تن هاغ يعترف بمحاولةا التعاقد مع هاري كاين    معركة مع النيران: إخماد حريق ضخم في قاعة افراح بمدينة عدن    اخر تطورات الانقلاب المزعوم الذي كاد يحدث في صنعاء (صدمة)    الهلال السعودي يهزم التعاون ويقترب من ملامسة لقب الدوري    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    "سيتم اقتلاعهم من جذورهم": اكاديمي سعودي يُؤكّد اقتراب نهاية المليشيا الحوثية في اليمن والعثور على بديل لهم لحكم صنعاء    وزير الخارجية الدكتور شائع الزنداني يطلع نظيره الباكستاني على آخر مستجدات جهود إنهاء حرب اليمن    أخيرًا... فتيات عدن ينعمن بالأمان بعد سقوط "ملك الظلام" الإلكتروني    حوثيون يرقصون على جثث الأحياء: قمع دموي لمطالبة الموظفين اليمنيين برواتبهم!    شعب حضرموت يتوج بطلاً وتضامن حضرموت للبطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت    تتقدمهم قيادات الحزب.. حشود غفيرة تشيع جثمان أمين إصلاح وادي حضرموت باشغيوان    في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. الإرياني: استهداف ممنهج وغير مسبوق للصحافة من قبل مليشيا الحوثي    وكلاء وزارة الشؤون الاجتماعية "أبوسهيل والصماتي" يشاركان في انعقاد منتدى التتسيق لشركاء العمل الإنساني    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    د. صدام عبدالله: إعلان عدن التاريخي شعلة أمل انارت دورب شعب الجنوب    فالكاو يقترب من مزاملة ميسي في إنتر ميامي    الكشف عن كارثة وشيكة في اليمن    أمين عام الإصلاح يعزي في وفاة أمين مكتب الحزب بوادي حضرموت «باشغيوان»    الوزير البكري يعزي الاعلامي الكبير رائد عابد في وفاة والده    خادمة صاحب الزمان.. زفاف يثير عاصفة من الجدل (الحوثيون يُحيون عنصرية أجدادهم)    الرئيس الزبيدي يعود إلى عدن بعد رحلة عمل خارجية    بعد منع الامارات استخدام أراضيها: الولايات المتحدة تنقل أصولها الجوية إلى قطر وجيبوتي    ميلاد تكتل جديد في عدن ما اشبه الليله بالبارحة    مارب.. وقفة تضامنية مع سكان غزة الذين يتعرضون لحرب إبادة من قبل الاحتلال الصهيوني    البنتاجون: القوات الروسية تتمركز في نفس القاعدة الامريكية في النيجر    كارثة وشيكة ستجتاح اليمن خلال شهرين.. تحذيرات عاجلة لمنظمة أممية    تعز تشهد المباراة الحبية للاعب شعب حضرموت بامحيمود    وفاة امرأة عقب تعرضها لطعنات قاتلة على يد زوجها شمالي اليمن    انتحار نجل قيادي بارز في حزب المؤتمر نتيجة الأوضاع المعيشية الصعبة (صورة)    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    دوري المؤتمر الاوروبي ...اوليمبياكوس يسقط استون فيلا الانجليزي برباعية    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟    طقم ليفربول الجديد لموسم 2024-2025.. محمد صلاح باق مع النادي    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    دربي مدينة سيئون ينتهي بالتعادل في بطولة كأس حضرموت الثامنة    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    استشهاد أسيرين من غزة بسجون الاحتلال نتيجة التعذيب أحدهما الطبيب عدنان البرش    "مسام" ينتزع 797 لغماً خلال الأسبوع الرابع من شهر أبريل زرعتها المليشيات الحوثية    إعتراف أمريكا.. انفجار حرب يمنية جديدة "واقع يتبلور وسيطرق الأبواب"    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    الخميني والتصوف    تقرير: تدمير كلي وجزئي ل4,798 مأوى للنازحين في 8 محافظات خلال أبريل الماضي    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الباحث أحمد الحربي ل«الجمهورية»:
تقويض أركان الملكية لم يكن ممكناً دون مساندة الشعب
نشر في الجمهورية يوم 27 - 09 - 2014

قال أحمد محمد الحربي نائب عميد المعهد الوطني للعلوم الإدارية سابقاً: إن القيادة المصرية ممثلة بالرئيس جمال عبدالناصر كانت ترى في الثورة اليمنية وعياً للشعوب العربية تجاه الرجعية والاستعمار، وهو ما أدى لتقديم المساعدة والعون لها تعزيزاً للقوى التقدمية في معركتها ضد العبودية والقهر والاستبداد.. مشيراً إلى أن أربعة عوامل اقتصادية هي التي شكّلت أساس الشروط الاقتصادية والاجتماعية لثورة السادس والعشرين من سبتمبر، والتي بمجرد الإعلان عن قيامها أطلق الشعب العنان لفرحته وحماسته تجاهها وساهم في تقويض أركان الملكية التي كانت تحكمه.. المزيد في هذا الحوار:
ما الذي شكلته ثورة سبتمبر عند قيامها في 26سبتمبر من عام 1962م بالنسبة لليمن؟
بمناسبة العيد الثاني والخمسين لثورة 26سبتمبر 1962م علينا أن نقوم بعملية تذكير نختصر لأحداث 26سبتمبر 1962م والأسابيع الأولى للثورة.. فقد لقي الإمام أحمد حتفه يوم 1991962م على إثر الجراح التي أصيب بها سنة 1961م في مستشفى الحديدة على يد الأبطال اللقية، والهندوانة، والعلفي.. ولقد مثلت وفاة الإمام أحمد، تعارضاً مع مخطط الثوار، الذين كانوا يعتزمون الهجوم على القصر الملكي في مدينة تعز حيث إقامة رأس النظام.
وكانوا يرون إن هجومهم على قصر الإمام في تعز، سيكون بمثابة الشرارة الأولى لاندلاع الثورة في مجموع البلاد، وقد قال الدكتور محمد سعيد العطار بهذا الصدد إنه عقد اجتماعاً سرياً في صنعاء يوم 15سبتمبر، قبل إعلان وفاة الإمام وقع اختيار الجماعة الثورية على نهاية شهر سبتمبر، كموعد لتنفيذ المخطط، وكان قد تقرر في هذا الاجتماع أيضاً، أنه بمجرد قيام الحركة في تعز سيقوم الثوريون بإخضاع صنعاء والتعجيل بالاستيلاء على الإذاعة.. وجاء إعلان وفاة الإمام أحمد ليقلب جميع المخططات، إذ تم الإعلان عن مبايعة ابنه محمد البدر يوم الخميس 19سبتمبر 1962م والذي كان ينظر إليه من قبل المعارضة اليمنية “تقدمياً” عن خطأ، وقال الدكتور محمد سعيد العطار، ما يلي «وفي إطار اللجنة السرية المؤلفة من بعض الضباط الكبار وخاصة من الضباط الشبان، ومن المثقفين، وممثلي البورجوازية، اعتبر بعض أعضائها أن حكم البدر سيكون مرحلة هامة مطالبين بتأخير تنفيذ المخطط، وكان من رأي أنصار البدر، إن عهد هذا الأخير سيكون بمثابة نظام حكم تطوري، أي سيكون نظاماً للملكية الدستورية التي ستؤدي إلى تحول جذري لأوضاع البلاد».
«كتاب التخلف الاقتصادي والاجتماعي في اليمن أبعاد الثورة اليمنية عام 1965م».
وقد مرت أيام دونما اتصال بين أعضاء اللجنة، حتى اعتقد البعض بالتخلي عن المشروع، بينما كانت جماعة من الثوريين الشباب بمدينة صنعاء مستمرة في غاية السرية، استعداداً لقلب نظام الحكم، بالرغم من حركة الإعلان عن الولاء للإمام الجديد حتى من طرف بعض أعضاء اللجنة الثورية، وقادة حركة الأحرار “المعارضة”.
وقد أعلن البدر الذي كان يحظى بمساعدة جميع الاتجاهات القائمة في البلاد عن برنامج كان في غاية الغموض في الوقت الذي وعد فيه بإحداث تعديلات دستورية، وبإدخال الوسائل العصرية على مرافق البلاد، أعلن بشكل رسمي “إني سأتبع الطريق المستقيم التي خطاها والدي الإمام أحمد”
وعلى إثر ذلك، قام الضباط الشباب المنتمون إلى اللجنة الثورية “تنظيم الضباط الأحرار” في مدينة صنعاء بالضغط على مجموع أفراد اللجنة لقلب حكم البدر، وتشير بعض الوقائع، إن الشيخ محمد علي عثمان الذي كان حاضراً في اجتماع للإمام الجديد «سمع مالا يسره عن نوايا الإمام البدر، تجاه تحركات بعض الضباط، فمر على القاضي عبدالسلام صبره، ليعلمه عن نوايا الإمام البدر السيئة، الذي بدوره أبلغ ابنه عبدالله عبدالسلام صبره بنوايا البدر لينقلها إلى الضباط الذين اجتمعوا ليقرروا في اجتماعهم البدء بتصفية شخص البدر، لما سيكون في ذلك من أثر سيكولوجي على أنصار الإمام، ووقع اختيارهم على تكليف ضابطين، بتنفيذ هذه المهمة، ولأسباب غير معروفة لم تسر الأمور على ما كان متوقعاً أو مخططاً، فأقدم مجلس قيادة الثورة باتخاذ قراره الجريء بقنبلة قصر “البشائر” بالرغم من بدء الاستعدادات في صفوف الملكيين، حيث دارت في قصر البشائر معركة بين العسكريين الثوريين، وبين العساكر المخلصين للإمام، دامت طوال ليل الأربعاء 25سبتمبر، وانتصار الثوريين في معركتهم تلك “معركة القصر” كان بمثابة معجزة، أما ثوار تعز فقد قاموا بدورهم باحتلال مدينة تعز، رغم وجود الحامية العسكرية الكبيرة لحكم الإمام فيها، وبرغم أن الاتصال بهم من ثوار صنعاء لم يتم إلا في صبيحة يوم 27سبتبمر، كما كتب الدكتور العطار، ومع ذلك تحرك ثوار تعز صبيحة يوم 27سبتمبر وقاموا بواجبهم على نحو فعال، كما استجاب لنداء الثورة أغلبية الشعب اليمني، فخرجت جموع الشعب إلى الشوارع لمساندة ثورة الجيش اليمني.
هذه الثورة التي فجر شرارتها الأولى تنظيم الضباط الأحرار، الذي لم يزد عدد أعضائه عن أربعين ضابطاً من بين مجموع ضباط الجيش البالغ عددهم أربعمائة ضابط، إذ كان يرى ضباط التنظيم الأربعين ضابطاً عدم إمكانية الاعتماد على فرق الجيش الخاضعة لإمرتهم، دونما مخاطرة، فاتخذوا قراراً قد يكون الوحيد من نوعه في تاريخ الحركات الثورية العسكرية “الانقلاب” والتمردات العسكرية، وذلك بقيامهم بمحاصرة فرق الجيش بثكناتها قصد الحيلولة دونها ودودن قيامها بنجدة الإمام الواقع تحت الحصار في قصره، فقاموا وحدهم بضرب القصر الملكي، والاستيلاء على دار الإذاعة، وبما قاموا به من دور هجومي ضد قصر الإمام، وإعلان وفاة الإمام البدر، تحت الأنقاض، فاجأوا أنصار الإمام البدر، الذين لم يكن لديهم وقت كافٍ للقيام برد فعل، أو تنظيم صفوفهم فجر اليوم التالي.
كما كان لهروب البدر بمساعدة أنصاره وباستغلاله للعادات القديمة “الكرم، وحماية المستغيث” التي لازالت قائمة، والتي هي من قواعد قبائل اليمن والتمسك بها يعدُ شرفاً عندها.
إن الثورة التي أطلق شرارتها الأولى الضباط في صنعاء والتقطها ثوار تعز، ليجعلوا منها ثورة شعبية، استجابت لها الغالبية العظمى من أبناء الشعب اليمني، وتوالت الانضمامات إليها من كل ناحية، سواء من الحاميات العسكرية، أو من كبار موظفي الحكم الإمامي، وحتى المهاجرون في أصقاع الأرض هبوا لنجدة الثورة والانتصار لها، أما في عدن فكان وقع الثورة على مواطنيها والعاملين بها من أبناء اليمن عظيماً، فاندفع سكانها بالآلاف إلى مكاتب النقابات العمالية، والجمعيات والنوادي الأهلية مطالبين بتسجيل أسمائهم كمتطوعين لنصرة الثورة والدفاع عن نظامها الجمهوري، وكانت منهم أولى كتائب الحرس الوطني التي تشكلت للدفاع عن الثورة ونصرتها بعد أن تيقن قادة الثورة إن ثورة سبتمبر ستواجه مخاطر عدة أهمها خطر التدخل الخارجي الذي كان على الدوام مسبباً في فشل الثورات والانقلابات التي شهدتها اليمن بدءاً بثورة عام 1948م وانقلاب عام 1955م وكانت القوى الرجعية جزءاً هاماً من أسباب فشلها، كما إن خطر آخر سيتهدد الثورة، آتياً من الاستعمار البريطاني، الجاثم على أرض الجنوب وحلفائه، ولذا لم يكن أمام الجمهورية الفتية من سبيل لدرء المخاطر عنها سوى طلب المساعدة العسكرية، من ثورة 23يوليو المصرية، هذه الثورة التي لم يبدي رئيسها الزعيم جمال عبدالناصر أي تردد في مساندة النظام الجمهوري لتنزل القوات المصرية على أرض اليمن في شهر نوفمبر 1962م لمساعدة الجيش الجمهوري، والقتال إلى جانبه في معركته الكبرى ضد قوات الظلام، هذا تذكير مختصر لأحداث ثورة 26سبتمبر 1962م في أيامها الأولى.
محطات تاريخية
ماهي المراحل أو المحطات التاريخية التي مرت بها اليمن قبل الثورة؟
المراحل أو المحطات التاريخية التي مرت بها اليمن قبل الثورة كثيرة، ولكل مرحلة أو محطة خصوصيتها، ويصعب اختزالها هنا لأهمية كل منها، ولكي نعطي للمناسبة حقها دعنا نتحدث عن ماهي الشروط الاجتماعية والاقتصادية ومن هي الفئات الاجتماعية التي عملت من أجل قيام الثورة، وفي هذا نقول أولاً الشروط الاجتماعية والاقتصادية لقيام الثورة هناك أربعة عوامل رئيسية شكّلت أساس الشروط الاقتصادية والاجتماعية للعمل من أجل قيام الثورة، وهذه العوامل الأربعة تتمثل ب الاستغلال الواسع والفاحش لجماهير الفلاحين “مزارعي اليمن المنتجين” من قبل أمراء الحكم ومالكي الأراضي، والمحتكرين، ورجال نظام الحكم، وعلى رأسهم الإمام، التخلف عن ركب التاريخ، الذي مثله الجمود الاقتصادي والاجتماعي والنظام السياسي العتيق بطابعه الثيوقراطي، وما رافق ذلك من غبن واستبداد الحكم، وتفرده، بتقرير مصير وحياة شعب، استحالة إيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية والديموغرافية في إطار شديد البدائية الذي مثله نظام الحكم الإمامي..
تأثير المغتربين اليمنيين، الذين عاشوا في بلدان لها أنظمة سياسية واقتصادية مختلفة عن نظام الحكم الإمامي في بلادهم بالإضافة إلى التأثير السيكولوجي للإذاعة والصحافة التي لعبت دوراً في إيقاظ وعي الناس واهتمامهم بضرورة تغيير واقعهم.
هذه العوامل الأربعة هي العوامل الرئيسة التي تفسر قيام الثورة اليمنية.. تضاف إليها عوامل ثلاثة أخرى أو لنقل إنها عناصر ثلاثة تقع من حيث الأهمية بمستوى أدنى من العوامل الأربعة الرئيسية ولكنها تستحق الإشارة باعتبارها مساعدة للعمل من أجل قيام الثورة.
العنصر الأول : ما أقدم عليه نظام الحكم الإمامي من عمل ظالم استهدف ضرب الرابطتين القبليتين حاشد وبكيل وعندما ندرك لفظ قبيلة هنا فإننا لا نعني به نمط الحياة والتنظيم الاقتصادي القبلي فالقبيلة هنا ككيان اجتماعي مستقر وقائم على خدمة الأرض.. وهي بالوقت ذاته محافظة على تنظيم اجتماعي قبلي، كالأعراف والعادات والتقاليد.. الخ.
وما نقصده هنا هو إقدام الإمام على قطع رؤوس مشايخ هاتين الرابطتين الأكثر نفوذاً وبذلك لم تحرك هاتان الرابطتان اللتان تعدان وحدهما قوة عسكرية قوامها يتجاوز مائة ألف محارب مسلح.. ساكنة ولم تتحرك لنصرة الإمام.. “ وذلك على الأقل طيلة الأشهر الأولى التي أعقبت قيام الثورة بل على العكس من ذلك اندفعت كلاهما وبحماسة لتأييد الثورة بغض النظر عن ما حدث لهما من تغيرات فيما بعد.
العنصر الثاني : اندفاع الإمام بحكم طبيعته الثقافية وتركيبته الاجتماعية نحو مساندة الاحتكار كاتجاه سياسي لحكمه جاعلاً من التاجر الجبلي رأس سياسته الاحتكارية ما أثار عليه بقية التجار الذين لم يجدوا أمامهم طريقاً سالكاً لمزاولة نشاطهم التجاري، فانظموا إلى المعارضة.
العنصر الثالث : تحول الإمام أحمد إلى شاعر ملتحق بزمرة الشعراء الهجائيين إذ أقدم في ظروف سياسية عصيبة تشهدها الأمة العربية.. في صراعها ضد الاستعمار وأعوانه إلى الهجاء حيث نشر قصيدة له هجا بها الرئيس جمال عبدالناصر.
وبما أقدم عليه الإمام أحمد من هجائه للرئيس جمال عبدالناصر أتاح لمعارضي نظامه استخدام إذاعة صوت العرب والقاهرة إلى جانب الصحف والمجلات العربية.. حيث خصصت المحطتان الإذاعيتان لقيادة المعارضة اليمنية حيث بث من خلالهما المناضلون الأستاذ أحمد محمد نعمان وابنه محمد أحمد نعمان والأستاذ محمد محمود الزبيري والدكتور عبدالرحمن البيضاني والأستاذ محسن العيني أحاديثهم القيمة الموجهة للشعب اليمني.. وخصصت مجلة روز اليوسف صفحاتها لنشر سلسلة مقالات عن استبداد النظام الإمامي للدكتور البيضاني إلى جانب إصدار الكتب والقصص المعبرة عن آراء المعارضة المتبنية لقضايا الشعب وفضح سياسات حكم الإمامة وظلمه.. وهو أمر وسّع من دائرة معارف الناس عن حكم الإمام وقهره واستبداده.
ثانياً : قيام الوعي والإسهام في التحضير للثورة
وعي الشعب اليمني لما أصاب وطنه من حكم الإمامة التي جعلت اليمن أكثر تخلفاً أخذ ينمو ويتسع وينعكس في التذمر المتولد عن كراهية الشعب للنظام الإمامي وذلك ما جعل الشعب بمثابة حاضنة لأي عمل من شأنه الإطاحة بنظام حكم أفقر الناس، وقيد حرياتهم وجمد حركة الحياة الاقتصادية وينشر الرعب بين المواطنين حتى المواطنين في أجهزة الحكم، لم يولوا نظام الحكم أي ثقة وكانوا يشكلون حزام نقل جيد للمعلومات من داخل جهاز الحكم وما يدور فيه ويوصلون المعلومات للمناضلين الذين يعدون لقلب نظام الحكم، إلى جانب إنهم كانوا يشكّلون جزءاً كبيراً من عملية الحماية للمناضلين في حالات انكشاف أمرهم لدى الحكم.. لذلك كان الشعب غير الواثق بحكم الإمام مستعداً لمنح تأييده لأي حركة تطيح بنظام الحكم.. وبمجرد الإعلان عن قيام الثورة أطلق العنان لفرحته وحماسته.. وقد تحدثت جميع الصحف العالمية عن هذه الظاهرة وهي تنشر أنباء الثورة اليمنية بما فيها الصحف التي لم تكن مع اتجاه الثورة عبرت عن هذه الحقيقة.
لا ريب في أن تقويض أركان الملكية لم يكن من صنع الشعب ولكن ذلك لم يكن ممكناً دون مساندة الشعب لعملية تقويض نظام الملكية، فالشعب اليمني منح كامل ثقته لحكومة النظام الجمهوري باستثناء بعض قبائل الشمال والشرق التي ظلت موالية للإمام، وشجعتها على موقفها المعادي للجمهورية، تدخلات خارجية ومع هذا فلابد من الإشارة إلى أن الثورة اليمنية كانت من تصميم وصنع اليمنيين ومن تنفيذهم وحدهم لأن الظروف الداخلية هي التي هيأت للإطاحة بالنظام الملكي.. والذين تحدثوا عن تدخل القوات المصرية في اليمن والذي لو لم يحدث لما حدثت المشكلة اليمنية التي ظلت قائمة لسنين وما تزال كما يقولون ما هو إلا تبرير لتدخلهم السافر في شئون اليمن، فمساعدة الجمهورية العربية المتحدة وبالتحديد نظام الرئيس جمال عبدالناصر لم تأتِ إلى اليمن إلا لتعزيز جانب الثوار الذين كانوا يخشون وهم محقون في ذلك تدخل قوى أخرى في الشئون الداخلية لليمن.
ماذا مثّلت ثورة 26 سبتمبر 1962م عند قيامها بالنسبة لليمن؟
ثورة 26 سبتمبر 1962م مثلت لليمن أرضاً وإنساناً الكثير والكثير.. فعندما تقوم أوساط عسكرية وثقافية وبورجوازية وطنية بحركة تقدمية هدفها تقويض أركان نظام اجتماعي موغل في الرجعية، والاستبداد، وتحظى هذه الحركة بتأييد الشعب الواسعة، ومساندتها فإن هذه الحركة تكتسي صبغة الحركة الثورية وقد أمكن لهذه الصبغة الثورية.. وعلى نحو غير متوقع أن تؤدي إلى ثورة اجتماعية حقيقية أو بمعنى آخر أدت إلى تحويل فعلي وجذري لفائدة الطبقات الكادحة سواءً ظهر هذا التحول في شكل التملك والاستثمار، أو في تسويق البضائع والمنتجات أو في تحويل المؤسسات السياسية والاجتماعية إلى مؤسسات ديموقراطية شعبية أو حتى في الاستقلال الكامل عن الاستعمار والرأسمالية العالمية وهذا التحول حدث بفعل الإنجاز الثوري لمهمات العمل.. حتى وإن بدا في نظر البعض إن نسق التحويل في عملية الإنجاز الثوري يصعب تحقيقه نتيجة للتعارض بين الفئات “الطبقات” صانعة الحدث الثوري لذلك كانت رؤية البعض إن أي تعارض بين هذه الطبقات “الفئات” صانعة الحدث لن يظهر إلا في مرحلة لاحقة.. وإن الشيء المهم هو أن يعمل الجميع صوب تحقيق المهمات الأولية الضرورية والمتمثلة ب:
تصفية النظام القديم في الإدارة والتعليم والثقافة.. الخ.
القضاء على النفوذ الخارجي في اليمن وتحديداً الوجود الاستعماري في الجنوب.
تحقيق وحدة اقتصادية وسياسية كمقدمة أساسية وضرورية لحل مشكلة التخلف المريع الذي شهدته اليمن.
الأخذ بسياسات عامة موجهة نحو التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ثالثاً : الطبقات والفئات الاجتماعية التي عملت على قيام الثورة.. إذا كنا نعلم أن قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م بدأت أولى شراراته على يد مجموعة من الضباط فذلك لا ينفي وجود طبقات وفئات اجتماعية كان لها شرف الإسهام والفعل في الإعداد والتحضير والمشاركة والدعم والحماية لهذه الثورة وصنع تحولاتها ومن المفيد الاستهلال في هذا المضمار، بما قاله المشير عبدالله السلال قائد الثورة رداً على أسئلة الصحفيين الذين كانوا يلاحقونه للحصول منه على إجابة عن سؤالهم الخاص بدوره العملي في تنظيم وقيادة المجلس الثوري قائلاً لهم : «لم أقم بأكثر من تمثيل العسكريين والمدنيين الذين أتولى قيادتهم حالياً” لذلك سيكون من الصعب تحديد النشاط الثوري لكل رجل أسهم وناضل في إقامة الثورة.. كالسلال والجائفي وجزيلان وعبدالغني مطهر أو السياسيين في مصر كالأستاذ النعمان وابنه والزبيري والبيضاني وحتى أمين أبو رأس ومطيع دماج وعلي عبدالمغني ومحمد قائد سيف وأحمد ثابت الأغبري وعبدالوهاب الوشلي وعلي عبدالعزيز نصر وغيرهم مع إن المسألة دون أهمية معرفة وتحليل مختلف الطبقات والفئات الاجتماعية التي أعدت وأسهمت للثورة والمسئولة عنها والتي لا تزيد عن أن تكون ثلاث فئات تمثيلية للطبقات الأولى: العسكريون الضباط الكبار والصغار منهم كبيرو السن، والشباب.
الثانية : المثقفون الحاصلون على شهادات والمشتغلون في مناصب رسمية في جهاز الحكم وخارجه.
الثالثة : التجار داخل البلاد وخارجها.
فالعسكريون على الرغم من أن المبدأ الأساسي لنظام الحكم الإمامي في تكوين ضباط جيشه الملكي، قائم على اختيار دقيق لهم ويفضل أن يكون أفراد ضباط الجيش الملكي من أبناء العائلات الكبيرة، والقبائل المشهود بولائها للإمام.
ومع ذلك “ أي المبدأ القائم عليه سياسة الإمام في اختيار ضباط جيشه” نجد أن ضباط الجيش لعبوا باستمرار أدواراً هامة في قلب نظام الحكم الإمامي يشهد بذلك التاريخ فدورهم في ثورة 1948م «الذي أطلق عليها الثورة الدستورية» كان واضحاً إذ كان جميل جمال من أحد قادة الثورة وساقة الإمام إلى مقصلة الإعدام” وإن كان عراقي الجنسية” وسبق القائد عبدالله السلال إلى سجن حجة مع زملاء له من العسكريين الذين أصبحوا فيها بعد أعضاء في تنظيم الضباط الأحرار، وفي مجلس قيادة ثورة 26 سبتمبر مروراً بانقلاب 1955م الذي قاده المقدم الثلايا ومحمد قائد سيف، الأول أعدم مع أخ الإمام إلى جانب آخرين في ميدان العرضي بتعز ولم تتوقف المحاولات من قبل الضباط إذا أقدم ثلاثة من الضباط باغتيال الإمام أحمد عام 1961م في مستشفى الحديدة وأطلقوا عليه وابلاً من الرصاص سكنت جسده ولم يمت ولكنه مات فيما بعد متأثراً بجراحه وهم اللقية / الهندوان/ العلفي/ وجرى إعدامهم ومع أن الإمام كان يتبع مقياساً متشدداً في انتقاء الأفراد العسكريين الذين يوجههم للتدريب في المدارس العسكرية في الخارج فإن سياسة الإمام تلك لم تحول دون وجود أفراد منهم لعبوا دوراً فعالاً في تنظيم الثورة، وسياسة كتلك التي كان يقوم بها الإمام خلقت نوعاً من التفضيل فيما بين الضباط وأثر بشكل كبير عليهم مما أوجد حالة من التذمر لدى العديد من الضباط تجاه سياسة التفضيل الإمامية فيما بينهم كما كان لمثل تلك السياسة دور في نشوء وعي متزايد بخطورة سياسة الإمام التمييزية بين الضباط المنعكسة على الشعب وأسهمت عملية خروج بعض الضباط للتدريب في المعاهد العسكرية سواءً في بغداد أو القاهرة في تنمية وعي الضباط الذين عاشوا في كل من بغداد والقاهرة وعقدوا مقارنات بين أوضاعهم وأوضاع الضباط في هذه البلدان مما أضاف عنصراً جديداً لديهم دفعهم إلى العصيان والإصرار على قلب نظام الحكم الإمامي.
والحديث عن فئة الضباط، ودورهم في صنع ثورة 26 سبتمبر 1962م لا يجعلنا نهمل دور الضباط الصغار من رتبة ملازم إلى رائد.. ذلك لأن هؤلاء الضباط صغيري الرتب العسكرية كانوا يمثلون الاتجاه الأكثر ثورية والأكثر اندفاعاً لإنهاء الحكم الملكي الإمامي في البلاد، وكان لهؤلاء الضباط شرف السبق في إنشاء تنظيم الضباط الأحرار وفي إشعال شرارة الثورة وإسقاط حكم الإمام البدر عام 1962م ولعبوا دوراً أساسياً ضمن مجلس قيادة الثورة واندفعوا دون تردد في إنجاز مهام على مستوى رفيع من الدقة والتعقيد، كما كان حال الملازم علي عبدالمغني الذي تقدم على رأس مجموعة عسكرية في ملاحقة بقايا النظام الإمامي، في المنطقة الشرقية، واستشهد دفاعاً عن الثورة.. وفي هذا السياق يصعب على أي امرئٍ تحديد الهوية الفكرية لهؤلاء أو بالأحرى لما تمثله فئة العسكريين من عقائد فنحن نجد من بين أولئك الضباط الذين حضروا وتقدموا الصفوف لإعلان انطلاقة الثورة السبتمبرية من يحمل الفكر الإصلاحي ومن هو ثوري ذو ميول فكرية ماركسية ومنهم من ينتمي إلى الفكر القومي، والأحزاب القومية.. كحزب البعث العربي الاشتراكي، وحركة القوميين العرب، ومنهم من هو متأثر بجمال عبدالناصر، ومنهم من ينتمي للإخوان المسلمين.
مما يعني أن مجموعة الضباط، الذين حضروا واعدوا للثورة وانطلاقتها، لم يكن تجمعهم وجهة نظر فكرية، عقائدية واحدة والقاسم المشترك الذي جمعهم، أو جمع بينهم هو قلب نظام الحكم الإمامي وإدخال الوسائل العصرية إلى البلاد المغلقة على تلك الوسائل أو رفع مستوى حياة الشعب اليمني اقتصادياً واجتماعياً..
فئة المثقفين
فئة المثقفين هنا ليسوا أولئك الذين حصلوا على شهادات جامعية وإنما هم تلك الفئة التي ضمت إلى جانب حملة الشهادات العليا، الطلاب الثانويين والأشخاص والعلماء الذين تابعوا دراستهم كالقضاة الزبيري، الارياني، النعمان، محمد الفسيل، ومحمد عبده نعمان، والشحاري، والمقالح ومالك الارياني ومحمد الغشم وغيرهم وهؤلاء شكلوا مع جماعة حملة الشهادات الجامعية الذين وقتها لم يتجاوز عددهم ثمانين شخصاً وهو عدد لا يستهان به بالنسبة لبلد كاليمن المتخلف والمعزول عن العالم في ذلك الوقت.. وكان الإمام أحمد ينظر إلى أولئك المثقفين بعين الريبة والحقد.. وهؤلاء المثقفون هم من أصول اجتماعية عدة، غير أن أغلبيتهم ينتمون إلى الطبقة البورجوازية الصغيرة منها والوسطى.. ومقارنة أوضاع اليمن بأوضاع البلاد الأخرى.. كانت تفرض نفسها عليهم، وربما كانت تفرض نفسها عليهم أكثر من غيرهم، فاشتد وعيهم وتوسع باتجاه ضرورة التحويل الهيكلي ولضرورة إزاحة العراقيل التي كان يشكلها النظام الإمامي.. وتركز همّ المثقفين نحو ضرورة إيجاد تغييرات عميقة في الميدان الاجتماعي، بدافع أصولهم وبنيتهم الاجتماعية، وبدافع وضعيتهم كمثقفين واعين للدور الذي عليهم القيام به.
“والذي يفسره كل واحد منها، تبعاً للمفاهيم السياسية والفلسفية المتأثر بها”
ومنهم أولئك الذين سلكوا سبيل المناصب في الدولة الملكية، كانوا على أتم الوعي بأن نظام الحكم الإمامي يُميت فيهم روح الطموح، ويحتم عليهم القيام بأعمال تجعل منهم شركاء في مواجهة الاستبداد وتخليص الشعب من براثنه وليس مفاجأة والحالة هذه أن تساهم فئة المثقفين في التحضير للثورة، ذلك أننا نجد في صفوفهم أكثر ما نجد ذلك في صفوف الفئات الاجتماعية الأخرى تنوعاً في الولاءات والانتماءات السياسية والعقائدية كما هو حال جميع المثقفين حيثما وجدوا.. ومثقفون اليمن لم يشذوا عن هذه القاعدة..
أما التجار وهم «فئة اجتماعية كانت هي الأكثر تجانساً من بقية الفئات الأخرى” ودون خوف أو خجل نسميها فئة البورجوازية الوطنية».. وهي تضم ممثلين عن الرأسمالية التجارية سواءً المغتربين منهم، أو الذين تمكنوا من جمع ثروة في الخارج” واعتادوا على شؤون التجارة الدولية وما تتطلبه من تنظيم قانون، لممارسة نشاطهم، أو أولئك الذين زاولوا أعمالاً تجارية عن طريق المساهمة في شركات الاستيراد والتصدير وفي المؤسسات العقارية ومؤسسات الأشغال العامة والنقل، وقلة منهم في القطاع البنكي، وأعضاء هذه الفئة التجارية التي بدأ بعض أعضائها يهتم بالرأسمال الصناعي .. هؤلاء وأولئك دخلوا في نزاع مباشر مع نظام الحكم الإمامي، ويمكن التعرف على بعض من أنواع ذلك النزاع، أو أسبابه، والمتحددة منها بالآتي:
إن هذه الفئة أو أفراد منها كانت لهم علاقة مع الخارج، وكون بعضهم عاشوا أو مارسوا أعمالاً في بلدان أجنبية وكانوا واعين بعدم وجود أية إمكانية لتنمية مصالحهم مع بعض “ الضمانات” في إطار النظام الإمامي “ ولم يحصلوا على مثل تلك الضمانات”.
هذه الفئة تمكنت من تكوين رأسمال، لم تكن لتوظفه في وطنها الأصلي إلا بشرط مساهمة أعضائها مباشرة، أو بطريق غير مباشر في شؤون الدولة” وهو الأمر الذي بدا واضحاً في عهد نظام علي عبدالله صالح”.
إن ممثلي هذه الفئة كانوا على خلاف سياسي ومذهبي مع النظام الإمامي، بانحياز الإمام نحو تنمية احتكارات التاجر الجبلي، شريك الإمام الفعلي في النشاط التجاري على حسابهم”.
الاضطهاد الذي بدأ يتعرض له التجار، في بلدان المهجر الذي لم يقتصر على الحبشة، بل امتد ليشمل مجموع بلاد أفريقيا الشرقية، وقد قرر أولئك التجار العودة إلى وطنهم، وكانوا ينتظرون تعديلات هامة في نظام الحكم الإمامي، تهيئ لهم جواً ملائماً للأعمال التي يزاولونها، ولم يحدث شيء.
وهناك سبب آخر وهو إن العديد من المثقفين اليمنيين، يومها كانوا من البورجوازية التجارية الكبيرة، الأمر الذي جعل هذه الفئة التجارية تظهر على أنها أقل تقليدية من بقية فئات المجتمع الأخرى” بل وأكثرها تفتحاً في تلقي التيارات والأفكار الداعية إلى وحدة الوطن العربي، التي ترى فيها مجالاً يتيح لها أن تلعب دوراً اقتصادياً لا يستهان به.
هذه الفئات والطبقات الاجتماعية الثلاث التقت إرادتها وتوحدت للعمل معاً إعداداً أو تحضيراً للثورة، وقلب نظام الحكم الإمامي، كل من موقعه وبطريقته.. بغض النظر عن التباينات التي بينها وفي مكوناتها.
ماذا عن حركة التنوير التي تشكلت في ثلاثينيات القرن الماضي وما الذي قامت به من دور في تلك الفترة؟..
من المعلوم والذي أكد عليه الكثير من الكُتاب، منهم القاضي “ الشماحي”.. أن حركة التنوير برزت من خلال الأدباء، الذين كانوا يميلون للشعر تعبيراً عن معاناة الناس، وكانوا يلتقون للتعبير عن معاناتهم ومعاناة الشعب.
وذهب الدكتور عبدالعزيز المقالح إلى أبعد من ذلك بالقول بأن من بين أولئك الأدباء كان الفيلسوف والحكيم أمثال الدعيس ومحمد الحاج المحلوي وغيرهم..
وفي الثلاثينيات ظهرت جبهة النضال الوطني، التي أسسها الرعيل الأول للحركة الوطنية، ومن جبهة النضال انطلقت حركة الإصلاح الاجتماعي ثم حركة الأحرار، التي أعدت لثورة 1948م تلك الثورة، التي تزعمها علي الوزير الذي استعان بأصهاره من بيت أبو رأس وصديقه علي ناصر القردعي، وأحمد ناصر القردعي لتكتمل حلقة صنعاء التي نفذت قتل الإمام يحيى في 17 فبراير شباط بأيدي القردعيين والحسيني، وهارون وولدي أبو رأس إلى جانب المواطنين علي العتمي ومحمد ريحان، سائق سيارة علي الوزير التي حملت المنفذين إلى سواد حزيز إحدى ضواحي صنعاء كما كتب البردوني، وثورة 1948م تعد أول ثورة من نوعها على نظام حكم متخلف في تاريخ المنطقة عموماً واليمن خاصة ولكنها فشلت لأسباب عديدة.. لكن يبدو أن أهم عوامل فشلها، هو أن الذين وقع عليهما الاختيار في النيل من ولي عهد الإمام يحيى نجله أحمد الذي كان مقامه في مدينة تعز.. حيث كلف الشهيد النقيب محمد حسن أبو رأس وابن عمه الشيخ عبدالله بن حسن قائد أبو رأس بتنفيذ عملية القضاء على “ ولي عهد الإمام يحيى” أحمد في مدينة تعز في نفس اليوم الذي يتم فيه القضاء على أبيه في صنعاء، ولكن نجل الإمام يحيى “ ولي العهد أحمد” لم يتمكن المكلفون بالتخلص منه، إذ استطاع أن يخرج من تعز متنكراً متجهاً إلى حجة التي تحصن فيها ومنها استدعى قبائل اليمن والجيش النظامي الموزع في العديد من المناطق، وأباح لهم نهب صنعاء فأفشل الثورة وساق الثوار إلى المقاصل والسجون.. ومع فشل ثورة 1948م وإصابة الحركة الوطنية بخسارة فادحة في الرجال الذين أعدموا والذين أدخلوا السجون وظلوا فيها لسنوات طويلة، استمرت حركة التنوير في فضح سياسات الإمام الرجعية، والتمييزية فانتشر الوعي الوطني في الصفوف، ولعبت الجمعية اليمنية الكبرى، والاتحاد اليمني، والمنظمات الأهلية، دوراً تنويراً كبيراً، جعل حركة الإصلاح لنظام الحكم تتحول من مفهوم إصلاح النظام من داخله إلى مفهوم التغيير الجذري للنظام.
تشكل الحركة الوطنية
متى بدأ تشكل الحركة الوطنية اليمنية في شمال الوطن، وما هو الدور الذي اضطلعت به في وسط الفئات الاجتماعية وكذا مناهضة الحكم الإمامي..؟
منذ أواخر 1957م ومطلع عام 1958م شهدت اليمن حركة سياسية واجتماعية وثقافية نشطة في صفوف مختلف الفئات الاجتماعية وساعد في نمو الحركة الوطنية الجديدة، وانتشار الوعي السياسي، تكوين فروع للأحزاب السياسية القومية، مثل حزب البعث العربي الاشتراكي حركة القوميين العرب إلى جانب ما أحدثته الحركة السياسية والثقافية العربية الواسعة والتي انطلقت من مصر، ونظامها التقدمي بقيادة جمال عبد الناصر ومع عملية الانتشار الثقافي، بين صفوف الفئات الاجتماعية، بدأ الأعداد والتحضير لقلب نظام الحكم الإمامي واستبداله بنظام جمهوري وهذا ما كان.
دور مصر وعبد الناصر
ماذا عن الدور والدعم المصري آنذاك في دعم ومساندة الثورة اليمنية في عهد عبدالناصر؟
الدور والدعم المصري في عهد الرئيس جمال عبدالناصر كان ضخماً ومتنوعاً شمل كل المجالات، بما فيها مجالات تأهيل وتدريب الجهاز الإداري وبناء جيش وطني إلى جانب تحديث البنية التحتية على محدوديتها، والمساندة السياسية الكبيرة للثورة.. فإذا أردنا تصنيف المساعدة المصرية لليمن، لقلنا إنه أمام تهديد التدخلات الأجنبية، وتمركز قوات المرتزقة والقوات المعادية المدفوعة من الحكم البريطاني السلاطيني على الحدود الجنوبية والشرقية، لمواجهة الثورة ووأدها منذ الأسبوع الأول لقيام الثورة..
لم يكن من سبيل أمام قيادة الثورة إلا اللجوء إلى الجمهورية العربية المتحدة، وإلى جمال عبدالناصر بالذات لطلب العون، وإغاثة الجمهورية الوليدة، وقررت مصر عبدالناصر نجدة الثورة وتقديم المساعدات العاجلة إلى الشعب الذي يخوض المعركة ضد الرجعية والاستعمار، وكان لموقف مصر عبدالناصر دوره في وقف التدخلات الخارجية على اليمن ..حيث لعب الطيران المصري، دوراً واضحاً في منع التدخل الخارجي المباشر على الثورة ووأدها ولقد رأى عبدالناصر.. في الثورة اليمنية وعياً للشعوب العربية تجاه الرجعية والإقطاع قد تحقق برد فعل هذه الرجعية، والاستعمار، وأن على الجيش المصري أن يقدم المساعدة والعون إلى الثورة اليمنية، وهو بذلك إنما يحمي القوى التقدمية، ويعزز جانبها في المعركة ضد العبودية والقهر والاستبداد.
كما أن الوجود المصري في اليمن كان يعني في السياسة الدولية، أن الثورة اليمنية ليست وحدها في ميدان المعركة، فهي تحظى بدعم الجمهورية العربية المتحدة.
وتلك رسالة كبيرة موجهة للرجعية وحلفائها الدوليين، الاستعمار وأعوانه والشعب اليمني لم ينسٍ الدعم المصري، وسيظل معترفاً لجمال عبدالناصر وللشعب المصري، بما أمده من عون في معركته التي يخوضها لتصفية مواقع الملكيين، ومقاومته للتدخلات الأجنبية، ومحاربة الوجود الاستعماري في الجنوب، وقد كان قد حسن الظن به، ولم يأبه بما تقوله الصحف الاستعمارية بأن الوجود المصري في اليمن ما هو إلا تحقيق لأطماح الديكتاتوري المصري الذي يريد السيطرة المطلقة على مياه البحر الأحمر... كما كتبت صحيفة “جورنال دوجوميف” أو كما قالت الصحف القريبة مثل “الديلي تليجراف/ والميترو بول” أن الوجود المصري في اليمن ما هو إلا تحقيق لأحلام ناصر... فقد ظل الشعب اليمني وفياً لدور مصر عبدالناصر.. ذلك الدور الذي جسد أحلام اليمنيين وتوقهم للحرية، والانعتاق من حكم القرون الوسطى ولا ينسى اليمنيون المساعدات المصرية، العسكرية، والفنية، والإدارية، والتعليمية حيث بذل المهندسون، والخبراء الاقتصاديون، والإداريون، والمعلمون المصريون جهوداً لا يستهان بها، بالارتقاء بأداء اليمنيين في كل مجال، كما تحملت الجمهورية العربية المتحدة في سبيل الدفاع عن الثورة اليمنية الكثير من التضحيات، في المعدات والآلات وفي أغلى ما تملك وهم الرجال، بغض النظر عن بعض الأخطاء التي ارتكبها بعض المصريين في اليمن حينها..
الصراع الجمهوري الملكي
ماذا عن الصراع الجمهوري الملكي؟
الصراع الجمهوري الملكي.. هو صراع بين التقدم والتخلف .. صراع بين القوى الطامحة لامتلاك زمام أمورها في إدارة شؤون الحياة، على نحو يخدم الشعب اليمني، والقوى التقليدية التي تريد الاستئثار بكل شيء في البلاد، على حساب الشعب اليمني.
حركة 5 نوفمبر 1967
ماذا عن حركة 5نوفمبر 1967م؟
انقلاب خمسة نوفمبر 1967م لم يكن وليد اليوم الذي أعلن فيه إخراج المشير عبدالله السلال، من السلطة.. بقدر ما كان وليداً لمجموعة من الأحداث السياسية وغير السياسية التي لم تشهدها اليمن حينها، وإنما المنطقة العربية برمتها.. وترجع مقدماته الأولى.. إلى مؤتمر عمران، عام 1963م وانشقاق الصف الجمهوري..
ثم توالت الأحداث.. والوقائع في صراع مكشوف بين القوى الوطنية.. التي وجدت في النظام الجمهوري خلاص الشعب، من حكم الإمامة والاستبداد، والقوى التقليدية التي ناصبت حكم الإمامة العداء، ولكنها تريد وراثته بالحكم والسلطة، ولا نريد هنا العودة، إلى محاولات القوى المشيخية التقليدية التي وجهت نحو القضاء على حكم الإمام أحمد.. واستبداله بنظام جمهوري يكون على رأسه أكبر شيخ لأكبر قبيلة قوية في اليمن، وينوبه أحد قادة الأحرار اليمنيين حينها، ولكنها محاولات كان نصيبها الفشل.. ورأى رجالها إن قيام ثورة 26 سبتمبر1962م. هو بمثابة تجاوز لها،، ولدورها فذلك حديث طويل.. ولكن ما حدث في 5نوفمبر 1967م ما هو إلا تعبير عن قدرة القوى التقليدية في استعادة دورها التاريخي والاستيلاء على السلطة.. وإزاحة القوى الجديدة، ليس من سلطة الحكم، بل ومن أي دور يمكن أن تلعبه في الحياة السياسية اليمنية.. وليس مجازفة أو مبالغة في القول.. بأن خمسة نوفمبر 1967م لو لم تحدث هزيمة يونيه 1967م العربية في مواجهة إسرائيل، لما كان في اليمن خمسة نوفمبر1967م.. ذلك أن هزيمة يونيو عجلت بخروج القوات المصرية من اليمن.. ليبقى اليمن ساحة تعبث بها المؤامرات من كل صوب... فالقوى الرجعية التي ناهضت الثورة اليمنية.. منذ انطلاقتها الأولى وقدمت المال والعتاد، اصطدمت بالوجود المصري، ودوره.. وكانت هزيمة 1967م بمثابة انتصار لها، فعبدالناصر الذي واجه الهزيمة بشجاعة القادة.. أعاده الشعب المصري أو العربي، الذي رفض الهزيمة إلى موقعه القيادي، ولكن بإمكانيات محدودة وهو يحتاج لدعم يعيد به بناء قدراته العسكرية والاقتصادية.. وليس أمامه سوى الإمكانيات العربية،، وكانت الدعوة لمؤتمر قمة عربي يحدد موقفه من الهزيمة.. ورأى البعض أن الفرصة التي كان يتحينها قد أتت.. فالزعيم العربي مهيض الجناح وضربته التي لم يحن وقتها قد أزفت،، فحدد أن يكون موعد القمة العربية في أغسطس 1967م.
بعد أن وافق جمال عبدالناصر على إخراج السلال، ورفاقه من اليمن وإبقائهم في مصر.. سيكون بمقدور اليمنيين.. أو بالأحرى الملكيين كسب الجولة وذلك من خلال بديلهم الذي سيطرحونه في مؤتمر حرض لا جمهورية ولا ملكية، بل دولة إسلامية ترضي الجميع.. ولكن ذلك لم يتحقق الشعب اليمني خيب مراميها.. عندما انطلق في كل مدينة وقرية، وحسم الشعب أمره.. بعد أن فرض على ممثليه في مؤتمر حرض حصاراً لا يغادروا مكان المؤتمر، إلا وقد تم اختيار النظام البديل يتحرك فالشعب من خلال التنظيم الشعبي للقوى الوطنية رافضاً الحصار المفروض على مؤتمر حرض.. ووجد عبدالناصر أن الشعب قرر نظام الحكم الذي يريده وهو النظام الجمهوري.. وأعلن انحيازه لموقف الشعب.. ليعود الوفد الجمهوري إلى صنعاء برئاسة القاضي عبدالرحمن الإرياني.. وتبدأ معه عملية تقييم للموقف.. الذي بدأت سياسته تتصدع، ليعود السلال ورفاقه إلى صنعاء.. ويحل محلهم في القاهرة.. حكومة مؤتمر خمر ورجالها.. إنه موقف شجاع ذلك الذي اتخذه عبدالناصر..
وبدأت الاستعدادات لعودة القاضي عبدالرحمن الإرياني إلى صنعاء ليتولى إدارة شؤون الدولة.. والنظام الجمهوري ولكن القوى التقليدية لم ترد أن تسير الأمور، دون أن يكون لها موقف صريح ومعلن.. فكان خمسة نوفمبر1967م الذي أعقبته إعدادات هائلة من القوى والعتاد، لتعزيز الجانب الملكي.. لاستعادة نظامه.. وكان حصار صنعاء الشهير الذي بدأ الملكيون يضربونه على صنعاء لإسقاط النظام الجمهوري.. ورد الشعب اليمني وقواته المسلحة والأمن، والمقاومة الشعبية على مؤامرات إسقاط النظام الجمهوري بقوة الإرادة الشعبية.. وخاض حرب السبعين يوماً.. وكان النصر للجمهورية.
أغسطس 1968
ماذا عن أحداث أغسطس 1968؟
أحداث أغسطس 1968م هي أبرز الأحداث مأساوية في تاريخ اليمن المعاصر ليس نتيجة لمجرى الصراع، بين قوى التخلف، وقوى التطور اليمني وحسب، بل لأنها كانت ما يمكن تسميته بانتصار الجديد على القديم، داخل النظام الجمهوري إذ لم ترد القوى التقليدية أن يكون انتصار القوى الجديدة في حرب السبعين محسوباً لها، على قيمة هذا الانتصار بل أرادت تجيير الانتصار لصالحها، ولن يكون ذلك، إلا إذا جرى إخراج صانعي النصر من الساحة.. وما يقلق القوى الرجعية، هو أن يكون في صنعاء رجال النصر الكبير الذين هزموا عتاد وقوات الملكية والرجعية العربية على ضخامتها، وعلى قدراتها المسيجة بأمهر المرتزقة والسلاح الغربيين.. وأن بقاء أبطال السبعين في صنعاء أكثر مرارة من بقاء السلال ورفاقه.. وتدمير مفخرتهم ومفخرة الشعب اليمني أكثر أهمية لديها من تحقيق انقلاب خمسة نوفمبر 1967م كما رأت القوى التقليدية أن ما جرى الاتفاق عليه تحقيق المصالحة، لن يكون، مع بقاء أبطال النظام الجمهوري وبدأت مؤامرة القضاء على حملة المشروع اليمني الجديد الذي تعزز بانتصار الثورة المسلحة بقيادة الجبهة القومية على الحكم الانجلوسلاطيني وقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية.. ومن لم يعرف خطورة ما أقدمت عليه القوى التقليدية، عليه أن يقرأ مذكرات الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، كيف جرى الإعداد لأحداث 23،22 25 أغسطس 1968م والتآمر على أبطال حرب السبعين يوماً، وكيف جرى تسليم اليمن «ج.ع.ي» تحت شعار تحقيق المصالحة الوطنية.
المصالحة الوطنية
ولكن كأن هناك المصالحة الوطنية؟
لم تكن المصالحة الوطنية التي سموها المصالحة الوطنية هكذا مصالحة وطنية حقيقية بين أطراف يمنية متنازعة.. بقدر ما كانت مصالحة يمنية تقليدية أداتها يمنيون ووقودها يمنيون، أكانوا جمهوريين بالتأثر أو ملكيين بالعمالة.. جميعهم جيروا نضال شعب وخيرات وطن لصالح قوى الرجعية.. والتكتل لمواجهة قوى التقدم اليمني، ممثلاً بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية فتوالت الأحداث ووقائعها الدامية من المواجهات العسكرية، إلى المؤمرات الجيوسياسية.. إلى الإقصاء، والإبعاد، والتفرد بالحكم والسلطة.
كيف لكم أن تصوروا لنا الحالة في هذه الفترة مقارنة بتلك الفترة الماضية؟
لا يستطيع المرء أن يصور الحالة اليمنية اليوم، مقارنة بما سبق، فذلك ليس بالأمر السهل، كما هو ليس بحديث صحفي لتشعب محتويات الحالة، وقوى الصراع، والمواجهة، ومع ذلك يمكن القول إن نجاح عملية التحول الاجتماعي، لا يمكن أن تتم في مجتمع تقليدي، متشبث بالعادات والتقاليد القائمة منذ آلاف السنين، إلا إذا مهدت لعملية التحويل هذه عملية معمقة للتهيؤ البسيكولوجي خصوصاً إذا كان المجتمع المعني بالأمر مجتمعاً خاضعاً خضوعاً مطلقاً للقوانين القبلية التي تمكن شيوخ القبائل ورؤساءها من سلطات، تعطيهم إمكانية تشكيل خطر على الثورة بكاملها، إن تجاهل هذه الحقائق ومالها من تأثيرات اجتماعية وبسيكولوجية مؤداة، خلق مخاطر على اليمن أرضاً وشعباً


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.