تشياكيلان (موزمبيق): ينتظر عشرات الاف المنكوبين الفارين من الفيضانات في جنوبموزمبيق منذ الاربعاء مساعدة لم تصلهم بعد، مما ينذر بازمة انسانية خطرة، لدرجة ان بعضهم اضطر الى اكل الجراد. واعلنت وكالات الاممالمتحدة في موزمبيق ان 17 شخصا لقوا مصرعهم في تلك الفيضانات. وما زالت السيول تجتاح الوديان في جنوب البلاد، بينما تحاول الحكومة والمنظمات غير الحكومية تنظيم صفوفها لمساعدة المنكوبين. واضطرت اليغريا هلانغيوي الى ترك اثنين من ابنائها الاربعاء عندما تدفقت السيول. وقالت المرأة، التي اجبرت على الفرار مع ابنتها، عندما اجتاحت سيول نهر لمبوبو مدينة شوكوي الصغيرة، لوكالة فرانس برس، بحسرة، "قال لي بعضهم إنهما لجآ الى احد السكان، لكنني لا اعلم ان كان ذلك صحيحا". اما هي فقد لجأت الى مخيم اقيم على عجل على حافة الطريق لم تصله المياه في الوقت الراهن. فاجأت السيول الجميع، اذ ان الامطار لم تكف عن الهطول منذ ايام عدة، بينما تسببت امطار غزيرة هطلت في المناطق الجبلية المشرفة على تلك المنطقة من جنوب افريقيا وزيمبابوي في ارتفاع منسوب مياه النهر. ولم ياخذ السكان على محمل الجد تحذيرات اطلقتها الحكومة. وقال سيرجيو تشاوك الذي لم يسمح له الوقت سوى بحمل هويته عند فراره "لم يتوقع احد ان يحصل ذلك". وروى ان الذين لديهم سيارات قفزوا فيها بسرعة، وغادروا المدينة، بينما صعد الذين ليست لديهم وسائل نقل فوق السطوح". يقف سيرجيو وشقيقته مع عشرات الاف المنكوبين المقيمين على تلة قرب الطريق الكبير وعلى طول كيلومترات عدة يعرضون ثيابهم لتجففها شمس الصيف الحارقة، ويتكدسون في ظل الاشجار، بينما يصل اخرون، احيانًا راجلين وبعضهم مع مواشيهم، وغالبيتهم من النساء والاطفال والمسنين. وقالت أليس مابوندا "اننا نأكل الجراد". واضافت انهم محظوظون، و"لدينا عائلة في المدينة، بينما هناك بعض المساكين الذين ما زالوا عالقين فوق سطوحهم". وتمكنت الفتاة الصغيرة مرسيا من انقاذ ارنبها الدجين، لكنه قد يلقى مصرعه قريبًا. وروت امها اناستازيا انطونيو "هربنا منتصف الليل من دون ان ناخذ شيئا نتناوله، وليس لنا مكان ننام فيه، والحمد لله ان الاطفال في مأمن، لان الطقس ليس ممطرًا". اضافة الى الاسهال الذي يعتبر اصلا المسبب الاول لوفيات الاطفال في موزمبيق، يخشى من انتشار الكوليرا بسبب تردي الظروف الصحية. وقالت انطونيو "حفرنا حفرة، لكن الارض مبللة، لن نتمكن من استعمالها سوى بعضة ايام". وعلى بعد بضعة كيلومترات مخيم بنته الحكومة خلال فيضانات سنة 2000 التي اودت بحياة 800 شخص وشردت مليون شخص اخرين. لكن المنكوبين العديدين، الذين ظنوا انهم سيجدون فيه طعامًا، اضطروا الى العودة ادراجهم خائبين، رغم ان حكومة موزمبيق وزعت 55 كيسًا من الارز ووعدت بغيرها، وافاد الصليب الاحمر ان المخيم رفض ستة الاف عائلة. وقال ارمندو جيجي من الصليب الاحمر "الطعام قليل جدا"، مضيفا "اننا نعطي الاولوية للاطفال وارباب العائلات والمسنين والمرضى". والصليب الاحمر هو المنظمة الوحيدة المتواجدة هناك وقد اقام اربعين خيمة - تأوي 400 شخصًا في المجموع - وبدا يحفر لتوفير مراحيض ويحاول توفير ماء الشفة. وقال ماركو تشيبنغا مسؤول وزارة الصحة الذي يزور المخيم "اننا نحتاج مساعدة، هؤلاء الناس فقدوا كل شيء". ووعدت منظمات غير حكومية مقرها في مابوتو بتوفير طعام لمدة اسبوع، لكن يجب ارساله الى المناطق المنكوبة التي تبعد 230 كلم شمال العاصمة. واعلنت هيئة الارصاد الجوية انها تتوقع امطارا غزيرة في عطلة نهاية الاسبوع. ويتوقع ان تعم المياه مدينة تشاي تشاي السياحية، بعدما عمّت العديد من البلدات، بينها تشوكوي، حيث دمرت آلاف المنازل والمدارس والمستشفيات ومراكز تجارية. ويجري اجلاء حوالى ثلاثين الف شخص من هذه المنطقة. وفي العاصمة مابوتو اصيبت جسور وطرق ومدارس باضرار جسيمة. وتقدر قيمة الاضرار في العاصمة وحدها بنحو ثلاثين مليون دولار.