عبده محمد الجندي ماحققه أبناء الشعب اليمني الصامد والصابر بوجه التحديات من انتصارات سياسية بالأساليب السلمية والديمقراطية أفضت إلى تحقيق التداول السلمي للسلطة بين السابق المشير/علي عبدالله صالح والرئيس الحالي المشير/عبد ربه منصور هادي من خلال انتخابات رئاسية مبكرة نصت عليها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، مثلت نقلة حضارية عظيمة قلما حدثت في الوطن العربي الكبير من النهر إلى النهر. نحتفل اليوم بمناسبة مرور السنة الأولى المنتهية في ال 21 من فبراير2013م، هذا الانتصار الذي صنعته العقول اليمنية المسلحة بالحكمة التي أشاد بها العالم بأسره لاينبغي أن يتحول إلى هزيمة لطرف وانتصار لطرف يحاول إعادة اليمن الجديد إلى عصور الشمولية والدكتاتورية التي تكرس سيطرة الفرد الواحد والحزب الواحد وفق خطابات ومظاهر تتخذ من الشرعية الثورية مبررات زائفة للانقضاض على الشرعية الدستورية المعبرة عن الإرادة الشعبية للهيئة الناخبة. أقول ذلك وأقصد به أن الحزب الذي اتهم بسرقة ثورة الشباب مابرح اليوم يحاول عبثاً سرقة الإرادة الشعبية الحرة المتموضعة بفعل أكثر من ستة ملايين ناخب وناخبة قالت نعم لعبد ربه منصور هادي – رئيساً للمرحلة الانتقالية التي نصت عليها المبادرة المعبرة عن حرص الدول الشقيقة والدول الصديقة، مستبعداً بتلك الخطابات السياسية والمظاهر الاحتفالية الإعلامية، الدور الكبير للمؤتمر الشعبي العام وحلفائه، ناهيك عن تعمد التقليل من الدور الفاعل لشركائه داخل وخارج أحزاب اللقاء المشترك الذين لم يحرص على إشراكهم بأي فعالية احتفالية بمناسبة 11 فبراير و21 فبراير 2013م.. أقول ذلك وأقصد به أن الشعب اليمني الذي رفض الاستكانة للأطماع الهادفة إلى الانفراد بالسيطرة على السلطة سوف يقف بالمرصاد لكل حزب أو تنظيم يحاول السيطرة منفرداً على السلطة ولايبقي للآخرين سوى الهشيم الجاف المتخلف بعد الحصاد، لأن أخونة الدولة أسلوب غير ديمقراطي رفضه المصريون ورفضه التوانسة والليبيون وسوف يقابله اليمنيون بذات الأسلوب الرافض لدكتاتورية الفرد الواحد والحزب الواحد. ومعنى ذلك أن التجمع اليمني للإصلاح الذي يحاول في خطابه الاعلامي والسياسي مطالباً أكثر من أي وقت مضى أن يراجع أخطاءه ويسمي الأمور بمسمياتها الصحيحة من خلال الاعتراف بأن ماحدث في اليمن وتضمنته المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والقرارات الدولية التي وقع عليها وقبل بها بأنه أزمة سياسية وليس، ثورة بديلة للثورة اليمنية 26سبتمبر و14أكتوبر الخالدة والدائمة والمستمرة.. وعليه أن يعترف بأن ماحدث في ال 21 من نوفمبر 2012م كان انتخابات رئاسية مبكرة دعا إليها الرئيس السابق وحزبه وحلفاؤه الذين شاركوا على قاعدة المساواة في انتخاب المشير عبد ربه منصور هادي مرشح اجماع وطني دون منافس، باعتباره الشخصية القيادية الثانية في الدولة وفي المؤتمر الشعبي العام الذي وضعت فيه الثقة لتطبيق ما نصت عليه المبادرة والآلية والقرارات الدولية، الذي قطع شوطاً لايستهان به في تحقيق التسوية السياسية وسط تعاون من جميع الأطراف الحريصة على وحدة اليمن وأمنه واستقراره كمحاور أساسية نصت عليها وبوضوح المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والمشاركة في حكومة الوفاق الوطني، مضافاً إليهم تلك الأطراف الحزبية والسياسية التي قبلت حتى الآن بالمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني رغم أنها لم تكن موقعة على المبادرة ولامشاركة في الحكومة وفي الانتخابات الرئاسية المبكرة. أقول ذلك وأقصد به أن واجب التجمع اليمني للإصلاح أن يكون حريصاً على إشراك كافة الأطراف السياسية التي استفاد منها في المسيرات والمظاهرات والاعتصامات التي أوصلت جميع الأطراف إلى القبول بالانتخابات الرئاسية المبكرة وتشكيل حكومة الوفاق والوطني وإعادة هيكلة المؤسسات العسكرية والأمنية بما فيهم مجاميع الحراك الجنوبي ومن يطلقون على أنفسهم أنصار الله (الحوثيين) سابقاً. هؤلاء هم كانوا جزءاً من الأزمة والمشكلة ولابد أن يكونوا جزءاً من الحل السياسي، يقتضي الواجب الوطني على جميع الأطراف السياسية والحزبية السعي الحريص على تأليفهم وتجنب الأساليب والوسائل المنفرة والمستفزة التي تباعد بيننا وبينهم أقل الواجبات الحريصة على إنجاح المهمة الكبيرة الملقاة على كاهل فخامة الأخ رئيس الجمهورية المشير/عبدربه منصور هادي باعتباره الشخصية الوطنية المعنية بقيادة الجمهورية اليمنية، إلى الاتفاق على منظومة دستورية وقانونية تكون بمثابة المرجعية الدائمة والمستمرة لبناء الدولة اليمنية الحديثة دولة النظام وسيادة القانون والمواطنة المتساوية والفرص المتكافئة التي تضع الإنسان المناسب في المكان المناسب وتحقق ما نحن بحاجة إليه من الكفاية في الإنتاج والعدالة في التوزيع، لأن الوصول إلى تلك الغايات الاستراتيجية النبيلة التي تطهر أجهزة الدولة المختلفة من الفساد المالي والاداري والسياسي والقضائي والعسكري والأمني وتمكن لجماهير الشعب أن تكون هي المالكة الوحيدة للسلطة والسيادة وتمتلك كامل الحقوق والحريات في الترشح والانتخابات لكافة السلطات الدستورية للدولة، من حقها أن تمنح الثقة لمن تجد فيه الكفاءة والقدرة ومن حقها أن تمارس حرية السياسة والصحافة على نطاق متحرر من كل القيود والعوائق الأسرية والعشائرية والقبلية والمذهبية والمناطقية في ظل ما نتفق عليه من النظام السياسي والنظام الانتخابي والحكم المحلي وما يرافقه من الحقوق والحريات العامة والخاصة، لافرق بين من هم في الحكم ومن هم في المعارضة ولافرق بين من ينتمون إلى الأحزاب والتنظيمات السياسية والمستقلين الذين لاينتمون لأي حزب أو تنظيم سياسي، ناهيك عن المنظمات الابداعية والانتاجية المهنية والنقابية، والتعاونية، دولة تقوم على التعددية السياسية والحزبية والتعددية المذهبية والنقابية المجسدة للديمقراطية والحرية. أخلص من ذلك إلى القول بأن الاحتفال بهذه المناسبات الوطنية عملية مفتوحة ومتاحة للجميع لايحق لأي طرف أن يستخدم مالديه من أسلحة ثورية أو ايديولوجية لتجريد الآخرين من حقوقهم وحرياتهم وأدوارهم الوطنية والنضالية لأن عهد الوصاية والمكايدة والمزايدة السياسية والحزبية قد انتهى بانتهاء الأزمة المركبة إلى غير رجعة.