انور سلطان فى البداية احب ان اوضح ان استخدام كلمة " شمال" و " جنوب" هو من باب التنازل لدعاة الحوار . لنفترض ان جماعتين، الجماعة " ش " والجماعة " ج " ، لهما قطعتى ارض زراعية ، اتفقوا على جعلها قطعة واحدة مشتركة . وبغض النظر عن وجود طغيان من " ش " على " ج " واحجاف بحقهم . ولنفترض ان الجماعة " ج " وجدوا ان الوضع ليس فى صالحهم، ورفضوا هذه الشراكة واردوا فضها والعودة الى وضعهم السابق . فدعت الجماعة " ش " الى طاولت حوار تحل فيه كافة الاشكاليات ، وتكون الطاولة بالمناصفة بين الطرفين ، وما تقرره الطاولة يكون هو الحل النهائي . ماذا يعنى هذا؟ يعنى ان الجماعة " ج " وضعت امرها بيد الجماعة " ش " . ويصبح مصير الجماعة " ج " معلق على طاولة الحوار وما تقرره ، وليس لهم من الامر شئ . هذه الطاولة بهذا الشكل هى تنازل من اصحاب الحق " ج " عن حقهم وحدهم فى البت فى مصيرهم لصالح الطرف " ش " الذى ليس له حق التصرف اساسا فى مصيرهم. اذا وافق ممثل " ش " على ما يطلبه ممثل " ج " سوف يعطى للجماعة " ج " حقها، وان لم فما عليهم سوى الاستمرار فى وضع الارتباط هذا رغما عنهم . فما بالك اذا كان هناك في ممثلي " ج " من يتوافق مع " ش" ولا يريد فض الشراكة. هل سيكون هناك فض لشراكة ؟ لا ابدا ، ولو طلعت الشمس من مغربها . والحل بسيط جدا، لكن " ش " يرواغ ويهرب منه . والحل هو ان يوضع الحق بيد اصحاب الحق. وبهذه الطريقة سوف تحل المشكلة من كافة جوانبها. حيث يحسم الاستفتاء المسالة بين الجماعة " ج " (اذا كان هناك خلاف فعلى بينهم ) ويحسمها ايضا مع الجماعة " ش " . لكن هذا اللف والدوران من الجماعة " ش " ومن يوافقها من الجماعة " ج " هو للالتفاف على ان يكون الحق بيد اصحابه جميعا وهم الذين يحسمون امرهم . فيحصرونه اولا فى مجموعة من الافراد من " ج " جزء منهم ليس مع طرح جماعته، وثانيا بجعل ممثلى " ش " لهم حق البت فى المسألة . ولو طلعت النجوم فى الظهر لن يكون الا ما تريده " ش " ومن يوافقها من " ج " ، والتى اعطيت حجما اكبر من حجمها بكثير عندما تم حصر الحق فى افراد من الجماعة " ج " وليس للجماعة كلها . اضن ان الصورة اتضحت . فما بالك اذا كان التصويت على اى حل لا بد ان يحضى بنسبة تزيد على 50% من الاصوات ( اكثر من 75 % ، لا اعلم الية حسم الخلافات بالضبط ) . بمعنى آخر لو ضمنوا واحد فى المائة (حوالى 9 اشخاص ) من الجنوبيين المشتركين فى الحوار لصالح الوحدة لن يحدث اى تقرير مصير ابدا ، ويعلق مصير شعب برمته على 10 اشخاص فقط ، اذا كانت نسبة الحسم هى 50% من المتحاورين (وكان الجنوبيون فعلا يمثلون النصف فى طاولة الحوار ) ، اما اذا كانت النسبة اكبر من ذلك ، فقد اعطيت الطرف الاخر مطلق الحق فى تقرير مصيرك . المسألة ياسادة ليست فى حل المشاكل بين الشركاء فى قطعة الارض ، المسألة ان " ج " لا يريد الشراكة من اساسها ، فيجب ان يكون الحديث عن الشراكة وليس عن مشاكل " ش " . فكما لا يجب اعتبار طغيان " ش " مشكلة من مشاكله واعطائه مفتاح حها ووضعها بيده ليحلها هو مع من طغى عليهم ، بل المشكلة ان الطغيان والنهب والقتل قوض الشراكة التى يجب ان تنتهى بطريقة سلمية ، تكون افضل للجميع ، لانها ليست الا سطوا مسلحا . 23\2\2013 م