مازلنا في رحاب هذه الآية الكريمة (وفي أنفسكم أفلا تبصرون). نعم رأينا بالبصر والبصيرة ما في أجسامنا من أجهزة سخرها الله لنا. تعمل ليل نهار تمنحنا الصحة والعافية, لقد تحدثنا في حلقاتنا المسلسلة عن الجهاز الهضمي ومعجزاته, وقفنا أمامها في خشوع وإيمان نسبح بحمد الله الخلاق العظيم... واليوم نتحدث عن اللبنة الأساسية التي يتكون منها الجسم كله. إنها الخلية, يزيد عددها على 100 تريليون في الإنسان العادي, كانت في الأصل نطفة ثم بويضة مخصبة سرعان ما انقسمت إلى هذا العدد الهائل الكبير. يقول الله تعالى: (أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة...) - سورة "يس 77". إن كل خلية بين هذا الكم والعدد الهائل عبارة عن مصنع كالم يضم عشرات الأجهزة (عُضيات) تقوم كل منها بأصعب وأدق المهام الحيوية, يتراوح قطر الخلية من 7 - 10 ميكرونات والميكرون جزء من 1000 جزء من المليمتر - سبحان الله! والمدهش العجيب ان خلايا الجسم تختلف في شكلها وتركيبها وعملها من عضو لآخر, منها ما تقوم بهضم الطعام وامتصاصه ومنها ما تقوم بالتمثيل الغذائي كخلايا الكبد والبنكرياس وغيرمها, ومنها الخلايا البصرية والسمعية والعضلية والجلدية... الخ, ومنها ما تخصصت في خزن وتذكر وترجمة المعلومات (كمبيوتر) أو توصيل الإشارات الكهربية والحسية - كخلايا المخ والأعصاب. تمتلئ الخلية بعشرات الأجهزة (العُضيات) كل عضية عبارة عن مدينة صناعية تقوم بالإنتاج أو النمو والتكاثر أو الدفاع والتنفس والطاقة منها (الجولجي - الريبوسومات - الميتوكندريا... الخ). لقد كشفت لنا الأجهزة الحديثة أسرار الخلية وما فيها من نواة وآلاف الكروموسومات التي تحمل الشفرات الوراثية ونقلها من أبناء الأنباء عبر آلاف السنين "صفات النوع". ومن آيات الله المدهشة أيضاً غشاء الخلية مؤلف من طبقتين رقيقتين كل طبقة من سلاسل متجاورة من الأحماض الدهنية والفوسفات, ينتشر عليها جسيمات السكر والبروتين عبارة عن مراكز تفتيش وتحكم تسمح بمرور المواد المهمة لنشاط الخلية كالماء والعناصر الضرورية وتمنع غيرها... لقد شاءت قدرة الله تعالى أن يتحكم في هذا العبور من وإلى الخلية في اتجاه واحد, إنزيم شديد ويقظ الحراسة "البرمييز Permease". الحديث عن معجزات الخلية لا تكفيه كتب ومراجع ضخمة نكتفي بهذه اللقطات التبصيرية لنهتف من الأعماق سبحانه الله سبحانك! حسين عبد الجليل