إذا وضعنا أمامك سلم علامات من 1 إلى 10، فكم ستمنح نفسك؟ على الأرجح 7 أو 8، أليس كذلك؟ لا عليك، فلست الوحيد الذي يُقَيم نفسه عالياً، بل معظم الناس يفعلون ذلك. فعلى الرغم من أن أغلب الناس لا يستحقون علامة أكبر من المتوسط لتقييم صفة معينة، فإنهم يعتقدون أنهم أفضل من جُل الناس الآخرين في ميادين عديدة، بدءاً من السلوك الخيري والإحسان، ووصولاً إلى جودة الأداء في العمل. ويُصطلح على هذه الظاهرة في علم النفس "التفوق المتوهَم". وهي ظاهرة تتأثر بالبيئة الثقافية لكل شخص أو مجموعة أشخاص، وتُتيح للناس استدامة صحتهم الذهنية ولياقتهم العقلية، علماً أن أكثر الناس ميلاً إلى تضخيم ذواتهم هم الأقل كفاءة ومهارة، بشهادة نتائج دراسات راكمها باحثون طوال العقود الماضية. يقول العالم النفساني من جامعة كورنيل الأميركية الدكتور ديفيس دانينج إن مبالغة الناس في تقييم ذواتهم وتصوير أنفسهم بأنهم أفضل الناس هي ظاهرة موجودة في كل المجتمعات، لدرجة أن علماء النفس يُفاجأون إذا حدث أن أظهرت إحدى دراساتهم نسبية هذه الظاهرة، أو عدم اتساعها على نطاق واسع في كل البيئات الاجتماعية. ما جعل التفوق المتوهم بمثابة الأصل، وتبخيس الذات هو الاستثناء. وتُلازم هذه الظاهرة المجتمعات البشرية لأسباب عديدة. ويرى دانينج أن بعض الناس يطغى عليهم الأدب واللباقة، فيمتنعون عن البوح صدقاً وحقيقة بما يعتقدونه عن أنفسهم، وآخرون غير أكفاء ويفتقدون إلى مهارات تقييم قدراتهم بدقة، فيتحصنون بتلك التوهمات الذاتية التي تُسهم في حماية صحتهم العقلية. مبالغات ذاتية منذ أن بدأت دراسات علم النفس تسبُر أغوار هذا الموضوع، كان الباحثون يلاحظون أن السواد الأعظم من الناس يمنحون لأنفسهم أفضل العلامات والدرجات عند مطالبتهم بتقييم قدراتهم وصفاتهم. ويقول دانينج إنه على الرغم من كون معظم الناس ماهرين إلى حد ما في تقييم أنفسهم، إلا أنهم يبالغون كثيراً في تثمين قدراتهم الذاتية. وسبب ذلك على الأرجح هو معرفتنا بالصفات والظروف الخارجية التي توجه أفعال الناس الآخرين، وميلنا إلى اتخاذها مرجعاً لنا والنسج على منوالها. لكن عندما يتعلق الأمر بنا، يقول دانينج، فإننا نعتقد أن كل شيء يدور في فلك نيتنا، وجهدنا، ورغبتنا، ونجعل ذواتنا تطفو فوق كل أنواع الإكراهات الحقيقية التي تواجهنا". ... المزيد