إن كانت الطريق الاسفلتية الجميلة لجبل صبر قد ساقت إليه السياح من الداخل والخارج, فما زال الجبل الأشم في جعبته الكثير لجذبهم سيما عشاق التاريخ , فمن بين عشرات المساجد الأثرية في صبر, يحتل جامع أهل الكهف الصدارة , لكن فضيحة اكتشاف عيوب ترميمه المخالف للمواصفات بعد أقل من عامين منذ الانتهاء من ترميمه جعل أولوية «الاستفادة»القصوى من المقاولين تطغى على ما سواها من أولويات المعنيين ! ولعل الصور التالية خير دليل على قبح ترميم جامع أهل الكهف المستلقي وسط عزلة المعقاب في قمة جبل صبر , فرغم رفض مدير عام فرع الهيئة للآثار الأسبق العزي مصلح على التوقيع على محضر استلام مشروع الترميم حد قوله إلا أن محلي مديرية صبر الموادم استلم المشروع من المقاول رغم «تدريز»أحجاره من الخارج بالاسمنت الأسود ! خلافاً لما كان يبدو منذ قرون مضت بالقضاض , وقد لا يكون لمقاول الترميم ذنب في ذلك إذا ما تعلل بأن محلي المديرية لم يرصد للمشروع مبلغاً كافياً لتدريزه بالقضاض , بل ربما اكتفى المجلس المحلي بالاسمنت لشحة الميزانية والإيراد السنوي الذي بالكاد يكفي أعضاء محلي المديرية الأربعة الأمين العام والأعضاء الثلاثة المنحدرين من منطقة واحدة « شرقي صبر الموادم».. من يدري !! لكن شرف البلية المضحك هو تلك المغالطة المكشوفة ل «التدريز» بالاسمنت الأسود القبيح , فلكي يبدو وكأنه « قضاض » تم طلاؤه بالنورة البيضاء . وإذا كان ظاهر الجامع اكتسى بهكذا قبح وهتك للتاريخ وفن العمارة الأصيل , فداخله أقبح ! والصور المرفقة ضمن التحقيق تكشف حجم وسرعة تساقط التلييس من الداخل بالجبس , رغم أن الترميم لم يمض عليه أكثر من عامين منذ بدأ يتساقد وينخلع من الجدران, وحسب بنائي المنطقة فقد تساقط الجبس كونه طُلي بسماكة رقيقة , وعلى طبقة من الطين المفتقر للقدر الكافي من القش الضروري ليحتفظ بتماسكه من ناحية , وليتماسك الجبس عليه من ناحية أخرى ! أما ثالث عيوب ترميم الجامع وملاحقه البالغ كلفته (16) مليون ريال فقد انكشف كما في توضح الصور من خلال التحايل على أخشاب السطح فبدلاً من جلب أشجار الفرواش المحلية أو غيرها المتينة والمطابقة لما كانت عليه سابقاً , تم رص أخشاب مستوردة هزيلة لبعض أسقف ملاحق المسجد ما جعلها تبدو كأسقف دكاكين وصندقات بيع التمباك والفحم في سوق الصميل ! أما رابع عيوب الترميم القبيح فقد تجلى سافراً بتركيب نوافذ وأبواب خشبية تقليدية لملاحق الجامع لا تحمل ذرة من نكهة الماضي ولا روحانية المكان المتوغل قداسة وتراثاً ! . بحرقة وأسى يتحدث أحد من التقيناهم من أهالي عزلة المعقاب أن ممثل منطقتهم تخلى عنهم وعن متطلبات المنطقة , فور نجاحه في الوصول إلى عضوية المجلس المحلي عن المنطقة لينتقل إلى صنعاء طيلة السنوات الماضية , وعبث بل وشر مستطير مضى العضو وأناب شقيقه بدلاً عنه الذي يعد في المنطقة شيخاً وعدلاً وأمينا شرعياً لكنه لم يشرع همته لحضة لتشغيل مشروع مياه المنطقة المتعثر منذ عقد رغم اكتمال مواسيره ومضخته وخزاناته التجميعية , ويضيف بأنه وبالرغم من أن عشرات العزل المحيطة بمركز ومبنى مديرية جبل صبر والمتصدرة كثافة سكانية , إلا ان أحداً من أبناء تلك العزل لم يضفر بالوصول إلى عضوية محلي المديرية في الانتخابات المحلية التي أرسلت أربعة من منطقة واحدة ( شرقي صبر) ليسيطروا على محلي المديرية ومشاريعها ومناقصاتها .. أما أبناء عُزل الموادم المطلة على تعز وكل ما يعلوها حتى سيعة والعروس وما خلف الجبل من عُزل الضباب ,جميع تلك المناطق تم تجاهلها والاحتيال على ممثليها في الصعود إلى قيادة محلي المديرية لأسباب حزبية وتقاسم أدوار لا يتسع المجال لشرحها ,لكنه كاف مسائلة أربعتهم : لماذا مرروا مشروع ترميم جامع أهل الكهف وغضوا طرفهم عما جرى من هدر لميزانية محلي صبر في هكذا مشاريع تمس تاريخ وتراث وكينونة جبل صبر بأناسه وقيمه وعمارته , لتصبح مثل تلك المشاريع منفرا للسياح لا جاذبة لهم ! وحتى لا تعم السيئة فما يجدر الإشارة إليه هو أن ننقل تفاؤل من التقيناهم من الموظفين العاديين في محلي مديرية صبر والأهالي بمدير عام مديريتهم الجديد الأخ/ عبدالباري الحمودي الذي سبق وتقلد ذات المنصب قبل أقل من عقد وأثبت جدارته ونال حب الكثيرين وتقديرهم , لكنه سيكون أروع حد قولهم إن اتخذ إجراءً عقابي وأحال مثل هكذا قضايا فساد وغش في المشاريع إلى نيابة الأموال العامة , أما ما أرسله أبناء عزلة المعقاب إلى الحمودي عبر الصحيفة فهو أملهم ورجاؤهم بإدراج مدرستهم القديمة ضمن مشاريع الترميم والإضافة للعام الجديد 2014م كون المدرسة لم ترمم منذ بنيت في العام 1976 فأطفال القرية المعتلية ذروة الجبل يتجمدون برداً في بقايا مدرسة بلا نوافذ وأبواب ومن فصولها صار بلا سطح أيضاً, ولا أثاث مدرسي فيحشرون في فصولها تلك المعترئة كأسماك السردين المعلب .