محمد العبدالله (القطيف) وأنت تتجول في ردهات سوق اللحوم المركزي بالقطيف تشعر بالرهبة تمشي في مفاصلك، فالصمت سيد الموقف، ومعظم دكاكين الجزارة هربت من الموقع لقلة الزبائن وعدم الجدوى الاستثمارية في السوق.وأجمع بعض المتسوقين أن هذا الموقع كالميت، ما جعلهم يهجرون السوق باحثين عن مواقع أخرى أكثر نبضا بعافية الحياة.وإذا نظرنا إلى عملية هجرة محال الجزارة بالسوق المركزي باللحوم في محافظة القطيف نجد أنها بدأت منذ نحو 15 سنة، فالسوق الذي يعج بالحركة طوال أيام الأسبوع في العقدين الماضيين، بات اليوم أشبه بأطلال يتجاوز عدد زبائنه أصابع اليدين في أفضل الأحوال، الأمر الذي دفع بأكثر من 90 % من المحال للبحث عن مواقع أخرى أكثر جدوى من السوق الذي يواجه خطر الموت تجاريا.السوق المركزي للحوم برز للسطح منذ أربعة عقود تقريبا، حيث كان مقصدا لجميع الأهالي منذ الصباح الباكر وحتى ساعات المساء الأولى، بيد أن الأمور اختلفت تماما خلال السنوات الماضية، بحيث لم يعد الوضع يختلف بين أيام الأسبوع ونهايته، فبالرغم من أن موقع السوق الاستراتيجي الواقع في المنطقة الشمالية لسوق الخضار المركزي، إلا أن قدم المبنى أجبر العديد من المحلات على الإغلاق والتحول نحو مواقع أخرى قريبة من سوق الخضار المركزي.وقال حسين عبدالله (صاحب محل جزارة): «إن عدد المحلات العاملة حاليا في السوق المركزي للحوم لا يتجاوز 10 15 محلا من إجمالي 45 50 محلا يتوزعون على الطرف الشمالي والجنوبي وكذلك في وسط السوق»، مبينا أن الإيجار في السوق التابع للبلدية رمزي للغاية ولا يتجاوز في الغالب حاجز ال 3 آلاف سنويا، مؤكدا أن عدد الزبائن ليس مغريا للاستمرار في السوق، فهناك بعض أصحاب المحال يمتلكون واحدا في السوق الحالية وآخر في موقع قريب من سوق الخضار المركزي بالمحافظة، مشيرا إلى أن المحال القائمة حاليا لا تعتمد على الزبائن بقدر ما تعتمد على بعض المطاعم والزبائن بالهاتف، مضيفا أن الجميع يدرك صعوبة الاستمرار في مواصلة العمل بيد أن هناك عوامل عديدة تحول دون إغلاق البقية الباقية للمحلات ومنها عدم القدرة على تأمين المبالغ الكبيرة اللازمة لافتتاح محل جديد سواء من ناحية الديكورات أو الإيجارات المرتفعة.بينما ذكر محمد عبدالله (صاحب محل جزارة) أنه قرر الانتقال إلى سوق الخضار منذ 10 سنوات تقريبا، مضيفا أن تزايد أعداد المحال في السنوات الأخيرة في الطرف الشمالي وكذلك الطرف الجنوبي من سوق الخضار مرتبط بالإجراءات المرنة التي اتخذتها البلدية في عملية الترخيص لهذه المحلات، مشيرا إلى أن عدد المحلات العاملة بالقرب من سوق الخضار يتجاوز 20 محلا تقريبا.تراجع المبيعاتتراجع حجم المبيعات في السوق المركزي للحوم يمثل عاملا أساسيا وراء قرار الانتقال للمواقع الجديدة، موضحا أن الإيجارات المرتفعة التي تتراوح بين 17 05 ألف ريال سنويا في المواقع الجديدة لم تمنع أصحاب الجزارة من الانتقال للمواقع الجديدة، مبينا أن بعض المحلات لا تصمد أمام الأمطار، نظرا لعدم قدرة المباني القديمة على الصمود في وجه زخات المطر، بيد أن المحلات مضطرة للبقاء بالرغم من الصعوبات، لا سيما وأن الوضع يبقى أفضل حالا من الاستمرار في السوق المركزي للحوم، نظرا لعدم القدرة على تصريف الجزء الأكبر من الذبائح.