواطن والمستهلك، وبدون هذا أعتقد أنه سيستمر الإعلان وستستمر الفوضى.
- لكن نادر المذحجي له رأى مغاير، حيث قال: “إذا رمينا باللوم كله على أمانة العاصمة نكون غلطانين، المفروض أن مثل هذه الأشياء يفكر فيها المواطن، التاجر، صاحب شركة الدعاية والإعلان قبل أمانة العاصمة، واختيار التاجر للمكان المناسب لتركيب لوحته، بما يعود عليه بالفائدة”.
- يتحدث مدير الدعاية والإعلان بالصندوق عن خطة لتوحيد اللوحات الإرشادية في كل الشوارع من حيث الشكل والحجم والمواصفات، وأن تكون اللوحات كلها بمقاس واحد، “هذه رؤيتي في الفترة القادمة، سأطرحها وأتمنى أن ينفذوها، حتى تبعدنا نوعاً ما عن التشوه البصري، الجانب الثاني اللوحات الكبيرة أتمنى أن تكون بنفس الحجم وبمواصفات معينة، لا أن تكون هناك بعدة أشكال أو خارجة من الجدار بمسافة كبيرة “
- يطرح البعض هنا فكرة عقد ورشة ومشاركة كل الأطراف فيها، من المعلن والشركات الدعائية والصندوق، لتدارس المشكلة وإيضاح وجهات النظر في هذه القضية حتى تصل الرسالة إلى الجميع، ويرون أنها البداية لحل المشكلة.
- مثلما يشوه الجدري الوجوه؛ تشوه الإعلانات وجه المدينة، أو كما قالها عبد الحكيم الفقي: “فكل شيء فيها يحكمه المزاج، فهل سنشهد قانوناً يحد من هذه العشوائية، كما هو موجود في بعض الدول، أم إن مثل هذه الأشياء سيظل تتكرر دون أدنى اهتمام من قبل الجهات المختصة، نأمل أن يوضع حد لمثل هذا العبث الإعلاني.
لا يكاد يخلو جدار إلا وتجد ملصقات لدورات تدريبية انتهت قبل أشهر؛
أو لمحاضر دولي زارنا العام الماضي ولا تزال تباشير زيارته إلى اليوم
ملصقات عبثية..!
مع انتهاء موسم الحوار الوطني يبدأ الرعب يسيطر على الجدران من كمية الملصقات واللافتات وصور المرشحين التي ستستقبلها إبان إعلان موعد الانتخابات الجديدة، لكن الكارثة الأكبر تكمن حين يعود الجميع إلى بيوتهم بعد الإدلاء بأصواتهم، بينما تظل هذه الجدران ترزح تحت وطأة هذه الصور، دون أن تجد أحداً ينتبه لها، حتى صندوق النظافة والتحسين بأمانة العاصمة سيتجاهل كعادته تنظيف ما أفرزته هذه العملية الدعائية من مخلفات.
خيارات متاحة
لا تزال آثار الدعاية الانتخابية السابقة عالقة في جدراننا حتى اليوم، دون أن يستطيع أحد انتزاعها بالكامل، ومع انتشار وسائل الاتصال الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي ك “الفيس بوك، والتويتر ، و الواتساب وغيرها “ لم تبق مسألة الملصقات خياراً وحيداً، وعلى هذا المرشح أو ذاك أن يروج لنفسه عبرها، وهي وسيلة لا تكلف المرشح حق الأوراق والعاملين عليها، كما أنها وسيلة ناجحة في المحافظة على جمال المدينة ومنظرها العام، بالإضافة إلى استخدام منشورات صغيرة يوزعها في الأماكن العامة والتجمعات لتفي بالغرض. وما دامت هذه الخيارات متاحة لماذا يتوجب علينا أن نشوه مدننا.
لكن أعتقد أن الصور واللافتات الكبيرة تشبع غرور المرشحين ونهمهم للتباهي والشهرة ؛لذا على أمانة العاصمة أن تكون أكثر حزماً هذه المرة ،و أن تحدد أماكن خاصة لهذه الملصقات ،كأماكن دعائية تلتزم بنصبها ،أو أن تفرض على كل مرشح أن يعلق صوره ولافتاته في مقر حزبه، بدلاً من تحويل الشارع وواجهات البيوت كلها لحسابه . هذه هي الحياة في مدينة تخلو من القوانين، وإن وجدت لا نجد أحداً يلتزم فيها .
بعد أن رممت الألوان جراحها ، كوفئت رسومات الثورة بطبع العديد من الملصقات الإعلانية عليها..
تشويه لجداريات الثورة
بأي وجه سيقابل رسامو هذه الجداريات أعمالهم بعد هذا الانتهاك الصارخ الذي تتعرض له رسوماتهم من قبل المعلنين، بوجه يملؤه الغضب واليأس، أم بوجه ملؤه الأسى على واقع مجتمعهم الذي ما زال حتى اليوم، لا يفرق بين عداء السياسة وعداء الفن . . على جدران أحد المعسكرات التي طالتها المواجهات إبان أحداث 2011، الواقع في الشارع المحاذي لجولة “كنتاكي” ، تعرضت رسومات الثورة لكمية كبيرة من الملصقات، من سيتاح له فرصة النظر لهذا الجدران سيدرك حجم المأساة التي تنتظر مستقبلنا ، خاصة إذا كانت ثقافة الملصقات أكثر أهمية من هذه الجداريات.
الإعلان التي احتل الجدار بأكمله ، كان إعلاناً واحد تم طبعه جنباً إلى جنب وكأنه إعلان لترشيح احد الزعماء، مثل هذه الأشياء بحاجة إلى وضع حد لها.
- طاهر الرباعي (طالب) قال : هذه الملصقات تشوه المدينة وتخلق جواً فوضوياً فيها ، لكني أقول لمن يضع مثل هذا العبث على جدراننا، هناك أكثر من ثمان قنوات فضائية في اليمن، انشر إعلانك فيها ، لماذا تلجأ لمثل هذه الأعمال ، وعلى من يريد أن يلصق إعلاناً في الجدران عليه أن يراعي التنظيم في وضعها واختيار المكان المناسب .
هل توسع العداء السياسي ، لينتقل إلى كل ما يتعلق من أعمال من قبل الأطراف المتخاصمة سياسياً في صنعاء ، أم إن مثل هذه الملصقات وجدت طريقها إلى هذه الجدران بدون قصد ، وسواء كانت بقصد أو بدون قصد، فهي جريمة بحقنا جميعاً خاصة و أن هذه اللوحات تعكس السلوك الحضاري لمدينتنا لا طرف على حساب آخر .
لكن ماذا عن الجهات المسئولة ،هل تتقبل مثل هذا العبث بمظهر المدينة ، ولماذا لا تحاسب من طالت يده هذه الرسومات وتلاحق صاحب هذا الإعلان ، أم إن أعيننا تاهت عن الرؤية .
«كمبات» تشتكي!!
“كمبات” الشوارع أو أعمدة الكهرباء هي الأخرى تندد بالاعتداءات التي تطالها من قبل المعلنين ، فلا توجد “كمبة” إلا ونجد لافتة أو ملصقاً أو لوحة دعائية ، كل هذا يحدث قبل الفجر طبعاً .
المعلنون الذين ينصبون إعلاناتهم على هذه الأعمدة يتهربون من دفع الضرائب أو المستحقات التي يجب دفعها للأمانة، فيما يشار أن هؤلاء يدفعون أموالاً هنا وهناك للتغاضي عن هذه اللوحات .
إعلانات عشوائية..!!
في ابتكار جديد لعشوائية الإعلانات في اليمن، برز موقف سيارة مرسيدس تم وصلها في حامل إعلانات على السطح لتحمل لوحة إعلانية شخصية لصاحب السيارة، الإعلان الذي شمل رقم هاتف بخط كبير من الأربع الجهات ، شمل جواره اسم المحل التجاري “مكتب عقارات العاصمة “ ؛ ولا يزال هذا الإعلان رابضاً فوق السيارة منذ عامين أو ثلاثة أعوام . اليوم بعد أن تعطلت السيارة تم توقيفها جوار المحل ، ولا يزال الإعلان صامداً .
- “ رقم الملحم ....” عبارة انتشرت في مختلف حارات العاصمة صنعاء ، ما إن تكاد تذهب لحي إلا وتجد رقم الملحم أمام عينيك ، من الحصبة إلى شارع بغداد كان هذا “الإعلان “ ،العابث الأكبر في مختلف شوارع صنعاء وزقاقها .
الملحم الطويل .. شخص وجد من غياب الرقابة والقانون وسيلة لنشر خدماته وعمله ، لكن ما شجعه أكثر أنه كان يرسم في الأحياء الراقية والشوارع الرسمية بال “بخاخ “ دون أن يعترضه أحد .
والأغرب من ذلك ، أن هذا المعلن العشوائي ، لم يكلف نفسه بنحت لوحة منتظمة لإعلانه ، لكنه أخذ بخاخه وبدأ يخط هذه العبارة على كل الحيطان والبيوت التي يصادفها. تخيلوا منظر الحائط بعد هذه العبارة، أعتقد أنكم رأيتموها الآن. كم من الاستهتار نعيشه هنا، وكأن حيطان العاصمة كلها ملكه.
مثل هذه الشكليات تشوه الجمال العام للمدينة، وتترك انطباعاً لدى زائريها بعشوائية الحياة في قلب العاصمة ما بالك في المدن الأخرى.
نصبت بشكل عشوائي ودون دراسات مسبقة ، تخلى أربابها عنها فخلدت عارية للنوم إلا من هيكلها الحديدي..
هياكل غير مرغوب فيها..!
هياكل مخيفة وحيدة إلا من جسدها الذي يبدو أقرب إلى الموت، من يمر بشوارع العاصمة صنعاء اليوم ، يدرك حجم المخاطر التي تسببه هذه الهياكل لو سقطت على المارين والسكان ، ناهيك عن التشوه البصري الذي تحدثه في جمال المدينة..
منذ سنتين أو ثلاث، تقف هذه التحف الحديدية مرحبة بالقادمين والعائدين على السواء؛ لا عمل لها بعد أن تركها المعلنون نتيجة لأخطاء قاتلة في مواقعها غير المناسبة - حد قول أحد المهتمين.
مهزلة حقيقية حين يقف أكثر من خمسة عشر هيكلاً حديدياً على الأقل بلا عمل في شوارع العاصمة صنعاء، وكأنهم خريجو إحدى جامعاتنا الذين لا يزالون منذ سنوات بلا عمل، ناهيك عن الوظائف.
من ينظر لهذه الهياكل يدرك للوهلة الأولى حجم الإخفاق الذي مُني به أصحابها، خاصة بعد أن تنصل عنها من كانوا يتسابقون عليها في الفترات السابقة من قبل المعلنين. فهل أدركوا خطورة بقائها عارية في وجه المدينة وزوارها ؟ وهل سنشهد قراراً باجتثاثها ؟!.
إحدى الكوارث
في قلب ميدان التحرير كان ينتصب هيكل حديدي ضخم ، ثلاثي الاتجاهات ، يدور باستمرار ليلفت الانتباه للإعلان الذي يحمله، هل توقع أحد سقوطه . إنها اللامبالاة حين تبلغ مداها بأرواح الناس .
يقول نادر المذحجي «فني لوحات»: إن اللوحة المتحركة التي في ميدان التحرير سقطت على أحد الباصات وسلم الله أن الباص كان خالياً من الركاب ، لكنه تهشم بالكامل. ويضيف: مثل هذه اللوحات العملاقة إذا سقطت في خط سريع على إحدى السيارات ستطيح بعدد كبير من الضحايا “المفروض أن يكون هناك رقابة على هذا الحديد الذي يتم تركيبه ، لأنه مع عوامل الطبيعة قد يكون غير صالح، وهناك لوحات من يوم أعرف نفسي من قبل عشر سنوات ما زالت مركبة “
- يقول المذحجي: “ في (مهرجان صيف عدن السياحي ) في 2007 ، جاءت رياح بسيطة في المدينة ، فانهارت حوالي 60 % من اللوحات العملاقة في الشوارع الرئيسية والجولات، الناس أصبحوا في اليوم الثاني واللوحات كلها على الأرض ، وإن الهياكل التي كانت شامخة في الأمس أصبحت كتله مجمعة .
أخطاء
ويؤكد فني اللوحات: «أنا اعتقد أنها تنفذ بطريقة غير مدروسة والدليل على ذلك ، أنك لو عملت زيارة لأكثر من شارع بأمانة العاصمة ستلاحظ أن هناك هياكل للوحات عملاقة بدون إعلانات منذ ثلاث أو أربع سنوات ، نظراً لأن هذه اللوحات منحت تراخيص غير مدروسة».
واستطرد قائلاً ،”هناك لوحة في شارع الزبيري أمام برج أمان للتأمين لها ثلاث سنوات بدون إعلان ،لا هي مغطاة بالإعلان من أجل أن يتفرج لها الناس ولا هي أزيلت؛ إنما عبارة عن هيكل منصوب يعمل على تشويه المنظر العام للعاصمة ،وهناك العديد من اللوحات بشارع الكويت ، جولة المصباحي ، جولة حدة ، وشارع الزراعة بنفس الطريقة، هذه اللوحات لم تركب عليها قطعة قماش منذ ما يقارب سنتين أو ثلاث سنوات، ما الإجراء المتخذ من قبل أمانة العاصمة ؟ لا شيء ؛ المفروض أن هذه الهياكل تجتث.
- يقول رئيس قسم العلاقات العامة بكلية الإعلام ، الدكتور عمر عبرين إن الهياكل الحديدية في ثقلها تشكل تهديداً على المواطن، خاصة في ظل ظروف التعرية والطقس الذي تعيشه العاصمة ، “نحن نعلم أن كمية الأمطار كبيرة جداً في الصيف ناهيك عن استمرارها في الشتاء في العام الماضي، ما يجعلها عرضة للتآكل والسقوط ؛ «يفترض على المجلس المحلي أن يتابع باستمرار وأن يقيم قدرة تحمل هذه الهياكل الحديدية على الفترات الزمنية البعيدة بحيث أنه لا يبيع المساحات الإعلانية إلا بعد متابعتها وتفقدها ، أو استبدالها بهياكل تحافظ على سلامة المواطن والبيئة».
خارج المدن
يضيف :الهياكل الكبيرة يجب ألا يسمح لها بالإعلان وسط العاصمة صنعاء ، وإنما في خارج العاصمة عند مداخل المدن تحديداً ؛ كون هذه المساحات منخفضة سكانياً ، كما أنها لا تشكل تهديداً للرؤية ؛«داخل المدن يجب أن يكون هيكلها من البلاستيك لا من الحديد، وأن تكون اللوحة بلاستيكية أو قماشية ، لأن الهياكل البلاستيكية قوية وتتحمل التعرية وتحافظ على البيئة».
- جسور المشاة أيضاً كان لها نصيب من هذه الهياكل الحديدية التي تشكل تهديداً إضافياً ، يقول عبرين ؛”هذه الهياكل لا يجب أن تكون في مناطق حية أو في نفق أو كبري مشاة ، وان تعلق عليها لوحات وهياكل حديدية ثقيلة جدا ؛ يفترض ألا توضع هذه الهياكل على الجسور وإنما الاكتفاء بتعليق اللوحة الإعلانية المكونة من البلاستيك أو القماش فقط على جسم الجسر ، بدلاً من إضافة حمولة إضافية على الجسر”
هياكل فارغة
يقول مدير الدعاية والإعلان بصندوق النظافة والتحسين الأستاذ احمد الحميري، “الهياكل الفارغة هذه تعود للشركات الإعلانية المؤجرة ،عندما ينتهي العقد مع الشركة المعلنة عبر هذا المكتب الإعلاني يتم إزالتها ويسوق لآخرين، ونحن قد وجهنا للشركات هذه ألا تظل الهياكل فارغة وان يقوموا بعمل لوحات خلفية بيضاء من أجل أن تقلل من التشوه البصري، حتى يتم الإعلان لمعلن آخر.
- سألته: لكن البعض يرى بأن هذه الهياكل نصبت بعشوائية وبدون دراسات مسبقة ، لأهمية مواقعها ؟، نفى ذلك ،وقال إن نصب مثل هذه الهياكل يتم بمكان محدد، بمواصفات محددة ، وبمقاس محدد.
وعما إذا كان الصندوق مستعد لإزالتها كون بعض هذه الهياكل مكشوفة منذ أكثر من ثلاث سنوات ، قال إن هناك هياكل وضعت فوق سطح البنايات في شارع الزبيري ، “هذه مشوهة فعلاً وخالية منذ سنتين ، وأنا يدي على يدك على يد أي مسئول ، أن يتم إزالتها أو يتخذ فيها أي إجراء ، هذه اللوحات لم تعد تستقبل الإعلانات لأن فيها مشاكل “، أوضحت له أننا بصدد الحديث عن الهياكل التي في الشوارع الرئيسية التابعة للصندوق ،قال: «تواصلوا مع المدير والنائب لإزالة مثل هذه اللوحات التي أصبحت مصدر خطر على المواطن».
- نائب مدير صندوق النظافة والتحسين بأمانة العاصمة الأستاذ احمد الجوزي ، قال: “لا يوجد لدينا أي هياكل، هذه كلها للشركات الدعائية، صاحب هذه الهياكل عندما يأتي يرخص نجبره على دفع غرامات، أما الهياكل التي فوق البنايات نحن لا نستطيع أن نزيلها لأنها خاصة بأشخاص ، أما إذا كانت هناك هياكل تشوه سنصدر تعميماً لإدارة الدعاية لإزالتها”.
نأمل من صندوق النظافة والتحسين أن يكون قد المسئولية ليزيل مثل هذه الهياكل التي أصبحت تشكل خطراً حقيقياً على المواطن، كما نوجه رسائل للجهات المختصة في أمانة العاصمة وغيرها أن يكون لهم يد في إزالة هذا الكابوس الجاثم على صدور المواطنين، وصدر العاصمة صنعاء ، أيضاً حتى يعود للعاصمة ألقها من جديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.