بالأمس القريب، كانت شوارعنا تعج بالعمالة السائبة، الهاربة من كفلائها والمخالفة لنظام الإقامة والعمل، واليوم تبدل الحال وباتت خالية إلا من رحم الله.أتت الحملة الأمنية لتتعقب مخالفي نظام الإقامة والعمل كخطوة أولى، ومن ثم تصحيح وضع العمل والعمالة ككل، سعيا لتوفير فرص وظيفية حقيقية للشباب السعودي، بعد أن كانت في السابق حكرا على وافدين يعملون لحساباتهم الخاصة تحت غطاء الكفيل «الصوري» الذي يتقاضى إتاوة نهاية كل شهر.نحن مقبلون على مرحلة تكفل للعامل حقوقه وتضمن حق الكفيل، وتمكن الجهات المختصة من معرفة دخل الوافد ومصدره من خلال حوالاته البنكية، إن كان مشروعا أو مخالفا، فالعامل الذي يأتي للعمل براتب محدود لا يمكنه تحويل عشرات الآلاف من الريالات كما كان في السابق دون معرفة مصدر هذه الأموال المشبوهة والتي قد تكون نتاج سرقات، احتيال أو قضايا أمنية خطيرة.جوهر الحملة الحالية، هو تصحيح الخلل والكارثة التي نعيش ونتعايش معها بصفة يومية، دون الشعور بالإحساس والمسؤولية، وأعتقد أن للمشكلة ثلاثة أضلاع أو محاور: المتستر، المشغل، والمستفيد.ووسط هذا وذاك، هناك من ينزعج مما يحدث ويدعي توقف المصالح والمشاريع والمدارس، وآخر من يتألم ويئن ويدعي الخسارة وقد نسي أنه السبب في كل ما يحدث بتشغيله مخالفا وإسهامه في رفع معدلات البطالة، فهؤلاء يجب أن يحاسبوا ويشهر بهم دون تهاون ولا يكتفى بتطبيق الغرامات بحقهم.البعض يطالب بفرصة تصحيح وضع منشآته، والبعض الآخر يريد إرجاءها لنهاية العام، ويضع العقدة في المنشار عندما يغلق مدرسة يملكها وقد قبض الثمن الباهظ من أولياء الأمور، فما ذنب ولي الأمر والطالب والطالبة، ولماذا يحدث هذا في ظل وجود أعداد كبيرة من الخريجين وبعضهم من المبتعثين دون وظائف، وأعتقد أن هذه فرصة لاستثمارهم وتوظيفهم ويصير «سمننا في دقيقنا».فئة من التجار تحايل على السعودة واعتذر عن توظيف الشباب السعودي في منشآته رافضا الاستجابة لنداءات وزارة العمل المتكررة وزاد من نهجه وفكره تجاه طالبي العمل من أبناء الوطن، وفضل الوافد عليهم بالرغم من أن هذه الوظائف التي يشغلها الوافد يمكن شغلها وإحلالها بالمواطن. نحن لا ننكر دور القوى العاملة الوافدة، ولكن آن الأوان لكي يستفيد المواطن من خيرات بلده مقابل جهده وتفانيه في العمل كل في مجاله، فهو لا يبحث إلا عن حق مشروع وفرصة مرجوة نظامية. الخطورة ليست في العمالة المخالفة «التي يتم القبض عليها بين الفينة والأخرى»، بل في العمالة النظامية التي تعمل لدى الغير وتسرح في الشوارع بدون حسيب أو رقيب وهذا ما قامت عليه الحملة لتضع الأمور في نصابها الصحيح.هناك من استغل الوضع وساهم في رفع الأسعار «ما هي ناقصة غلاء»، ألا يكفي ما يحدث من بعض التجار الذين يبالغون في رفع الأسعار، ولو طالبته بتوظيف الشباب لوجدت الرد جاهزا أما بعراقيل أو المطالبة بشهادات الخبرة دون تدريب العناصر التي يعول عليها في بناء الأوطان، تجدهم يتشدقون بالألفاظ عن الفرص لكنها تذهب للوافدين والأدهى والأمر أن بعضهم غير مؤهلين لشغلها، لكن الحملة كشفت المستور عن هذا الواقع الأليم.باتت الحملة حديث المجالس، وأصبحت البيوت لا سيرة لها غيرها، والغريب أن كذبة أبريل التي كانت تطل علينا في كل عام ضاعت في زحمة الشائعات التي تروج هنا وهناك ويتقاذفها رواد تويتر والفيس بوك وهواة البلاك بيري والواتس آب وغيرها من الوسائل الحديثة.المؤلم في حكاوى الحملة، أن هناك من يبحث عن ملابسه في المغسلة فيجدها مقفلة، وذاك يريد جواله من محل الصيانة، وثالث يريد مكيفات منزله، ورابع ضاعت حقوقه، تحول العامل للترحيل هذا إذا لم يكن قد رحل فعلا، وصاحب المحل غير معروف، ومن يعيد لهم ممتلكاتهم التي بقيت رهن المحلات المؤصدة.للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ،636250 موبايلي، 737701 زين تبدأ بالرمز 407 مسافة ثم الرسالة[email protected]