دعونا نرجع بالزمن إلى الوراء قليلاً لنعيدً تصوير المشهد السياسي المحلي بصورة مختلفة: بعد صدور المرسوم الاميري باعتماد الصوت الواحد بدلاً من الاربعة اصوات ثم تصريح سمو امير البلاد بأنه مستعد للرجوع الى حكم المحكمة الدستورية اذا حكمت بأن مرسوم الضرورة هذا باطل ولا يجوز الاستمرار فيه. ماذا لو ان المعارضة الكويتية اصدرت بياناً تستنكر فيه هذا المرسوم وتطالب بالغائه لعدم دستوريته، ثم اضافت بأنها حفاظاً على وحدة المجتمع ستحترم هذا القرار، وتشارك في الانتخابات القادمة على أساس الصوت الواحد، وستقدم في الوقت نفسه طعناً لدى المحكمة الدستورية في هذا المرسوم؟! لا شك ان النتائج كانت ستكون مبهرة، فالمعارضة كانت ستكتسح الانتخابات بسبب رصيدها الانتخابي من مجلس 2012 المبطل، وكانت الفترة التي تسبق صدور حكم المحكمة الدستورية كافية لانجاز العديد من القوانين المهمة التي ينتظرها الشارع الكويتي. اما بعد صدور قرار المحكمة الدستورية فهنالك طريقان ليس لنا خيار من سلوك احدهما: الاول هو ان تأتي القرارات موافقة لرأي المعارضة ورفض مرسوم الضرورة، وفي هذه الحالة سيتم حل المجلس الحالي والدعوة الى انتخابات جديدة وستكون شوكة المعارضة فيها اقوى وستعود المياه الى مجاريها. اما الطريق الاخر فهو ان تقر المحكمة قرار الصوت الواحد لدستوريته، وفي هذه الحالة لابد للجميع ان يحترم رأي المحكمة ويتوقف عن نقد ذلك المرسوم ويبقى من حق نواب المعارضة الذين يرفضون ذلك المرسوم ان يقدموا استقالاتهم بهدوء ولن يمنعهم احد. لو حصل ذلك الذي ذكرته من طرف المعارضة، ألم نكن لنوفر على بلادنا ذلك الضياع والمرارة التي عانيناها لاكثر من اربعة اشهر ولانزال؟! ألم تكن جهودنا ستنصب في المسار الصحيح لبناء دولتنا بدلاً من تلك المظاهرات السخيفة التي ادت الى المصادمات بين العسكر والمواطنين والدماء التي سالت، بل والأهم من ذلك هو الحقد والكراهية التي ترسخت في علاقات كثير من الناس، والتنافر والعداوات التي شاهدناها في كل بيت ومؤسسة، والشعور بالاحباط واليأس الذي اصاب المواطن الكويتي؟! قد يقول قائل بأن ما ذكرته منطقي ولا يحتاج الى ذكاء لادراكه فلماذا لم تفطن له المعارضة وتجعله نهجاً لها لاسيما واننا اليوم جميعاً - موالون ومعارضون - نتطلع الى قرار المحكمة الدستورية؟ في تصوري ان السبب في عدم سلوك المعارضة ذلك السبيل له تفسيران: الأول هو عدم الثقة بقرارات المحكمة، وهو ما اكد عليه العديد من اقطاب المعارضة لاسيما بعد صدور قرار حل مجلس الامة 2012. الثاني هو وجود بعض نواب المعارضة ممن يعتقدون بأن الحل الوحيد لمطالبهم يجب ان يكون من خلال ممارسة الضغوط على السلطة واجبارها على قبول اجتهاداته، بل ان بعضهم وللاسف يجد متعة في تصدر المشهد السياسي وفرد العضلات وقيادة الجماهير!! ان آلاف المواطنين لم يكونوا مقتنعين بالطريقة التي جرت بها الأمور ولكنهم ادركوا اهمية وحدة الصف وجمع الكلمة لاسيما واننا بلد تحكمه القوانين والدستور!! د. وائل الحساوي [email protected]