وجه أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح حكومة بلاده باتخاذ كل الإجراءات لتنفيذ حكم أصدرته المحكمة الدستورية الكويتية أمس ببطلان الانتخابات التشريعية الأخيرة التي نظمت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وحل البرلمان الحالي، مؤكدا احترامه للقضاء، دعيا لتجاوز الأزمة ومواصلة مسيرة الإصلاح. وأكد الشيخ صباح قبوله عن طيب خاطر حكم المحكمة الدستورية ودعا جميع المواطنين إلى احترام الحكم و الامتثال له إجلالا واحتراما لقضائنا الشامخ وإعلاء لمنزلته والتزاما بدستورنا وهو ما حرصنا عليه دائما وسوف نظل نحرص عليه بعون الله، كما أعلن توجيهه مجلس الوزراء باتخاذ الإجراءات الكفيلة لتنفيذ الحكم. وجاء الحكم في معرض فحص المحكمة 56 طعنا انتخابيا على الانتخابات البرلمانية التي أجريت الأول من ديسمبر الماضي، وهي المرة الثانية التي تبطل فيها المحكمة الدستورية البرلمان بعدما أبطلت البرلمان السابق الذي كانت تسيطر عليه المعارضة في يونيو (حزيران) الماضي لخطأ في إجراءات حل البرلمان الذي سبقه نهاية عام 2011. وأسندت المحكمة الدستورية في إبطالها للبرلمان على مرسوم تشكيل اللجنة العليا للانتخابات التي أشرفت على العملية الانتخابية وأعلنت النتائج وبالتالي عدم صحة عضوية من أعلن فوزهم فيها مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقضت المحكمة أيضا برفض الطعن بمرسوم الصوت الواحد الذي أجراه أمير البلاد بموجب صلاحياته الدستورية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وأجريت بمقتضاه الانتخابات بداية ديسمبر الماضي. وأكدت حق الأمير بتقدير مسألة إصدار المراسيم وقيامه بمسؤولية التشريع بدلا من البرلمان في حال غياب البرلمان أو تعطل أعماله. وبموجب حكم أمس فإن المحكمة الدستورية حصنت مرسوم تعديل عدد الأصوات التي يملكها كل ناخب وقصره على صوت واحد لكل ناخب بدلا من أربعة، وهو المرسوم الذي أدى إلى احتجاج المعارضة ودعوتها لمقاطعة الانتخابات البرلمانية وحدثت بسببه مواجهات مع قوى الأمن على خلفية تنظيم المعارضة تجمعات غير قانونية يواجه حاليا بسببها ناشطون قضايا جنائية. وقال أمير الكويت: «الآن وقد قال القضاء كلمته علينا أن نترك هذه القضية وذيولها المفتعلة خلفنا ونواصل مسيرتنا في الإصلاح والتنمية مدركين دروس هذه التجربة وعظاتها». وأشار إلى أن ما شهدته البلاد كان تجربة مريرة ولكنها لم تكن معركة فيها منتصر ومهزوم.. فالكويت هي الفائزة. كما حكمت المحكمة بعدم إلغاء القوانين التي أصدرها البرلمان المنحل. وأضاف الشيخ صباح الأحمد «نسجل بالاعتزاز مواقف الإخوة المواطنين الذين انسجموا مع مبادئهم وتحملوا مسؤوليتهم بالتعبير عن آرائهم وتوجهاتهم فإننا نلتمس العذر لمن أخذه الحماس فانحرف عن جادة الحق والصواب سائلين الله لهم الهداية والرشاد، ولا يفوتني أن أتوجه بالشكر والتقدير لرئيس وأعضاء مجلس الأمة بما قاموا به من جهود مخلصة في تحمل أعباء مسؤوليتهم وأداء واجبهم الوطني وما حققوه من إنجاز». وفيما أكد رئيس البرلمان المبطل على الراشد احترام أعضاء المجلس للقضاء، رحب مجلس الوزراء بالحكم. وعقد مجلس الوزراء الكويتي اجتماعا استثنائيا أمس، في أعقاب صدور حكم المحكمة الدستورية، وتدارس التفاصيل المتعلقة بالإجراءات الواجب اتخاذها في هذا الشأن، مؤكدا احترامه الكامل لجميع الأحكام الصادرة من القضاء والتزامه الجاد بتنفيذها. وكلف مجلس الوزراء خلال اجتماعه الاستثنائي أمس الجهات المعنية بمتابعة دراسة حكم المحكمة الدستورية المشار إليه وآثاره لوضع الخطوات العملية اللازمة لتنفيذ مضمونه، حيث من المقرر أن يستكمل المجلس اليوم خلال اجتماعه الاعتيادي ما وصلت إليه الجهات المعنية لتنفيذ الحكم وأهمها تحديد موعد للانتخابات المقبلة وسط جدل دستوري وقانوني حول موعد الانتخابات المقبلة التي ينص الدستور على ضرورة عدم تجاوزها مدة الستين يوما وإلا فسيعود البرلمان المنحل للانعقاد وفي هذه الحالة فإن البرلمان الذي سيعود للانعقاد هو البرلمان المنتخب في 2009. ومن جهته قال وزير الإعلام الشيخ سلمان الحمود، إن «حكم المحكمة الدستورية يؤكد قوة مؤسسات الكويت الديمقراطية ونظامها القضائي، وأن الحكومة ستواصل العمل دون كلل لتحقيق التنمية ومواكبة التطور لمستقبل مشرق للبلاد»، مؤكدا أن الكويت تحترم سلطة القانون وهي قادرة بمؤسساتها كافة على التعامل مع أي حكم صادر عن المحكمة الدستورية. وذكر أن الحكم يعزز متانة النظام الديمقراطي الذي تتمتع به دولة الكويت لافتا إلى أن للكويت تاريخا مشرفا في احترام الدستور والحفاظ على سيادة القانون، والكويتيون بقيادتهم الحكيمة التي عملت دائما لمصلحة الكويت وتماسك وحدتها الوطنية ووحدة صف شعبها أثبتوا أنهم قادرون على الحفاظ على مكتسباتهم الوطنية وتحقيق التنمية والتقدم للأجيال القادمة.