لمن لا يعرف البورميين فإنهم الأركانيون الروهانجيون الذين هاجروا إلى المملكة العربية السعودية وإلى بعض الدول منذ أكثر من ستين عاماً جراء الاضطهاد العرقي والديني الذي مارسه البوذيون بحقهم، ولا تزال حكاية مأساة هذا الشعب ممتدة إلى يومنا هذا فقبل بضعة أشهر ارتكب البوذيون أبشع مجزرة شهدها العام في 2012م حيث قتل الآلاف من المسلمين الروهنجيا وأحرقت عشرات القرى وشرد أكثر من 120 ألف روهنجي ولا تزال المأساة قائمة حتى الساعة. كانت المملكة العربية السعودية من أولى الدول التي اهتمت بأقلية الروهنجيا وسعت لإعادة حقوق هذا الشعب المظلوم واستعادة مواطنته المسلوبة في موطنهم أراكان عبر كافة السبل والقنوات الدولية والتحركات السياسية، وآخر ما قامت به حكومة المملكة العربية السعودية إدراج قضية مسلمي الروهنجيا ضمن قضايا النقاش والمداولة في القمة الإسلامية التي عقدها خادم الحرمين الشريفين في السابع والعشرين من شهر رمضان الماضي، وما تكرم به خادم الحرمين الشريفين حفظه الله من التبرع بخمسين مليون دولار لمواطني الروهنجيا، إلى غير ذلك من الوقفات الرسمية والشعبية لمناصرة هذه القضية العادلة، هذا على المستوى الدولي وأما على المستوى الداخلي في المملكة العربية السعودية فقد حظيت الجالية البرماوية منذ أن وطئت أقدامها البلاد برعاية واستضافة كريمة واستقبلتهم المملكة خير استقبال وعاشوا في أمن وأمان بفضل الله ثم بفضل ما لقيته هذه الجالية من رعاية خاصة ونظرة حانية من حكومة وشعب المملكة فعاشوا جنباً إلى جنب مع المجتمع المكي واشتهروا بالحرفية والمهنية في كثير من العمل والمهن وعلى مستوى التعليم ظهروا في حفظ القرآن الكريم والاهتمام به . وفي الآونة الأخيرة اتجهت إمارة منطقة مكةالمكرمة مشكورة لتصحيح وضع الجالية النظامي لأكثر من 250 ألف فرد برماوي، كما صدر قرار معالي وزير العمل مؤخراً باحتساب العامل البرماوي بربع نقطة في برنامج نطاقات لتوطين الوظائف على اعتبارهم من الفئات المعفاة من الإبعاد وهذه الخطوات وغيرها تشكل حلقة جديدة في عِقد الرعاية والاهتمام الذي توليه الحكومة وسيساهم هذا التصحيح النظامي والوظيفي بإذن الله في التغلب على كثير من المشاكل النظامية والأمنية، كما ستساعد بإذن الله في حل عدد من مشاكل الاستقدام والاستفادة من الأيدي البرماوية في السوق المحلي وخاصة إذا علمنا أن البرماويين لا يحولون أي مبالغ مالية إلى خارج المملكة لانقطاع صلتهم بموطنهم الأصلي . أتصور أن الخطة التي رسمها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة بشأن تطوير مكةالمكرمة والانطلاق بها نحو العالم الأول واستوحى من شعار (بناء الإنسان وتنمية المكان) رمزية لمكة الحديثة، أتصور أن هذه الخطة قد بدأت تظهر معالمها على أرض الواقع، ولا أشك أن أبناء الجالية البرماوية سيشاركون بكل ما أوتوا من فكر ويد وجهد في تحقيق هذا الطموح فشكراً لك يا مملكة الإنسانية وشكراً أميرنا المحبوب على هذا العطاء وسترون بإذن الله ثمار غرسكم ولاءً ووفاءً ورقياً بهذا الوطن المعطاء. صلاح عبدالشكور الأركاني- مكة المكرمة