هذه جملة تعمدت أن ابدأ بها, هذه الجملة استدعيتها من رواية حالة سقوط تلك الرواية التي كتبتها ما بين2004:2007 وهي فترة وجودي في قلب مثلث القلق إيران, العراق, افغانستان/ باكستان والحالة في العراق وقتها تتشابه في نتيجتها مع حالة ثورة25 يناير وتحديدا11 فبراير فهناك نظام أسقط... وهنا في مصر نظام مبارك أسقط أيضا. الفرق هو في المقدمات التي أدت إلي نتيجة السقوط في الحالتين, ففي الحالة العراقية كان فعل الإحتلال هو الذي أدي إلي إسقاط نظام صدام, وفي الحالة المصرية كان فعل الثورة بحضورها الكامل هو الذي أدي إلي إسقاط نظام مبارك!. ورغم إن النتيجة في الحالتين واحدة ومرضية لكثيرين إلا أن مقدماتها متعارضة بشكل كلي.. فنحن أمام فعلين متناقضين في القيمة والممارسة... فعل احتلال أجنبي بكل وحشية لبلد عربي وإسقاط نظامه وفعل ثوري شعبي عفوي ناصع البياض كامل الطهر حيث ان الثوار لم تلوث ايديهم بدماء أحد من النظام الذي سقط. وهنا تكبر شجرة السؤال وتثمر, كيف لفعلين متناقضين ان يؤديا إلي نفس النتيجة؟... الاجابة قد أجدها كامنة في قراءة مرحلة ما بعد السقوط أي استثمار فعل الثورة لتحقيق أهدافها وشعاراتها وأحلام وأماني من قاموا بها... فلو اتسقت أفعال من أداروا البلاد بعد فعل السقوط مع أهداف وشعارات من قاموا بالثورة عندها نكون أمام اتساق كامل بين الافعال المؤدية للثورة والافعال التي حركتها وتلك التي تكملها. الغريب والعجيب أنه في الحالة المصرية وبعد عامين من ثورة25 يناير أجد تشابها مزعجا وغريبا ومرفوضا بين ما بعد سقوط صدام حسين نتيجة فعل احتلال, وما بعد سقوط مبارك نتيجة فعل الثورة, أولها استئثار فئة بعينها بكل ثمار شجرة الثورة والتعمد في إقصاء الاخرين وكله بالقانون. و ظهر هذا جليا في جماعة الاخوان المسلمين التي عزفت علي كل أوتار المصلحة الخاصة بهم بعيدا عن أهداف وشعارات الثورة.! والادلة من فرط وضوحها لا تحتاج إلي إظهار وتدليل فالكل يعرفها والشيء الآخر أن الوثيقة الحاكمة بين الناس والدولة والمؤسسات متمثلة في دستور أو قانون صاغتها الجماعة المنتصرة أو المستغلة فنجد للأسف إن ثمة تشابه بين دستورنا المقر أخيرا وبين قانون بول بريمر الذي حكم العراق بعد احتلاله. لا أريد أن افرط في التدليل حتي لاأبتعد عن عمود الفكرة الرئيسي.. أخلص إلي أن فكرة الاحتلال ليست مقصورة علي الاجنبي أو الغازي... وانما أن وجد فعل الاحتلال بدلالاته المتمثلة في شفط الغنائم وملء الكروش وجد محتل بغض النظر عن انه أجنبي أو من بني جلدتك. لذلك أراني لست مبالغا أو ظالما حين أقول انه بعد عامين علي ثورة25 يناير تلاشي فعل الثورة وحل مكانه فعل الاحتلال بكل تفاصيله المزعجة المفرقة في آن واحد, وانقسم المجتمع بين أصحاب المصلحة وبين الرافضين... ومادام هناك رافضون ومعترضون يكون فعل الثورة الجديدة قابلا للحدوث والتحقق... وقتها نكون لسنا أمام احياء لذكري ثورة كانت ولا استكمال لاهداف ثورة... وانما يكون من الواجب أن نسعي إلي تأسيس ثورة جديدة.