صدرت مجموعة شعرية جديدة للشاعر عمر شبانة، حملت عنوان «رأس الشاعر»، صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، في بيروت وعمان. وجاءت المجموعة التي حملت الإهداء (إلى ع. شَبانة في عُزلته) في 170 صفحة من القطع الوسط. وهي الرابعة للشاعر بعد «احتفال الشبابيك بالعاصفة» (1983)، و«غبار الشخص» (1997)، و«الطفل إذ يمضي» (2007). تصميم غلاف «رأس الشاعر» للشاعر زهير أبوشايب، واللوحة «عمر الخيام» للفنان العراقي ضياء العزاوي. تضم المجموعة 11 قصيدة، هي: قصائد أخيرة 1، شجر في طريق الغياب، عن نهايات بيت، حوارية الجسد والروح، دون وجه ولا كلمات، قصائد أخيرة 2، لابد من عبث في طريق العدم، هواء حبيبي.. هواء بلادي، هذيان، متاهات، وصوت هذا الهباء العظيم. يقدم الشاعر هنا ما يشبه سيرة شعرية للذات والعالم، سيرة واقعية/أسطورية، تمثلها قصيدة «عن نهايات بيت»، ويلخصها مقطع منها يقول فيه: «بَيتُه يذهبُ في دربٍ قَصيرٍ للهلاكْ/ بَيتُه صورتُه مِن أوّل العُمرِ/ إلى آخرِ شُبّاكٍ وبابٍ في الحَياة». كما تتجسد هذه «السيرة»، باختصار، في القصيدة الأخيرة من المجموعة، التي حملت عنوان «صوت هذا الهباء العظيم» التي تسرد مراحل ومحطات في حياة الشاعر/ الشخص، ومنها هذه الصور والانثيالات: «دَعنيَ يا رملُ أبكي على قَبرِ جَدّاتيَ الراحلاتِ، أُشَمشِمُ أرواحَهُنَّ الّتي عتّقَتها الهُموم، ودَعني على مَهَلٍ - في النَّسيم الأخيرِ من العُمر - آوي إلى السَّيسَبانِ وما ظَلَّ في الأرضِ من خَشَبِ السِّنديان الحنونْ وآوي إلى ما تَبقّى على دَرَجِ الرُّوحِ من أغنياتٍ، إلى جَبَلٍ وكهوفٍ من الذكريات لأعرفَ أنّي أعيشُ طويلاً، وأبقى مَدى الدَهرِ لا أعرفُ الموتَ، لا يعرفُ الموتُ بَيتي». في هذه المجموعة، كما يقول الشاعر، ثمة «استكمال وامتداد لما قمتُ به في مجموعتي السابقة (الطفل إذ يمضي) من اكتشاف الذات ومعالمها، وصولا إلى (أسطرة) الذات عبر خلق أسطورة لها. وإذا كنت في (غبار الشخص) أُلملم شظايا الكائن من محطات الرحلة، فقد سعيت في (الطفل) إلى رسم ملامح هذا الكائن، بدءا من الطفولة حتى الكهولة». وتأتي «رأس الشاعر» لتستكمل تلك الملامح بقدر من التعمق في تأمل الذات، وإطلاق هذه الذات لتنبش ذكرياتها مع العالم، ورؤيتها له، وذلك كله انطلاقاً من «الرأس»، رأس الشاعر المدجج بالصور والمشاهدات، بالأحلام والانكسارات والهزائم، لكنه الرأس المهجوس بتغيير العالم، الرأس العنيد والضعيف إنسانياً في آن. هي رحلة الأحلام المتحولة أوهاماً وركام هزائم. وجاء على الغلاف الأخير للمجموعة قصيدة بعنوان «ضَعف»، يقول الشاعر: «أحتاجُ رأسي هادئاً ومُدَجَّناً وصغيراً وكثيراً.. أحتاجُ من رأسي الكبيرِ كثيراً: أن يَرْعَوي ويكفَّ عن نطْحِ السحابةِ والصخورِ.. وأن يتابع لي تفاصيلي البسيطةَ والشؤونَ الهامشيّةَ في حياتي مثلَ كيَّ ملابسي وحلاقةِ الشعرِ الذي يَنمو هُنا وهناك».