حماية البيئة والحفاظ عليها واجب كل فرد في المجتمع، والجهات المعنية تسعى إلى غرس القيم البيئية في نفوس الطلاب في مراحل التعليم المختلفة خاصة الابتدائي والإعدادي طوال العام الدراسي تشهد العديد من مدارس الدولة حملات بيئية متنوعة من أجل تثقيف الطلاب وتوعيتهم بيئياً، وكذلك خلال فترة الإجازة الصيفية من خلال الرحلات المدرسية المختلفة لعدد من المحميات داخل الدولة، والسؤال الذي يطرح نفسه ما الأنشطة والفعاليات التي من الممكن أن تقام من أجل ذلك، وهل يكون لها مردود إيجابي لدى الطلاب المشاركين . الإجابة عن هذه الأسئلة تجدها في السطور الآتية . تولي الإمارات اهتماماً كبيراً بالبيئة من أجل الحفاظ عليها، إذ تعد من ضمن أهم الدول في مجال المحافظة عليها، في ظل ما يشهده العالم من كوارث طبيعية أغلبها يحدث نتيجة الإهمال في هذا المجال، وتطبيقاً لمثل "التعليم في الصغر كالنقش على الحجر" تبدأ الحملات من المدارس خاصة الابتدائية من أجل توعية الجيل الجديد بأهمية الحفاظ على البيئة المحيطة والسعي وراء تنظيفها وتشجيرها، مما يكون له المردود الإيجابي في ما بعد عليه وعلى المحيطين به . وكان مجلس الإمارات للأبنية الخضراء قد أطلق مؤخراً حملة يسعى من خلالها إلى الحفاظ على البيئة عبر المدارس، وتعريف الطلاب بأهمية التنمية المستدامة، وذلك من خلال عدد من الورش الثقافية والمحاضرات التوعوية من أجل الترويج للأبنية الخضراء، ومفهوم الاستدامة بهدف التركيز على الدور الإيجابي الذي يمكن لطلاب المدارس القيام به على صعيد البيئة والمباني التي يتنقلون بها . في البداية تقول شريفة موسى مديرة الأنشطة بوزارة التربية والتعليم: إن الوزارة تولي اهتماماً كبيراً بهذا الجانب من خلال العمل دائماً على خلق برامج تعليمية وتدريبية مميزة وتشجيع الطلاب على حملات التشجير، التي تقام بالمدارس، إضافة لدعم المناهج الدراسية بمواد تخص البيئة . وتوضح أن هناك الكثير من البرامج التي تطلق من وقت لآخر، وكان آخرها برنامج التوعية البيئية لطلاب المدارس من خلال التعاون مع عدد من الجهات الدولية المتخصصة في ذلك، حيث يهدف البرنامج إلى استخدام أبرز وأحدث الأساليب الحديثة في رصد درجات الحرارة وسرعة الرياح والهواء، وكذلك المد والجزر في البحر . وتشير مديرة الأنشطة بوزارة التربية إلى أن حماية البيئة أمر مهم لدى جميع أفراد المجتمع وليس طلاب المدارس فقط، ولكننا نسعى لغرس ذلك في نفوس الطلاب منذ بداية مراحل التعليم الأولى، ونسعى خلال الفترة المقبلة لزيادة مقررات البيئة في المناهج الدراسية كافة من أجل زيادة وعي الطلاب بهذا الشأن . وخلال الفترة الماضية عكفنا على تنفيذ برنامج لتعلم كيفية حماية البيئة من خلال وسائل تعليمية مختلفة، وبدأنا تطبيقه على مجموعة من المدارس كمرحلة أولى حيث يهدف البرنامج إلى إكساب الطلاب المبادئ والقيم والاتجاهات الجادة في تحسين وحماية البيئة، والمهارات المناسبة للتعرف إلى مشكلاتها، وكيفية حلها بالطرق التي يمكن من خلالها أن نحافظ عليها . وتوضح أن البرنامج يقوم من خلال وضع فعاليات وأنشطة من بينها قاعدة بيانات ومعلومات بيئية عبر موقعه الإلكتروني العالمي، وإعداد الأبحاث والدراسات الميدانية المحلية والإقليمية والدولية والتحاور عبر شبكة الإنترنت، وتنظيم المؤتمرات وورش العمل، ومسابقات المدارس وعمل برامج بناء قدرات للمعلمين والطلاب ومشاركة الطلاب في برامج وأنشطة من أجل تبادل الخبرات المحلية والإقليمية . وتشير مديرة الأنشطة بالوزارة إلى أن هناك لجنة إشرافية على آليات عمل البرنامج تتكون من عدد من الموجهين ومديري المدارس، وتكون مهامها الإشراف على تطبيق البرنامج في المدرسة، وترشيح المعلمين المنفذين للبرنامج، وتوفير مقار واحتياجات المشروع داخل المدرسة، وتفعيل الأنشطة والفعاليات للبرنامج مادياً ومعنوياً . ويتفق معها مصطفى المزروعي مساعد مدير مدرسة حميد بن راشد للتعليم الثانوي بعجمان، ويقول: إن المدرسة تولي اهتماما كبيراً بالمشروعات البيئية للطلاب عبر عدد من الحملات التي نقوم بها من وقت لآخر للطلاب، حيث قمنا مؤخراً بعمل أسبوع التشجير من خلال إشراك عدد من طلاب الصفوف الدراسية المختلفة فيه بهدف زراعة أنواع مختلفة من الأشجار من أجل بيئة خضراء . ويضيف: طوال العام تخصص المدرسة حملات لزراعة الفناء المحيط بها لزيادة المساحات الخضراء، إضافة إلى التوعية المباشرة، من كل المعلمين بضرورة الحفاظ على البيئة، والاهتمام بها حيث تأتي سياسات قيادتنا الرشيدة على هذا النحو الذي يولي مشروعاتها اهتماماً كبيراً حتى يتعود الطلاب على النظر إلى البيئة ومشكلاتها نظرة واعية . وأوضح المزروعي أن تدريب الطلاب وتعليمهم كيفية الحفاظ عليها منذ الصغر يجعلها على درجة كبيرة من الوعي بأهميتها في ظل ما نعانيه من بعض التغيرات المناخية التي يجب التأهب لها، لذا كانت التوعية البيئية لطلاب المدارس أحد أهم البرامج التي تطبقها وزارة التربية للمحافظة على البيئة وتوعية الطلاب بشكل مستمر . وطالب بضرورة زيادة المناهج الدراسية في مواد العلوم التي تتحدث عن البيئة ومفهومها بالشكل الكامل خاصة لطلاب المدارس الابتدائية، لأنهم في مرحلة التأسيس وكل ما يتعلمونه يظل راسخاً في وجدانهم بشكل مستمر . ويقول عدنان شرفي رئيس مجلس إدارة " مجلس الإمارات للأبنية الخضراء إن الحملات التي نقوم بها تهدف إلى تثقيف الطلاب في المدارس وتعريفهم بأهمية الطاقة وإعادة تدوير النفايات، حيث يمكن أن يكون لهم دور محوري في تعزيز الممارسات الخضراء . ويوضح أن توعية الطلاب بالمباني الخضراء، يعمل على غرس حب البيئة داخل نفوس الطلاب الذين يشاركهم زملاء لهم من الدول العربية والأجنبية، مما يمثل أيضاً فرصة لتبادل الخبرات بين الوفود المشاركة وتعريفهم بالمبادرات العالمية المختلفة في مجال حماية البيئة والمحافظة عليها . شبر الوداعي الرئيس السابق لقسم التوعية والتثقيف البيئي بهيئة البيئة والمحميات الطبيعية بالشارقة يقول: الاهتمام بها ليس غريباً على أهل الإمارات، والجهات المسؤولة فيها وخلال العام الواحد نقوم بكثير من الرحلات البيئية بمصاحبة طلاب المدارس خاصة في فترة الإجازة الصيفية، حيث نصطحب مجموعة منهم إلى جزر إماراتية مثل صير بونعير . ويضيف: على سبيل المثال خلال هذه الزيارة نقوم بتعريف الطلاب بعدد من أوجه التصحر البيئي، وكذلك الطيور البرية التي تعيش في الجزيرة وكيفية المحافظة عليها، وأهميتها في حماية البيئة إضافة إلى قيامنا بالعديد من حملات تنظيف الشاطئ بشكل يومي . ويشير إلى أن هيئة البيئة والمحميات الطبيعية تعمل دائماً على توعية الطلاب بأهمية البيئة، وكيفية حمايتها من أجل تشجيع الجيل الجديد على الاهتمام بها لأن إهمالها سيؤدي إلى نتائج سلبية على المجتمع كله . ويتفق معه سعيد الكعبي مدير منطقة الشارقة التعليمية ويقول: يجب أن يكون هناك توعية للطلاب بأهمية البيئة، وهذا ليس من جانب المؤسسات التعليمية فقط، بل من خلال البيوت أيضاً، وذلك لأن الطالب يمكث أطول فترة بين أهله، لذا يجب على الآباء أن يحفزوا أبناءهم على التعامل مع بيئتهم بشيء من الحرص . ويشير إلى أن هناك الكثير من المسابقات التي تقيمها المنطقة التعليمية من أجل دعم البيئة والمحافظة عليها من قبل الطلاب، وكان آخرها نشاط عن كيفية المحافظة على البيئة من التلوث في ظل الإهمال الذي تعانيه من قبل البعض، ما يجعلنا نعمل على تأهيل أجيال جديدة تنظر إلى المستجدات البيئية بجدية . وأوضح أن المحافظة على البيئة لا يأتي من خلال حملات النظافة فقط، بل هناك عدد من الجوانب التي يجب أن تناقشها الحملات الموجهة للطلاب، ومن أهمها الرحلات البرية والبحرية للطلاب لتعريفهم أن هناك أماكن أخرى تستحق الاهتمام والمحافظة عليها . ويقول جمال الشيبة مدير مدرسة عمر بن الخطاب النموذجية بدبي إن مدرسته وطبقاً لتعليمات الوزارة تعمل على تكثيف النشاط البيئي طوال العام من خلال برامج العلوم المختلفة، أو الحصص التي تخصص للبيئة وكذلك عدد من المشروعات البيئية التي يقوم بها الطلاب . ومؤخراً صمم مجموعة من طلاب المدرسة مدينة خضراء بالكامل مهمتها الحفاظ على البيئة، من خلال المباني الخضراء والوسائل الحديثة وحثهم على عدم إلقاء المخلفات والقمامة إلا في الأماكن المخصصة لها وقد حاز هذا المشروع جوائز عدة . حبيبة المرعشي رئيسة مجموعة الإمارات للبيئة تقول: الاهتمام المبكر ورعاية طلاب المدارس وتعريفهم بأهمية البيئة، والمحافظة عليها يساعد على تنمية قدراتهم الإبداعية في هذا المجال . وتشير إلى أن مجموعة الإمارات للبيئة تشارك في كثير من الحملات المدرسية التي تهدف إلى تعريف الطلاب بالبيئة، وتشركهم في المسابقات العلمية التي تشجعهم على تغيير كل السلبيات المحيطة بواقع بيئتنا ومن ثم خدمة المجتمع والمشاركة في بنائه .