حفرة أهل الكهف ردمت ومسجدهم الأثري يترمم بقبح الاسمنت وانتهاك سافر لحرمة الأموات وظمأ مفتعل للأحياءذهب ابن خلدون أن أهل الكهف ناموا في عهد الملك الروماني دقيانوس وأضاف ابن المجاور الدمشقي أن دقيانوس هو مؤسس مدينة الكدراء وسكن الجند يوم كانت تسمى الأفيوس حيث هرب منها الفتية السبعة وثامنهم كلبهم وأووا في كهف في جبل صبر وجرى عليهم ماجرى في هذا الاستطلاع الممزوج بالتحقيق نسلط الأضواء على قرية مسجد أهل الكهف (المعقاب) الواقعة في رأس جبل صبر، لا لتكرار ماقيل عن المسجد فحسب ومالم يقل، بل لكشف الانتهاكات الواقعة هنالك في حق التاريخ والسياحة وأهالي القرية الظامئين عطشاً والماء يسيل من تحتهم ليروي أودية الضباب . جمال الطريق - حتى لا تنطبق اتهامات بعض المعنيين ضد تناول بعض الصحف الجوانب السلبية وتجاهل الإيجاب ، سنبدأ أولاً في الإيجاب ونترك السالب إلى الأخير لأن الوصول إلى قرية المعقاب حيث المسجد المبني على ضريح أهل الكهف- سالكة فالاسفلت رافقنا منذ بداية الصعود إلى جبل صبر وحتى طرقنا باب القرية، لم نواصل الصعود إلى القرية المعتلية للمعقاب المعروفة ب(قرية العروس) وهي الأعلى ارتفاعاً في الجبل الأشم حيث ترتفع عن مستوى سطح البحر نحو (3500) متر وعن مدينة تعز (1500) متر لم تتسن لنا فرصة الاستمتاع بأودية قرى عميقة وسيعة فالمهمة محددة والطريق الجميل المرصوص بالأحجار المتفرع من الاسفلت صوب قرية المعقاب زاد شهية الولوج في القرية المستلقية طولاً وعرضاً بلا وعورة تستحق الذكر كما في باقي القرى المتدحرجة على صدر الجبل، صحن عريض غني بالشعير والذرة والحلبة والثوم هي القرية المستديرة من ثلاثة جوانب. لا حرمة للأموات - التفت القرية على مقبرة واسعة اقتص معظم الأهالي المحيطين بها مساحات صارت زرائب للمواشي والأعلاف ودكاكين من الزنك وأحواش ومنازل أيضاً وبيارات وهذا ما وجدناه مطابقاً لمذكرة الأخ عبده محمد حسان مدير عام الأوقاف بالمحافظة الموجهة إلى مدير عام مديرية صبر الموادم الأخ أحمد علي جامل الذي تفاعل بعد زيارتنا الاستطلاعية بإرسال فريق من فرع الأوقاف بالمديرية لكن الفريق حسب الأهالي – لم يفلح في شيء يحد من انتهاك حرمة الأموات، أحد الأهالي قال : ليس القرويون وحدهم انتهكوا حرمة المقبرة فالمعنيون بإنشاء مدرسة ومستوصف القرية أنفسهم فعلوا أكثر من ذلك فعندما اقتصوا مساحات من أرض المقبرة لبناء المدرسة والمستوصف حفروا وسط المقبرة بيارة للمستوصف بدلاً من التعاون مع الأهالي وإنشاء شبكة مواسير لتصريف مجاري والمستوصف والمنازل المجاورة أيضاً لإرسال مياه الصرف الصحي إلى أسفل القرية بعيداً عن مساكن الأموات والأحياء. - أما شيخ القرية الأخ عباس عبدالرقيب سيف فقد أبدى استياءه أيضاً من تلك البيارة المحفورة وسط المقبرة وأضاف بأنه عجز عن اقناع أي من الأهالي بالتنازل عن قطعة أرض صغيرة للبيارة ولو (مزاقرة) قطعة أرض من أراضيه دون جدوى لكنه متفائل من استجابة مدير عام المديرية لتغيير البيارة. جدلية أهل الكهف - لا أدري ما الذي ساقني إلى نقل حال المقبرة قبل حال مسجد أهل الكهف، لعل الدافع المثل الشعبي ( الصلاة أولاً على الميت الحاضر).. حسناً لنرى قصة من ماتوا قبل خمسة عشر قرناً ناموا ثلاثة منهم في كهف هذه القرية والعهدة لابن المجاور وان كان العزي مصلح مدير فرع الهيئة العامة للآثار بتعز لا يرجح كلام ابن المجاور الدمشقي عندما هاتفته ورجح صحة مكان ظهور أهل الكهف في إقليم الأناضول. - عبدالله محمد يحيى عقلان يعمل مدرساً في مدرسة قرية أهل الكهف وذاته قيم المسجد الأثري بعد والده الحاج محمد 90 عاماً، عبدالله صلى بنا صلاة الظهر جماعة في المسجد وبعد الصلاة أجلت حديثي مع الأخ عبدالله (القيم) وأمسكت بيد والده القيم الأسبق منذ قامت الثورة – حد قولهم – طلبت منهم فتح القفص المحيط على كهف أهل الكهف والواقع في الركن الأيسر من مقدمة المسجد المعلق سقفه على (28) عموداً خشبياً من أشجار ال(فرواش).. ولجنا القفص الخشبي المنحوت والمزخرف بالوحدات الزخرفية الهندسية الجميلة، المكان مظلم نوعاً ما ويشعرك بالرهبة والخشوع. - ترك الحاج محمد إحدى يديه معي وأشار بالأخرى المتجعدة أيضاً إلى الكهف الذي نقف على حافته، انتابتني الدهشة والغرابة من الكهف لأنه لم يكن كهفاً كما تخيلته بل حفرة شبيهة بالبئر لايزيد قطرها عن متر ردمت بالتراب ولم يبق من عمق الحفرة سوى 80 سم تساءلت : هل هذا هو الكهف؟ ابتسم عبدالله وترك الجواب لوالده فقال الأخير : أيام أحدث التربة كبني الخوف والوسواس من عواقب المجزرة ومن ومن ومن.. وكنت أبكر كل صلاة فجر وأنا خائف لا أحصل مقتولاً في الحفرة (الكهف) من كثرة المشاكل (هاذيك الأيام) وبعد (تشعيبة ) قات ردمت الحفرة سألت الحاج محمد وكم كان عمقها؟ فأجاب بأنه شخصياً لم يدخلها قط لكن هواءً كان يخرج منها وان اتجاه الحفرة أو الكهف يسير بشكل مائل إلى الأسفل وما يدل على عمقها ذلك الريح والهواء الصادر عنها وزاد الحاج محمد عقلان تأكيد ماتناقله أحد أجداده ان الكهف يمر في بطن الجبل حتى يصل أسفله في قرية (ثعبات) وان الفتية السبعة وكلبهم ثامنهم اخترقوا الكهف وناموا في أعلاه تماماً في هذا الموضع الذي نقف عليه. - هكذا هي قناعة القرويين وهكذا أسفرت تشعيبة الحاج محمد عقلان، فهل ياترى حاول المعنيون في الآثار إخراج التراب الذي دفن الكهف وأزاح مخاوف الحاج محمد عقلان ! أقبح ترميم - خلال زيارتنا لمسجد أهل الكهف كانت أعمال ترميمه واقفة لأسباب متصلة بالمستخلصات وما إلى ذلك مدير عام الآثار بالمحافظة العزي مصلح قال بأن الدراسة لترميم المسجد وملاحقه من مرابط حفظ القرآن حددت أكثر من (17) مليون ريال للتنفيذ لكن مقاول المشروع قال لم أستلم المقاولة بأكثر من ثمانية ملايين ولأن المبلغ قليل فلم ألزم نفسي بترميم كامل الجدران والأسطح ب(القضاض) وسنضطر للترميم بالاسمنت أيضاً! إشارة - في ختام هذا الاستطلاع يحق لنا الإشارة وبالفم المليان إلى ذلك العبث واللامبالاة من قبل المعنيين باستثمار وترميم المعالم الأثرية في بلادنا وما مسجد أهل الكهف في صبر إلا قطرة من بحر والأمر مطروح بيد مدير عام مديرية صبر الموادم لإنقاذ ترميم المسجد على النحو الأمثل وبيده أيضاً إلزام أمن المديرية بوقف الاعتداء على حرمة أموات بقرية المعقاب حتى لا يظل أهل قرية أهل الكهف في الكهف. هل ظهر أهل الكهف في صبر ؟! عبدالله محمد يحيى عقلان يعمل مدرساً في مدرسة أهل الكهف بالمعقاب –صبر الموادم – وخطيب المسجد أيضاً وصار بعد والده قيماً للمسجد وزاد على والده بنهم القراءة والبحث والاطلاع خاصة بكل ما يعزز نسب أهل الكهف إلى صبر أو بالأحرى ظهورهم في قريته المعقاب لذلك نورد ضمن هذا الملف مانقله الأخ /عبدالله عن كتب التاريخ على نحو مايلي : ظهور أهل الكهف 484-523حميري /369-408م في حوالي عام 369م/484حميري توفي ملك حمير الذي ذكرت المصادر الرومانية انه اعتنق الديانة المسيحية عام 357م وهو عبدكلال بن مثوب ذو رعين الذي حكم نحو 41 سنة وكانت الديانة المسيحية قد أصبحت ديانة رئيسية باليمن باعتناق الملك عبدكلال للمسيحية وبنائه ثلاث كنائس وظفار وعبدان عام 357م ثم بنيت كنيسة رابعة في نجران فكانت للمسيحية ديانة رئيسية في اليمن في عهد مرثد بن عبدكلال بن مثوب ذو رعين. وقد عاصر مرثد بن عبدكلال الملك الروماني ثيود وسيوس الأول 379- 399م وهو (تاودا سيوس الكبير) حيث قال ابن خلدون وقال ابن العمد في عهد ملك تاودا سيوس ظهر الفتية السبعة أهل الكهف الذين ناموا أيام دقيانوس ولبثوا في نومهم ثلاثمائة سنة وتسع سنين كما ورد في القرآن وبلغ الأمر آل قيصر (تاودا سيوس) فبعث في طلبهم فوجدهم قد ماتوا فأمر ان تبنى عليهم كنيسة ويتخذ يوم ظهورهم عيداً. قال الحافظ ابن كثير : اختلف العلماء في محلة هذا الكهف.. قال بعضهم هو بأرض آيله وقيل بأرض نينوى وقيل بالبلقاء وقيل في اليمن وقيل ببلاد الروم. - قال ابن المجاور الدمشقي : في بعض كهوف اليمن جبل صبر – باليمن – أصحاب الكهف والرقيم فإن قال قائل : ليس القوم في هذا الإقليم (أي اليمن) قلنا : بلى لأن دقيانوس هو الملك الذي أسس مدينة الكدراء وسكن الجند، وبنى في قضاء الجند بلداً اسماه الأفيوس أو الأفسوس وبه كانت وقعة أهل الكهف مع دقيانوس الملك –وكان القوم من أهل الإيمان فلما تم لهم ماتم وخرجوا من مدينتهم صعدوا جبل صبر فأووا إلى كهف وجرى عليهم ماجرى وكلبهم معهم – ومازال على باب الغار مسجد – وعلى باب المسجد عين تسمى عين الكو وهو موضع فاضل مزار في العاشر من رجب. - ويمكن القول على ضوء ماسلف إن ظهور أهل الكهف كان في زمن الملك الرماني ثيودوسيوس الأول كما ذكر ابن خلدون وابن العمد ولكن مكان كهفهم وظهورهم اختلف العلماء المؤرخون وينحصر ذلك إما بالشام (آيله – البلقاء ) وكان يحكمها الغساسنة في إطار الامبراطورية الرومانية، واما غيرها في بلاد الشام – واما في مكان محدد بدقة وهو جبل صبر في تعزباليمن كما ذكر ابن المجاور وكان ملك اليمن آنذاك مرثد بن عبدكلال – وكان له أمير نائب في مخلاف المعافر- وكان جبلاً من مناطق مخلاف المعافر وهو من مناطق حمير. - الملك ثيودوسيوس لما بلغه خبر أهل الكهف أصدر مرسوماً بأن يتخذ يوم ظهورهم عيداً في كل البلدان التي كانت فيها الديانة المسيحية وفيها كنائس مسيحية – وشمل الاحتفاء بذلك اليوم الدولة الحميرية في اليوم الموافق العاشر من شهر رجب في كل عام طيلة زمن الدولة الحميرية.