يتفاقم الوضع الإنساني في اليمن عاماً بعد عام؛ حيث أعلنت الأممالمتحدة الإثنين الماضي أن «حجم الاحتياجات الإنسانية المطلوبة لليمن يجعلها من أكبر حالات الطوارئ الإنسانية عالمياً»، فبينما كانت خطة الاستجابة الإنسانية للعام الماضي تدعو إلى إغاثة ثلث الشعب اليمني، أصبحت خطة العام الحالي تدعو إلى مساعدة أكثر من نصف سكان اليمن، لكن التمويل المطلوب لخطة العام الحالي انخفض بمقدار «111» مليون دولار، مقارنة بخطة الاستجابة الإنسانية للعام الماضي التي سجلت عجزاً بمعدل «53 %» من المبلغ المطلوب لتنفيذها والذي قدر ب«703» ملايين دولار، في حين أن التمويل المطلوب لخطة العام الحالي قدر بمبلغ «592» مليون دولار لتغطية كافة قطاعات الاحتياج، مع التركيز على أنشطة الإنعاش المبكر التي تهدف إلى دعم سبل المعيشة وتوفير فرص عمل وإقامة البرامج التدريبية الخاصة بتأهيل المستفيدين، الذين تستهدفهم خطة الاستجابة الإنسانية للعام الجاري والمقدر عددهم بنحو «7,6» ملايين شخص من إجمالي «14,7» مليون شخص يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية في اليمن. وترجع أسباب رصد ميزانية أقل لخطة الاستجابة الإنسانية «2014» بحسب وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي إلى بدء انصراف اهتمامات المجتمع الدولي، بعيداً عن اليمن صوب مناطق الأحداث الأخرى التي تشهدها المنطقة.. بينما وصف نائب رئيس الوحدة التنفيذية للنازحين محمد حرم أن أسباب انخفاض مبلغ التمويل ناتج عن «إعادة ترتيب الأولويات» لدى المجتمع الدولي. وكان إسماعيل ولد الشيخ ممثل الأممالمتحدة لدى اليمن قد قال في مؤتمر صحفي عقده على هامش اجتماع الأممالمتحدة لإدارة تنسيق الشؤون الإنسانية: إن اليمن لن تنعم بالاستقرار ما لم يتم تلبية الاحتياجات الإنسانية للشعب، على الرغم من التقدم في التحول السياسي الذي أحرزته»، ونقلت وكالة سبأ عن ولد الشيخ قوله : «إن الاستقرار السياسي في اليمن يجب أن يسير جنباً إلى جنب مع التنمية، مشيراً إلى أن البلد شهد سلسلة من الصراعات الداخلية في السنوات الأخيرة، أدت إلى انعدام الأمن وانعدام التنمية». في حين أشار أحمد حرمل نائب الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين أن عدد النازحين ارتفع خلال الثلاثة الأشهر الأخيرة ليصل إلى «50» ألف نازح، ويتزامن تدشين خطة الاستجابة الإنسانية مع حصول اليمن على منحة من برنامج الغذاء العالمي بقيمة «491» مليون دولار أقرها البرنامج خلال اجتماعه في روما الأسبوع الماضي، وسيتم تخصيص هذه المنحة لمساعدة ستة ملايين شخص في اليمن خلال العامين القادمين، بينما تبلغ تكلفة البرامج التنموية التي ينفذها الصندوق الدولي للتنمية الزراعية «إيفاد» في اليمن «727» مليون دولار مكرسة لمساعدة «6. 4» ملايين شخص حتى العام «2017»، ورغم كل المساعدات والمنح إلا أن المواطن اليمني لايزال يخوض معارك طاحنة مع الفقر وصلت لدرجة أن «أكثر من نصف سكان اليمن يستيقظون باكراً دون أن يتمكنوا من تأمين الغذاء» بحسب الأممالمتحدة، المفارقة بين حجم المساعدات واتساع الفقر في اليمن لخصها وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور محمد السعدي خلال تدشين ورشة برنامج التوظيف الريفي التي نظمها صندوق الفرص الاقتصادية في ال«4» من ديسمبر الماضي بالقول: «إن الكل يسمع بأرقام كبيرة ومنح كثيرة، بينما يزداد الفقراء في اليمن، لكن الخلل يكمن في عدم رسم الأهداف وتنفيذها بصورتها السليمة واستهلاك الوقت والجهد في غير محله».