كشفت دراسة نشرتها الجمعية الأوروبية لعلوم الأورام الطبية وجود تأثير إيجابي لتطور تناول مرض السرطان والإصابة به في الأعمال السينمائية على المرضى والرأي العام . ورأت الدراسة التي أعدها باحثون من جامعة سابينزا الإيطالية "أن تناول اعمال سينمائية لمرض السرطان يمكن أن يكون لها أثر إيجابي في المرضى والأطباء على حد سواء، إذ تسهم تلك الأعمال في زيادة الوعي حول كيفية التعامل مع المرض وتقدم جرعة من الأمل مع تطور العلاجات الجديدة، إذ ليس كل مريض بالسرطان محكوم عليه بالموت". يقول رئيس فريق الباحثين البروفيسور لوتشيانو دي فيوري في تقديم الدراسة: "يمكن من خلال مشاهدة أفلام تتناول مصابين بالسرطان والأورام أن نصبح أكثر وعياً بالمشكلات التي تواجه المرضى بالفعل مثل العلاقة بين السرطان وممارسة العلاقات الأسرية والعلاقة بين المريض والطاقم الطبي والآثار الجانبية للعلاجات وكيفية التعامل معها، فضلاً عن أن بعض الأفلام تدفع إلى التفكير مليّاً في معنى الحياة والموت". كما وجد رئيس الجمعية الأوروبية لعلوم الأورام الطبية البروفيسور كريستوف زيلينسكي في تعليقه على الدراسة "أن المسرح والسينما يحرصان دوماً على الحبكة الدراماتيكية ذات النهايات المأساوية«، مستشهداً باستخدام الإصابة بمرض السل في أعمال أوبرالية شهيرة مثل "لا بوهيم"أو "لا ترافياتا". واستندت الدراسة في نتائجها إلى فحص قام به فريق الباحثين الأطباء لنحو 82 فيلماً تم إنتاجها على مدى أكثر 50 عاماً تركز على اشخاص مصابين بالورم الخبيث مع اختلاف شديد في التعامل مع المريض والداء في سياق الحدث الدرامي للفيلم . ووجدت "أن استخدام الإصابة بمرض السرطان في سياق الحدث الدرامي السينمائي كان يبالغ في وصف حالة المريض مثلما بدا في أفلام مثل "قطة على صفيح ساخن"للأديب الأمريكي تنسي وليامز وبطولة بول نيومان و"غران تورينو"عن قصة ديف جوهانسون وبطولة كلينت اسيتود وفيلم "يوميات كاهن في الأرياف"بطولة كلود ليدو". وفي المقابل وجدت أن تناول مرض السرطان في الأفلام المنتجة حديثاً تميز بالتعامل مع أسباب المرض، مثل المشكلات البيئية كما حدث في شريط "ايرين بروكوفيتش"للمخرج ستيفن سودربرغ وبطولة جوليا روبرتس وفيلم "مايكل كلايتون"من إخراج توني غيلروي وبطولة جورج كلوني وفيلم "آخر 56 ساعة"للمخرج كلاديو فراغاسو . كما أشادت بتناول الآثار الاقتصادية المترتبة على علاج مرض السرطان بشكل عام مثل فيلم "صانع المطر"للمخرج فرانسيس فورد كوبولا أو التعامل مع بدايات ظهور أعراض المرض مثل فيلم "أن تموت شاباً"من إخراج جويل شوماخر وبطولة كامبل سكوت أو فيلم "ويت"للأمريكية مارغريت أدسون وفيلم "أول شيء جميل"للمخرج باولو فيرزي وبطولة ميكائيلا رامازوتي . ويقول رئيس فريق الباحثين البروفسور دي فيوري في الدراسة "إن السينما تواجه في الوقت الحاضر أهم القضايا المتعلقة بأمراض الأورام التي كانت غائبة في الأغلب في الأعمال السينمائية السابقة حتى تلك التي تناولت أيضاً إحدى شخصيات العمل الإصابة بالمرض". ويشير دي فيوري إلى أن "السرطان أمر ليس سهلاً للتصوير، ولكن عرضه في فيلم يعطي الجمهور فرصة للتعبير عن مشاعره، وهذا مفيد لتقاسم رعاية مرضى السرطان وتحويل الإصابة من مشكلة شخصية إلى قضايا ذات صلة بالمجتمع بشكل عام". وتشدد الدراسة على "أن حالة المصابين بمرض السرطان ليست قاتمة دائماً كما يعتقد البعض، كما وجدت أنه من الجيد أن تتناول الأعمال السينمائية أيضاً أن الإصابة بالورم لا تعني بالضرورة الوفاة، بل تركز أيضاً على إحراز تقدم حقيقي في العلاج وكيفية تعامل المريض والمحيطين به مع المرض". وتناولت الأفلام ال 82 التي شملتها الدراسة 40 حالة إصابة للنساء بالسرطان في مقابل 35 حالة إصابة للرجال، وفي 21 فيلماً لم يتم ذكر نوع السرطان، بينما اهتمت 72 في المئة من الأفلام بأعراض الإصابة، في حين ذكرت 65 في المئة من الأفلام على الاختبارات التشخيصية، وكان العلاج الكيميائي هو الأكثر شيوعاً في الأفلام مصحوباً بالآلام التي يعانيها المريض . ووجدت أنه لمن المثير للاهتمام أن هوليوود لم تركز على مرض سرطان الثدي رغم انتشاره، كما لم تركز إلا بنسبة قليلة على سرطان الدم والأورام اللمفاوية في مقابل التركيز على الأورام السرطانية في المخ .