صاروخ بوتين الجديد يخلط أوراق الردع في أوروبا    في ذكرى سقوطه السابعة والأربعين.. هذه اخطاء سالمين.    توافد جماهيري غير مسبوق لساحات مسيرات مباركة بانتصار ايران وثباتا مع غزة    حواري مع "أبو الهول الصناعي".. رحلة في كهف التقنية بين الحيرة والدهشة    وفاة الشاعر والسياسي فؤاد الحميري بعد صراع مع المرض    ليس للمجرم حرمة ولو تعلق بأستار الكعبة    خبير أثار يكشف عرض 4 قطع أثرية يمنية للبيع بمزاد عالمي    غدا بدء العام الدراسي الجديد    الوزير البكري يزور مسجد عمر بن الخطاب في عدن ويستنكر اقتحامه واعتقال إمامه    روسيا.. استخراج كهرمان بداخله صرصور عمره حوالي 40 مليون سنة    الفزعة الإماراتية.. نخوّة وشجاعة في كل موقف    الهلال السعودي إلى ثمن نهائي كأس العالم    نادي النصر يجديد عقد الأسطورة البرتغالية كريستيانو رونالدو    الحثالات في الخارج رواتبهم بالدولار ولا يعنيهم انهيار سعر الريال اليمني    في مساحة الاختلاف.. يبقى الوطن أولاً..    لماذا لن يقمع الانتقالي مظاهرات الجنوب الحقيقية؟    أحزان الكعبة المشرفة.. هدم وحرائق من قبل أمراء مسلمين    خبير دولي يحذر: العد التنازلي للمؤامرة الكبرى على مصر بدأ    مانشستر سيتي ينتظر الهلال السعودي في ثمن نهائي كأس العالم للأندية    عدن تشتعل بالأسعار بعد تجاوز الدولار حاجز 3 آلاف ريال    امتيازات خيالية وأرقام ضخمة بعقد رونالدو الجديد مع النصر السعودي    عراقجي: لا نقبل حاليا زيارة غروسي لطهران    حقيقة "صادمة" وراء تحطم تماثيل أشهر ملكة فرعونية    Fairphone تعود لعالم أندرويد بهاتف منافس    كأس العالم للاندية: السيتي يكتسح اليوفنتوس بخماسية ليخطف الصدارة    التكتل الوطني يحذر من تفاقم الأوضاع ويدعو الرئاسة والحكومة لتحمل مسؤولياتهما    شهادات مروعة.. معتقلون يكشفون تفاصيل تعذيبهم داخل زنازين الحوثي    عدن.. انعقاد الورشة التشاورية لصياغة خطط حماية المرأة ضمن برنامج تعزيز الوصول إلى العدالة للنساء والفتيات    عن الهجرة العظيمة ومعانيها    إدارة أمن عدن توضح حول اقتحام مسجد في المنصورة وتلمح إلى الاسباب    كلمة السيد القائد بمناسبة ذكرى الهجرة النبوية وآخر المستجدات (فيديو)    وفاة واحد من ابرز الجيولوجيين اليمنيين    عبده شرف الشامخ بفكره وعلمه ومبادئه    مبابي يتهم باريس سان جيرمان بالتعامل معه بطريقة "غير أخلاقية"    القائم بأعمال رئيس هيئة مكافحة الفساد يهنئ القيادة الثورية والسياسية بالعام الهجري الجديد    الدولار يسجل مستويات متدنية وسط مخاوف أمريكية    استبصار وقراءة في سردية احمد سيف حاشد الجزء الثاني (فضاء لايتسع لطائر)    زينة: «ورد وشوكلاته» يكشف مشاكل الشخصيات    شرطة تعز تلقي القبض على متهم بارتكاب جريمة قتل في مديرية مقبنة    صفقة جديدة تثير الجدل في ليفربول.. ومخاوف من التأثير على دور محمد صلاح    من الماء الدافئ إلى دعامة الركبة.. دراسة: علاجات بسيطة تتفوق على تقنيات متقدمة في تخفيف آلام الركبة    بفاعلية الحقن ودون ألم.. دراسة : الإنسولين المستنشق آمن وفعّال للأطفال المصابين بالسكري    طرق الوقاية من السكتة القلبية المفاجئة    من يومياتي في امريكا .. مرافق بدرجة رجل أعمال    تسجيل هزات أرضية من المياه المجاورة لليمن    كيف نطالب بتحسين الأوضاع    استئناف نقل النفط الخام من عقلة شبوة لكهرباء الرئيس    من يدير حرب الخدمات وتجويع المواطنين في عدن؟    فعالية ثقافية في مديرية السخنة بالحديدة إحياءً لذكرى الهجرة النبوية    العيدروس يهنئ قائد الثورة ورئيس المجلس السياسي بالعام الهجري الجديد    تحذير أممي من استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في اليمن    عينيك تستحق الاهتمام .. 4 نصائح للوقاية من إجهاد العين في زمن الشاشات والإضاءة الزرقاء    5 مشكلات صحية يمكن أن تتفاقم بسبب موجة الحر    الشاعر المفلحي.. رافعات الشيادر روحن فوق جيل الديس    تجارة الجوازات في سفارة اليمن بماليزيا.. ابتزازًا مُمَنهجًا    صنعاء .. البنك المركزي يوقف التعامل مع 9 منشآت وشركات صرافة وبنك وشبكة تحويل أموال خلال يونيو الجاري    كيف تواجه الأمة واقعها اليوم (4)    إب .. تعميم من مكتب التربية بشأن انتقال الطلاب بين المدارس يثير انتقادات واسعة وتساؤلات حول كفاءة من اصدره    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإمارات والشفافية القضائية - الإتحاد الاماراتية - محمد خلفان الصوافي
نشر في الجنوب ميديا يوم 24 - 02 - 2012


محمد خلفان الصوافي
كان قرار النائب العام الأسبوع الماضي، في شأن إحالة 94 متهماً إماراتياً إلى المحكمة الاتحادية العليا في قضية ما يُعرف بالتنظيم السري الذي استهدف نظام الحكم بالدولة، كاشفاً، دلالات عدة، إذ وضع حدّاً للذين استهوتهم مسألة توجيه النقد لدولة الإمارات، خاصة من المتعاطفين مع المتهمين، مستخدمين كل وسائل الإعلام الممكنة ووسائل التواصل الاجتماعي.
ما فعله هؤلاء المتهمون حسب ما جاء في تفاصيل تصريح النائب العام، يمثل كارثة من أكثر من منطلق، لأنه لم يكن هناك إماراتي يمكنه أن يصدّق أن هناك مواطنين ينتمون لهذا البلد يريدون قلب نظام الحكم فيه مستعينين بالخارج، أو حتى العمل على زعزعة العلاقة بين الشعب والقيادة، وكأنهم لا يدركون مدى قوتها.
إننا في دولة الإمارات لم نتعود الحديث عن قيادتنا بمفردات تدل على التفكير في الإساءة للقيادة. فالإماراتي عليه أن يطرح على نفسه تساؤلاً: ماذا قدمتُ أنا كمواطن للدولة وليس ماذا قدمت الدولة لي؟! كلنا يعرف ماذا قدَّمت الدولة لنا، وحتى المراقبين الخارجيين يعرفون. لقد اعتدنا الحديث عن خصوصية العلاقة بين الشعب والقيادة، وعن التعاضد، وعن المسافة الواحدة بين الحاكم والشعب، لذا فإن من الطبيعي أن يستنكر مواطنو الدولة، وحتى غيرهم ممن يعرفوننا، أن يكون من بين الإماراتيين من يفعل ذلك.
الخطوة الإماراتية المتمثلة في إحالة قضية «أمن دولة» إلى محكمة مدنية، كانت خطوة ملفتة للمراقبين، ويجب أن تكون كذلك، على اعتبار أن مثل هذا النوع من القضايا عادة ما يُنظر سراً، أو تُشكَّل له محاكم خاصة، وفي أحسن الأحوال محكمة عسكرية. والنتيجة النهائية ربما تكون «معروفة مسبقاً»!
في كل دول العالم، «تُكسر» في قضايا الأمن الوطني كل القوانين، وأحياناً تُنتهك حقوق الإنسان، بما في ذلك الدول المتحضرة، وعلى رأسها الولايات المتحدة التي تفعل ذلك على مرأى من جمعيات حقوق الإنسان والرأي العام العالمي في سجن غوانتانامو. والخطوة التي اتخذتها دولة الإمارات معناها - لمن يريد أن يفهم - أن الدولة اختارت التعامل مع هذا الملف الشائك بما يستحقه من وضوح وشفافية.
يدل الموقف الإماراتي الصريح والشفاف على أن الدولة لا تريد منح المغرضين فرصة إثارة اللغط الإعلامي، والتصدي لما يمارسه المتخرصون من «المحللين السياسيين» المعروفة اتجاهاتهم وأهدافهم، من «غمز» و«لمز» فيما يخص موقف دولة الإمارات في قضايا حقوق الإنسان.
لقد حاول المغرضون استخدام الفروق الثقافية وعدم فهم الغرب لطبيعة مجتمع الإمارات في الإساءة إلى الملف الإنساني للدولة، وبدا ذلك واضحاً في «تمثيلية جنيف» التي لعب دور البطولة الزائفة فيها «متظاهرون» ضد الدولة لا يعرفون شيئاً عنها. والموقف الأخير من جانب الدولة يؤكد أنها تتعامل مع أي قضية كانت - بما فيها القضايا الحساسة - بأسلوب دولة المؤسسات، وهو نهج يُحسب لها بالطبع.
المحكمة وحدها باتت صاحبة القرار في هذه القضية التي لا تخص الدولة وحدها، بل تخص مواطنيها جميعاً، فالاتهام يتعلق بمحاولة النيل من أمننا واستقرارنا جميعاً، وهو أمر لا نتسامح معه ولن نغفره لمن حاول القيام به. وإذا خرجنا من الجانب القضائي والأمني في القضية، سنجد أن الحكومة الإماراتية ركزت على الجانب الإنساني أيضاً - رغم عظم الكارثة - لكون المتهمين يحملون جنسية دولة الإمارات، وأن طريقة معالجة القضايا الداخلية لها خصوصيتها، وأن مسألة تأثرهم بالخارج وبالأيديولوجيا غير الصحيحة هي المشكلة.
طال أمد القضية، كما أوضح النائب العام، نتيجة لصعوبات جمع المعلومات حول وقائع شائكة ومتداخلة، كذلك كان هناك حرص على التأكد التام والدقيق من صحة توجيه التهم، من أجل حفظ حقوق المتهمين الذين يبقون مواطنين إماراتيين تنظر الدولة إليهم بعين الرعاية على الرغم من خطورة ما اقترفته أيديهم، وتحفظ لهم كامل حقوقهم القانونية.
من الناحية الموضوعية، فإن شفافية الحكم تصب في مصلحة كل أطراف القضية، حيث تقف الحكومة على أرض صلبة مستندة إلى الأدلة والبراهين، وإلى الأعراف والتقاليد الدولية التي لا تسمح بالمجازفة بمصالح الشعب بأكمله لحساب فئة قليلة «ضالة» وشاذة عن المجتمع، تبحث عن فرض مفاهيمها ورؤاها المنحرفة على حساب الوطن.
لقد اختارت دولة الإمارات الطريق الأصعب، وفاجأت العالم برغبتها في المكاشفة والوضوح والشفافية حتى مع الذين يهددون أمن المجتمع والوطن. ويستند هذا الموقف الشجاع إلى يقين بامتلاك الأدلة والبراهين التي ستوضع أمام القضاء ليكون حكمه هو الفيصل في القضية. وبعدها لن نسمح بالتطاول، وعلى الذين تعوَّدوا أن يغرِّدوا خارج السرب الإماراتي أن يشعروا بالخجل.
إن الشفافية ليست غريبة على الحكومة في أكثر القضايا تعقيداً، فهناك سوابق شتى تؤكد رسوخ الشفافية منهجاً وسلوكاً. وعلى الرغم من أن ذلك ربما كان يتعلق بملفات ومجالات قد تبدو مختلفة، فإنها لا تقل من حيث الحساسية والتأثير عن ملف القضية الحالية. وربما يفرض مثل هذا السلوك الشفاف مزيداً من التبعات والأعباء على الدولة، لكن القيادة تؤمن بأنه الأسلوب الأمثل في مواجهة التحديات.
وإذا كانت دولة الإمارات قد انتهجت الشفافية والمكاشفة مبدأً لها في هذه القضية وسواها، فإنه يلزم التأكيد على أنها لن تترد في أمرين: الأول؛ هو عدم السماح بالتطاول على الحكم النهائي للقضاء، سواء من جانب «المتعاطفين» مع من تثبت إدانتهم أو «المتحولين» الذين تعودوا اتخاذ مواقفهم بناء على ما يقبضون من أموال. والثاني، هو المضي في تكريس «دولة القانون»، وإعلاء مبادئ العدالة التي تُعدُّ أساساً لتجربتها التنموية، وشرطاً لاستدامتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.