“1” من “80” مشروعاً متعثراً لعل أبرز ما يشد عيون قارىء هذا الملف قصة أهل الكهف في جبل صبر لكن أهالي قرية أهل الكهف لايعنيهم هذا بقدر مايعنيهم جانب آخر يتصل باستمرار بقائهم أحياء في قريتهم “المعقاب” فإن مر أهل الكهف من هناك أو لم يظهروا لافرق لديهم في ظل غياب الاهتمام الأثري والسياحي لمسجدهم التاريخي فلسان حالهم يقول: الحي أبقى من الميت، لايطمحون بأكثر من شربة ماء تصل منازلهم من ذلك المشروع المتعثر لأكثر من ثمانية أعوام برغم وفرة المياه.. وجاهزية المضخة والخزانات التجميعية واكتمال مد شبكة المواسير وحول هذه العملية الأخيرة يدور هذا التحقيق المنسجم مع ثمانين مشروعاً مماثلاً تعثرت في ثمانين منطقة وقرية وعزلة في مديريات محافظة تعز حسب كشوفات بين أيدينا.. تؤكد ذلك لكن سنكتفي هذه المرة بما تيسر الوصول إليه من أسرار تعثر أحد مشاريع مياه الريف ال”80” في محافظة تعز إنه مشروع مياه المعقاب. تبادل التهم في تاريخ 4/7/1999م تم توقيع عقد تنفيذ مشروع شبكة مياه عزلة المعقاب بجبل صبر بين كل من الهيئة العامة لمياه الريف بصنعاء طرفاً أولاً وبين المقاول المنفذ للمشروع طرفاً ثانياً ويشمل العمل توريد وتركيب أنابيب حديد مجلفن حسب المواصفات البريطانية وماتحتاجه من دعامات خرسانية وغرفة تفتيش وغرفة للمضخة وخزان خرساني مسلح وإجمالي المبلغ المتفق عليه أحدعشر مليوناً وستمائة وسبعة وتسعون ألف وأربعة وستون ريالاً وفترة تنفيذ المشروع لاتزيد عن ثمانية أشهر على أن يلتزم المقاول بصيانة المشروع لمدة عام. يقول المهندس سمير الشخصي مدير عام فرع الهيئة العامة لمياه الريف بمحافظة تعز :إن الخلاف بين أهالي قريتي المعقاب ومحزف على الماء أطال مدة تركيب الشبكة لأكثر من أربعة أعوام ولم يتسلم فرع الهيئة المشروع من المقاول إلا في تاريخ 18/4/2004م أما الأخ محمد هزاع رئيس لجنة الخدمات بمحلي صبر الموادم فقد اعتبر محضر استلام المشروع من المقاول إلى فرع الهيئة باطلاً لخلوه من أي توقيع لمن يمثل المجلس المحلي في المديرية غير أن مصادر أخرى تكشف أن مدير عام المديرية الأسبق ومدير عام فرع مياه الريف الأسبق أيضاً وافقا على استلام المشروع من المقاول وما يؤكد هذا أن المقاول تسلم كامل مستخلصاته المالية في العام 2004 قبل تشغيل المشروع أصلاً بمعنى أنه “معفي” من فترة الصيانة لمدة عام حسب أمين عام مشروع مياه المعقاب الأخ عبدالواسع العماري الذي أضاف بأن أول وآخر تشغيل للمشروع تم خلال الانتخابات المحلية في العام 2006م أي بعد عامين من رحيل المقاول عن المشروع وتسلمه كامل مستحقاته برغم أن مواسير المشروع غير مكتملة حسب أمين عام المشروع وتقرير المهندس يعقوب عباس إذ يحتاج إلى زيادة شراء وتركيب مواسير بقيمة تقدر بأكثر من ثلاثة ملايين ونصف ريال حسب التقارير والجداول الموضحة المدفوعة من المهندس يعقوب مهندس المديرية إلى المدير العام لمحلي المديرية أي بأكثر من ثلث قيمة المناقصة للمشروع. أما المهندس سمير الشخصي مدير عام فرع هيئة مياه الريف فقد اعتبر مواسير المشروع مكتملة وأرجع أسباب تعثر المشروع حتى اليوم شيخ قرية المعقاب الأخ عباس عبدالله سيف أما الأخير فقد رد على هذه التهمة بأن السبب الحقيقي لتعثر المشروع هو فرع هيئة مياه الريف بتعز لاستلامهم مشروع شبكة مواسير ركيكة اكتفى المقاول بتوصيلها مع بعض بسنة أو سنتين من بيرنج التوصيل والربط مما أدى إلى عدم تحملها لقوة دفع المياه من أسفل القرية إلى أعلاها ما أدى إلى تفككها في اليوم الأول لتشغيلها خلال الدعاية الانتخابية في العام 2006م والأغرب من ذلك هو ماجرى بعد فترة من فضيحة تفكك مواسير المشروع عند قيام أحد أهالي القرية بسرقة أجزاء المضخة وعندما كشف أمره أعيدت وصرفت له مكافأة مالية لتركيبها مجدداً. خزان مشبوه ثمة تشعبات أخرى بمعضلة مشروع مياه المعقاب تتمثل في دوامة الخزان التجميعي المجاور للمضخة الذي بناه الأهالي بحسب أمين عام محلي المحافظة محمد الحاج ودعم الأخ شوقي أحمد هائل بمبلغ مائتين وسبعين ألف ريال في العام 2004م واليوم بعد مضي ستة أعوام من بنائه وجه مدير عام مديرية صبر الموادم مدير المالية بالمديرية باعتماد صرف مبلغ مليون ومائة وستة وتسعين ألف ريال للمقاول عقلان علي أحمد أحد أبناء القرية مع اعتبار المبلغ الذي قدمه الأخ شوقي أحمد هائل مجرد مساهمة خصمت من المبلغ المطلوب مقابل بناء خزان المعقاب وتوريد وإصلاح المضخة حسب استمارة اعتماد الصرف المختومة قبل بضعة أشهر من العام الجاري. على كل فبقدر ما أرهق هذا المشروع المعنيين عليه والمطلعين على سيره وعلى رأسهم الأخ نائب المحافظ أمين عام محافظة تعز. بقدر ما أرهقني أنا أيضاً خلال التدقيق والتفحص في عشرات الوثائق والمستندات التي أصابتني بالصداع. إضافة إلى الاستماع إلى الاتهامات المتبادلة بين محلي المديرية وفرع الهيئة وكلاهما والأهالي. وبين جميعهم وعبدالرحمن سعيد واثنين آخرين من أبناء القرية أقرض المقاول عقلان “ 180” ألف لإتمام الخزان لكن المبلغ لم يرجع إليهم لا من منحة شوقي هائل “270000” ولا من المبلغ اللاحق الذي لم يصرف بعد لذات المقاول “عقلان”. الخلاصة ما أمكنني استخلاصه من هذا التحقيق أن أكثر من أربع قرى محيطة بجامع أهل الكهف بقمة جبل صبر احتسب عليهم مشروع مياه بملايين ولم تصلهم قطرة ماء منذ ستة أعوام على تشغيله التجريبي الفاضح لفشله ومخالفة مواصفاته الفنية دون أن يتشاطر فرع مياه الريف بالمحافظة ومحلي المديرية المسئولية أمام نيابة الأموال العامة أو لجنة مكافحة الفساد أو الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة أو أمام أحكم الحاكمين.. والغريب أن أي مدير عام مديرية يأتي على بلاوي من سبقه لا يحرك ساكناً انطلاقاً من «الإسلام يُجب ماقبله» «وكُب لا شعوب».