بقلم / عباس أحمد باعباد كغيرها من مناطق حضرموت التي تقع في " بلوكات " الامتياز لاستخراج النفط , تقع غيل بن يمين ذات التجمع السكاني الذي يفوق ( 30000 نسمة ) في منطقة الامتياز الممنوحة سابقآ لشركة " كنديان نيكسين" و حاليآ " بترو مسيلة " و لا تبعد عن الآبار سوى بضعة أمتار . يتميز سكانها ببساطة العيش الفطرية , والشهامة العربية المتأصلة فيهم , فهم تواقون للسلم و لا يعتدون إلا إذا أعتدي عليهم , ثبتت الطبيعة القاسية من حولهم ما وجد فيهم من صبر غرسه الأجداد مع القيم و المبادئ السامية . و عند زيارتي للمنطقة لأداء واجب عزاء حزنت مرتين , و ذهلت للمأساة الحالة بهم . و كأن عجلة الزمن توقفت عند العام 1972م و هو العام نفسه الذي تم فيه تشييد مدرسة الصحابي ( أبو موسى الأشعري ) و التي تشرفت بزيارتها , و يصعب القول بأنها قائمة فالمبنى غير صالح حتى لإيواء المواشي ! و تضم أكثر من (800 ) طالبآ و لم يعد افتقارها لجميع مقومات التربية و التعليم كمبنى هو المأساة بل تردي ما بقي منها . مبنى متهالك قد عفى عنه الزمن تم تشييده في العام ( 1972م ) و ترى الغرف الدراسية أشبه بزنزانات السجن إلا أن الفرق أنها- الأولى – بدون نوافذ و إنما فتحات , وآثار تسلل مياه الأمطارو ما أحدثته من فجوات , و تجد معظم غرفها الدراسية و قد جلس التلاميذ على الأرض بدون أي عازل من الأرضية التي تسودها الحفر . غير أن بعض الغرف الدراسية بها ما يجلس عليه التلاميذ من أخشاب على هيئة كراسي لا تعترف بمعايير الجودة و المقاييس . و بالطبع فأن التلاميذ تملأهم الغبطة و السرور فقط في حالة سماعهم صوت جرس المدرسة اليدوي و الذي يعتبر بحد ذاته تحفة أثرية نادرة الوجود , فالمدرسة غير مزودة بالتيار الكهربائي , فلا وجود للكهرباء في البلدة بالنهار وذاك منذ العام ( 1978م ) و تقتصر الكهرباء على ( 6 ) ساعات ليلآ فقط . فماذا ينتظر من مخرجات تعليمية في هكذا وضع . أما شوارع المنطقة لا تكاد تميزها فهي و بقية الأرض الممتلئة بأحجام من الحجارة سوى , لم تعرف الرصف و السفلته أو مشروع متعثر كحد أدنى . تحيط بالتجمع السكاني أخطار محدقة تتمثل في الأضرار الناجمة عن عمليات استخراج النفط كالتلوث البيئي في الهواء والماء , الأمر الذي بدأت أعراضه في الظهور من خلال تأثيرها على الصحة السكانية على الإنسان و الإبل و الماشية ليصاب من يصاب بالسرطان و الفشل الكلوي و غيرها من الأمراض القاتلة و العاهات المستديمة . وإلحاق الأذى النفسي لمن لم يصب بعد و إصابته بالقلق و التوتر الذي يؤثر على مجريات حياته . في الوقت ذاته تعمد الشركات على رمي المخلفات السامة بالقرب منهم , وتفريغ كميات من المياه المصاحبة للتنقيب على مقربة من تواجدهم ومراعي ماشيتهم و قد لاقت اعتراضات من المنظمات الحقوقية و الإنسانية . يسعى المواطنون دومآ لإبراز مشكلاتهم وتطلعاتهم ومطالبهم التي لا تلاقي الآذان الصاغية ! و تختصر مطالبهم الحقوقية في إيجاد البيئة المناسبة للحياة الكريمة و الصحية و توفير حقهم من الاهتمام بالتعليم و الصحة و الطرق و استحقاقاتهم الفعلية في معايير قبول العمالة في الشركات المتواجدة بقربهم . إن تكالب كل الأسباب المتعمدة و غير المتعمدة جعل المنطقة معزولة تمامآ عن التقدم الملحوظ , ما جعلها تشبه أثرآ قائمآ لعصور غابرة مع وجود إصرار على الحياة . إن الاهتمام بالبنية التحتية لا زال في حالة العدم , الأمر الذي يتنافى مع واجبات الشركات العاملة و الدولة تجاه التجمعات السكنية حسب ما تتعاقد عليه الجهات المعنية في اتفاقات و عقود منح الحق في استخراج النفط في مواقع الامتياز . و أن لمن الأمر المحزن أن يدفع المواطنون قيمة استهلاك التيار الكهربائي أضعافآ مضاعفة مقارنة ببقية مناطق البلاد عامة لتتجاوز قيمة استهلاك التيار الكهربائي ( 4000 ريال) لقى ست ساعات ليلآ . ولا يختلف الأمر كذلك في استهلاكهم للمياه التي غالبآ ما تكون خارج تدرجات الجودة . إن تكالب الأسباب التي أدت إلى تدهور الوضع قد تقترب من مصاف الجرائم الإنسانية . و لابد من نظرة عاجلة في الأمرو تصحيح ما يجب تصحيحه و تنفيذ الخطط و رفع الخطر المحدق , و إن عجزنا عن مساعدتهم في العيش فلا نحرمهم الحياة مع سبق الإصرار و الترصد . 0.000000 0.000000 شارك الموضوع في Like this: Like Loading...