تحمل "لمى فليحان الغامدي" اسم قاتلها معها.. حملته في حياتها كما في موتها.. في شهادة ميلادها كما في شهادة وفاتها، لأن القاتل هو ذاته الذي تسبب في مجيئها إلى الحياة وهو الذي تسبب في رحيلها عن الحياة مبكرا: والدها. لم تعش لمى سوى خمسة أعوام فقط، و يقول معارفها إن أعوام طفولتها لم تتميز بالخفة واللعب والضحك والدلال كما تفترض القيم الإنسانية السوية، وأكدوا أن الثلاثة أشهر الأخيرة منها، كانت شقاء وعذابا مريرين، كانت خاتمتها مفجعة: تكسير جمجمة وضربات وجروح وكسور وحروق في أنحاء مختلفة من جسدها. هذه الطفلة المقتولة هي في النهاية، ابنة القاتل وتعد هذه الحادثة من بين أبشع حوادث العنف التي يرتكبها الآباء ضد أطفالهم في السعودية. وقد حاول الكاتب في صحيفة اليوم السعودية وليد السالم الإجابة عن سؤال افتراضي "أي مبرر وأي خطأ يصدر من طفلة بريئة يجعل أباها يعتدي عليها؟ وأي أسئلة كانت تدور في ذهن هذه الصغيرة وفي عقلها الفطري حينما كانت الأسئلة تختلط بدموعها وصرخاتها المدوية ليس في بيتها فقط بل في ضمير كل فرد من أفراد مجتمعنا ؟" يقول مراقبون إن العنف ضد الأطفال في طريقه لأن يصبح ظاهرة في السعودية، ظاهرة تتطلب حلا جذريا سريعا. ففي العام المنصرم شهدت البلاد 500 حالة عنف ضد الأطفال، نحو عشرين بالمئة منها انتهت بوفاة الأطفال المعنفين، بزيادة بلغت 292 حالة عن العام الذي سبقه. هذ1ه الأرقام تدق ناقوس الخطر وتثير أكثر من سؤال عن دوافع وأسباب بروز هكذا ظاهرة في مجتمع يوصف بالمحافظ والمتدين. x الطفلة السعودية لمى وبحسب بيانات لمركز الأمان الأسري في العاصمة الرياض، فإن هناك ثلاثة أشكال للعنف ضد الأطفال: العنف الجسدي وغالبية مرتكبيه الأب والأم أو الأب وزوجة الأب أو الأم وزوج الأم، الإهمال وغالبية مرتكبيه الأمهات في ظل ضعف حضور الأب داخل الأسرة، والاعتداء والتحرش الجنسي بالأطفال وغالبية مرتكبيه الذكور من أقارب الطفل أو الذكور من الجيران أو صاحب البقالة في الحي أو السائق وأحيانا المعلم في المدرسة. ويرى محللون سعوديون أن غياب قوانيين وتشريعات رادعة هي ما يجعل يد الوالدين طليقة في الاعتداء على أطفالهم، فيما تُرجع فئة أخرى من السعوديين الأسباب إلى الثقافة الاجتماعية التي تُسوّغ للأب و- للأم أحيانا- ضرب الطفل لتأديبه، والتي ترى أن الأب هو ولي الأمر وصاحب الحق المطلق في بيته وفي "أهل بيته"، كما أشارت الناشطة النسوية السعودية فوزية العيوني في تعليق لها على صفحتي على موقع فيسبوك. وقالت العيوني "أنت ومالك لأبيك والأب لا يقتل بإبنه"، وتفسير ما تقوله العيوني هو " أن لا عقوبة لأب في قتل ابنه"، وهو ما ذهبت إليه الكاتبة السعودية في صحيفة الحياة بدرية البشر التي كتبت "هذه الطفلة المقتولة هي في النهاية، ابنة القاتل، وكأن «البنوة» صك ملكية لا علاقة إنسان بإنسان محفوظ القيمة والحرمة" . ويلعب العامل الثقافي دورا في العنف الذي يرتكبه الآباء ضد ابنائهم، فإلى جانب السلطة المطلقة التي يتمتع بها الأب- وأحيانا الأم – على الأبناء، فإن المجتمعات المحافظة، كالمجتمع السعودي، تُعلي من "الرجولة أو الذكورة" كقيمة و عامل تفوق يُؤكد بوسائل مختلفة بينها الضرب كما يقول جمال الملا: لا سلطان على القسوة عدا الأخلاق، فهي، كما يقول " كانط" (جوهر الإنسان) لكن لهذا الجوهر معادن تصقلها وتكشف جوهرها نار القوانيين والتشريعات. "أنت ومالك لأبيك والأب لا يقتل بإبنه وبقيت الإشارة إلى أن السعودية انضمت إلى أربع من سبع اتفاقيات رئيسية للأمم المتحدة معنية بحقوق الإنسان وهي اتفاقية "القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري-1997" واتفاقية "القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة -2000" واتفاقية "مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة-1997" و"الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل-1996".