أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    احتجاجات للمطالبة بصرف الراتب في عدن    "تسمين الخنازير" و"ذبحها": فخ جديد لسرقة ملايين الدولارات من اليمنيين    الكشف عن آخر التطورات الصحية لفنان العرب "محمد عبده" بعد إعلان إصابته بالسرطان - فيديو    دورتموند يقصي سان جرمان ويتأهل لنهائي دوري أبطال أوروبا    ذمار: أهالي المدينة يعانون من طفح المجاري وتكدس القمامة وانتشار الأوبئة    ردة فعل مفاجئة من أهل فتاة بعدما علموا أنها خرجت مع عريسها بعد الملكة دون استئذانهم    اعلامي مقرب من الانتقالي :الرئيس العليمي جنب الجنوب الفتنة والاقتتال الداخلي    نيمار يساهم في اغاثة المتضررين من الفيضانات في البرازيل    دوري ابطال اوروبا: دورتموند يجدد فوزه امامPSG    قصة غريبة وعجيبة...باع محله الذي يساوي الملايين ب15 الف ريال لشراء سيارة للقيام بهذا الامر بقلب صنعاء    إهانة وإذلال قيادات الدولة ورجالات حزب المؤتمر بصنعاء تثير غضب الشرعية وهكذا علقت! (شاهد)    زنجبار أبين تُودّع أربعة مجرمين... درس قاسٍ لمن تسول له نفسه المساس بأمن المجتمع    اتفاق قبلي يخمد نيران الفتنة في الحد بيافع(وثيقة)    شبكة تزوير "مائة دولار" تُثير الذعر بين التجار والصرافين... الأجهزة الأمنية تُنقذ الموقف في المهرة    الأمم المتحدة: لا نستطيع إدخال المساعدات إلى غزة    صنعاء.. إصابة امين عام نقابة الصحفيين ومقربين منه برصاص مسلحين    وداعاً صديقي المناضل محسن بن فريد    البنك المركزي اليمني يكشف ممارسات حوثية تدميرية للقطاع المصرفي مميز    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34789 شهيدا و78204 جرحى    قيادات حوثية تتصدر قائمة التجار الوحيدين لاستيرات مبيدات ممنوعة    فرقاطة إيطالية تصد هجوماً للحوثيين وتسقط طائرة مسيرة في خليج عدن مميز    الاتحاد الأوروبي يخصص 125 مليون يورو لمواجهة الاحتياجات الإنسانية في اليمن مميز    أبو زرعه المحرّمي يلتقي قيادة وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل    مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن توزيع المساعدات الإيوائية للمتضررين من السيول في مديرية بيحان بمحافظة شبوة    ارتفاع اسعار النفط لليوم الثاني على التوالي    العين يوفر طائرتين لمشجعيه لدعمه امام يوكوهاما    ريال مدريد الإسباني يستضيف بايرن ميونيخ الألماني غدا في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    تنديد حكومي بجرائم المليشيا بحق أهالي "الدقاونة" بالحديدة وتقاعس بعثة الأمم المتحدة    الأمم المتحدة: أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة مميز    مجلس النواب ينظر في استبدال محافظ الحديدة بدلا عن وزير المالية في رئاسة مجلس إدارة صندوق دعم الحديدة    باصالح والحسني.. والتفوق الدولي!!    هل السلام ضرورة سعودية أم إسرائيلية؟    وصول باخرة وقود لكهرباء عدن مساء الغد الأربعاء    طلاب تعز.. والامتحان الصعب    كوريا الجنوبية المحطة الجديدة لسلسلة بطولات أرامكو للفرق المقدمة من صندوق الاستثمارات العامة    مليشيا الحوثي توقف مستحقات 80 عاملا بصندوق النظافة بإب بهدف السطو عليها    الهلال يهزم الأهلي ويقترب من التتويج بطلا للدوري السعودي    تهامة.. والطائفيون القتلة!    الرئيس الزُبيدي يبحث مع مسئول هندي التعاون العسكري والأمني    دار الأوبرا القطرية تستضيف حفلة ''نغم يمني في الدوحة'' (فيديو)    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    وتستمر الفضايح.. 4 قيادات حوثية تجني شهريا 19 مليون دولار من مؤسسة الاتصالات!    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    ضجة بعد نشر فيديو لفنانة عربية شهيرة مع جنرال بارز في الجيش .. شاهد    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    البدعة و الترفيه    حقيقة وفاة محافظ لحج التركي    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حين يمثّل المستنزف الأكبر للمياه والعائق التنموي الأبرز
القات.. تحدٍ وطني كبير لم يغفله مؤتمر الحوار
نشر في الجمهورية يوم 05 - 05 - 2014

لم يغفل مؤتمر الحوار الوطني مشكلة القات كقضية وطنية هامة وتحد مستقبلي كبير, فقد كانت من الأخطاء المهمة التي ارتكبتها السياسة الزراعية في بلادنا على مدى السنوات والعقود الماضية هو عدم إعطاء الاهتمام اللازم للتوسع الكبير في زراعة القات واستنزاف المياه الجوفية لصالح القات باعتبار ذلك أهم التحديات التي تواجه القطاع الزراعي في اليمن, وفي هذا الإطار نتناول الانعكاسات السلبية لزراعة القات على قطاع المياه والزراعة وأثر السياسات الحكومية في ذلك.. وموقع مشكلة القات في أجندة الحكومة الحالية ومخرجات الحوار التنموية كتحد وطني كبير.
مشكلة كبرى
تعتبر الزيادة المضطردة في إنتاج القات واستهلاكه مشكلة كبرى تواجه القطاع الزراعي والغذائي في اليمن، حيث ارتفعت المساحة المزروعة من القات من أقل من 10000 هكتار في أوائل السبعينات لتصل إلى 146,810 عام 2008, ثم إلى 167682 هكتارا عام 2012م تشكل ما نسبته 12 % من إجمالي المساحات المزروعة حسب مؤشرات آخر إصدار من كتاب الإحصاء السنوي, وتكمن خطورة القات في استنزافه للمياه الجوفية واستهلاكه حوالي 30 % من المياه الجوفية سنوياً واستحواذه على 60 % من إجمالي المياه المستهلكة سنوياً. ووصلت تقديرات قيمة القات المنتج سنوياً حوالي 392 مليار ريال بسعر المزرعة وذلك حسب تقديرات عام 2012م، بينما وصلت قيمة الفواكه والخضراوات المزروعة عام 2012م حوالي 341 مليار ريال، وقيمة الحبوب والقمح 113 مليار فقط والإشكالية الكبرى لزراعة القات تتمثل في الاستنزاف الجائر للموارد المائية وللمياه الجوفية بالذات.
استنزاف
في دراسة تحليلية حول الأثر الاجتماعي والفقر على برنامج إصلاح قطاع المياه أكدت الدراسة التي أجريت بإشراف من البنك الدولي أن أهم المشاكل المؤدية لأزمة المياه في اليمن تتمثل في استنزاف الموارد المائية نتيجة التوسع في زراعة القات، وقالت: أن القات يعتبر من المحاصيل التي تحتاج كميات كبيرة من المياه للري، فقد توسعت زراعة القات بشكل كبير مما أدى إلى استنزاف المياه الجوفية فقد ذكر خبراء أن ما يصل لأكثر من 60 % من المياه المستهلكة في اليمن تستخدم لري محصول القات، ويقدر استهلاك القات من الماء بحوالي (800) مليون متر مكعب سنوياً، وأضافت الدراسة أنه في أمانة العاصمة صنعاء وحدها تقوم حوالي (4) آلاف بئر بري القات بطريقة غير منظمة؛ وهو ما يؤدي إلى انخفاض المياه بمتوسط (3 - 6) أمتار سنوياً، وقد ارتفع الطلب على القات في العقود الثلاثة الأخيرة بسبب ارتفاع الدخول (طفرة السبعينيات) والتوسع في حفر الآبار الجوفية؛ مما جعل مضغ القات يتحول من عادة تمارس من حين إلى آخر، إلى سلوك يومي لدى المجتمع اليمني رجالاً ونساءً.
أجندة
هذا ورغم أن الاستراتيجية الوطنية للمياه تناولت مجموعة من الحلول لمشكلة استنزاف المياه الجوفية منها اتخاذ إجراءات بشأن القات, لكن الدراسة التي أعدها فريق البنك الدولي حول إصلاح قطاع المياه قالت إن تلك المقترحات الجريئة لم تحرز أي تقدم وقدمت الدراسة مقترحاً قالت إنه يمكن أن يؤدي إلى البحوث والإرشاد في توفير المياه في زراعة القات، وذلك بإدراج القات في برامج تراخيص الآبار، ودعم توفير المياه في مزارع القات تحت إشراف مشروع الحفاظ على المياه الجوفية والتربة، الخ.. وأوصت الدراسة بأن تقوم وزارة الزراعة والري (والهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي) ووزارة المياه والبيئة بإحياء أجندة “القات باعتباره محصولا” على مستوى جدول أعمال مجلس الوزراء والسعي للاتفاق على نهج متماسك من شأنه أن يشجع على توفير المياه في إنتاج القات.
سياسات سلبية
وفي دراسة اقتصادية للدكتور ناصر العولقي حول (فرص وتحديات القطاع الزراعي والسياسات الزراعية في اليمن) أكد فيها أن السياسات التي كانت تتبناها الحكومات المتعاقبة كان لها الأثر البالغ في توسع زراعة القات إذ قال إن الحكومات المتعاقبة طبقت العديد من التدخلات السعرية، كما قامت الحكومة بدعم مدخلات الإنتاج الزراعي من أسمدة وبذور وتقاوي وأيضاً دعم أسعار الديزل، ولكن هذا النوع من السياسة السعرية الزراعية لم يؤد إلى زيادة الإنتاج المحلي من الحبوب كالقمح بل أدى إلى زيادة إنتاج الخضراوات والفواكه والقات، كما أدى إلى استنزاف المياه الجوفية.. مضيفاً: ومن المؤسف حقاً أن الحكومة كانت تنفق مئات الملايين من الدولارات سنوياً لدعم أسعار القمح والدقيق المستورد ولكنها لم تقدم الحوافز المؤدية إلى زيادة الإنتاج المحلي من الحبوب وهي السلع الرئيسية للاستهلاك من الغذاء.
القات في برنامج حكومة الوفاق
مع بداية تولي حكومة الوفاق وزارة التخطيط والتنمية ما أسمته البرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية 2012 2014م وهذا البرنامج الذي أقره مجلس الوزراء وصادق عليه في حينه تطرق إلى مشكلة القات ومواجهتها حيث جاء في البرنامج المرحلي للحكومة ما يلي:-
(يستحوذ القات على حوالي 9.9 % من إجمالي المساحة المزروعة في اليمن ويستهلك حوالي 30 % من الاستخدامات الزراعية للمياه، ويوفر فرص عمالة تقدر بأكثر من 500 ألف فرصة عمل. وقد سعت الحكومة خلال السنوات الماضية لتنفيذ “البرنامج المتكامل للحد من الإقبال على القات” والذي تم تطويره والموافقة عليه مع أصحاب المصلحة الرئيسيين. و يشمل البرنامج على:
1 برنامج لرفع مستوى الوعي العام والتثقيف بشأن الآثار الضارة الناجمة عن القات.
2 توسيع استبدال محصول القات بمحاصيل أخرى.
3 البحث في الموضوعات الرئيسية، بما في ذلك الآثار الصحية، والقضايا الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن استهلاك القات.
4 تدابير للحد من الإفراط في استخدام المبيدات)
تدخلات مقترحة
وتضمن البرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية 2012 2014م تدخلات مقترحة بشأن القات يمكن إبراز أهمها في إطار الآتي:
أولاً في إطار المياه والبيئة: اقترح البرنامج المرحلي القضاء على الدعم غير المباشر من خلال إزالة دعم الطاقة على الري. وتشجيع استخدام الطرق الحديثة في الري.
ثانياً في إطار الزراعة والاقتصاد: اقترح البرنامج المرحلي زيادة ضرائب القات للحد من زراعته واستهلاكه, وإيجاد آلية مناسبة لتحصيل الضرائب من مصدر الإنتاج مباشرة (المزرعة), ودراسة منح قروض ومساعدات لدعم مزارعي القات للتخلص التدريجي من أشجار القات لتبني محاصيل بديلة.
ثالثاً في إطار المجال المؤسسي والتنظيمي: اقترح البرنامج المرحلي تطوير واعتماد سياسة شاملة للقات تتعامل مع آثاره السلبية، فضلا عن إيجاد بدائل تحل محل دخله. وإنشاء معهد بحوث القات لتحقيق التوازن بين المعلومات المتاحة، والبيانات، والبحث عن آثار القات السلبية سلوكه.
رابعاً في الإطار الاجتماعي: اقترح البرنامج المرحلي تفعيل دور أجهزة الإعلام المختلفة في نشر الوعي عن تأثير القات السلبية على الصحة العامة وحالة التغذية و ميزانية الأسرة. وتبني الأسلوب المتدرج في تقليص استخدام القات واستخدام وسائل ابتكارية مثل منع تناول القات في أماكن العمل والأماكن العامة وحصر. وبيع القات في أسواق محددة في ضواحي المدن وبناءً على تصاريح, ومنع بيعه في الأماكن الأخرى ومنع الأطفال من بيع وشراء القات..ومع ذلك فقد أكد البرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية أن الحد من الآثار السلبية لمشكلة القات? تطلب فترة زمنية طويلة نسبياً، كونها مرتبطة بجوانب اقتصادية واجتماعية وثقافية لليمنيين، ويتطلب جهوداً استثنائية وظروف طبيعية ملائمة.
القات في مخرجات الحوار
هذا ولم يغفل مؤتمر الحوار الوطني مشكلة القات كقضية وطنية هامة إذ تم تكليف فريق عمل استقلالية الهيئات والقضايا الخاصة بوضع أُطر لحل قضايا المياه والقات والبيئة كهدف من الأهداف الخاصة في إطار هدف عام حدد للفريق وهو تحديد ملامح الرؤية العامة والتوجهات الدستورية والقانونية للتعامل مع القضايا الاجتماعية والبيئية، وقد تطرق الفريق لقضية القات في إطار قضايا البيئية والاجتماعية بشكل معمق حيث كثف الفريق من استضافة الخبراء في مجال البيئة والمياه والقات باعتبارها قضايا وطنية مصيرية، و قد توصل الفريق إلى جملة من الموجهات الدستورية والقانونية والتوصيات في هذا المجال والتي ستشكل بداية للتعامل الجاد مع أحد أهم الملفات التي سترسم مستقبل التنمية في اليمن كما قال تقرير الفريق.
موجه دستوري ومحددات قانونية
ضمن الموجهات الدستورية التي تضمنتها مخرجات الحوار تم إقرار النص التالي عن القات كموجه دستوري: (القات آفة اجتماعية و اقتصادية وصحية تلتزم الدولة بمنع زراعته و أية محاصيل ضارة والتخلص من أي مساحات مزروعة بها واستبدالها بمزروعات تحقق الأمن الغذائي).. أما المحددات القانونية التي خرج بها مؤتمر الحوار عن مشكلة القات فقد تم إقرار المحددات التالية:
1 تنظيم أسواق القات وإخراجها من المدن.
2 منع تناوله في الأماكن العامة وأماكن العمل ووسائل النقل والجامعات والمؤسسة الأمنية والجيش.. الخ
3 استبدال زراعته جزئياً (10 %) سنوياً بزراعة محاصيل ذات جدوى اقتصادية.
4 يمنع استخدام المبيدات في زراعة القات
5 الرفع التدريجي للضرائب وتعديل آلية التحصيل
6 حظر زراعة القات في مناطق الأحواض المائية الحرجة والتخلص من المساحات المزروعة بشكل اني وعاجل.
توصيات
كما تضمنت مخرجات الحوار توصيات بالقات خاصة وتوصيات بالمياه والبيئة والقات بشكل عام.. أما التوصيات الخاصة فقد حددتها الوثيقة بالتالي:-
( تتبنى الدولة استراتيجية وطنية متكاملة للتخلص من القات يبدأ تطبيقها في ضوء خطة متدرجة بالإجراءات والخطوات
خلال فترة زمنية محددة كالتالي:
1 منع التوسع في زراعة القات.
2 إلزام المزارعين استخدام وسائل الري الحديثة.
3 التعويض للمزارعين والعاملين في القطاع.)
أما التوصيات العامة بشأن المياه والبيئة والقات فقد جاءت كما يلي:-
1 الاستفادة من تقنية الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية لتحديث البيانات والمعلومات الخاصة بالمحاصيل والمياه محلياً على المستوى الوطني لرفع دقة المؤشرات المائية مستقبلاً.
2 انشاء وتطوير قاعدة بيانات شاملة وموحدة متاحة للجميع تدعم تخطيط ومراقبة الموارد المائية وإنتاج المحاصيل.
3 اطلاق برنامج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الذكية (المتطورة) لدعم المزارعين ومقدمي الخدمات الاستشارية للمزارعين حول إدارة الري المزرعي.
4 ضرورة التركيز على بناء القدرات في مجالات الدعم ذات العلاقة بالتخطيط لإدارة الموارد المائية و تبني آلية عمل واضحة ومحددة لإدارة التمويلات الخارجية.
5 إلزام الأحزاب بإدراج قضايا المياه والبيئة في برامجها.
6 إشراك القطاع الخاص والمجتمع المدني في تمويل برامج التنمية للموارد المائية.
7 تبني وسائل الري الحديثة وبرامج حصاد المياه وتدوير مياه الصرف الصحي.
8 تبني استراتيجية وطنية للزراعة تنطلق من إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني.
9 إدراج التشريعات البيئية كمساق دراسي في كليات القانون.
10 إنشاء مجتمع تعاوني زراعي و سمكي وإشراك الجمعيات الزراعية والسمكية والحرفية.
11 إدراج مفهوم التوازن البيئي والعمراني إلى استراتيجية التنمية العمرانية الوطنية لتصبح محددا للسياسيات الوطنية ووضع مؤشرات لقياس مدى الالتزام بها على المستوى المركزي والإقليمي والمحلي.
12 (بحسب شكل الدولة القادم) لكل إقليم الحق في تحديد المدة الزمنية المخصصة للتخلص من القات بحيث لا تتعدى هذه المدة الفترة الزمنية العامة للاستراتيجية الوطنية للتخلص من القات.
موالعة قات مرضى وحكايات مع طبيب نفساني!!
ترك عمله المرموق وابتعد عن أهله ظناً منه أنهم يتآمرون عليه, وأصبح وحيداً بلا مأوى, ينام في الشارع ويأكل بقايا طعام الأخرين ويرتدي ملابس رثة متسخة تفوح منها الروائح الكريهة.. فما الذي حدث له؟!..
مبحشم ليل نهار
إنه (ع. م) رجل في مطلع الأربعينيات من عمره كان يعمل ضابطاً في القوات المسلحة لكنه أصبح اليوم شخصاً منبوذاً وحبيس المرض متشرداً في الشوارع.. لقد سقط كضحية من ضحايا الإفراط في تناول القات، وهو إحدى الحالات التي عُرضت في وثائق الندوة العلمية التي نظمتها مؤسسة القرشي للفكر والتنمية بصنعاء حول أضرار ومشاكل القات وخسائره الصحية والاقتصادية.
بدأت حكاية (ع. م) مع المرض والتشرد منذ أكثر من خمس سنوات بسبب تناوله القات بشكل متواصل، وتقول الوثائق أنه بدأ يتناول القات وعمره 15 سنة من باب التقليد لمن حوله، وأنه لن يكون رجلاً إلا إذا خزن وهكذا أصبح يخزن يومياً مهما كانت نوعية القات, فالمهم هو أنه يخزن وعندما كان يعمل في الجانب العسكري كان يخزن ليل نهار لأنه كان يحصل على القات كهدايا.
ومع الزمن أثر عليه إفراطه مع القات فأصبح يعاني من شكوك وتخيلات جعلته يترك عمله ويبتعد عن أهله لأنه يظن أنهم يتآمرون عليه, وأصبح مع الوقت وحيداً بلا مأوى, ينام في الشارع ويأكل بقايا طعام الآخرين ويرتدي ملابس رثة متسخة تفوح منها الروائح الكريهة وقد زادت حالته سوءاً بسبب تعرضه لحادث سير أدى إلى كسر رجله اليسرى إلا أن ذلك أرحم بفقدانه نعمة العقل, حسب تعبير الوثائق التي أفادت أيضاً أنه تم علاجه قبل خمس سنوات وتحسن بسبب تلقيه الرعاية الكافية في المستشفى وابتعاده عن القات لمدة شهر ولكنه عند خروجه سرعان ما عاد إلى تناول القات وترك استخدام الأدوية مما جعل حالته تسوء أكثر.
حالة صعبة
لم تكن حالة (ع.م) هي الحالة الوحيدة التي عُرضت في وثائق الندوة.. إذ تضمنت الوثائق قصص لعشرات الحالات التي تم توثيقها كعينات عشوائية للمرضى الواصلين إلى مستشفى الأمراض النفسية والعصبية ضمن دراسة أجراها المستشفى حول علاقة الإفراط في تناول القات بالأمراض النفسية والعصبية..
وقد كانت حالة (م.م) البالغ من العمر 43 عاماً هي الأصعب من بين الحالات حسب وصف الدراسة ووثائقها التي قالت إن (م.م) يعمل مدرساً وحالته هي الأصعب فقد نعمة العقل حيث أنه يخزن القات من الصباح حتى المساء وفقد اثنين من أولاده اللذين توفيا وهما يسبحان في بركة ماء قبل حوالي أربع سنوات.. وهو منذ ذلك الوقت غير معترف بموتهم بسبب أوقات التخزين الطويلة التي يقضيها وهو لا يريد أن يرى أحداً ولا يكلم أي شخص, وظل على هذه الحالة أربعة أشهر, وبعدها بدأ له الشك حيث أصبح يقول أن إخوته هم الذين قتلوا أولاده, ويريد أن يقتل إخوته انتقاماً, ثم أصبح يتهم زوجة أخيه بالزنا وأنها كانت مع رجل آخر, وأن أولاده رأوهم ولذلك فقد أغرقوهم في البركة كي لا يعرف أحد ويصبح فضيحة.
مولعة مبكرة
حالات أخرت عُرضت لمرضى كان أباؤهم هم السبب لما وصلوا إليه بفعل تشجيعهم لتناول القات بإفراط, كما هو حال (م. ي) ذي العشرين ربيعاً والذي بدأ والده يعلمه مضغ القات وهو لم يطفئ بعد شمعة عمره السادسة.. إذ أن الوثائق التي أوردت أسماء مرمزة لكل الحالات قالت: “إن (م.ي) ترك الدراسة بسبب المرض منذ أربعة أعوام فلم يعش شبابه فقد بدأ بتناول القات وهو في السادسة من العمر حيث كان والده يمنعه من الخروج إلى الشارع ويعطي له القات لكي يجلس في البيت, فكان كل يوم يخزن بجانب أبيه حتى أصبح مع الأيام مدمن قات, وأصبح يعمل مشاكل حتى يحصل على قيمة القات وهكذا حتى أصبح مع الوقت يبيع أثاث البيت ويشتري القات, ومع الأيام بدأت حالته تسوء أكثر وأصبح يسهر ويخزن حتى الصباح ويجلس في مكان مظلم, ويكسر نوافذ البيت والتلفزيون”.. وأضافت الوثائق أنه بسبب القات أيضاً أصبح يحرق الملابس ويخرج من البيت لساعات طويلة وعندما يعود يكون متمرغاً بالتراب ومعه قات رديء ويظل مخزناً طوال الليل والنهار, ويرفض تناول الأكل, ويقول إنه يوجد سرطان في معدته وأن قلبه توقف.. مشيرة أنه تعالج في المستشفى لمدة شهر وخرج متحسناً ثم بدأ بتناول القات من جديد وترك العلاج فساءت حالته فتم إرجاعه إلى المستشفى من جديد ومعالجته وهكذا أصبح المستشفى يعالجه والقات يفسد ويبطل مفعول العلاج.
متآمرون عليه
أما (ن.ع) ذو ال (22) عاماً فحالته وقصته مع الإفراط في تناول القات وما أوصله إفراطه من وضع, فيسردها والده حين أوصله إلى مستشفى الأمراض النفسية والعصبية قائلاً:-
“ابني هو الوحيد في البيت الذي يخزن, بدأ بتناول القات وهو في عمر 15 سنة عن طريق أصدقائه.. في البداية كان يخزن وهو خائف, وكان أصدقاؤه هم الذين يعطونه القات, فأصبح فيما بعد يطالب بثمن القات ويخزن نهاراً وليلاً ليس ذلك فحسب وإنما أصبح يبيع أثاث البيت وذهب زوجته كي يشتري بها قاتاً, وهكذا مع الوقت ساءت حالته فأصبح عصبياً يُثار بسرعة ويضارب أي شخص يكلمه, وأصبح يهرب من البيت ويظل خارجها من أسابيع إلى شهور, ولا يحب القيام بأي عمل, ما يحبه هو القات والسجائر فقط.. استمر على هذه الحالة منذ ثلاث سنوات إلى اليوم, وهو يقول إن الناس يتآمرون عليه, وإذا رأى اثنين يتكلمان يقول أن الكلام عليه, نحاول الآن علاجه وهذه هي المرة الأولى التي يتعالج فيها”.
التأثير العصبي
هذه نماذج من الحالات التي عُرضت في الوثائق الموزعة في ندوة مؤسسة القرشي للفكر والتنمية ضمن دراسة للدكتور حميد حسين زياد مؤسس وأمين عام مؤسسة بمن بلا قات والذي تحدث عن الأضرار الصحية والنفسية لتناول القات مستعرضاً تأثير القات على الجهاز العصبي بالقول: “إن مادتي الكاثين والكاثينون الموجودتين في القات تترسبان في المنطقة الفاصلة ما بين الخلايا العصبية, إذ من المعروف أن خلايا الجسم كلها مترابطة إلا الخلايا العصبية التي تسمى عند العلماء بالخلايا النبيلة فإنها غير مترابطة إذ وضعها الله سبحانه وتعالى في أعلى الجسم وأحاطها بأصلب عظام وهي عظام الجمجمة التي تجعل الدماغ في مأمن من الصدمات والضوضاء الخارجية.. وهذه الخلايا المعروفة بالنبيلة مفصولة عن بعضها لكي تمنع أي إشارة عصبية كهربائية من الانتشار إلى الخلايا الأخرى حتى لا يحصل ارتباك في الأمر العصبي الآتي من الدماغ إلى الجزء المعني من الجسم.. إذ لو كانت الخلايا الدماغية متلاصقة لتعذر على الإنسان أن يقوم بأية حركة لأن الأمر العصبي سيتوزع على كل خلايا الدماغ وعندما تريد كل خلية أن تمرر أمراً عصبياً فإنها تفرز مادة كيماوية تقوم بحمل الأمر.. ومع ترسب المادتين الموجودتين بالقات في تلك المناطق الفاصلة ما بين الخلايا ويصبح هذ الترسب عائقاً أمام الأمر العصبي الذي ينتقل من خلية إلى أخرى وهذا له انعكاسات خطيرة على سرعة الاستجابة العصبية في العضلات التي تنفذ الأمر العصبي.
أمراض نفسية
وبخصوص تأثير القات على الصحة النفسية قال الدكتور زياد:-
“قمنا بتتبع حالات الأمراض النفسية التي انتشرت في بعض القرى التي بليت بزراعة القات مؤخراً ففوجئنا بنتائج مخيفة وهي أن أغلب الشباب وخاصة الذين يقومون بحراسة القات ويتعاطون القات الطازج الذي تكون فيه مادة الكاثينون في أعلى درجات فعاليتها قد أصيبوا بمرض انفصام الشخصية حتى قيل لي في بعض القرى أن نصف الشباب مصابون بهذا المرض.. وهنا نقول أن مئات الشباب، بل آلاف الشباب ممن أصيبوا بهذه الأمراض ما هم إلا ضحايا هذه الشجرة الخبيثة والملاحظ أننا عندما نعالج هذا النوع من المرض في مراحله الأولى مطلوب من ولي الأمر منعه من تناول القات فإن استطاعوا السيطرة عليه فإنه يتشافى ويرجع إلى طبيعته وإن كان ما يزال المرض عليه واضحاً إلا أنه يعيش عيشة طبيعية ويتحسن مع مرور الأيام أما إذا عاد إلى تناول القات فأسبوع واحد كفيل بإعادته مرة أخرى إلى المستشفى ..
وقد أجريت دراسة عام 1984م نشرت في مجلة لانست البريطانية أجراها العالمان البريطانيان مايون و باسكان وأثبتا فيها أن القات يتسبب في العديد من حالات الانفصام وثم دراسة أخرى أجريت عدها فريق كبير من العلماء الألمان على 4854 صومالياً ممن يتناولون القات وكان اختيارهم عشوائياً من بين متعاطي القات عام 2004م وخلصت الدراسة إلى أن 83 % من الحالات التي شملتها الدراسة تعاني من أمراض نفسية على رأسها الانفصام.. ثم دراسة ثالثة تؤكد أن الكاثنون الموجود بكثرة في القات الطازج مسئول عن مرضى انفصام الشخصية ، ومن خلال مقارنة هذا المرض في ثلاث دول هي اليمن ومصر والولايات المتحدة عن انفصام الشخصية كانت النتائج أن في مصر شخص واحد مصاب بانفصام الشخصية من بين كل 800 شخص مع وجود الحشيش مع المخدرات الأخرى وفي الولايات المتحدة من كل 100شخص واحد مصاب بانفصام الشخصية، وهي النسبة العالمية أما في اليمن فمن كل 40 شخصا واحد مصاب بانفصام الشخصية ، ومعناه أن 2,5 % من أجمالي سكان اليمن مصابون بانفصام الشخصية وهذه أعلى نسبة في العالم. ولم نجد في ارتفاع هذه الزيادة سبباً غير القات وهذا يعني أن هناك 550000 مصاب بانفصام الشخصية في اليمن ويعتبر هذا العدد عمالة هادمة.
تاريخ أسري
إلى ذلك تحدث الدكتور حسني أحمد الجوشعي أستاذ الجهاز العصبي بكلية الطب بجامعة صنعاء قائلاً:-
“إن تأثير القات على الجوانب النفسية والسلوك الإنساني يتراوح ما بين القلق والاكتئاب البسيط إلى بعض الأمراض النفسية المزمنة وقد ينتهي الحال بالمريض إلى الجنون في نهاية المطاف، وتتزايد احتمالات حدوث الاضطرابات النفسية والانفصام عند الذين لديهم تاريخ أسري بهذه الأمراض النفسية, وهناك العديد من الدراسات العلمية التي أوضحت وأثبتت كل حالة من الحالات المذكورة ..
ففي دراسة هامة أجريت في جامعة نيروبي الكينية وضحت أن القات يعمل نشاطاً حركياً كبيراً لدى فئران التجارب وخلصت الدراسة إلى أن القات يتسبب في نوبات صرع لدى العديد من هذه الفئران .. مضيفاً: وبالنسبة للإنسان فلم يثبت أن القات يتسبب في نوبات صرع ولكن الأمر يظل وارداً ما دام قد حدث لفئران التجارب.. لكن بالنسبة للسلوك الإنساني فإن تأثير القات على هذا السلوك يتراوح من الفرح والسعادة خلال الدقائق الأولى(من30 - 90دقيقة) يعقب ذلك فترة من السكون ثم فترة الأفكار المتشائمة أو السوداوية مع كثرة التفكير ثم الاكتئاب الذي يزيد بزيادة الجرعة وزيادة مدة تناوله”.
القات في ميزان الرأي:
مشكلة اقتصادية اجتماعية ثقافية.. عواملها متداخلة وحلولها معقدة!!
إذا كانت منظمة الصحة العالمية دقيقة في تقديرها لنسبة المتعاطيين للقات في الجمهورية اليمنية بحوالي 70 % من عدد السكان بحسب تقرير أصدرته عن القات فإن هذا يعني أن عدد المتعاطين للقات قد وصل عددهم إلى حوالي «17,165,900» فرد إذا ما إسقاطنا النسبة المقدرة من قبل المنظمة على إجمالي عدد السكان البالغ «24,527,000» نسمة، وفقاً لمؤشرات عام2012م.. منظمة الصحة قالت أيضاً أن حوالي «90 %» من الذكور البالغين يتعاطون القات مقابل«50 %» من الإناث.. بينما يتعاطى القات ما بين «15 % إلى 20 %» من الفئة العمرية الأقل من 12 سنة.. وأن معدل الإنفاق على القات يصل إلى ما نسبته 50 % من دخل الأسرة.. إذن ما هي الانعكاسات والآثار الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لهذه المشكلة؟ وكيف يمكن معالجتها؟.. هذا ما نطالعه في الآراء التالية:
إغراء شديد
الدكتور محمد عبدالله الحميري, أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة صنعاء تحدث بداية عن المظاهر والدوافع الاقتصادية لزراعة وتجارة القات والتي تُصعب من معالجة المشكلة قائلاً:-
ما زالت الدوافع الاقتصادية لزراعة وتجارة القات حالياً، تعتبر كثيرة وكبيرة، فليس هنالك محصولا زراعيا بديلا آخر يمكنه أن يحل محل القات بدرجة فعالة من الناحية الاقتصادية على الأقل؛ طالما بقيت متطلبات الزراعة التقليدية وخدماتها على وضعها الراهن الذي تعتبر فيه مكلفة جداً بالفعل، وهو الحال الذي يجعل فكرة منع زراعة القات أمراً صعباً، وقد قوبلت محاولات تحريم زراعته وتعاطيه بمقاومة صلبة في كينيا والحبشة، ونتيجة لهذا أصبحت الحكومات أقل تشدداً في الاستمرار في هذه السياسة، وخاصة في ضوء الدخل الكبير الذي يدره القات، بيد أن الوضع في هذه الدول ليس مغريا بالنسبة لليمن لكي تسعى إلى محاكاته وتقليده، فاليمن بحاجة إلى أن تبذل جهودا كبيرة ومكثفة ومنسقة في التعامل مع القات لكي تتجاوز أوضاعها الراهنة، وتتغلب على صعوباتها الاقتصادية والتنموية المختلفة.. ولاشك أن القات محصول شديد الإغراء للمزارعين؛ لأنه يدر دخلاً عالياً جداً، في مقابل كلفة إنتاجية أقل، بل إن عائده كبيراً بالمقارنة بكثير من المحاصيل الزراعية المنافسة والبديلة.. وبالإضافة إلى ذلك فإن الطلب على القات في زيادة مستمرة، مما يؤدي إلى مواصلة أسعاره في الارتفاع، بدءاً من الزراعة إلى أن يصل للمستهلك، وبالتالي فمن المتوقع اتساع رقعة القات وخاصة في غيبة سيطرة الحكومة، وفي ظل غياب حتى ما يسمى بالتخطيط الموجه لمحاربة هذا المحصول.. وقد اكتسبت تجارة القات اهتماماً شعبياً، ويتجلى ذلك في ازدياد عدد الأفراد المشتغلين بها، وفي إحلاله محل المحاصيل الأخرى، واتساع الأراضي الزراعية المزروعة به، وتوفير وسائل النقل، وإقبال قطاعات واسعة من الناس على استهلاك القات، لهذا يعتبر كبر الحجم النسبي للعائد الاقتصادي المتحصل عليه من زراعة القات هو الدافع الرئيسي للتوسع في زراعة وإنتاج القات، حيث يجعل عائد القات المزارع راضياً ومقتنعاً بما يعود عليه به محصول القات من ربح وهو لا يكلفه سوى عمل قليل، لكنه يربح الكثير من إنتاج القات، ولقد اتخذ غالبية المزارعين في كثير من أجزاء البلاد من ارتفاع عائد القات ذريعة لاستبدال المحاصيل الأخرى كالبن بنبات القات، واستبدلت كثير من مزارع الذرة ومحاصيل أخرى بحقول القات، ويتزايد اتجاه استخدام الأراضي المتاحة غير المستحدثة لزراعة القات.
أضرار اقتصادية
أما بالنسبة للأضرار الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة لمشكلة القات فيقول الحميري:
ويقدر بعض الاقتصاديون بأن حجم الإنفاق الشعبي السنوي على القات (500 مليار) ريال يمني سنوياً، والبعض يقدر الإنفاق اليومي على القات فقط بين 10 – 15 مليون دولار، وإذا أخذنا بالمعدل الأدنى وهو 10 ملايين دولار يومياً فمعنى ذلك أن إجمالي ما ينفقه اليمنيون على القات في السنة سوف يعادل 3600 مليون دولار أو ما يعادل 774 مليار ريال سنوياً، وهذا المعدل مخيف جداً خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن نسبة الفقر في اليمن ليست بسيطة، مما يزيد من صعوبة الحياة الكريمة لأعداد كبيرة من الناس، إضافة إلى أن تعاطي القات يهدر ساعات كثيرة في اليوم وبدون أي فائدة؛ حيث تصل عدد الساعات المهدرة في اليوم لبعض المتعاطين إلى حوالي (14) ساعة، ولو اعتبرنا أن نصف تلك الساعات أي 7 ساعات هي فقط ما يفقده حوالى 40 % من أبناء المجتمع الذين يتعاطون القات من أوقاتهم يومياً فلنا أن نتخيل حجم الكارثة التي يمنى بها الوطن والعمل والإنتاج والدخل القومي والناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وتزداد الخطورة إذا ما تعاملنا بنظرة مستقبلية لحال اليمن فيما لو تم الاستمرار على هذا المنوال وعلى هذه الوتيرة في التعاطي للقات وعملية إنتاجه واستهلاكه، وهو ما يعني أن ناقوس الخطر يجب أن يرن وأن يرتفع رنينه بوتيرة لا تهدأ أبداً حتى يصحى النائمون، ويعرفون أي ذنبٍ هم بِصَمتِهم هذا يقترفون.
تهديد عائلي
وبخصوص خطورة القات على الاقتصاد والاستقرار العائلي أضاف الدكتور الحميري:-
من المؤكد أن متوسط حجم الأسرة في اليمن يعتبر كبيراً جداً مقارنة بالدول الأخرى، ويعتبر رب الأسرة أو عائلها هو من يحمل العبء الاقتصادي الثقيل لأسرة بهذا الحجم، ولنا أن نتخيل حجم العبء الذي قد يخلفه رب الأسرة على أسرته تلك إذا كان ممن يتعاطون القات خاصة حينما يكون محدود الدخل؛ وبالذات إذا شعر أفراد الأسرة أنهم غير قادرين على إشباع احتياجاتهم العديدة، وحل مشكلاتهم الاقتصادية الخطيرة، وفي نفس الوقت كانوا يرون أن جانباً ضخماً من دخلهم يتحول للإنفاق على عادة لا طائل من ورائها لأي فرد منهم، وبالتالي فإن هذا سيؤدي حتماً إلى الشعور بعدم الرضا، وإلى ردود فعل سلبية، وتزداد خطورة وسلبية ردود الفعل هذه إذا ما علمنا بأن متعاطي القات غالباً ما يكون سريع الغضب، وهذا الحال هو ما يمثله القات من ضرر على الاستقرار العائلي. ويمكن القول أن عادة مضغ القات يمكن أساساً أن تؤثر تأثيراً خطيراً على جميع جوانب الحياة الأسرية، وأن تؤثر على مقدرة المتعاطي على العمل.. وكما هو الحال عادة مع مدمني المخدرات، فإن متعاطي القات لا يكون لديهم الحرص الواجب نحو رعاية ومصلحة أسرهم.
معالجة متدرجة
الأستاذ محمد قاسم المقداد, مدير عام الشؤن المالية بوزارة الثقافة يؤكد ضرورة المعالجة المتدرجة لمشكلة القات بالتركيز على الجانب الاقتصادي والجانب الثقافي معاً إذ يقول: إن معالجة مشكلة القات تحتاج إلى معالجات تدريجية تركز بشكل أساسي على الجانب الاقتصادي والجانب الثقافي.. فهناك ما يقرب من أربعة ملايين يمني يعتمدون اقتصادياً على النشاطات المرتبطة بزراعة وتسويق القات والخدمات المرتبطة بهذا الجانب ومن ثم فلابد من التفكير في إيجاد البديل الاقتصادي لذلك على المدى البعيد.. أما من الناحية الثقافية فلا ننسى أن عدم وجود البديل للقات عند الكثرة الكثيرة من الناس قد ضاعف من مشكلة تعاطي القات في المجتمع، فقلة أو انعدام النوادي الرياضية والمؤسسات الثقافية والمسرحية والفنية والموسيقية، والحدائق والملاهي والملاعب وأماكن الراحة والاستجمام كان سبباً رئيسياً في تفشيه.. وهذه مشكلة عويصة تحتاج إلى سياسية استراتيجية طويلة الأمد، فالعادة لا تترسخ إلاّ عبرة فترة زمنية مديدة، وتغييرها يحتاج إلى مدى زماني ليس بالقصير.. فلأجل تقليص القات وعاداته، لابد من تغيير في عادات وتقاليد المجتمع ( المتعلقة بالقات) ولعل أبرز ملامح هذا التغيير لابد من إعادة صياغة وقت الفراغ للإنسان اليمني، فوقت الفراغ هو الوقت الذي يصرفه الإنسان للراحة والاسترخاء والاستجمام والنوم والتغذية واللعب واللهو وممارسة الهوايات المفضلة من رياضة وقراءة وتعلم وتثقف واستماع إلى الموسيقى والتسلية والترويح على النفس، وهي خارج أوقات العمل الرسمية الضرورية والتي يبذلها الإنسان في الحقل أو المصنع أو المكتب وأماكن العمل المختلفة.
مشكلة متداخلة
من جانبه يرى الأخ طارق القرشي أن انتشار زراعة القات وتفشي عادة مضغه تعد مشكلة اقتصادية واجتماعية وثقافية متداخلة في المجتمع اليمني وتحتاج إلى خطة استراتيجية لمعالجتها حيث يقول:-
أن القات مشكلة شاملة ومن غير الممكن حصرها في اليمن بفرع من فروع الحياة إنها مشكلة اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية تتفاقم يوما بعد يوم نتيجة تنامي انتشار زراعة القات وسهولة الحصول عليه ، وتزايد عدد أسواق القات، والمجالس القاتية المنتشرة في كل مكان في المنازل والدكاكين والشوارع والأسواق والملاعب، وقلة المؤسسات الثقافية والرياضية والمدنية وانعدامها في الأرياف تقريباً، وتراخي الهيئات النظامية، ومؤسسات المجتمع المدني، وعدم اتخاذ إجراءات واضحة إزاء هذه الظاهرة، وعدم وجود خطة استراتيجية للدولة باتجاه تقليص مساحة القات المزروعة والتخفيف من عملية انتشار تعاطيه.. ولذلك لابد من الأخذ بعين الاعتبار هذه التشابكات عند معالجة قضية مضغ القات وشيوع تعاطيه وزراعته في المجتمع اليمني حيث يلتهم كل يوم أخصب وأجمل الأراضي اليمنية.. فلابد من تغيير المناخات والظروف التي يستمد القات زاده، لابد من إحداث تنمية حقيقية وفعالة تكون على رأس اهتمامها الإنسان وتهدف إلى رفع مستواه الحياتي والمعيشي وإبعاده عن دائرة العشوائية والفوضى ومحاصرة الفساد ولجم جماحه.. فالتنمية الحقيقية ترفع من مستوى الإنسان العلمي والثقافي وتبعده عن دائرة الجهل والتخلف، وتنمي روح الإرادة القوية الرافضة للأمراض وغير القابلة للاستكانة والانهزام والتسليم للعواطف والشهوات والرغبات الأنانية والفردية الممقوتة، والتي يحترم نفسه فيها ويحترم طموح وتطلعات المجتمع، يجب أن يتلازم مع مسألة تغيير المجتمع بشكل تنموي حقيقي ونشاط ثقافي وتنويري منظم للتقليل من هذا المرض الاجتماعي الذي يهدد كيان الشعب اليمني على المدى البعيد.. فلن تزول هذه الظواهر ولن تخفف إلاّ بإزالة المقومات التي تولدها وتجددها باستمرار.
اعتراض
أما المهندس صادق بشر نائب مدير الأشغال بمديرية معين فهو يعترض على نظر البعض إلى تعاطي القات أنها ظاهرة إدمانيه مثلها مثل إدمان المخدرات.. مؤكداً أن في هذه فيها مبالغة شديدة وأن ظاهرة تعاطي القات هي ظاهرة اجتماعية لا تسبب أي حالة إدمان إذ يقول:-
لقد تغلغل القات في شريان الحياة اليومية للمجتمع في العادات والتقاليد وفي الخيال الشعبي وفي إدارة شئون حياته الخاصة، في تركيبه النفسي في لغته ولهجته ومصطلحاته اللغوية العادية مثل حق القات، ويقف وراء تفشي بعض العادات، فالمعايش للواقع اليمني يكتشف أنه إزاء ظاهرة اجتماعية ثقافية مركبة لها أبعادها السياسية والاقتصادية والدينية والتاريخية، وأن تخزين القات في اليمن يشكل خصوصية ثقافية يمنية فهو منظم لعادات المجتمع واكتسب دلالات ومعاني ذات حضور هام في الثقافة اليمنية، وبالتالي فإن النظر إلى فعل تخزين القات كعادة إدمانيه تشبه تلك المنتشرة في كثير من المجتمعات كتعاطِ المخدرات وإدمان الكحول، ينطوي على شيء من المبالغة وجهل بالواقع اليمني والتجني على مجتمع بكامله ، لأن الظاهرة القاتية في اليمن لا يمكن التعامل معها في إطارها المادي فحسب، أي كنبات يؤدي إلى الإدمان، فهي مرتبطة بصميم مكونات حياة اليمن المادية وغير المادية بمجموع الصيغ الفكرية المشكلة لوعيه الاجتماعي.. ومن هنا فإن اختزال الحالة اليمنية في علاقتها بالقات إلى مجرد إدمان ومادة منشطة أو مخدرة فيه الكثير من التجاوز للواقع والتجني على المجتمع اليمني وثقافته، وهذا لا يعني مطلقاً عدم وجود أضرار ومشاكل اقتصادية وصحية واجتماعية ناجمة عن استهلاك القات.
هوية ثقافية واجتماعية
من جانبه قال المهندس ياسر العامري إن القات أثر تأثيراً جذرياً على بُنية ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا الاجتماعية، وصار حاضراً في جملة من المناشط الثقافية والاجتماعية والحياتية اليمنية، صار حاضراً في الأفراح والأتراح والتسلية والخصام والصلح والعداوة والثأر والاقتتال، وامتدت أثاره إلى مناحي عدة نراها شاخصة للعيان في أسلوب بناء المنازل والمرافق العامة والحدائق والفنادق واللوكندات، إذ لا يخفى على أحد أن ديوان أو مجلس تناول القات صار مكونا أساسيا في تصميم وبناء العمارة اليمنية, ومن هنا يمكن القول أن القات صار يشكل جزءاً من الهوية الاجتماعية والثقافية اليمنية، ومعبراً عن التركيب النفسي والثقافي للمجتمع اليمني، ولعل من أخطر الأسباب وأهمها لتفشي ظاهرة تعاطي القات، هو تغلغل القات وتسربه في كيان المجتمع، حيث أصبح القات جزءاً من عادات وتقاليد المجتمع، ويصعب ممارسة العادات والتقاليد الاجتماعية بدونه، فصار جزءاً من مكونات وطقوس العادات الاجتماعية والتي ترسخت وتوطدت مداميكها منذ فترات زمنية سحيقة في القدم فهو حاضر في طقوس الزفاف والأحزان، وفي الإنتاج الأدبي والفني، وحلقات الذكر الدينية، في شكل وبنية المنازل، في الموسيقى والأغاني، والضحك والنكات، والمناطقة اليومية والرموز اللغوية والإيحائية، وفي المؤسسات المدنية وهيئات الضبط الرسمية وغير الرسمية، وأثر ذلك على الطعام والطهي وألوان الوجبات الغذائية والعمل وأوقاته.
خلاف
من وجهة نظر الدين يرى الدكتور غالب القرشي عضو مجلس النواب أن هناك خلافا حول هذا الموضوع إذ يقول: كل العقلاء المنصفون والمتابعون يقرون بل ويستعدون لمحاربة آفة القات ومخاطرها.. والعلماء الأولون كانوا مختلفين حول القات أهو مسكر أم هو مخدر أم مفتر؟ فكانوا يرون أنه ليس كذلك فلا يقدمون على تحريمه, بل ولا محاربته إلا القليل منهم.
أما اليوم فقد بدت أضراره ماثلة وجلية وآثاره المدمرة أصبحت مشاهدة على الواقع, وكتابات الأطباء وعلماء النفس والاجتماع والاقتصاد, فلا ينبغي أن يبقى خلاف حول مصيبة القات وتشعب أضراره”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.