رغم الصعوبة الكبيرة التي تكتنف هذه النوعية من الرحلات القاسية إلى القطب الجنوبي، إلا أن بدر وأمير قررا أن يبدءا حياتهما بتحد هو الأصعب من نوعه بزيارة هذا القطب وإيصال رسالة توعية للعالم مفادها أن الكرة الأرضية هي مسؤولية الجميع ويجب حمايتها والمحافظة عليها، وعن استعداداتهما لهذه المغامرة كان لنا معهما هذا اللقاء . بدأ بدر بن صباح اللواتي (26 عاماً) يحمل درجة البكالوريوس في التسويق من أستراليا وزميله أمير حسين عبد الأمير (23 عاماً) بكالوريوس هندسة الحاسب الآلي من أمريكا استعداداتهما للانطلاق في رحلة تستمر أسبوعين تقريباً ليصلا خلالها إلى آخر نقطة في جنوب العالم وهي القطب الجنوبي للكرة الأرضية، أكثر نقاط العالم انخفاضاً في درجات الحرارة والتي قد تصل إلى قرابة 50 درجة مئوية تحت الصفر . مشاركة بدر وأمير تأتي ضمن رحلات منظمة 2041 السنوية إلى القطب الجنوبي، والتي يشارك فيها متطوعون من حول العالم، وتهدف إلى تمديد اتفاقية المحافظة على طبيعة القطب، واعتباره محمية طبيعية يمنع المساس بمكوناتها الحالية، والتي تنتهي في العام ،2041 حيث إن عدم تمديد هذه الاتفاقية، ومصادقة دول العالم عليها سيجعل من القطب الجنوبي منطقة مشاع للزوار وبالتالي تخريب مكوناته البيئية، والتي قد تؤدي إلى ذوبان جليده وما يعكسه ذلك من مخاطر على الحياة الطبيعية فيه، إضافة إلى النتائج الكارثية المتمثلة في ارتفاع مستوى المياه بالمحيطات، وتأثيره السلبي في الحياة البشرية على امتداد شواطئ العالم . يقول بدر اللواتي: "تنطلق الرحلة في 25 فبراير/ شباط المقبل وتستمر ما بين 15 إلى 20 يوماً بحسب ظروف الرحلة، ويتوقع العودة نهاية الأسبوع الثاني من مارس/آذار، وبالنسبة إلينا سننطلق من مسقط براً إلى دبي ومنها سننطلق جواً إلى العاصمة الأرجنتينية بيونس آيرس، في رحلة طويلة تستمر قرابة 19 ساعة طيران، من بيونس آيرس سننطلق براً نحو مدينة أشوايا ومنها سنبحر بالقوارب إلى القطب الجنوبي، وهذه الرحلة تستغرق قرابة 24 ساعة من الإبحار المتواصل للوصول إلى أطراف القطب، بعدها تبدأ رحلة المسير صعوداً إلى أعلى مرتفعاته، حيث تختلف مدة الرحلة بحسب طبيعة الأجواء حيث تدخل عوامل الرياح وهطول الثلج في تحديد أوقات الوصول للقمة، بعد ارتياد القمة تبدأ مجموعة من النشاطات التعريفية بطبيعة البيئة القطبية والحيوانات التي تستوطنها وطريقة تكيفها مع درجات الحرارة المنخفضة والتي تتجاوز 50 درجة مئوية تحت الصفر، كما سنتعلم خلال الرحلة كيفية قراءة المعدات وكيفية التعامل مع الحالات الطارئة . عن انضمامهما لهذه المغامرة يقول أمير حسين: "تضم رحلات منظمة 2041 ما يراوح بين عشرة إلى ثلاثين متطوعاً كل مرة، وهذه المرة اكتمل العدد إلى ثلاثين منهم اثنان من السلطنة، أنا وبدر، علمنا بالرحلة من صديق في المملكة العربية السعودية، كان قد شارك في رحلة العام الماضي، أعجبتنا الفكرة وتقدمنا للمشاركة عبر الموقع الإلكتروني للمنظمة على الإنترنت في يوليو/تموز الماضي، والرد الأول جاء في شهر سبتمبر/أيلول من مؤسس المنظمة البريطاني روبرت سوان الذي يعد أول شخص يصل قطبي الكرة الأرضية الشمالي والجنوبي، وقد تم قبولنا مبدئياً للرحلة المقبلة، وهنا بدأ تحدي تأمين تكاليف الرحلة، حيث إن المنظمة لا تتحمل ذلك بينما يتحمله الأفراد المشاركون شخصياً عبر تأمين رعاة لمغامرتهم بمبلغ يصل إلى عشرة آلاف ريال عماني، تتضمن خمسة آلاف دولار إيجار القارب والباقي تكاليف السفر، والمعدات اللازمة للرحلة وتتضمن ملابس خاصة عازلة للمياه، والرطوبة وتتألف من خمس طبقات للقسم العلوي للجسم وأربع طبقات للجزء السفلي، إضافة إلى قفازات خاصة وخوذة حافظة للحرارة ونظارة خاصة وحذاء مقاوم للمياه، كما أن هناك مواد خاصة يضم تثبيتها تحت الملابس، بحيث تمنح الجسم حرارة إضافية، فضلاً عن وجود مجموعة من الأطعمة والمشروبات الخاصة التي تمنح الجسم الحرارة وتحافظ عليه بلياقة عالية تسمح بمواصلة بذل الجهد دون الإحساس بالإرهاق والتعب، ومع نهاية نوفمبر/تشرين الثاني استطعنا تأمين الرعاة والتكلفة المطلوبة وبدأنا مرحلة التدريب على الرحلة . تدريبات خاصة ويقول بدر: بدأنا أولاً بالتدرب على السير لمسافات طويلة عبر طرق وعرة ومرتفعة بهدف تجهيز أنفسنا في بيئة مماثلة جغرافياً لطبيعة القطب التي تتطلب في بعض مراحلها التسلق لمسافات لا بأس بها، إلى جانب ذلك وبهدف التعود على الحرارة المنخفضة واستخدام الملابس المخصصة للرحلة أخضعنا أنفسنا لحرارة منخفضة جداً داخل ثلاجات ضخمة تابعة لشركة دبليو جي تاول، حيث كنا نمكث داخلها لفترات طويلة في درحات حرارة تصل إلى أقل من 20 درجة مئوية تحت الصفر، حيث كنا نستخدم ملابس الرحلة بهدف الاعتياد على استخدامها والتأقلم مع انخفاض درجات الحرارة، وتلقينا دروساً مكثفة في الإسعافات الأولية وصدمات البرودة الشديدة وكيفية التعامل معها وتدريب الجسد على توليد الحرارة عبر حركات معينة للتغلب على الظروف الصعبة . أهداف الرحلة عن الأهداف العامة يقول أمير: "الهدف العام هو ما أعلنت عنه المنظمة والمتمثل في حث الدول على توقيع اتفاقية التمديد للمحافظة على طبيعة القطب الجنوبي، إلا أن لدينا أهداف خاصة تتمثل في خوض مغامرة قاسية بهدف تدريب النفس على صعوبات الحياة والتأقلم مع ظروف خارجة عن الطبيعة اليومية، والمساهمة في عمل جماعي يعود بالنفع على العالم ككل، حيث إن المحافظة على البيئة ليس حكراً على جهة معينة أو شعب ما، والأمر يتجاوز الحدود ويهدف إلى خدمة الإنسانية، هذه المشاركة الواسعة في خدمة الجنس البشري يمكن أن تضيف الكثير لشخصية كل واحد، كما تشكل هذه الرحلة التي قد لا تتكرر مرتين في العمر، فرصة جيدة للقاء أصدقاء من حول العالم تجمعنا بهم أهداف مشتركة في خدمة الإنسانية، إضافة إلى متخصصين في مجالات علمية مختلفة يمكن الاستفادة منهم في تطوير معلومات ومؤهلات يحتاجها الفرد في مسيرة حياته وتضيف له الكثير .