وضع كلمة سفه في معنى وقالب واحد، أو أن تُفهم وتُنزل على مجال معين، لهو ظلم للكلمة، ولا يُعطي حقها في الفهم الصحيح. "فأصل السفه في اللغة: نقص وخفة العقل والطيش والحركة".. فمواطن السفه كثيرة ومساراته متعددة: — * فمن يقتل الشعب ليل نهار ويستقوي بأدعياء "المقاومة والممانعة والمتاجرة" لهو "سفه". "وكلما ازداد المرء قتلاً "، وسفكاً للدماء "ازداد سفهاً". * والذي لا يحسن التصرف في ماله من تبذير وإسراف ومخاطرة ومغامرة ومقامرة ولهو ولعب لهو "سفه". * ومن ينشر وينثر الإشاعات ويلقي الاتهامات هنا وهناك لهو"سفه". * ومن يتجاوز ويتطاول على المال العام والممتلكات العامة وكأنها حق له لهو "سفه". * ومن يتعدى ويسطو على أموال الشعوب وثرواتهم ثم يهربون ويهرّبونها لهو "سفه". * ومن يتجرأ على القيم والأخلاق وثوابت الأمة لهو "سفه". * ومن يترك منهج أهل السنة والجماعة منهج الإصلاح والاعتدال والوسطية ويلتمس ويلهث وراء مناهج وأفكار أخرى لا تسمن ولا تغني من جوع لهو "سفه". * ومن يخالف الأنظمة والقوانين المنظِمة لحياة الناس وشؤونهم لهو "سفه". * ومن يكره قيم الشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد في العمل المؤسسي لهو "سفه". * والذي يتطاول على دولة قطر، قطر الخير والوفاء والعطاء والمحبة والسلام، وعلى قيادتها حفظها الله ورعاها وحكومتها الرشيدة وشعبها الوفي، كما نقرأ ونسمع ونشاهد عبر الفضائيات المريضة، وتلصق التهم السراب الواهنة بها بالطرق والوسائل كافة، سواءً بالتلميح أو بالتصريح وبالتجريح لهو "سفه" أعمى وضياع وخروج على كل مبدأ وميثاق وحق، هذا إذا كان عنده مبدأ وحق وميثاق غليظ يلتزم بها ويتعاهده. فأين مراعاة حق القربى؟ فإذا لم تكن هناك قربى فأين مراعاة حق الجوار؟ وإذا لم يكن هناك جوار فأين مراعاة حق العروبة؟ فإذا لم تكن هناك عروبة فأين مراعاة حق الإسلام؟ فإذا لم يكن هناك حق الإسلام، فأين مراعاة حق الإنسانية؟ فإذا لم يرع أي حق من الحقوق فأقم عليه مأتماً وعويلاً، ولا تمش في جنازته. فالفرد الواعي والمجتمع المدرك والأمة الجادة كل هؤلاء هم الذين يحسنون الصنع والتعامل مع هؤلاء الذين يتخذون من السفه سلوكاً معوجاً. وكما قال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ سعود الشريم حفظه الله "...فالسفيه آفة في المجتمع وعالة عليه، لأنه لا يعرف متى يجب أن يتكلم ومتى يجب أن يسكت، والسفيه يتطفل على كل شيء ويتكلم ويهرف في كل شيء، وهو الرويبضة الذي يتكلم في أمر العامة وينصب نفسه نداً لذوي العلم والاختصاص، ويسبق طيشه عقله، وغضبه حلمه، وغفلته يقظته، وأما السفيه في الأخلاق فدواؤه السكوت ومتاركته بلا جواب أشد عليه من الجواب في الغالب...". "إن السفه ليس جنوناً ولا فقداناً للعقل، وإنما هو سوء استعمال له أو تهميشه عن أداء دوره الذي خلق له، فكل صاحب عقل سائر مع مراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم فهو العاقل السليم، ومن ند عن مراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم فهو السفيه، وان كان عقله يفوق عقول الدهاة...". *"ومضة" قيل لأحد العقلاء: ممن تعلمت الحكمة؟ فقال: أرى أفعال السفهاء فأتجنبها،. وقيل لآخر: ممن تعلمت الأدب؟ فقال: من قليل الأدب.