هل سبق لك أن تساءلت يوماً عن نوع العلاقة التي تربطك بجسدك؟ هل تحب جسدك؟ أم تكرهه؟ هل تعتز به أم تخجل منه؟ أم ينتابُك حُياله شعور من نوع آخر؟ فلكل واحد نظرته الخاصة إلى نفسه وجسده، فيها شيء من رأيه وشيء من رأي الناس فيه. ولكن السؤال الذي يظل معلقاً هو أي الرأيين أهم بالنسبة له، هل رأيه في نفسه؟ أم رأي الناس فيه؟ ومن المُلام في هوس البنات بالرشاقة ولُهاث الشبان وراء العضلات القوية المنحوتة؟ هل هو المجتمع بسبب نمط الجسم الذي يسوقه عبر وسائل الإعلام أم الشخص نفسه بسبب سهولة استلابه وانجراره وراء هذه الصور النمطية، واتباعه لها من دون نقد ولا تمحيص؟ وهل للجينات علاقة بطبيعة نظرة وتصور المرء لجسمه؟ هذا ما حاول باحثون كشفه عبر إجرائهم دراسة تُنقب في صفوف التوائم المتطابقة وغير المتطابقة وتحاول كشف أسباب طغيان النظرة السائدة لدى البنات بكون الرشاقة مرادفة للجمال. أظهرت نتائج بحث نُشرت في العدد الأخير من «المجلة الدولية لاضطرابات الأكل» أن التوائم المتطابقة لديهم آراء متشابهة حول الرشاقة والجمال أكثر من تلك التي تحملها التوائم غير المتطابقة. ووجد الباحثون أنه نظراً لكون الإخوة ينشئون في البيئة الأسرية والمحيط الاجتماعي نفسيهما، فإن الاختلافات بين التوائم غير المتطابقة الذين يتقاسمون نصف الجينات تبين أنهم يتشاركون في عنصر جيني يصطلح عليه الباحثون «أنموذج الرشاقة الداخلي». كراهية الجسد لا تُخفي وسائل الإعلام في الولاياتالمتحدة الأميركية حقيقة كون معظم النساء الأميركيات غير راضيات عن مظهرهن أو شكل أجسادهن. وقد كشفت قائمة طويلة من الدراسات والبحوث حول هذا الموضوع بما لا يدع مجالاً للشك أن اتخاذ نجوم هوليوود نماذج مثالية للجاذبية ومرجعاً للجمال ساهم في استفحال أزمة علاقة النساء بأجسادهن، وأدى إلى إصابة عدد منهن باضطرابات في الأكل وفقدان الشهية أو شراهة الأكل أو النهام العصبي، ودفع أخريات إلى اتباع حميات غذائية قاسية هي أقرب إلى التجويع منها إلى التنظيم، ومنها حميات كادت تودي بصحتهن، وأحياناً بحياتهن. وتتساءل الدكتورة جيسيكا سويزمان، من قسم علم النفس في جامعة مشيجان ستيت في مقال لها بمجلة «لايف ساينس» عن سبب عجز الأميركيات عن إنقاص أوزانهن ما دُمن مهووسات بهذه الصورة المنمطة عن جمال القوام الرشيق، وتلقيهن رسائل يومية عبر وسائل الإعلام تتغزل بالجسم الرشيق وتُظهر الجسم الممتلئ أو زائد الوزن في سياقات غالبيتها قدحية أو ساخرة. وكان مثل هذه الأسئلة أحد الأسباب التي دفعتها إلى إطلاق دراسة هي الأولى من نوعها عن تأثير الجينات على نظرة الشخص إلى جسده وتصوره للجمال. واستخدم الباحثون أجوبة الاستبيانات التي وزعوها على 343 توأماً من إناث من ميشيجان تتراوح أعمارهن بين 12 و22 سنة. وطُلب منهم في هذه الاستبيانات الإجابة عن أسئلة من قبيل مدى رغبتهن في أن يكون لهن أجساد مثل نجمات السينما والتلفزيون والإعلانات. وكان نوع أجوبتهن يُحدد مدى تجذر «نموذج الرشاقة الداخلي» في أنفسهن، وتأثيره من ثم على تصورهن لأنفسهن وشخصياتهن. وقام الباحثون عقب ذلك بمقارنة مدى تطابق أجوبة التوائم المتطابقة مع التوائم غير المتطابقة، فوجدوا أنه كلما تشابهت الجينات وتماثلت، تكررت الإجابات عينها. وتقول سويزمان إن أجوبة التوائم المتطابقة كانت أكثر تشابهاً بالمقارنة مع أجوبة التوائم الأخرى. ما يُظهر بجلاء أن الجينات تلعب دوراً في كيفية نظر بنات حواء إلى أجسادهن، وبلورة نوع علاقتهن بالجسد إلى علاقة إيجابية فيها قدر كبير من الاعتزاز والتقبل، أو علاقة سلبية يطغى عليها السخط والتذمر والشعور بالنقص. وبصيغة أخرى، توضح سويزمان «كل امرأة تتفاعل بطريقة مختلفة مع ملكة جمال هذه الدولة أو تلك، أو تصنيف هذه المجلة أو تلك للنجوم الأكثر وسامة والنجمات الأكثر جاذبية». ... المزيد