شكل صعود فحمان الى مصاف أندية النخبة حدثا رائعا وإنجازا فريدا، تكمن أهميته في انبثاق نوره من بين الظلمات والليالي الحالكات التي تعاني منها «أبين» ليس رياضيا فحسب وإنما في كل المجالات لتعلو بنصره المؤزر «الابتسامة» محيا الجميع، وتكتسي الوجوه المتعبة صورا والفرح وعلامات السشعادة والحبور ليغدو «فحمان» كطائر الفينيق المنبعث من وسط الرماد معلنا عن حياة جديدة وفصل من كتاب ألف ليلة وليلة.. «صعد فحمان» وكان صعوده لدوري الأضواء «بلسماً» لجراحٍ غائرة، ومرهما لأوجاع دائمة، ذهبت بحضوره بعض الآلام، ودبت الحياة في أوصالها مؤكدة أن أمل عودتها بات ممكنا وإصلاح حالها ليس مستحيلاً، متى ما توفرت الإرادة وحلت العزيمة. «صعد فحمان» ولم يكن صعوده حدثاً عابراً أو صورة غير ذات قيمة، ولكنها لحظة «فارقة» وتاريخ لابد أن يكتب بماء الذهب، وبرواز تم صنعه من رموش وهدب.. فما أجملها من فرحة وما أروعها من شهادة «إنجاز» تحمل اسم وعنوان أبناء مودية والتوقيع فيها: «نحن شباب فحمان». «صعد فحمان» ولم يكن له قبل الصعود «أجنحة» وريشا يمكنه التحليق بها كما هو حال أقرانه، ولكن شبابه أدركوا أن البطولة لا تصنعها «السمعة» والنجاح لا يأتي بالصدفة، وإن المجد لا يعطى جزافا، وإنما يؤخذ بجدارة وينال بتضحية، ومن هنا كانت الانطلاقة. «محمد حسن البعداني» المدرب الذي صنع ربيع الفرحة الفحمانية كان قد شحن بطاريات لاعبيه قبل السباق بفترة: التفت يمنة ويسرة ولم يرَ إلا نفوسا منكسرة ومعنويات هابطة وكل ما يحيط بفريقه يمكن حصره في عبارة واحدة: (الوضع مؤلم والأمور مقرفة)، لكنه بفراسة المدرب الحاذق وذكاء الشاب الأريب لمح في أعين لاعبيه «همما تناطح الجبال، وعزيمة ليس لها مثال» شعر بالارتياح ثم تمتم في نفسه: «هؤلاء هم الذين كنت أبحث عنهم من زمان، إنهم فعلا شباب فحمان».. أدرك البعداني حينها أن ضيق الحال لن يُحل دون تحقيق «الآمال» وأن الصعاب مهما ارتفع شأنها وعلا أمرها تغدو سهلة عند من يمتلك الإرادة ويتسلح بالعزيمة فخاطبهم قائلا: «يا شباب قبلت مهمة تدريبكم لعلمي أنكم أهل للمنافسة وأجدر بالمهمة»، ثم اعلموا أن: «لا شيء أقتل على النفس من الشعور بضعفها والتصغير من شأنها»، وأنتم تنتمون لأبين الاسم الأعلى والأشهر في تصدير النجوم ولابد أن تثبتوا ذلك على أرض الواقع بعيدا عن الأعذار، فمن كان معي فليضع يده في يدي ومن يرى غير ذلك فخير له من الآن الفرار.. كان يعلم أن مثل هذه الكلمات كافية لاستفزاز مكامن الروح والحماس فيهم، وقادرة على ضخ عروقهم بحرارة التحدي خصوصا وقد تعلموا من حياة الريف التي يعشونها «الإقدام» ومواجهة الصعاب وأن الخور والدعة والضعف ليس من شيم الرجال وأن «عود» البدوي متين لا ينكسر بسهولة وأنه حين يرغب في المواجهة ستتلاشى المعيقات أمامه، فدعاهم لتوقيع المعاهدة وقد كتبوا على غلافها عنوانا عريضا: «لن نرضى بغير الصعود بديلا». استهل فحمان مشواره في المنافسة فكان يصرع منافسيه بالضربة القاضية الواحد تلو الآخر، وبعد كل فوز كان البعداني يذكرهم بالقول: «لم نفز حتى الآن وطريق المعاهدة التي كتبناها معا لم تنتهِ، إلى أن أنهى مرحلة الذهاب وهو في طليعة فرق المجموعة. أخذ الفريق قسطا من الراحة للتزود بأوكسير المواجهة الأصعب: «مرحلة الإياب» فعاد اللاعبون إلى منازلهم لاستراحة قصيرة، لكن البعداني جلس يتذكر وهو يحلق بعينيه في سماء غرفته المتواضعة كلماته الأولى لهم فتبسم هامسا لنفسه «لقد نجحت يا بعداني في استثارة «البدوي» الذي حين يستثار لا يقبل بالدون ولا يرضى بالقليل وعلى طريقة النصر أو الموت فوق الميادين»، ثم انتابه شعور بالزهو والافتخار وهو يتمتم الآن قد وضعنا لأنفسنا «مدرج» يمكننا الإقلاع منه والتحليق في سموات الألق والإبداع. انطلقت رحلة الإياب وفحمان تحت مجهر الرصد وعناوين المتابعة، هناك من يشكك في قدرته على الذهاب بعيدا، وآخرون يعتقدون أن قطاره سيتعثر في صنعاء فالأجواء ليست هي الأجواء والمنافسة قد أخذت منحنى أشد ضراوة وصعوبة، كانت تحيط بالفريق العديد من علامات التوجس والقلق خشية التعثر الذي يبعثر كل الآمال، وتناسى هؤلاء أن البدوي حين يقرر ليس بوسع كل الأماني إلا الاستجابة، والآمال إلا الانحناء له فخاض مباريات بطولية وماهي إلا أربع جولات حتى أعلن فحمان عن إنجازه الأكبر كأول الفرق الصاعدة إلى دوري الأضواء، فعمّت الفرحة سماوات مودية وأبين عموما فالحدث بارز والمناسبة جدّ غالية، ولسان حال شبابه: لقد جئناكم منآزال بالنبأ اليقين، فاطردي يا جبال وروابي وسهول أبين صور الألم والأنين. مبارك لأبناء مودية هذا الإنجاز المضاهي بتوقيته “الإعجاز” وشكراً لقائد الاوركسترا الفحمانية محمد حسن البعداني الذي يثبت يوما بعد آخر أن التدريب عمل وتفانٍ وليس أعذارا وتغنيا بنجومية الماضي.. وللعزيز «أحمد العزي» رئيس النادي أسمى آيات الحب والعرفان وهو يثبت للجميع أن الإدارة فن وتعامل راق وجميل.. كما هي أيضا موصولة الى مساعد المدرب النجم الأبيني الشهير «خالد أمبله» ولطاقم الجهاز الفني والإداري ولكل اللاعبين «عارف شكري، ووجدي الرطيل ومنير يسلم وسالم الهارش ومحمد دعبل وسالم خيران وغيرها من الأسماء التي لا يسعفني الوقت في تذكرها كاملة»، ومن قبل هؤلاء جميعا الأستاذ أحمد الميسري محافظ أبين السابق ونائب وزير الزراعة الحالي والرئيس الفخري لفحمان على دعمه واهتمامه ومساندته للأبطال ولجمهور النادي الوفي ولكل من ساهم في صنع الربيع الفحماني والصعود به قمم الجبال والمعالي.