قبل الرئيس اللبناني ميشال سليمان استقالة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وطلب من حكومته تصريف الأعمال حتى تشكيل حكومة جديدة.. فيما بين ميقاني أن استقالته كانت بقرار شخصي وليست تحت أي ضغط خارجي في وقت يفترض أن يستأنف القصر الجمهوري خلال هذا الأسبوع دعوة الكتل السياسية للتشاور بشأن تسمية رئيس جديد وسط تجدد الاشتباكات في شمال لبنان واحتجاجات لأنصار رئيس الحكومة المستقيل.. بينما عبرالاتحاد الأوروبي عن قلقه لتدهور الوضع في لبنان. وسلم رئيس الحكومة اللبنانية المستقيل أمس استقالته الخطية إلى سليمان. وشدّد على أهمية أن يبدأ «الحوار الوطني، وأن تنشأ حكومة إنقاذية في هذه المرحلة الصعبة». وشكر سليمان الحكومة وطلب منها تصريف الأعمال ريثما تتشكل حكومة جديدة.. في حين أكد ميقاتي من بعبدا أنه لم يخبر أحداً عن استقالته «كي لا أتعرّض للضغوط لا في البقاء ولا في الاستقالة». وقال: «أتت الاستقالة بقرار شخصي منّي ولم أرضخ لضغوط خارجية». وأضاف ميقاتي، في كلمته من السرايا الحكومية، أنه أقدم على خطوته «إفساحاً في المجال لتشكيل حكومة إنقاذية تتمثل فيها كل القوى السياسية اللبنانية، لتتحمل مسؤولية إنقاذ الوطن، بما يكفل إطفاء الحرائق ومواكبة الأحداث الإقليمية بروح عالية من المسؤولية الجماعية». ردود الفعل المحلية في الأثناء، ثمّن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع موقف ميقاتي بالاستقالة، وتمنى على الرئيس سليمان «أن يبادر بأسرع ما يمكن بتحديد مواعيد الاستشارات النيابية لتسمية رئيس حكومة جديد، يعمل على تشكيل حكومة تحمي الشعب والدستور». وفي السياق، اعتبر رئيس حزب الكتائب أمين الجميل أن «الحكومة من الأساس عبارة عن مجموعة تناقضات ونحن نتعجب كيف طال بقاؤها حتى اليوم»، لافتاً الى أن «ما حصل كنا نتوقعه». وأكد الجميل أن «المطلوب في هذه المرحلة أن يكون هناك القدر الكافي من الحس الوطني من كل القيادات لكي تتعاون مع رئيس الجمهورية لإيجاد حل بأسرع وقت لهذه اللازمة»، مشدداً على ضرورة «الالتفاف حول الجيش والقوى الأمنية لحفظ الاستقرار فلا يمكن أبداً التفريط به». من جهته، أكّد رئيس حزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط أن «استقالة الحكومة ليست مرتبطة بموضوع اللواء أشرف ريفي، بل مرتبطة بقصة أكبر من ذلك وهي حماية جهاز أمني كبير قام بكشف مخطط ميشال سماحة، والعديد من عملاء اسرائيل، لذلك ميقاتي قام بحماية هذا الجهاز عبر استقالته». في المقابل، رأى رئيس كتلة المستقبل النائب فؤاد السنيورة انه كان يتوجب على الحكومة ان تتقدم باستقالتها منذ فترة طويلة لإصلاح الخلل الذي تسببت به، لافتاً الى ان هناك فريقا حقيقيا في لبنان كان يتمنع عن الوصول الى نقطة يمكن فيها الاتفاق على قانون انتخابي جديد وهو بقي مصرا على موقفه وهذا الفريق يتمثل بالتيار الوطني الحر وحزب الله. قلق دولي من جانبه، أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه لتدهور الوضع في لبنان بعد استقالة ميقاتي. وفي بيان أصدرته على هامش اجتماع وزاري في دبلن، عبرت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون عن قلقها لتدهور الوضع في لبنان. وأضافت أنّ «انعدام التوافق بين القوى السياسية في الحكومة ومجلس النواب أدى إلى مأزق خصوصا حول الانتخابات، فيما المشاكل الامنية لاتزال ترخي بظلالها على استقرار البلاد». تجدد الاشتباكات إلى ذلك، تجددت الاشتباكات في شمال لبنان أمس بعد فترة هدوء نسبي، وأشارت مصادر أمنية إلى أنه جرى قصف عدة مناطق بالقذائف الصاروخية، فيما سمعت أصوات رشقات نارية غزيرة، إضافة إلى عمليات القنص، خلال المواجهات التي تجري بين موالين ومعارضين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، في مناطق الشمال اللبناني. وجاءت أنباء تجدد المعارك بعد قليل من تأكيد الوكالة الرسمية أن الطريق الرئيسي، الذي يربط طرابلس بعكار، أصبح سالكاً، مع سماع أصوات طلقات نارية متفرقة، كما أشارت الوكالة الرسمية إلى أن عدداً من «مناصري» رئيس الحكومة المستقيل، نجيب ميقاتي، احتشدوا عند ساحة «عبد الحميد كرامي» في طرابلس، وقطعوا كل المنافذ المؤدية إلى «المستديرة»، تضامناً معه بعد تقديم استقالته. كما قاموا بإغلاق مدخل طرابلس الرئيسي عند ساحة النور بالإطارات المشتعلة، احتجاجاً على عدم التمديد لمدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي. من جهتها، قالت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام: إن الجيش نفد أمس انتشارا على نطاق واسع في مناطق الاشتباك لوضع حد للاقتتال. وأضافت أن الجيش بدأ هذا الانتشار من جبل محسن مروراً بدورا الملولة وصولاً إلى شارع سوريا فبرّد البيسار. صحف لبنان تتخوف من أزمة سياسية مفتوحة عبرت الصحف اللبنانية الصادرة أمس، عن تخوفها من إقحام لبنان في أزمة سياسية طويلة، وتوترات أمنية مرتبطة بالأزمة السورية، بعد استقالة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بسبب خلاف على الانتخابات النيابية المقبلة وتعيينات أمنية. ونقلت صحيفة «النهار» القريبة من المعارضة اللبنانية، عن أوساط معارضة، توقعها «أزمة طويلة في ما يتعلق بتشكيل حكومة جديدة». من جهتها، توقفت صحيفة «الأخبار» القريبة من حزب الله، عند تأثير الاستقالة في سياسة «النأي بالنفس»، التي أرساها ميقاتي بالنسبة إلى الأزمة السورية، التي ينقسم حولها اللبنانيون. واعتبرت أن «خطوة استقالة الحكومة تعني إفحام لبنان مباشرة (في هذه الأزمة)، ما يعني توقع توترات أمنية ليس فقط على الحدود مع سوريا، بل ربما داخل الأراضي اللبنانية». ورأت أن «الفوضى السياسية سوف تطول، والانتخابات في حكم المؤجلة». وأشارت كل من «الأخبار» و«السفير» القريبة أيضاً من الحزب الشيعي، إلى أن ميقاتي أرسل رسالة إلى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، يقول له فيها إنه سيستقيل إذا لم يتم التمديد لريفي، وإن نصر الله أجابه «افعل ما يريحك». وانطلاقاً من ذلك، تساءلت صحيفة «المستقبل»، التي تملكها عائلة سعد الحريري، رئيس الحكومة السابق وأبرز أركان المعارضة، «لماذا آثر حزب الله أسقاط حكومته (ميقاتي) على التمديد لريفي»، مضيفة «هل هناك أجندة أمنية عند هذا الحزب يريد تنفيذها؟» فيما اعتبرت المستقبل في الوقت ذاته أن سقوط الحكومة «يفتح باب الأمل أمام اللبنانيين» لإجراء حوار. وكتبت «الجمهورية»، القريبة من المعارضة في الإطار نفسه «إن أهم ما في استقالة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أنها كسرت الجمود الذي كان يخيم على الحياة السياسية، ويدفع البلد رويداً رويداً نحو الفوضى واللااستقرار، وفتحت الباب أمام مرحلة جديدة يتحمل فيها كل طرف مسؤولية عدم تعاونه لصياغة تفاهم وطني ينتج حكومة تشكل شبكة أمان للبنان واللبنانيين». في غضون ذلك، رأت صحيفة «ديلي ستار» الناطقة بالإنجليزية، أن الاستقالة «يمكنها أن تحدث صدمة إيجابية مطلوبة للتوصل إلى توافق على استحقاق رئيس هو الانتخابات النيابية». إلا أنها شددت على أنه «من الضروري لكل الأطراف أن يتفقوا على خليفة ميقاتي، وتشكيلة الحكومة المقبلة، وتشكيلها بسرعة، حتى لا تواجه حقل ألغام سياسي في الأشهر المصيرية المقبلة». بروفايل ميقاتي.. أطاحه الحلفاء توقع كثيرون أن لا يصمد ميقاتي أمام العواصف التي هبت عليه خلفاً لسعد الحريري. لم يعهده الكثيرون، مغواراً ولا متهوراً، إنما عهدوه رجلاً محافظاً، لا يتخذ خطوة إلا بعد إشباعها درسا وتمحيصا. لكن الرجل الذي كان يصعب على صحافي أن يأخذ منه كلمة «مثيرة». وسطيته هذه فسرت من قبل البعض على أنها «بلا لون أو طعم»، لكن ميقاتي البارع في السير بين النقاط، يرد على منتقديه بأربعة أسئلة: «هل تمكنت من الفوز بالنيابة يوما؟ هل استطعت أن تصبح وزيرا؟ هل أصبحت رئيس حكومة؟ وهل استطعت أن تجمع ثروة؟ ثم يستطرد بالقول: «أنا فعلت كل ذلك، فمن منّا يكون الصح؟». يمتلك تاريخاً لم تلوثه حرب، أو فساد، ما خلا الاتهامات التي كان يحلو للرئيس السابق عمر كرامي أن يوجهها إليه من على منصة مجلس النواب في أول عهده بالوزارة نتيجة تملكه شركة الهاتف الجوال التي استثمرت في قطاع الاتصالات. ولد في العام 1955 . برزت هوايته السياسة مبكراً، ويقول: «عندما بلغت سن ال13 كنت أقصد المجلس النيابي وأحضر الجلسات العامة، فقط من باب الحشرية».