رغم ممارستها الرياضة وابتعادها عن التدخين كليا، فقد أصيبت الألمانية أورزولا كراب (70 عاماً) بسرطان الرئة، لكن خضوعها لعلاج كيميائي تقليدي لم يحم رئتها كلها من انتشار الأورام الصغيرة أو ما يعرف بالنقائل، لتتم معالجتها مؤخراً باستخدام تقنية جديدة تعرف باسم "الأدوية الموجّهَة للهدف" . الأدوية الموجّهَة للهدف هي عبارة عن أقراص يتناولها المريض في المنزل ولا داعي للذهاب إلى المستشفى، حسبما تشرح أورزولا التي تخضع للعلاج بهذه التقنية . وتضيف قائلة: "يفضل تناولها مساءً قبل النوم، لأنه في حالة النوم لا يشعر الشخص بالغثيان، ولا يكون تأثيرها قويا في اليوم التالي، خاصة بالنسبة لشهية تناول الطعام فهي عادية لدي" . ومن جانبه، يؤكد الدكتور إيراي غوكورت المتخصص في علاج الأورام السرطانية من المشفى الجامعي في آخن - ألمانيا، أن هذه التقنية الحديثة في علاج الأورام السرطانية تسعى إلى استهداف الخلايا السرطانية بدقة . ويضيف بالقول: "يستهدف العلاج الموجه الخلايا السرطانية بدقة على عكس العلاج الكيماوي غير الدقيق" . آثار جانبية ضئيلة ويشرح الدكتور عارف السويفي متخصص الأمراض البولية وجراحة الرجال ومتخصص علاج الأورام السرطانية تقنية العلاج الموجه بقوله "تتميز الخلية السرطانية بنشاطها العالي في إفراز الأنزيمات وإنتاج البروتينات ما يسهل على الفيروسات حاملات الدواء عملية تعرف الخلايا المصابة والتوجه إليها مباشرة" . وأكد الدكتور عارف في حديث للإذاعة الألمانية "دويتشه فيلله" أن هذه التقنية الحديثة من شأنها "القضاء جذرياً على الورم السرطاني إذا كان انتشاره محدوداً، أما إذا كان انتشاره كبيراً فتقوم هذه الأدوية بتحسين حالة المريض وطريقة حياته لفترة طويلة" . أما الآثار الجانبية للعلاج بهذه التقنية فهي ضئيلة، إذ يؤدي تناولها إلى تشقق أطراف الأصابع وظهور حبوب من حين لآخر، إلا أن ذلك غير مزعج، حسبما تؤكد أورزولا . كيف يتم اختيار الدواء المناسب؟ تعرف حالات الأورام السرطانية بتنوعها واختلافها من شخص إلى آخر، ما يعني أن سرطان الرئة لدى مريض ما ليس بالضرورة أن يكون نفسه لدى مريض آخر، فكل ورم سرطاني ينفرد بسماته الخاصة وجيناته، ما يجعل لكل حالة طريقة خاصة بالعلاج . وتوضح البروفيسورة روت كونشيل كلاكه من المستشفى الجامعي في مدينة آخن أنه قبل تحديد "الفيروسات حاملة الدواء" يجب أن يتم تحليل جيني للأنسجة المصابة بالورم، حيث يتم فحص الخلايا المصابة بالسرطان بشكل دقيق جداً لمعرفة مدى تأثير السرطان في بنية الحمض النووي الDNA . أما البروفيسور إيدغار دال من المستشفى الجامعي بمدينة آخن، فيوضح أن تحليل كل حالة حسب معطيات علم الأمراض ومسار نمو الورم السرطاني من شأنه المساعدة على اختيار "الأدوية الموجهة للهدف" بشكل مناسب . ويضيف قائلاً: "بعد الأبحاث التي أجريناها خلال السنوات ال10 الماضية وجدنا أن الخلايا والأورام السرطانية تنشط بأشكال مختلفة، ولها مسارات نمو مختلفة، ما دفع شركات صناعة الأدوية إلى إنتاج أدوية تناسب كل حالة نمو على حدة" . الكشف المبكر ضروري لتسهيل العلاج ويؤكد الدكتور عارف ضرورة تزويد المريض بأدوية خاصة لحماية نخاع العظام إلى جانب الأدوية المعالجة، ويوضح السبب بقوله "يجب المحافظة على نشاط خلايا نخاع العظام لأنها الخلايا الأصلية التي ينتج عنها الخلايا الآخرى" . ورغم تنوع أسباب الإصابة بالأورام السرطانية واختلاف مدى خطورتها، إلا أن الدكتور عارف يرى أن اتباع قواعد الحياة الصحية كاستنشاق الهواء النقي بعيداً عن عوادم السيارات وتناول وجبات صحية والابتعاد عن الوجبات السريعة والإكثار من تناول زيت الزيتون والخضراوات قد يقي من الإصابة بمرض السرطان، مؤكداً ضرورة إجراء فحوص طبية مرة سنوياً للاطمئنان أو للكشف مبكراً عن المرض، ما يسهل عملية علاجه .