قوة أمنية تقتحم شركة "ميدكس كونكت" بصنعاء وتنهب محتوياته بالكامل    صندوق المعاقين يحوّل الدفعة الثانية من المساعدات الدراسية للعام 2024-2025    مرصد منظمة التعاون الإسلامي: الأقصى يواجه اقتحامات إسرائيلية يومية رغم وقف إطلاق النار    تعز تودع شهيدين من أبطال الجيش الوطني    الذهب يرتفع قرب مستوى قياسي جديد    باكستان تضرب محطتي نفط وكهرباء في كابل وانباء عن هدنة مؤقتة    معهد امريكي: شواء اللحوم يزيد خطر الاصابة بالسرطان    انجاز امني: ضبط عصابة خطف التلفونات بالدراجات النارية    جنيه الذهب يخترق حاجز ال 500 الف ريال في اليمن    صنعاء.. جمعية الصرافين تعمّم بإعادة التعامل مع شركة ومنشأة صرافة    شبوة وعدن تنتزعان ألقاب بطولة الفروسية في مأرب    ذمار.. مقتل مواطن برصاصة طائشة خلال خلاف عائلي    منع صيد الوعول مؤقتاً في حضرموت    حضرموت تمضي بخطى ثابتة نحو مشروع وطني حقيقي    تراجع أسعار النفط    برأسيتين.. قطر تعبر إلى المونديال    لبنان تقترب من الآسيوية.. واليمن تضرب بتسعة    تسجيل هزة أرضية في خليج عدن    دهس امرأتين في شبوة من طقم عسكري    العليمي يمهد لتحالف مع الحوثيين لشن حرب على الجنوب    مقتطفات من خطاب الرئيس الزُبيدي في مهرجان الضالع    صعود الذهب إلى قمة تاريخية جديدة    منتخبنا يكتسح بروناي بتسعة أهداف في تصفيات كأس آسيا    مصرع 20 شخصا إثر اندلاع حريق في حافلة بولاية راجستان بالهند    الحوثي يكشف عن سر انقلاب "اسرائيل" على اتفاق وقف عدوانها على غزة    قراءة تحليلية لنص "الأمل المتصحر بالحرب" ل"أحمد سيف حاشد"    المنتخبات المتأهلة لكأس العالم 2026    قوة أمنية تعتقل ناشطين في عدن    ترامب: المرحلة الثانية من اتفاق غزة بدأت وحماس ستتخلى عن سلاحها    اليمن يقترب من التأهل لكأس آسيا 2027 بعد اكتساح بروناي    مبابي يتصدر قائمة أفضل مهاجمي العالم ومرموش يتفوق على رونالدو    اندلاع حريق في مخيم للنازحين بأبين    عدن.. ضبط سائق باص حاول اختطاف فتاة    أصبحت حديث العالم ...فأر يقتحم مباراة بلجيكا وويلز في إطار تصفيات كأس العالم .!    الأمم المتحدة تكشف حجم الدمار في غزة وفاتورة إعادة الإعمار    عبدالله العليمي: التصعيد الحوثي الإيراني في اليمن يهدد فرص السلام    شبام.. القلب النابض في وادي حضرموت يرفع اليوم صوت الجنوب العربي عالياً    انقذوا حياة الصحفي صادق حمامة    صحيفة.. التفاتة إماراتية لوضع التعليم الصعب في اليمن    صندوق النقد يرفع توقعاته للنمو في السعودية إلى 4% في 2025    ما سر حضور رئيس فيفا قمة شرم الشيخ؟    دراسة: الإقلاع عن التدخين في مرحلة متقدمة يبطئ تدهور الذاكرة    يونيسيف:81٪ من مرافق المياه في غزة خارج الخدمة    الضالع بعيون ابينية    متى يبدأ شهر رمضان 2026/1447؟    448 مليون ريال إيرادات شباك التذاكر في السعودية    الطريق إلى رجاح    بعد إضراب شامل للمخابز.. تعديل سعر الخبز في مدينة تعز    مرض الفشل الكلوي (23)    القلم الذي لا ينقل أنين الوطن لا يصلح للكتابة    موقف فاضح للمرتزقة في مصر    عدن.. صرف مرتب واحد بالاستدانة ومصير مجهول لمرتبين رغم وعود الحكومة بالجدولة    أبناء وبنات الشيباني يصدرون بيان ثاني بشأن تجاوزات ومغالطات اخيهم الشيباني    أبناء وبنات الشيباني يصدرون بيان ثاني بشأن تجاوزات ومغالطات اخيهم الشيباني    ورثة المرحوم " الشيباني " يجددون بيانهم ضد عبد الكريم الشيباني ويتهمونه بالاستيلاء والتضليل ويطالبون بإنصافهم من الجهات الرسمية    قطاع الحج والعمرة يعلن بدء تطبيق اشتراطات اللياقة الطبية وفق التعليمات الصحية السعودية لموسم حج 1447ه    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فتاوى الذكاء الاصطناعي تهدد عرش رجال الدين في مصر
نشر في شبوه برس يوم 16 - 07 - 2025

الطعن في فتاوى التقنيات لا يُرهب متمردين على المؤسسة الدينية.

*- شبوة برس – العرب القاهرة
أمام انقسام الآراء الدينية في مصر حول أحقية الأب الذي لم يُنجب ذكورا في كتابة ميراثه لبناته وهو على قيد الحياة، اضطر الأب عماد محمد صاحب الخمسين عاما إلى استفتاء تقنية الذكاء الاصطناعي حول جواز قيامه بكتابة ممتلكاته لبناته حفاظا على مستقبلهن، فجاءه الرد بإباحة هذا التصرف وعدم تعارضه مع الشريعة.

ومع تكرار شريحة من المصريين اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي لاستفتاء الرأي الشرعي حول بعض المسائل الجدلية سارع أئمة وعلماء بالأزهر ودار الإفتاء إلى تحريم هذا التصرف، بذريعة أن التقنيات الحديثة ليست مؤهلة لإصدار فتاوى شرعية صحيحة، لأن الرؤى الفقهية يفترض أنها حكر على رجل الدين المثقف الواعي.

ولم يقتنع الأب عماد بلغة التحريم التي ساقتها المؤسسة الدينية بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي في الفتوى، وبدأ يلجأ إليه كلما احتاج إلى رأي شرعي في قضية تثير فضوله، معقبا "الناس يلجأون إلى الذكاء الاصطناعي بسبب انقسام رجال الدين في الكثير من القضايا الحياتية، وكل قضية تخضع لوجهات نظر مختلفة".

المؤسسات الدينية تعاملت باستهتار مع تجديد الخطاب الديني، ما اضطر الناس إلى البحث عن بدائل في الفتوى وإن كانت افتراضية

وأظهر تحريم علماء وأمناء الفتوى لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الفتاوى أن تلك الجهات تخشى التعرض للتهميش وضياع النفوذ والشعبية، سواء أكانت التقنيات الحديثة صادقة في رؤاها الشرعية أم لا، والمهم أن يتهافت الناس على رجال الفتوى في كل ما يخص شؤون حياتهم، ولا تنقطع علاقاتهم بأيّ جهة دينية.

وقال عماد ل"العرب" إن دخول رجال الفتوى حياة الناس رسّخ لدى المجتمع أن عدم مباركتهم لكل خطوة بأنها "حرام"، ومع توافر الخدمة بشكل سهل وبسيط عبر التقنيات الحديثة من الطبيعي أن يتراجع دورهم، وأصبح من الممكن الوصول إلى فتوى إلكترونية بطريقة سريعة، وأدلة شرعية، بعيدا عن رجل الدين.

وبرّر مرصد الفتوى التابع لدار الإفتاء المصرية معارضته للاعتماد على الذكاء الاصطناعي بأن غزارة المعلومات المتاحة تتسبب في إنتاج علم سطحي دون تدقيق في نتائج قد لا تحمل معلومات قيمة ورصينة.

وأمام التحولات السريعة التي حدثت في المجتمع، باتت هناك شريحة ممتعضة من اللجوء إلى أيّ جهة تتعامل مع الفتوى بشكل تقليدي، أي أن يذهب المستفتي إلى مقر المؤسسة الدينية أو يتصل بها، أو يستمع إلى بث مباشر يقدمه أحد المفتين الشرعيين لطرح سؤاله، ويمكن تقديم تلك الخدمة بشكل إلكتروني يناسب لغة العصر، شكلا ومضمونا.

ودافع أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر أحمد كريمة بأن استفتاء رأي الذكاء الاصطناعي في الفتاوى غير صحيح، ولا يُعقل من أيّ إنسان طبيعي، لأن هذه التقنية في النهاية آلة تخطئ وتصيب، وفتاوى الذكاء الاصطناعي محرّمة ولا يجوز العمل بها أو الاعتماد عليها في تسيير حياة الناس لوجود شكوك في صحتها.

وأوضح ل"العرب" أن تقنية الذكاء الاصطناعي تصدر فتاوى بناء على بيانات مخزنة، ما يؤدي إلى تغييب الوعي وعدم إعمال العقل والمنطق والأسانيد الشرعية حول كل قضية، فالفتاوى عملية اجتهادية وفق مفاهيم شرعية لا تتوافر في التقنيات الحديثة، وهذا دور علماء الدين، والأمر ليست له علاقة باحتكار الفتوى.

وتدفع المؤسسة الدينية في مصر فاتورة باهظة بعزوف الكثيرين عنها واللجوء إلى الذكاء الاصطناعي، فبعدما اقتنعت أنه لا بديل عنها، ويصعب على أيّ كيان أو جهة أن يحلاّ مكانها بسهولة، وسوف يظل الناس يتعاملون معها بشكل مقدس وعدم هجرها والبحث عن غيرها، صُدمت بالتمرد ضدها لإصرارها على التعاطي بتقليدية.

والأزهر ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف، جهات فتوى رسمية في مصر، تعاملت أحيانا باستهتار مع ملف تجديد الخطاب الديني، ولم تقم بتنقيح التراث وما يحويه من رؤى متشددة غير مناسبة للعصر، وبات اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي ضرورة عند شريحة ترفض الاستسلام لقناعات حراس التراث.

ويبدو أن أمناء الفتوى الشرعيين هم من أقنعوا الناس بأن الفتاوى الجاهزة لا مانع منها، ويكفي أن يفتي رجل الدين على طول الخط ويُصدر رأيا قاطعا في نفس توقيت طلب الفتوى، ما يظهر خلال تقنية البث المباشر لمؤسسات الإفتاء على صفحاتهم الرسمية والبرامج التلفزيونية التي تقدم الفتاوى على الهواء للجمهور.

وطرح موقف دار الإفتاء تساؤلا عن سبب إباحة المؤسسة الدينية لرجالها الفتوى دون بحث وتقصّ حول كل سؤال وخلفيات المشروعية والتحريم، ثم تحذر من اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي الذي يُصدر الفتوى في حينها، مع أنه يقدم للمستفتي الكثير من الأدلة والبراهين، ما يثير شكوكا حول التحذيرات المرتبطة بالتوسع في الاعتماد على التقنيات العصرية.

تحريم علماء وأمناء الفتوى لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الفتاوى أظهر أن تلك الجهات تخشى التعرض للتهميش وضياع النفوذ والشعبية، سواء أكانت التقنيات الحديثة صادقة في رؤاها الشرعية أم لا

ويرد رجل الدين على المستفتي دون أن يقرأ أكثر من تفسير ديني للواقعة المطلوب حسم الرأي فيها، ويُفتي وفق قناعاته الشخصية، والمتابع لطريقة تقديم الفتاوى في تقنيات البث المباشر يكتشف أن ردود المفتين تكون سريعة ودون تفكير أو فحص أو بحث، بعكس الذكاء الاصطناعي الذي يقدم للباحث عن الفتوى، مبرّرات عديدة.

ومن المستحيل على أمين الفتوى القول للسائل، سأبحث في المشكلة أو القضية وأرد بعد الاطلاع على المراجع الدينية المختلفة لتكون الفتوى قاطعة، ما يثير تساؤلات حول أسباب الردود القاطعة في قضايا معقدة، وبينها ما يرتبط بالاقتصاد والتعاملات المالية، أي ملفات حديثة العهد، ولم تُحسم من المؤسسات الدينية.

ويفسر هوس المجتمع بالرأي الديني حول كل شيء بأنه نتيجة طبيعية لما زرعته المؤسسات الدينية في عقول الناس وتغلغلها في شؤون حياتهم، وهذا لا يعني أن يواجَه تهميشها واللجوء إلى تقنيات معاصرة بالتحريم المطلق من رجال الدين، لمجرد أنهم يعانون التهميش أحيانا، والذكاء الاصطناعي بديل طالما يصرون على تقليديتهم.

وتأمل كل مؤسسة أن تظل هستيريا الحصول على فتوى دينية منها أمر واقع، لإثبات أنها مهمة مجتمعيا، والإيحاء أمام السلطة والناس أنها تحظى بالثقة، ما يعطيها ظهيرا شعبيا ضد النيل منها والضغط عليها لتحسين مسارها، ما يفسر جزءا من العداء لأيّ تقنية حديثة تنافسها في عملية الفتوى.

وبعيدا عن مآرب التحريم الصادرة عن جهات الفتوى ضد التعامل مع الذكاء الاصطناعي، فإن المؤسسات الدينية بمصر يعنيها أن تظل علاقتها بالناس أقرب إلى الإدمان، وتصبح بالنسبة إلى المواطن الملاذ الآمن الذي يحتمي برأيها ليظل المفتي يرى في المستفتي الوحيد القادر على أن يجعله ذا قوة ونفوذ وشعبية طوال الوقت.

ومطلوب من كل مؤسسة، قبل أن تُحرّم على الناس اللجوء إلى التقنيات الحديثة، أن تدرس الخلفيات وتُدرك أنها المسؤولة عن التمرد ضدها، ويكفي التخبط بين مؤسسات دينية رسمية حول بعض القضايا المصيرية، فقد يُحرّم الأزهر فعلا بعينه، ويحلّله أئمة الأوقاف، ما يدفع الناس للذهاب إلى الذكاء الاصطناعي بحثا عن رأي قاطع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.