لا تخلو جلسات الأصدقاء من أولئك الذين يضفون جواً من المرح على المكان بنكاتهم التي يستلهمونها من الهفوات التي تصدر عن الآخرين، ليحولوها إلى قصص مضحكة يضاف إليها عنصر السخرية الجارح فتنقلب تلك الجلسات إلى مشاجرات خاصة عندما لا يجد البعض ما يدافعون به عن أنفسهم . يعد عماد عبدالمولى، مدير محل في مركز التعليم المبكر لألعاب الأطفال، أن القدرة على خلق المواقف المضحكة ملكة لا يتمتع بها الكثيرون، ويقول: هذا الأمر فطري، وعادة لا يكون هناك تحضير للمواقف المضحكة فهي وليدة اللحظة، وسر قدرتها على الإضحاك أنها عفوية . ويضيف: لا أتعمد القيام بها بقصد إضحاك الآخرين كما يظن البعض، ولكنها تصدر عني بشكل عفوي . وعن أكثر المواقف التي يتذكرها في هذا الصدد يقول: كان أحد زملائنا ينوي السفر ليتزوج، وكان يتحدث عن هذا الأمر كثيراً حتى إن عمال النظافة في المول يحفظون تاريخ زفافه، فقمت بتأليف أغنية مضحكة وأرسلتها إلى أصدقائنا برسائل نصية على الموبايل . ومن جهته يؤكد خالد سالم، مخرج تلفزيوني، أن السخرية من الآخرين ما هي إلا طريقة للسيطرة عليهم، ويقول: أعتقد أن السخرية من الآخرين تكون بهدف السيطرة عليهم . ويضيف: كثيراً ما تتحول هذه المواقف من الضحك إلى الشجار أو الخصومة، وقد لاحظت أن النساء لديهن حساسية جداً تجاه السخرية التي تصدر عن الرجال في حقهن، وقد تؤدي إلى خسارة المرأة للأبد، والعكس صحيح أيضاً، ولكن النساء يحتملن السخرية من بعضهن بعضاً وإن كانت أكثر قسوة، كما يحتملها الرجال من بعضهم بعضاً بصدر رحب في أغلب الأحيان . أما وفاء غزالي، ربة منزل، فتؤكد أنها طريقة لإضحاك الآخرين دون قصد الإساءة لهم، وتقول: عندما أسخر من شخص ما لا أقصد الإساءة إليه أو إهانته، وأتحاشى عادة أن أعلق على الأشخاص المرهفين الذين أعرفهم لأنهم غير قادرين على تقبل المزاح والسخرية . وتضيف: ذات مرة سخرت من قريبة لي إذ كانت تتحدث عن نيتها لإجراء عملية لشفط الدهون، ورحت أقلد طريقتها بالحديث أمامها، فعزفت عن إجراء العملية بعد أن نشرت الخبر بقصد المزاح، وقررت أن تتبع الحمية والتمارين الرياضية بهدف مضايقتي، وبالفعل فقدت الكثير من وزنها، ولهذا أعتقد أنني أفدتها بهذا . وترى جليلة الأبيض، ربة منزل، أن السخرية تتمثل عادة في تقليد الآخرين، وتقول: لا أنتبه إلى نفسي عندما أشرع بتقليد شخص ما لاحور أسلوبه في الكلام، وحركاته الجسدية بطريقة مضحكة ومبالغ بها، مع الحفاظ على هويته بحيث يدرك الجميع فوراً أنني أقلده تحديداً . وعن المواقف التي أدت إلى الخلاف، تضيف: لا يتقن الكثيرون المزاح والسخرية، فقد حاولت إحدى رفيقاتي أن تسخر من صديقتنا الأخرى متأثرة بطريقتي بالتقليد واضحاك الآخرين، ولكن الموقف انقلب إلى شجار بينهما في الحال، ومازالتا متخاصمتين حتى الآن، فهي لا تعرف الحدود التي يتقبلها كل شخص، والتي عليها أن تقف عندها، فلكل قدرته على تقبل المزاح، كما أن الاستمرار في السخرية من نفس الشخص والتكرار يكون مزعجاً أيضاً، لهذا لا يتقن الكثيرون الموازنة بين الضحك، وعدم إزعاج الآخر فتنقلب المواقف من المزاح إلى الخصومات . بينما يؤكد سليمان كيالي، موظف مبيعات، أن السخرية لها أنواع، ويقول: هناك من يتجاوز حدود الأدب والاحترام معتقداً أنه يمازح الآخرين، أو ينتقدهم بطريقة فكاهية، فينفر منه البعض، وأرى أن المزاح وحتى السخرية عندما تبقى ضمن حدود الاحترام، وضمن نطاق الأمور المقبولة فهي لن تكون مزعجة، ولن تتحول إلى مصدر للخصومات . ويضيف: عادة المواقف المضحكة تكون عائلية، فذات مرة كنت أدعو زوج خالتي لزيارتنا لأن بيتنا أقرب، وهو أصر على أن بيتهم هو الأقرب، وظل مصراً على وجهة نظره وبقينا نضحك على موقفه لفترة طويلة . وتؤكد مهرة العطار، طالبة، أن وجود شخص مرح في العائلة يعد هبة لأنه يبقيهم في حالة مزاجية جيدة أغلب الأوقات، وتقول: وجود شخص ساخر ومرح في العائلة يجعلها أكثر ألفة، ويجعل الجو في المنزل أكثر حميمية وبهجة، هذا ما تقوله والدتي عني رغم أنها تضطر أحياناً إلى حل النزاعات بيني وبين إخوتي، وهي تحاول أن تضبط نفسها وتعاقبني أحياناً لكنها تفقد السيطرة وتضحك في النهاية وأشعر بأنني أسيطر على الموقف كالعادة . وتضيف: البعض يحاول أن يكون ساخراً وينتقد الآخرين دون أن تكون لديه هذه الملكة فيبدو كلامه مصطنعاً وأسلوبه مزعجاً أكثر، والاحظ هذا على مواقع التواصل الاجتماعي بصورة لافتة، فالكثيرون يحبون ان يستعرضوا قدراتهم في جذب الانتباه واضحاك الآخرين، فيجعلون أنفسهم محط سخرية الآخرين . من جهته يرى إبراهيم السيد، موظف بنك، أن المشكلة بالأشخاص الذين لا يتقبلون المزاح، ويقول: عادة أمزح مع أصدقائي المقربين حيث أدرك أنهم لن يتضايقوا من سخريتي، وعادة تحصل المشكلات بسبب النقد الجارح . ويتابع: هناك أشخاص ثقتهم بأنفسهم ضعيفة، ولهذا يتأثرون بأي نقد يوجه لهم حتى وإن كان على سبيل المزاح، وقد تكون ردود أفعالهم حادة ويأخذون موقفاً جاداً بسبب مزحة صغيرة . ويضيف: أنا أتقبل المزاح مهما كان نوعه، ربما لأنني قادر على الرد وجاهز له دوماً .