نجلاء ناجي البعداني مهما تعددت الدول التي يتم منها تهريب الأسلحة إلى اليمن واختلفت مذاهب المهربين وانتماءاتهم السياسية ،فإن النتيجة واحدة ولافرق أبداً بين من يموت بسلاح إيراني الصنع وآخر يموت بسلاح تركي الصنع، وإن الدمار والخراب الذي يحدثه السلاح الإيراني يحدثه أيضاً السلاح الآخر.. وبالتالي فإن الضرر الذي يلحق باليمن وأمنه واستقراره جراء التدخلات الإيرانية ودعمها لشيعة صعدة هو ذاته الضرر الذي يلحقه تدخل تركيا ودعمها للإخوان المسلمين أو السلفيين أو أي جماعة سنية أخرى.. ووحدهم اليمنيون من يدفعون ثمن هذا الصراع الإقليمي والدولي. ولهذا فمن السخف أن نفرق بين من يقوم بتهريب أسلحة الموت والدمار من إيران وبين من يقوم بتهريبها من تركيا أو غيرهما ،فكلاهما أجرما في حق اليمن وشعبه ولايجب أبداً أن نفرق بين مهرب وعميل لإيران وبين مهرب وعميل لدول أخرى. ولهذا فإن معالي وزير الداخلية عبدالقادر قحطان في مؤتمره الصحفي الذي عقده في العاصمة صنعاء مطلع الأسبوع الماضي لم يجب عن كثير من التساؤلات التي كنا ننتظر أن يجيب عنها معاليه في مؤتمره الصحفي الأول وربما يكون الأخير. معالي الوزير حصر مؤتمره الصحفي في قضية واحدة هي قضية سفينة الأسلحة القادمة من إيران والتي تم ضبطها وهي في طريقها للأراضي اليمنية بحسب التصريحات السابقة ،والحديث عن التدخلات الإيرانية المستمرة في الشأن اليمني وخطر ذلك على أمن واستقرار اليمن. وهذا الأمر معروف ومعلوم للجميع وعلى الحكومة اليمنية أن تضع حداً للتدخلات الإيرانية وأن لاتكتفي بتقديم الاحتجاجات فقط. لكن مالفت نظرنا تجاهل معالي الوزير لدور تركيا وتدخلها في اليمن وما أسفرت عنه التحقيقات حول شحنات الأسلحة التركية المهربة التي تم ضبطها في أكثر من مدينة كان آخرها في ميناء عدن قبل أسابيع قليلة،وبهذا التجاهل هل يفهم منه أنه شرع لتركيا حق التدخل في شئون اليمن بالأسلحة التركية المهربة. وللتذكير فإن السفير التركي في اليمن قال في تعليقه على الشحنة الأخيرة التي تم ضبطها في عدن(أتمنى أن تكون هذه الشحنة من الأسلحة الأخيرة). ومانخشاه أن سعادة السفير التركي يقصد أن هذه الشحنة الأخيرة التي سيتم ضبطها من قبل أجهزة الأمن اليمنية، لأن المهربين في اليمن لديهم آلية جديدة لتهريب الأسلحة ، بعيداً عن أعين أجهزة الأمن التي نجحت في ضبط الأسلحة التركية وفشلت في ضبط أصحابها والكشف عن الجهات المستفيدة من هذه الشحنات التركية المتواصلة. منطق عجيب وغريب لمعالي الوزير حين أدان إيران وتدخلاتها وتجاهل تركيا والدور الذل تلعبه وكأنه يقول إن ماتقوم به تركيا من دعم لبعض القوى في اليمن هو بموافقة الحكومة اليمنية في إطار صراع إقليمي إيراني تركي ،أو بالأصح حوثي شيعي وإخواني سني. ونحن لانريد أبداً أن تتحول اليمن إلى ساحة صراع لقوى إقليمية ودولية تتنافس من أجل مصالحها ونفوذها ونجد أنفسنا نخوض حرباً بالوكالة عن دول أخرى على حساب أمن اليمن واستقراره ووحدته وسلمه الاجتماعي،ويكون اليمنيون وحدهم حطباً لهذه الحرب والصراع المذهبي.. وفي الأخير أتمنى على معالي وزير الداخلية أن يتعامل كمسئول عن أمن جميع اليمنيين ويدرك أن خطر التدخل الإيراني لايقل أبداً عن خطر التدخل التركي وغيره. ونحن بانتظار الحقائق التي ستكشف عنها نتائج التحقيقات للجان التي قام معاليه بتشكيلها ليعرف الشعب من هو الطرف الذي يسعى لزعزعة أمن اليمن واستقراره ومن يحاول إشعال حرب أهلية بين أبنائه ولانريد أكثر من الحقيقة.. فهل سنحصل عليها أم أن للسياسة والحزبية دوراً في تغييب الحقيقة وطمس معالمها؟؟!