طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    4 إنذارات حمراء في السعودية بسبب الطقس وإعلان للأرصاد والدفاع المدني    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    الرقابة الحزبية العليا تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقه    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    الاحتلال يواصل توغله برفح وجباليا والمقاومة تكبده خسائر فادحة    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    صعقة كهربائية تنهي حياة عامل وسط اليمن.. ووساطات تفضي للتنازل عن قضيته    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    انهيار جنوني للريال اليمني وارتفاع خيالي لأسعار الدولار والريال السعودي وعمولة الحوالات من عدن إلى صنعاء    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    فودين .. لدينا مباراة مهمة أمام وست هام يونايتد    انهيار وافلاس القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين    باستوري يستعيد ذكرياته مع روما الايطالي    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    فضيحة تهز الحوثيين: قيادي يزوج أبنائه من أمريكيتين بينما يدعو الشباب للقتال في الجبهات    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    الحوثيون يتكتمون على مصير عشرات الأطفال المصابين في مراكزهم الصيفية!    الطرق اليمنية تبتلع 143 ضحية خلال 15 يومًا فقط ... من يوقف نزيف الموت؟    رسالة حاسمة من الحكومة الشرعية: توحيد المؤتمر الشعبي العام ضرورة وطنية ملحة    خلافات كبيرة تعصف بالمليشيات الحوثية...مقتل مشرف برصاص نجل قيادي كبير في صنعاء"    الدوري السعودي: النصر يفشل في الحاق الهزيمة الاولى بالهلال    في اليوم ال224 لحرب الإبادة على غزة.. 35303 شهيدا و79261 جريحا ومعارك ضارية في شمال وجنوب القطاع المحاصر    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة أمريكية MQ9 في سماء مأرب    السعودية تؤكد مواصلة تقديم المساعدات والدعم الاقتصادي لليمن    مسيرة حاشدة في تعز تندد بجرائم الاحتلال في رفح ومنع دخول المساعدات إلى غزة    المطر الغزير يحول الفرحة إلى فاجعة: وفاة ثلاثة أفراد من أسرة واحدة في جنوب صنعاء    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طب الطيران واحة أمن المسافرين
نشر في الجنوب ميديا يوم 23 - 04 - 2012

أول شهيد في الطيران طبيب صعد بالبالون إلى ارتفاعات عالية، ونزل منها جثة هامدة، لذا أفرزت التجارب والأبحاث منذ منتصف القرن التاسع عشر حقيقة علمية صدمت الإنسان، وهي أن بيئة الارتفاعات العليا غير مناسبة للحياة، فكلما ارتفعنا إلى الأعلى نقص الضغط الجوي، ونقص نتيجة له الضغط الجزئي للأوكسجين الذي هو غاز الحياة، ومع تطور الطيران تطور الطب المختص به الذي أصبح أحد فروع علم الطب ومن إفرازات علم طب الطيران في حماية الإنسان في بيئة الارتفاعات العالية من الغلاف ضغط مقصورة الطائرات . ويولي هذا المجال اهتماماً كبيراً لدراسة أسباب حوادث الطائرات، ووضع الضوابط اللازمة لمنع حدوثها وتجنبها ما أمكن، وبشكل عام تعتبر الطائرات أسرع وأكثر وسائط النقل راحة، وأمناً .
في هذا التحقيق نسلط الضوء على نشأة طب الطيران، وأقسامه، والقوانين المنظمة الدولية له، وطب السفر للمسافرين، والحالات المرضية الناتجة عن ظروف الطيران، وغيرها من المحاور من خلال الحديث مع متخصصين في هذا المجال .
طب الطيران في "الإمارات"
د . نبيلة العوضي (رئيسة قسم طب الطيران في الهيئة العامة للطيران المدني)، تشير إلى أن طب الطيران يعرف أيضاً بطب الفضاء وهو فرع من فروع الطب المهني يدرس ظروف العمل المهنية للعاملين في مجال الطيران من طيارين، ومضيفين جويين، ومراقبي الحركة الجوية، وهو التخصص الطبي الذي يركز على الظروف الصحية والنفسية المرتبطة بالطيران والوقاية من هذه الظروف، وتخفيف وعلاج الأمراض والعلل المرتبطة بالطيران .
وعن نشأته، تقول: طب الطيران موجود منذ بداية نشأة الهيئة، حيث كانت الهيئة تقوم بترخيص الأطباء، ولكن لم تكن هناك مراقبة أو تدقيق عليهم . وإنشاء قسم طب الطيران كان في عام ،2004 منذ انضمامي للهيئة قبل 8 سنوات، كنت أول طبيبة إماراتية تعمل لدى الهيئة، وكانت التحديات كبيرة جداً، والمعلومات التي كانت لدي عن هذا المجال قليلة، والأصعب أنه لم يكن عندي المرشد ليدلني على نقطة البداية، ولكن العاملين في الهيئة ساعدوني بتوفير كل الدورات التدريبية التخصصية، وابتعاثي لبعض الدورات في الخارج، وهذا الدعم المادي أثرى معلوماتي كثيراً، وقرأت الكثير عن هذا التخصص على مستوى العالم، وكيف يعمل هؤلاء الأطباء، واشتركت في المؤتمرات الدولية وقمت بزيارة عدد من الدول للتعرف إلى طبيعة العمل لديهم، كل هذا أخذ الكثير من الجهد لتأسيس القسم وتطويره باستمرار، وكلما طرأ موضوع جديد علي كنت أبحث عن كل الممارسات على مستوى العالم وأدرس إمكانية ملاءمته وتطبيقه عندنا . واليوم في هذا القسم لدينا قانون منبثق من المنظمة الدولية لطب الطيران، ولدينا إجراءات داخلية للتعامل مع كل الحالات الخاصة بالطيارين وأطقم الطائرات وبفضل من الله نواكب كل جديد في مجال الطب بشكل عام وطب الطيران بشكل خاص . فعندما انضممت للهيئة كنت أعمل مفتشة طب طيران وبعد 7 سنوات أصبحت وظائف ومسؤوليات القسم واضحة، ورسمياً أصبحت رئيسة هذا القسم التابع لإدارة التراخيص .
تشير إلى أن طبيب الطيران يتعرض لمواقف إنسانية كثيرة، وذلك عندما يكون الطيار أو صاحب الترخيص يعاني مرضاً لا يستطيع معه العمل في مجال الطيران، ومواقف غير مسوؤلة عندما يتم إخفاء معلومات طبية مهمة عن الفاحص / أو المفتش، وأحياناً يستخدم بعض الطيارين أساليب غير لائقة للضغط على الطبيب الفاحص/ أو الطبيب المفتش .
وعن طب السفر للمسافرين الذين لديهم أمراض مزمنة وكيفية الوقاية من الأمراض المعدية، تقول: طب السفر هو فرع أو مجال من طب الطيران أو هو تخصص بحد ذاته، والمرضى ذوو الأمراض المزمنة كالسكري وأمراض القلب والأنيميا يجب عليهم مراجعة الطبيب قبل السفر" وهذا الطبيب يقوم بالتواصل مع طبيب طيران لترتيب أفضل الحلول الصحية له قبل السفر، وأخذ الاحتياطات اللازمة كافة، أما عن الأمراض المعدية، فالطائرات اليوم مجهزة بأنظمة تهوية وتنقية تعمل بمعدل30 مرة في الساعة، كما أن 50% من هواء الطائرة يتم تنقيته/ أو فلترته، وعمليه تعقيم الهواء على الطائرة في حالات وجود الأمراض المعدية بالطريق المعتمدة نفسها في غرف العمليات، وعند الاشتباه بوجود أمراض سارية أو معدية يجب على المسافر أن يقوم بالإجراءات الشخصية كتعقيم اليد بالمعقمات العادية والكحولية .
وعن الطب النفسي، تقول: هو ليس فرعاً من طب الطيران، ولكننا نعمل بصورة مقربة جداً من الأطباء النفسيين، فالأمراض النفسية مثل كل الأمراض ممكن أن تحصل للعاملين في مجال الطيران كغيرهم من الناس، لكن الفرق أن وضعهم حساس، وهذه الأمراض إذا لم تعالج بصورة صحيحة تؤثر سلباً في ترخيصهم . وغالباً معظم الأمراض النفسية لا تسمح بالطيران / مثل (الخوف من الطيران/ الاكتئاب / اضطراب الشخصيات/ انفصام الشخصية) .
أمراض الطيران والحالات الممنوعة
الدكتور لؤي العزاوي "اختصاصي طب طيران وفضاء، وفاحص طبي مخول من الطيران المدني" يقول: أثبت العلم أنه لا يمكن للإنسان أن يبقى على قيد الحياة ويموت بالهايبوكسيا إذا بقي على ارتفاع أكثر من 23 ألف قدم فوق مستوى سطح البحر لفترات طويلة، وهذا الأمر ينطبق على درجات الحرارة فإنها في الجزء الأول من الغلاف الجوي (طبقة التروبوسفير) تنخفض بمعدل ثابت وهو درجتان حراريتان لكل 1000 قدم ارتفاع حتى تصل في نهاية هذه الطبقة إلى (-55) وهو ما لا تطيقة وظائف أعضاء جسم الإنسان، واستناداً لهذه الحقائق ولإصرار الإنسان على الطيران واختراق بيئة الارتفاعات العالية فكان لا بد من تطور العلم، لكي يوفر للإنسان بيئة جديدة ووسائل جديدة تعينه على تحقيق أحلامه في الطيران في بيئة الارتفاعات العالية التي بدأت منذ عصر عباس بن فرناس . والآن الطائرات تطير على ارتفاعات عالية جداً وبسرعة تخترق حاجز الصوت ولفترات زمنية طويلة تصل إلى أكثر من 20 ساعة مستمرة، ويطير على متنها كل أنواع البشر ومراحلهم العمرية، كل ذلك أفرز اجتهادات كبيرة وعلماً طبياً جديداً يعنى بكل ذلك ويأخذ على عاتقه مهمة تهيئة العامل البشري لكي تستمر علوم الطيران في التطور، موضحاً أن مجالات عمل طبيب الطيران اليوم أصبحت واسعة جداً وتتوزع على مجموعة عريضة من المهام منها الرعاية الصحية للطيارين والطواقم الجوية ابتداء من انتقائهم ضمن مواصفات ومستويات صحية معينة حددتها وصايا اللياقة الصحية العالمية للطيارين والطواقم الجوية التي تصدر عن المنظمات الطيران الدولية (ايكاو) وسلطات الطيران المحلية في دول العالم، ومثالها الهيئة العامة للطيران المدني في الإمارات التي يعمل على تطبيقها أطباء ذوو مؤهلات طبية محددة يتم تخويلهم من قبل هذه السلطات كفاحصين طبيين مخولين، ثم مروراً بفحص هؤلاء الطيارين والطواقم الجوية دورياً، وإعداد برامج صحية لتمكينهم من الحفاظ على مستويات لياقتهم الصحية للاستمرار بأدائهم لواجباتهم بما يضمن أعلى حدود سلامة الطيران، لافتاً إلى أن للطيران طباً مهنياً بمعنى أنه يعنى بكل مشكلة صحية أو طبية تتعلق بالطيران أو بالطائرات . وعن الحالات الصحية الممنوعة من الطيران، يقول: هناك مجموعة محدودة جداً من الأمراض يحظر طيرانها إما بسبب تأثرها سلباً بالطيران من خلال تعرضها لإجهاد بدني ونفسي أو بسبب التعامل معها على متن الطائرة بارتباك قد يهدد سلامة الطيران، ومثال على ذلك حالات جلطة القلب الحديثة التي لم يمر عليها أكثر من ستة أسابيع، وحالات الذبحة الصدرية المتكررة، وفقر الدم الشديد، وحالات المرضى في طور الاحتضار، وبعض الأمراض المعدية والمرضية الأخرى . أما الحالات التي يمنع طيرانها بسبب ما تحدثه من ارتباك فهي المرأة الحامل التي يبلغ عمر حملها أكثر من 32 أسبوعاً التي يمكن أن تساعد اجهادات الطيران النفسية والبدنية على حصول التقلصات الرحمية التي قد تؤدي إلى احتمالات ولادة مبكرة للجنين، وما قد يصاحبه من فوضى على متن الطائرة، أثناء الرحلة أو ما قد يعقبها من مشكلات قانونية تتعلق بتوثيق ولادة الجنين، ورغم ذلك فإن واحدة من أهم متطلبات تجديد رخص الطيران للمضيفات هو اجتيازهن لدورة إسعاف أولي وقبالة (أي تعامل مع حالة ولادة)، ويخضعن أيضاً لدورات إعادة معلومات في هذا المجال بصورة دورية، ويوجد على متن مقصورة كل طائرة حتمياً حقيبة طوارئ طبية وحقيبة إسعاف أولي يستخدم محتوياتها المضيفون عند الحاجة .
وعن أمراض الطيران، يقول: هناك مجموعة من الأمراض لم يعرفها الإنسان قبل عصر الطيران، منها مرض جوع الأوكسجين، وأمراض الشدد الضغطية التي منها الشدة الضغطية للأذن والشدة الضغطية للجيوب الانفية والشدة الضغطية للأسنان والشدة الضغطية للأمعاء، ومرض تخلخل الضغط الذي يحدث في ظروف خاصة، ومرض تخلف الساعة الداخلية الذي يصطلح عليه بالجيت لاك، هذا إضافة لرهاب الطيران ومرض دوار الجو وهنالك أمراض أخرى تحتاج إلى طبيب الطيران حصرياً لمعالجتها .
ويشير إلى أنه في حالة حصول حادث طائرة، وكان فيه ضحايا فإن فريقاً للتحقيق في الحادث سيشكل على الفور، وعلمياً يجب أن يكون طبيب الطيران عضواً فيه ليؤدي مهمتين حيويتين، أولاها مهمة طبية في التعرف إلى الضحايا وثانيهما مهمة تحديد وتقييم العامل البشري ضمن مسببات الحادث .
ويلفت إلى أنه ليس من العملي أن يكون هناك طبيب على متن كل طائرة، فهنالك يومياً عشرات آلاف من رحلات الطيران في مختلف أنحاء العالم، ودور الطبيب في الطائرة تم تعويضه من خلال تجهيز الطائرات بنوعين من الحقائب الطبية (حقيبة الطوارئ الطبية وحقيبة الإسعافات الأولية)، وطائرات بعض شركات الطيران العالمية الكبيرة الآن هي مجهزة بأجهزة ومعدات إلكترونية ولاسلكية مرتبطة بمراكز طبية عالمية في عدة مناطق في أمريكا وأوروبا، ويتم من خلال هذه التقنية بما يسمى الآن بالعلاج عن بعد، ويتم بوساطته التعامل مع الحالات المرضية الطارئة الخطرة التي يمكن أن تحدث على متن الطائرة خلال الرحلات الطويلة .
صحة الطيارين
د . زيبا المرزوقي "طبيبة طيران ومفتشة الطيران في الهيئة العامة للطيران المدني" تقول: درست الطب العام في مصر، وبعدها أكملت في مجال طب الطيران بشهادة معترف بها من أستراليا، وأتولى مسؤولية قطاع الأمان في الجانب الصحي للطيارين، بفحص الطيارين سواء طيار مبتدىء أم متمرس، والفحوص تكون في العيادات المرخصة، وترسل لنا، وعلى أثرها نسمح للطيار بحمل الرخصة، إضافة إلى الطيارين، فيتم فحص المراقبين الجويين ومضيفي الطيران والمهندس الذي يوجد في الطائرة أثناء التحليق، والفحوصات تكون دورية . لافتة إلى أن الهيئة تعتمد على القوانين والتشريعات الدولية .
وتشير إلى أن بعض الأمراض قد تفقد الطيار رخصته الطبية نهائياً، كسرطان المخ وكل الأمراض التي تؤثر في وظيفته كطيار، موضحة أنه إلى جانب ذلك يوجد اختصاصيون نفسيون في طب الطيران، وكل فرد من طاقم الطائرة إذا حدث له أمر نفسي لابد أن يرجع للطبيب النفسي، حتى يؤكد مدى أهليته لهذا المهام . مؤكدة أن هناك بعض الضغوط النفسية على الطيارين التي تؤثر فيهم، وبالأخص الحياة البيولوجية التي لا تكون منظمة، لافتة إلى أن جميع الطيارين في بداية حياتهم العملية يتعرفون من خلال الدورات والورش إلى كيفية تنظيم حياتهم وآلية الاهتمام بصحتهم .
عيادة طب الطيران
بدأت د . نادية بستكي "مسؤولة قسم الطيران الطبي في شركة اتحاد للطيران" رحلتها في دراسة الطب في بريطانيا تخصص طب عام، وأكملت مسيرتها العلمية في مجال طب الطيران برغبة ذاتية في اقتحام عالم جديد ونادر، وتقول: اخترت الدراسة في هذا المجال عن قناعة، وتمكنت من العمل في مجال طب الطيران في شركة الاتحاد، وطبيعة عملي في هذا المجال تختص بالدرجة الأولى بالفحص الدوري للطيارين وأطقم الطائرات على الأسس والقوانين المنصوص عليها في الهيئة العامة للطيران المدني؛ وذلك للتأكد من سلامتهم وقدرتهم على حماية سلامة الركاب، كما أن من أساسيات العمل اليومي هو تقديم الرعاية الصحية لطاقم الطائرة من طيارين ومضيفات ومهندسي طيران، إضافة إلى ذلك فطبيب الطيران عضو مهم في فريق العمل المختص بحوادث الطيارات والوقوف على المتسبب بها سواء كان الحادث ناجماً عن خطأ فني أم خطأ بشري .
وتشير إلى أن المسافرين أيضاً لهم نصيب من النصائح التي تقدمها عيادة طب الطيران، وتحديد صلاحيتهم للطيران من خلال علاج الأمراض المزمنة التي تتفاقم مع الطيران وتقديم التسهيلات الممكنة لضمان سلامتهم في الأجواء .
وتأكد أن نظام العمل بالمناوبات للطيارين وأطقم الطائرات والرحلات الطويلة والتغير الكلي في ساعات النوم والساعة البيولوجية قد تؤثر بشكل سلبي في الطيارين، وتؤدي إلى القلق والإرهاق المزمن الذي يؤدي إلى إجهاد مهني، لهذا هناك اهتمام كبير بهذا الأمر، من خلال إجراء البحوث والدراسات لوضع برامج فعالة تسهم في التقليل من إرهاق الطيار، والتقليل من الحوادث التي قد تنجم عن الإرهاق .
خدمات أطقم الطيارين
د . عصام سلامة "رئيس الخدمات الطبية في مطار الشارقة الدولي" يقول: درست طب الطيران في المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، وبدأت ممارسة مهنة طب الطيران عام 1982 عندما كنت اعمل في الملكية الأردنية كمدير للخدمات الطبية، حيث أنشأت مركزاً لطب الطيران للعناية بأطقم الطائرات ورفع مستوى سلامة الطيران، وحالياً أعمل في مطار الشارقة، وأتولى إدارة وتنظيم الخدمات الطبية لأطقم الطائرات من طيارين ومضيفين، وإجراء الفحوص الدورية الخاصة بأطقم الطائرات حسب المعايير الطبية المنظمة من قبل الهيئة العامة للطيران المدني، ودراسة الحالات المرضية للمسافرين وإعطائهم النصائح الخاصة لتأمين سفر آمن لسلامتهم، وغيرها .
وعن طب المسافر، يقول: هو أحد اختصاصات طب الطيران ويهتم بمنع ومعالجة المشاكل الصحية المتعلقة بالسفر، حيث ظهر طب السفر في عام ،1981 عندما لوحظ أن المسافرين معرضون للإصابة بمختلف الأمراض المعدية والإصابات المختلفة .
ويشتمل هذا التخصص على عدد من التخصصات التي تزداد الحاجة إليها في السفر مثل الأمراض المعدية كإسهال السفر الذي يصيب ما بين 20% إلى 30% تقريباً من المسافرين، والملاريا والدرن وغيرها، ومثل طب المناطق الاستوائية، وصحة البيئة، والطب المهني وغير ذلك، إلا أن المسافر يتعرض لذلك أكثر بسبب الإجهاد والمتاعب الأخرى كعدم التعود على الحركة، وما يصاحبها من نزول وصعود، وحمل الأمتعة، وتغير المناخ، وطبيعة الأراضي المسافَر إليها، والمشقة الجسمانية الناتجة عن الفوارق الزمنية، والمشقة النفسية بسبب الغربة .
فحص طاقم الطائرة
د . أحمد الحسين "فاحص طبي مخول" يقول: درست الطب في أستراليا، وبعدها التحقت بكورسات في أمريكا وألمانيا وهولندا، وطبيعة الدراسة كانت نظرية وعملية عن الطيران، والمشكلات التي تواجه الطيارين والركاب والمراقبين الجويين، وطبيعية مهامي إجراء الفحص الطبي للذين يرغبون بدراسة الطيران، ومدى لياقتهم الصحية، وفحص الطيارين المرخصين والمهندسين الجويين والمراقبين الجويين لتجديد تراخيصهم، وكل فئة لها متطلبات صحية تختلف عن الأخرى .
وعن فحص الطلبة المقبلين على دراسة الطيران، يقول: نجري فحوصاً شاملة ودقيقة، تشمل الأطوال والأوزان، وسلامة الجسم كالحالة التنفسية وتخطيط القلب ومدى تحمله لكل التغيرات التي تحدث أثناء التحليق .
و يشير إلى أن أبرز الأمراض التي تصيب الطيارين نقص الأكسجين، وبالتالي يفقد التركيز ويفقد الكنترول على الطائرة، وأيضاً الإرهاق الذي له علاقة مباشرة بجدول الطيار، والضغوط بشكل عام قد تسبب أمراضاً نفسية للطيار .
تاريخ طب الطيران
في عام 1784بعد مرور سنة على أول رحلة طيران بالمنطاد (البالون ) نشأ طب الطيران بدراسة التأثيرات الفسيولوجية في ركابه، حيث قام جون جيفريز John Jeffries بدراسة تكوين الهواء من فوق منطاد . وكان الطبيب الفرنسي بول بير قد نشر عام 1878 أول دراسة بعنوان الضغط البارومتري La pression barometrique عن تأثير رحلات الطيران وتغير الضغط الجوي ومكونات الهواء في صحة الإنسان . وفي عام 1894 صمم الفسيولوجي النمساوي هيرمان فون شروتر Herman Von Schrôtter قناع الأكسجين الذي استطاع عالم الأرصاد الجوية أرتر بيرسون الصعود به لارتفاع 9150 متراً . نشأ طب الطيران مع ظهور الطيران في أوائل القرن العشرين . ففي عام 1910 أصبح طب الطيران أحد فروع الطب في فرنسا وألمانيا وإنجلترا وإيطاليا وأمريكا . وفي روسيا كان بعد قيام الثورة البلشفية عام 1917 . وكان الأطباء يهتمون بالكشف الطبي على المرشحين للتدريب كطيارين . ثم أخذ طب الطيران يتطور ويشمل وسائل الإنقاذ والشروط الصحية والجسمانية والنفسية للمرشحين للدراسة في معاهد الطيران . وتقييم الحالة الصحية والوظيفية لطاقم الطائرة، والتأمين الصحي للطيران، وتقديم الخدمة الإسعافية للطاقم والمسافرين والمساعدات الطبية في أثناء الطيران وفي ظروف الإخلاء الجوي للمرضى والمصابين . وتأثير الارتفاعات والسرعات في الجسم، كما يعنى بتجهيزات الطائرات وتغذية الطيارين، واستطاع تيودور ليستر عام 1934 تصميم بدلة مكيفة الضغط الجوي pressurized suit . وفي سنة 1942 صممت أول بدلة ضد الجاذبية anti-gravity suit . إن الطريقة المثلى للتأمين على سلامة الطيران في الارتفاعات يعتبر استعمال القمرة المحكمة الانسداد .
فرق بين طب الطيران وطب الفضاء
جميع الإجهادات الطبيعية (الفيزيائية والكيميائية البايولوجية) الموجودة في بيئة الارتفاعات العليا من الغلاف الجوي الهوائي المحيط بالكرة الأرضية هي في الواقع نفسها موجودة في الفضاء (المنطقة التي تلي الغلاف الجوي) . ومن أمثلة هذه الإجهادات الطبيعية انخفاض الضغط الجوي، انخفاض الضغط الجزئي للأكسجين، تغيرات درجات الحرارة وبمعدلات تتعارض مع وظائف أعضاء جسم الإنسان . ولكن الفضاء الخارجي يتميز بوجود بعض الإجهادات الإضافية التي تتعلق بالتحرر من حدود الجاذبية الأرضية، التي تؤدي إلى حالة انعدام الوزن، وما لها من تأثير في وظائف أعضاء جسم الإنسان في حالة التعرض لها لفترات طويلة كما حدث مع الرحلات التجريبية لرواد الفضاء الذين قضوا فترات طويلة في الفضاء الخارجي، ومن هذه التأثيرات اضطراب الدورة الدموية، التوازن، عمل المفاصل، وغيرها من التأثيرات . وهناك بعض ما يتميز به الفضاء الخارجي عن بيئة الارتفاعات في الغلاف الجوي الأرضي .
طب الفضاء هو في واقع الأمر امتداد لطب الطيران، وفي الدول المتقدمة كالولايات المتحدة الأمريكية، فإنه يعتبر اختصاصاً طبياً واحداً باسم طب الطيران والفضاء .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.