لما قلّت الذمم وعدمت الضمائر رأى المجتمع كتابة قائمة بالمنقولات كثر السؤال واللغط بخصوص قائمة العفش التي يطلَق عليها قائمة المنقولات الزوجية، فهي بالنسبة لأهل الزوجة ضمان لها من الغدر وألاعيب الزوج، توقيعه عليها يمنعه من الاستهتار بابنتهم أو التعدي على حقوقها، وهي بالنسبة للزوج وأهله تنازل ومحاولة إذلال وقلة ثقة، البعض يراها إهانة والبعض يراها حقا واجبا، البعض يعترض عليها من باب أنها غير موجودة في السنة، والبعض الآخر يطالب بها لأنها ضمانة لحقوق الزوجة.. فما موقف الإسلام من قائمة المنقولات؟ السؤال تم توجيهه لدار الإفتاء التي أجابت بما نصه: قرر الشرع الشريف حقوقًا للمرأة معنوية ومالية وغير ذلك، وجعل لها ذمتها المالية الخاصة بها، وفرض لها الصداق وهي صاحبة التصرف فيه، وكذلك الميراث، ولها أن تبيع وتشتري وتهب وتقبل الهبة وغير ذلك من المعاملات المالية، قال تعالى في شأن الصداق (أي المهر): {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئا} [النساء: 4]، وقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً} [النساء: 24]. وإذا ما قامت المرأة بإعداد عشّ الزوجية بمقدّم صداقها سواء أمهرها الزوج الصداق نقدًا أو قدّمه إليها في صورة جهاز أعده لعش الزوجية، فيكون هذا الجهاز قد جاء ملكًا للزوجة ملكًا تامًا بالدخول، وتكون مالكة لنصفه بعقد النكاح إن لم يتم الدخول، كما جاءت بذلك نصوص القرآن الكريم وسنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعادة ما يكون هذا الجهاز في بيت الزوجية الذي يمتلكه الزوج ملكًا تامًا أو مؤجرًا له من الغير، فيكون الجهاز تحت يد وقبضة الزوج، فلما قلّت الذمم وعدمت الضمائر وكثر ضياع الأزواج لحقوق أزواجهم رأى المجتمع كتابة قائمة بالمنقولات الزوجية (قائمة العفش)؛ لتكون ضمانًا لحق المرأة لدى زوجها إذا ما حدث خلاف بينهما وتعارفت الأمة على ذلك. والعرف أحد مصادر التشريع الإسلامي ما لم يتعارض مع نص من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس؛ لأنه لا اجتهاد مع النص، ولقول الحبيب المصطفى صلوات الله عليه وآله وسلم: "ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله تعالى حسن، وما رآه المسلمون قبيحا فهو عند الله تعالى قبيح" [رواه أحمد]، والقائمة ليست أمرًا قبيحا، ولكنها أمر حسن فلا حرج في فعلها.