المعارض.. صناعة وسياحة قد يكون معرض ايدكس الذي يقام الآن في مدينة أبوظبي هو أفضل الأمثلة على سياحة المعارض، تلك السياحة المتخصصة التي تساهم في تنشيط صناعة السياحة بشكل عام من عدة جوانب. يعتقد البعض أن سياحة المعارض هي فقط ارتفاع نسب الاشغال الفندقي في المدينة التي يقام بها المعرض، وزيادة حركة السياح إلى المدينة من الحضور والعارضين، وقد يكون هذا بشكل مبدئي صحيح إذا نظرنا إلى الأمر من حيث الشكل الظاهري لهذا النوع من السياحة. حقيقة الأمر أن سياحة المعارض لها العديد من الجوانب الايجابية غير المباشرة، ولها تأثير كبير على صناعة االسياحة بشكل عام، بشرط توافر القدرة على التنظيم الجيد، وتوافر الامكانيات لاستضافة المعارض الكبرى وزوراها كماً وكيفاً. المعرض في الأصل هو فكرة جيدة في مجال معين تجمع عارضين من مختلف أنحاء العالم في مكان واحد، تجعل المشترين والمهتمين والعملاء يسافرون ويحرصون على التواجد في هذا التجمع، للإطلاع على أحدث ما في هذا المجال من منتجات، والقيام بصفقات لشراء المنتجات والتعاقد مع الموردين والمصنعين بأسعار وفرص خاصة. فالمعارض في النهاية هي نوع من التسويق للمنتجات والخدمات وتجميعها في مكان واحد، والتسهيل على المشترين والعملاء للقاء المنتجين من العالم في مكان واحد. وهذا يعني أن سياحة المعارض هي عامل جذب مهم لنوع غير متوقع من السياح، سائح لم يكن سيأتي إلى الوجهة السياحية إذا لم يكن هذا المعرض موجود، وعلى هامش المعرض سيقوم بجولات سياحية ويقيم في فندق ويتسوق ويتعرف على المكان والوجهة السياحية. ومع حسن التنظيم وتكاتف الجهات المختلفة، سيتحول هذا السائح إلى سائح متوقع في المستقبل، كما أنه سيتحول إلى آلة دعاية متحركة للوجهة السياحية عند الأصدقاء والأهل والمعارف، خاصة مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي التي تمكنه من عرض الصور والتجارب بشكل سريع وسهل. ثم نأتي إلى الجانب الاعلامي والترويجي، فالتغطية الإعلامية للمعارض على حسب أهميتها، تعد دعاية غير مباشرة للوجهة السياحية، خاصة مع حضور شخصيات مهمة من مختلف دول العالم، حيث يتكرر اسم الوجهة السياحية في نشرات الاخبار والتقارير، ويصبح اسم الوجهة ملازما لكل التغطيات الإعلامية، إضافة إلى التقارير الخاصة التي يبعث بها المراسلون عن المكان والمدينة وفرص التسوق والمقومات السياحية. سياحة المعارض أيضاً تساهم في تنشيط حركة النقل الخارجي والداخلي، وتساهم في انتعاش الاسواق وحركة التسوق، وتقدم فرص عمل مؤقتة وسريعة للعديد من الأشخاص والعمال والشباب وشركات تنظيم المعارض وتصميم الأجنحة، والمطاعم وشركات الاتصالات.. وغيرها. من هنا تأتي أهمية سياحة المعارض، التي يمكن أن نقول ونؤكد أن الإمارات لعبت فيها دوراً كبيراً، ونجحت في استقطابها ووضع اسمها بين الوجهات السياحية العالمية المتخصصة في إقامة المعارض بشكل كبير، ولا يزال المستقبل يبشر بالمزيد من النجاح في هذا المجال. قد يبدو الأمر بسيطاً، ولكنه في الحقيقة يحتاج إلى جهد كبير، فلا يزال أمامنا العديد من الفرص المتاحة في هذا المجال، والمهم أن نعرف جميعاً أهمبتها ونتكاتف لإنجاحها.. وحياكم الله.. ابراهيم الذهلي رئيس تحرير مجلة اسفار