اثارت فتوى الشيخ عبد الله الداوود بوجوب تغطية وجه الطفلة الجميلة وفرض الحجاب عليها فرضاً في برنامج تلفزيوني قال فيه : "متى ما كانت الطفلة مشتهاة فيجب على الوالدين تغطية وجهها وفرض الحجاب عليها" ، جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي الى الحد الذي طالب فيه البعض ب(محاسبة) الشيخ عبد الله على ما أفتى به، معتبرين إنّه بهذه الفتوى " يشوه صورة الإسلام ويتدخل في خصوصيات الأفراد" . يرصد كتّاب سيلاً جراراً من فتاوى تشغل المسلمين وغيرهم ، منتقدين مضامينها ، التي بدت بعيدة عن اصول الفقه وخارجة عن سياق الدين والمبادئ والأصول التي يقوم عليها علم الافتاء ، إلى آفاق (المتاجرة) بها ، على رغم ان الإفتاء له شأنه عظيم في الإسلام ، ومكانة مرموقة ، ومسائله لا يتورع حتى كبار العلماء على الخوض فيها الا بعد دراسة وتمحيص . ومع انتشار وسائل الميديا الرقمية ، تنتشر الفتاوى على انواعها بين الناس انتشار النار في الهشيم ، كما تلعب بعض الفضائيات دورا في تسويقها . وفي هذا السياق يُرجع علي الشريمي في مقال له في صحيفة (الوطن) السعودية ، أسباب الإفراط في الإقبال على الفتاوى " أن البعض ليست لديه استقلالية التفكير في أمور حياته، لتكون النتيجة هي البلادة وعدم استثمار العقل فيما يرتبط بالواقع" . وما زال هوس (التقليعات) الجديدة للفتاوى المثيرة والصادمة للمجتمع تتوالى الفترة تلو الأخرى على الساحة. يقول الشريمي:" مع أن هذه المسألة تم ضبطها بمؤسسة دينية رسمية خاصة لإصدار الفتاوى، لكن يبدو أن بعض الدعاة يعشقون النجومية، ويظهر ذلك جليا من خلال اشتراكهم المستمر في السباقات الماراثونية للفتاوى المتنوعة على المضمار الإعلامي" . نظرة جنسية ويعرّج الشريمي على ما افتى به شيخ دعا إلى "ألا تختلي البنت مع أبيها، وألا تجلس معه وحدها، وذلك خوفا من أن يؤزه الشيطان فيكون له نظرة جنسية تجاهها" ، لتنقل الاخبار زوبعة جديدة أُطلقت حولها مئات التغريدات التويترية، وهي فتوى في واقعها ليست بأقل من سابقتها حملت عنوان (الطفلة المشتهاة) ، إذ قال الداعية الشاب عبر إحدى القنوات الفضائية: " متى ما كانت الطفلة مشتهاة فيجب على الوالدين تغطية وجهها وفرض الحجاب عليها".. لقد استنكر كثيرون ، بحسب الشريمي ، هذه الفتوى ، بل وطالب بعضهم بمحاسبة هذا الشيخ الشاب من قبل المؤسسة الرسمية على فتاوى غريبة كهذه. وتعليقا على الموضوع، صرح الشيخ محمد الجذلاني القاضي السابق بديوان المظالم السعودي، : "أن إطلاق مثل هذه الأحكام يعتبر شذوذاً ومرضاً يجب معالجة صاحبه، مرددا عبارة "أعوذ بالله"، وعقب: "إن من يتحدثون بمثل هذه الطريقة يسيئون للإسلام ولشريعته السمحاء وهو ما قد يدفع غير المسلمين للنظر بسوء للإسلام والمنتمين له". وطالب الشيخ الجذلاني المجتمع السعودي بعدم الالتفات لأصحاب هذه الأحكام والتوجيهات، حيث أشار إلى وجود تنظيم خاص بالفتوى ومن هم أهل لها وقد تم تحديده من الجهات الرسمية في السعودية، وأشار الشيخ الجذلاني إلى أنه يشعر بالحزن الشديد عند رؤية بعض العائلات في الأسواق والطرق وقد قاموا بتغطية فتيات صغيرات في السن وألزموهن بارتداء العباءة، حيث اعتبر هذا الأمر جناية وظلما للأطفال ومن الواجب عليهم تركهم ليعيشوا طفولتهم البريئة. والسؤال الذي يطرحه الشريمي هو :" لماذا لا يزال يتعاظم الدور السلبي للفتاوى في مجتمعاتنا مع أن الجهات الرسمية المعنية تدخلت للحد من تداعياتها؟ " . وبحسب الشريمي ، هناك عدة عوامل ساعدت على تفاقم المشكلة منها ان الفتاوى تاتي في ظل التنافس الإعلامي المرئي بين القنوات الفضائية للحصول على أكبر عدد من المشاهدين ، و انتشار المواقع الإلكترونية ، و احتدام الصراع بين المحافظين والليبراليين، اضافة الى تصاعد الطلب على الفتاوى من قبل المجتمع الأمر الذي وصل إلى درجة المبالغة والإفراط عن الحد المعقول. أحكام شرعية يقول الشريمي "هناك أحكام شرعية يجب أخذها من العلماء المختصين وتقوم بتلبيته الجهات الرسمية للفتوى، كما أن هناك أمورا لا حاجة فيها للفتوى كما في الحديث الشريف "الحلال بين والحرام بين".. وحديث "أنتم أعلم بأمور دنياكم".. لكن البعض ليس لديه استقلالية التفكير في أمور حياته، لتكون النتيجة هي البلادة وعدم استثمار العقل فيما يرتبط بالواقع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي، وكأن الله - تعالى - لم يكرمنا بنعمة العقل الذي هو آلة التفكير. ووصل الامر بسبب سيل الفتاوى الجرار استحالة احصائها . نقاب لكل طفلة مشتهاة وتخوض حليمة مظفر في مقال لها في صحيفة (الوطن ) السعودية حمل عنوان ( نقاب لكل طفلة مشتهاة) ، حيث ترى أن "الفتاوى الناتجة عن التفكيرالجسدي، بعد أن انتهت من المرأة لتجعلها ضحية صراع التشدد، حولتها من إنسان كامل الأهلية بما رسخه الإسلام العظيم من حقوق لها إلى مجرد وعاء للتفريغ، ومتاع يُمتلك، وفتنة متحركة، كل ذنبها أن خلقها الرحمن أنثى، وعليها أن تدفع ضريبة ذلك من إنسانيتها، بما فُرض عليها من محرمات دون تهذيب الفحول، والحد من سعارهم". وكان الشيخ عبد الله الداوود قد طالب بتغطية وجه الطفلة الجميلة وفرض الحجاب عليها فرضاً حيث قال برنامج تلفزيوني: "متى ما كانت الطفلة مشتهاة فيجب على الوالدين تغطية وجهها وفرض الحجاب عليها". وأثارت هذه الفتوى جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي الى الحد الذي طالب فيه البعض ب(محاسبة) الشيخ عبد الله على ما أفتى به، معتبرين إنّه بهذه الفتوى " يشوه صورة الإسلام ويتدخل في خصوصيات الأفراد" . وتزامنت فتوى عبد الله مع أحاديث وفتاوى تذهب الى نفس المعنى والغرض بوجوب الحجاب على الأطفال بُحجة أن الطفلة يمكن النظر إليها بشهوة. وتشعر مظفر ب (الاشمئزاز بعد سماع هذا الكلام) ، كما تقول في مقالها لأنه بكل بساطة يؤكد "وجود المرضى، المهووسين بالأطفال ، ولمواجهة ذلك تُغطى هؤلاء الطفلات، وكأننا نعطيهم كرتا أخضر ليشتهوا الصغيرات متى ما أرادوا!، ما دام هؤلاء الطفلات الفاتنات يفتنونهم دون غطاء!، ولهذا يُفرض عليهن الحجاب وغطاء الوجه، وإن كان عمرها أربع أو خمس سنوات" . وتزيد مظفر في القول " ما هذا إلا جريمة ضد الطفولة بفرض ما لم يفرضه الله تعالى، دون أي مراعاة لبراءة هذه المرحلة، واختطافها من حاجتها للعب والفرح والترفيه والرعاية النفسية السوية التي تستحقها هذه المرحلة" . وتقول مظفر ايضا انها تشاهد بألم وفجيعة في بعض الأماكن العامة، طفلات صغيرات في السن برفقة أسرهن، بعضهن لا تتجاوز أعمارهن الخامسة والرابعة، وأخريات أكبر من ذلك بقليل، وأراهن (متلحفات) بعباءات صغيرة، وحجاب يغطي شعورهن، "أحزن أن تُسلب هكذا طفولة، وتُختطف من عالمها البريء بذنب أنهن إناث، لكن لم أتوقع يوما أن يصل تشدد بعض الآباء والأمهات إلى فرض النقاب على طفلات صغيرات، لم يبلغن ولم تكبر أجسادهن لتكون فتنة" . إن اختطاف الطفولة من براءتها ورميها في براثن التشدد بهكذا فتاوى غريبة، وبفرض الحجاب والنقاب، وحرمانها من اللعب، بحسب مظفر ، هي "جناية وجريمة ضد حقوق الإنسان، يجب أن يعاقب عليها من يرتكبها وإن كانوا الآباء، فليس ذنب هؤلاء الطفلات أنهن إناث، لتتم معاقبتهن باختطافهن من براءتهن، ولن تحميهن إلا فرض قوانين صارمة، تمنع التحرش بالأطفال والنساء وتعاقب عليه بشدة، وقوانين تحمي حقوقها في اللعب والصحة والنمو السوي!. فمتى يكون ذلك؟ متى يكون ذلك؟، هذا هو السؤال الذي يبقى استمراره إلى اليوم فجيعة بحذ ذاتها" .