مساعدة الطلاب في كسب مهارات التعلم الذاتي، وتوظيف التقنيات الحديثة في البحث العلمي التطبيقي، وتحسين المستوى التحصيلي للطلاب في جميع المواد هدف مشروع "غلوب" الذي أطلقته وزارة التربية والتعليم مؤخراً وهو مشروع بيئي يعمل على إثراء مهارات طلاب المراحل التعليمية المختلفة بالتجارب العملية في مجال البيئة، من خلال التواصل مع شبكات عالمية ودولية مما يكسبهم مزيداً من الخبرة في هذا المجال . يطبق البرنامج الذي بدأ تنفيذه فعلياً خلال الفترة الماضية على 14 مدرسة على مستوى الدولة، ومن بين المدارس المشاركة مدرسة الخنساء للتعليم الأساسي ومدرسة الوحيدة للتعليم الثانوي ومدرسة محمد الفاتح للتعليم الأساسي ومدرسة النعمان بن بشير للتعليم الثانوي، ومدرسة عائشة بنت عبدالله للتعليم الأساسي، على أن يتم تطبيقه في مراحل أخرى على بقية المدارس الحكومية والمدارس الخاصة . في هذا التحقيق التقينا مسؤولي البرنامج بوزارة التربية والتعليم، وكذلك عدداً من مديري المدارس المشاركة لنعرف كيف يمكن للطلاب أن يحققوا الفائدة من هذا البرنامج، والمردود الذي يمكن أن يصل إليهم من خلال الاحتكاك بأصحاب التجارب العلمية من مختلف دول العالم . ومن أجل توثيق البرنامج لدى الطلاب تقوم وزارة التربية بتوزيع حقيبة متوسطة الحجم، تحتوي على مكونات المشروع المادية والتي يستخدمها الطلاب في القياسات العلمية وتسهل لهم القيام بالتجارب داخل المدرسة وخارجها وتؤهلهم للتفاعل مع البرنامج، ومن مكوناتها دليل غلوب لألوان التربة ومقياس الثقل النوعي للسوائل وجهاز قياس، وموصل كهربائي مقاوم للماء وجهاز قياس خواص الماء ومنحل التربة، وموصل كهربائي لمعايرة السوائل، حيث توضع هذه المكونات في حقيبة توزعها الوزارة على المدارس المشاركة لتعطيها بدورها للطلاب . ويعد البرنامج من أهم البرامج التعليمية على مستوى العالم، حيث يهتم بالبحث العلمي البيئي التطبيقي من خلال توظيف التقنيات الحديثة، حيث يتضمن إيجاد فريق بحثي على نطاق العالم، من خلال دعم الإدارة الوطنية لوكالة ناسا الفضائية، وتعني كلمة "غلوب" باللغة الإنجليزية التعلم والملاحظات العالمية من أجل إفادة البيئة . وتقوم فكرته على ربط الطلبة والمعلمين في مدارس الإمارات بمجتمع البحث العملي الدولي من خلال الدقة في جمع البيانات والملاحظات حيث يشاهدها الطالب مباشرة حتى يصبح بعد فترة متميز، وعلى دراية كاملة بهذا المجال، ومن خلاله يمكن أن يتعرف إلى خبراء البيئة على مستوى العالم ويراسلهم ويتعاون معهم . ويتميز بقدرته على إعطاء الطالب فرصة للتفاعل الإيجابي مع البيئة وتنمية المهارات العلمية والتطبيقية لديه، مما يفتح أمامه أفقاً أوسع لخدمة البيئة والتعرف إلى كيفية حمايتها ووضع الحلول المناسبة لحل مشاكلها خاصة التي تنتج من تصرفاتنا تجاهها . وعن أهداف البرنامج تقول شريفة موسى مديرة إدارة الأنشطة بوزارة التربية والتعليم إن الهدف الأساسي منه تعزيز روح العمل بروح الفريق الواحد، وإكساب الطلاب للمبادىء والقيم والاتجاهات الجادة في تحسين وحماية البيئة والمهارات المناسبة للتعرف إلى مشكلات البيئة . وتوضح أن البرنامج يقوم من خلال وضع فعاليات وأنشطة من بينها قاعدة بيانات ومعلومات بيئية عبر موقعة الإلكتروني العالمي، وإعداد الأبحاث والدراسات الميدانية المحلية والإقليمية والدولية والتحاور عبر الإنترنت وتنظيم المؤتمرات وورش العمل، ومسابقات المدارس، وعمل برامج بناء قدرات للمعلمين والطلاب، ومشاركة الطلاب في برامج وأنشطة من أجل تبادل الخبرات المحلية والإقليمية . وتشير مديرة الأنشطة بالوزارة إلى أن هناك لجنة إشرافية على آليات عمل البرنامج، تتكون من عدد من الموجهين ومديري المدارس وتكون مهامها الإشراف على تطبيق البرنامج في المدرسة وترشيح المعلمين المنفذين للبرنامج وتوفير مقار واحتياجات المشروع داخل المدرسة، وتفعيل الأنشطة والفعاليات للبرنامج مادياً ومعنوياً . وتقول مريم حسين الرفاعي منسقة الأنشطة الطلابية بإدارة الأنشطة بوزارة التربية والتعليم إن البرنامج يعمل على خلق روح من التفاعل بين الطلاب والمعلمين من خلال الورش التدريبية التي تقام من حين إلى آخر، ويعمل أيضاً على نشر ثقافة الوعي البيئي من خلال تطبيقات البرنامج في المجتمع المدرسي والمحلي . وتؤكد أن أحد أهم مهامه تعليم الطلاب أساسيات البحث العلمي من خلال خمسة ميادين رئيسة للبحث، وهي بحوث الطقس والمناخ والتعرف إلى خصائص الغلاف الجوي، واستنتاج الخصائص المناخية للمنطقة المطبق عليها البرنامج، إضافة إلى مقارنة نتائج الدراسة مع نشرة الأحوال الجوية للدولة، وقياس درجة حرارة وكمية الأمطار والضغط الجوي وتحديد اتجاه الرياح وشدتها وكذلك أنواع الغيوم . وكما يقول أحمد عبدالحميد مدير مدرسة النعمان بن بشير للتعليم الثانوي إن تطبيق هذه النوعية من البرامج على طلاب المدارس يعد إضافة قوية لإكسابهم مزيد من المعلومات حول البحث العلمي والعلوم الحديثة وتطبيقاتها خاصة المتعلقة بمجالات البيئة، والتي تولي لها الدولة اهتماماً كبيراً للمحافظة عليها ومحاولة إنقاذها من أية ظواهر بشرية أو طبيعية . ويضيف: المرحلة الثانوية من أهم المراحل التعليمية في حياة الطلاب وبالتالي يجب الاهتمام بالمادة العلمية المقدمة لهم في هذه المرحلة، حيث يكونون فيها أكثر استيعاباً لهذه النوعية من المواد ومن الممكن أن تسهل لهم فرص الاختيار ما بين الكليات الجامعية خاصة العلمية . وتتفق معه نورة عبدالله مديرة مدرسة أم المؤمنين للتعليم الثانوي بنات بالفجيرة وتقول: الاهتمام بالبيئة أحد أهم أهداف الدولة وبالتالي تطبيق مثل هذه البرامج على الطلاب سيخلق جيلاً جديداً أكثر وعياً بأهمية المحافظة على البيئة ويمكن له أن يشارك في كثير من الفعاليات العالمية والتعرف إلى أحدث التجارب العلمية والعالمية في هذا المجال . وعلى الرغم من بداية المشروع في منتصف العام الدراسي، فإنه بمجرد توزيع حقائب المشروع على الطلاب كان هناك إقبال على المشاركة، كما أن عملية ربط البرنامج بالشبكات العالمية وتفاعل الطلاب معه عن طريق الإنترنت سيخلق جيلاً جديداً من الطلاب أكثر وعياً ومحافظة على البيئة . آمنة دوريش سالم مديرة مدرسة الخنساء للتعليم الأساسي تقول: تشارك المدرسة للمرة الأولى في هذا المشروع، وبالتالي وضعنا بعض الخطط داخل المدرسة من أجل تنفيذ البرنامج على أكمل وجه، ومساعدة الطلاب على المشاركة والتفاعل من خلال الشبكة العنكبوتية . وتضيف: لم يمر وقت كثير على البدء في المشروع، ولذلك ستكون نتائجه مستقبلية قريبة، حيث نقوم من خلال مجموعة من المشرفين من أساتذة العلوم والجغرافيا بتدريب الطلاب وتعليمهم على كيفية التعامل مع مواد البرنامج . وترى علياء حسن الشامسي مديرة مدرسة الإبداع للتعليم الأساسي والثانوي بالذيد أن البحوث التي يقوم عليها البرنامج تؤهل الطلاب بشكل علمي وتساعدهم على تنمية قدراتهم الإبداعية في مجالات البيئة والطاقة، وبالتالي يمكن لهم أن يعرفوا الكثير من البحوث حول الماء ومكوناته وطبيعته وكيفية قياس درجة حرارته وملوحته . وتشير الشامسي إلى أن طلاب العلمي هم أكثر الطلاب استفادة من هذا البرنامج حيث سيضيف إلى معلوماتهم العلمية يعرفهم بمصطلحات عدة وإرشادات علمية مختلفة، مثل الرطوبة النسبية وقياسها، وقياس الضغط الجوي باستخدام البارومت المعدني والقياسات اليومية والأسبوعية للحرارة وتدوينها من خلال الأجهزة الموجودة بحقيبة غلوب . عبدالله الضنحاني مدير مدرسة القيعان للتعليم الأساسي بنين بالفجيرة يقول: ينفذ البرنامج من خلال مجموعة من مسارات البحث العلمي، والتي تكون بصورة يومية أو أسبوعية وشهرية، وتتمثل اليومية في قياس غطاء الغيوم وأنواعها ودرجة حرارة الهواء واندفاعه، والأسبوعية يمكن لها أن تقيس درجة شفافية الماء أما الشهرية فيمكن لها قياس التربة على أعماق وفي مواقع مختلفة . ومن خلال التجربة المبدئية للبرنامج وتفاعل الطلاب معه، لاحظنا تفاعلاً بين الطلاب والمشرفين القائمين على البرنامج الذي أعطى لهم فرصة كبيرة للمشاركة في مشروع علمي من داخل المدرسة دون الذهاب لمقرات رئيسة وعالمية بل يمكن أن يحدث التفاعل من خلال شبكات الإنترنت . وفي حال تطبيق البرنامج على مزيد من الطلاب على مستوى الدولة بعد التوسع فيه سيتم اكتشاف كثير من الأجيال الواعدة في المجال العلمي والمواهب التي يمكن الاعتماد عليها مستقبلاً من أجل خدمة البيئة ورفع اسم الإمارات عالياً في مختلف المجالات .