القاهرة: ما بين الموافقة السريعة والتردد والتأجيل مرات عدة تتراوح مواقف صندوق النقد الدولي حيال التعامل مع طلبات دول عدة عربية الحصول على قروض منه لعلاج مشاكلها الاقتصادية. وكانت دول عدة، في مقدمتها مصر وتونس والأردن واليمن، قد طلبت قروضًا من صندوق النقد الدولي خلال الفترة الماضية لعلاج العجز في الموازنة العامة أو إعادة بناء احتياطيات هذه الدول من النقد الأجنبي وتخفيف الضغوط عن عملاتها المحلية. وفي الوقت الذي تجري فيه تونس هذه الأيام محادثات مع صندوق النقد الدولي لاقتراض 1.78 مليار دولار، فإن أشرف العربي وزير التخطيط المصري، قال إن بعثة فنية من الصندوق ستزور القاهرة في غضون أسبوعين من الآن لإجراء مباحثات تتعلق بمنح القاهرة قرضًا ب4.8 مليار دولار، إلا أن البعض يستبعد إتمام هذه الزيارة في المستقبل القريب نظرًا إلى عدم استقرار الحالة السياسية في البلاد بعد. وخلال أيام من المقرر أن تصل بعثة فنية من صندوق النقد الدولي إلى العاصمة الأردنية عمّان لبحث طلب المملكة اقتراض ملياري دولار، وذلك عقب تشكيل حكومة جديدة يختارها البرلمان المنتخب. وكانت تونس قد دخلت بداية الأسبوع الجاري في مفاوضات جادة مع بعثة صندوق النقد للاتفاق على شروط القرض الذي طلبته ومدته وأسعار الفائدة المستحقة عليه. وقال الشاذلي العياري محافظ البنك المركزي التونسي يوم الأحد 27 يناي/كانون الثاني الجاري، إن تونس أجرت محادثات مع صندوق النقد حول قرض طلبته بقيمة 1.78 مليار دولار. ويقلّ هذا الرقم عن الرقم الذي سبق لتونس أن قالت في نوفمبر/ تشرين الثاني إنها تسعى إلى الحصول عليه، وهو 2.5 مليار دولار. ولم تكشف السلطات التونسية بعد عن سبب لتخفيض قيمة القرض المطلوبة، وما إذا كان بناء على اقتراح من الصندوق أو الحكومة التونسية. وقالت وزارة المالية التونسية، حسبما نقلت "الأناضول" السبت الماضي إن وفد صندوق النقد الذي يزور تونس لمدة أسبوعين سيعقد جلسات عمل مع مختلف قطاعات وزارة المالية التونسية، لإعداد تقرير يمكن اعتماده من قبل الإدارة الضريبية التونسية للاستئناس به في عملية الإصلاح الضريبي الجاري تنفيذها. وانضمت تونس إلى صندوق النقد الدولي في 14 أبريل/نيسان 1958، وتركّز التعاون بين تونس وصندوق النقد خلال السنوات الأخيرة على المراجعة السنوية للاقتصاد التونسي عبر بعثات التقويم والتشاور الدورية ومراجعة التصرف في الاقتصاد الشامل للبلاد. على مستوى مصر، فإن موعد زيارة البعثة الفنية لصندوق النقد الدولي لا يزال غامضًا حتى مع تأكيدات مسؤولين مصريين بارزين بأن الزيارة ستكون قريبة، لكن مراقبين للوضع الاقتصادي المصري يستبعدون إتمام الزيارة في القريب العاجل في ظل استمرار الأوضاع السياسية في البلاد على ما هي عليه، وعدم حدوث تغيير جذري في الملف الاقتصادي. وكان الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء المصري قد أكد خلال لقائه كريستين لاغارد رئيس صندوق النقد الدولي على هامش المنتدي الاقتصادي الدولي في دافوس أنه تم الاتفاق على إرسال وفد من الصندوق إلى مصر قريبًا لاستكمال المشاورات ووضع الاتفاق المزمع في صورته النهائية. وقال قنديل في لقاء أجراه مع شبكة سي إن إن الإخبارية، على هامش زيارته لدافوس، إنه أجرى مباحثات مع لاغارد، واتفقا على إرسال فريق من الصندوق إلى مصر خلال أسبوعين لوضع اللمسات الأخيرة على المباحثات للاتفاق على القرض، الذي تبلغ قيمته 4.8 مليار دولار لكن مسؤولًا رفيع المستوى في البنك المركزي المصري قال لوكالة الأناضول للأنباء اليوم الخميس إن الزيارة لم يحدد موعدها بشكل نهائي بعد، مؤكدًا على وجود مفاوضات بهذا الشأن. وتراهن مصر على قرض صندوق النقد الدولي في إعادة بناء احتياطاتها من النقد الأجنبي، التى فقدت 21 مليار دولار منذ قيام الثورة المصرية في 25 يناير 2011 وحتى نهاية ديسمبر الماضي، وكذلك علاج جزء من عجز الموازنة العامة للدولة المقدر ب 200 مليار دولار، ما يعادل 30.2 مليار دولار نهاية العام المالي الحالي 2012-2013. ورغم أن الدكتور هشام إبراهيم أستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة والخبير المصرفي قال للأناضول إن أحداث العنف التى مرت بها البلاد هذا الأسبوع قد تدفع صندوق النقد الدولي إلى إرجاء إيفاد بعثته للقاهرة بعض الوقت، إلا أن المرسي حجازي وزير المالية المصري قال في بيان صحافي أصدره أمس الأربعاء إن المفاوضات بين مصر وصندوق النقد مستمرة، وإن وزارته تعكف على الانتهاء من مراجعة الإطار الكلي لبرنامج الإصلاح الاقتصادي في ضوء تعديلات جديدة وما أسفر عنه الحوار المجتمعي من تعديلات على بعض عناصر البرنامج الإصلاحي الذي قدمته الحكومة في نوفمبر/تشرين الثاني 2012. ومن المقرر أن تقدم حكومة مصر برنامج الإصلاح الاقتصادي الجديد لبعثة الصندوق للتفاوض بشأنه ليكون بديلًا من البرنامج الذي تم تقديمه في أكتوبر الماضي، وانتزعت مصر من خلاله موافقة مبدئية من الصندوق بالحصول على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار، إلا أن الموافقة تم تجميدها عقب الاضطرابات التي سادت البلاد عقب صدور إعلان دستوري مكمل في 21 نوفمبر. وفي ما يتعلق بالأردن فإنه من المقرر أن تزور بعثة من المملكة خلال الأيام المقبلة لمراجعة أداء الاقتصاد الوطني وبحث طلب المملكة اقتراض ملياري دولار لعلاج مشاكل عجز الموازنة وتغطية العجز بين النفقات والإيرادات. وقال صندوق النقد الدولي يوم 26 ديسمبر الماضي إنه سيجري محادثات مع مسؤولين أردنيين بداية العام المقبل بشأن برنامج اقتصادي متكامل، بما في ذلك سبل التعامل مع تدفق اللاجئين السوريين إلى المملكة. ووافق الصندوق في العام 2012 على قرض مشروط للأردن بقيمة ملياري دولار لمساعدته على التغلب على آثار أسعار النفط المرتفعة والاضطرابات السياسية في دول مجاورة.