البخيتي: ندين التصنيف الامريكي للاخوان المسلمين ..    الحديدة تحتضن بطولة النخبة في المياه المفتوحة على كأس الشهيد الغماري    صنعاء توزع خوذ مجانية للدراجات النارية في التقاطعات    الذهب يرتفع لأعلى مستوى له مع تجدد التوقعات بخفض الفائدة الأميركية    محكمة غرب تعز تقضي بإعدام شاب قتل والده في إب    صنعاء.. جمعية الصرافين تعمّم بإعادة التعامل مع منشأة صرافة    خالد اليماني... جنوبي أصيل أم يمني مرتد؟    فوز الكويت بمقعد العضوية في اليونيسكو لأربع سنوات    تقرير أممي: نزوح أكثر من 18 ألف شخص في اليمن منذ بداية العام    حين يتحوّل فستان إعلامية إلى معركة هوية في وطنٍ تُنهكه المآسي !!    الصحفي والمدرب الحقوقي عماد السقاف    الأرصاد: أجواء باردة إلى شديدة البرودة على عدد من المحافظات والمرتفعات    لُوبانية    نزال مرتقب: ديتشيفا تواجه كيليهولتز ضمن بطولة "الطريق إلى دبي" للفنون القتالية    العرب يعزلون سوريا بأسوار خرسانية داخل حدودها    خبراء التغذية: النظام الغذائي مفتاح التركيز الذهني    دور السعودية في اعتداء الضاحية    أزمة وقود غير مسبوقة في المهرة    صنعاء.. نادي القضاة يكشف عن اعتداء مدير البحث الجنائي بالحديدة على قاضٍ وسط أحد الأسواق    في الجولة الخامسة لدوري أبطال أوروبا.. برشلونة يواجه تشيلسي في قمة كلاسيكية.. ومان سيتي يستقبل ليفركوزن    بركان إثيوبي يثور بعد 12 ألف عام والرماد يصل اليمن وعمان وباكستان    نهاية مشروع الحكم الذاتي للإخوان في حضرموت وتفكك حلف بن حبريش    عين الوطن الساهرة (6)..كيف تحوّل محاولات تجنيدك إلى صفعة للعدو    لحج.. متطرفون يهدمون قبة أثرية في أعلى قمة جبلية بالقبيطة    لحج.. مستجدات وتطورات الأحداث في طريق هيجة العبد بالمقاطرة    أحزاب تعز تدين الهجوم على موكب المحافظ والجبولي وتدعو لتعزيز التنسيق العسكري    محافظ المهرة يُشيد بدور الإصلاح والمكونات السياسية في دعم جهود السلطة المحلية    الصحة تعلن ارتفاع وفيات وإصابات التهاب السحايا في اليمن    قراءة تحليلية لنص "أريد أن أطمئن" ل"أحمد سيف حاشد"    منتخب الناشئين يفوز على غوام بعشرة أهداف ويتصدر مجموعته    مونديال الناشئين قطر2025 : النمسا تهزم إيطاليا بثنائية وتتأهل للنهائي    الكاتبة اليمنية آلاء الحسني تُطلق روايتها "حينما تأكلك الجزيرة"    العلامة مفتاح يؤكد حرص الحكومة على دعم صندوق المعاقين وتمكينه من أداء دوره في خدمة الأشخاص ذوي الإعاقة    جامعة صنعاء تحقق المرتبة الأولى على مستوى الجمهورية في نشر الأبحاث    الضالع تستعد لأول مشاركة في مهرجان التراث الدولي    فضيحة مدوية : حسابات الدعارة على إكس.. أرباح بالملايين تحت إدارة استخبارات الحوثيين    الأزمة تخنق الجنوبيين... صرخة النقيب إلى من بيدهم القرار    مدرب منتخب اليمن: نسعى للفوز على جزر القمر ومواصلة المشوار في بطولة كأس العرب    الكثيري يُعزّي في وفاة الشاعر والأديب ثابت السعدي ويشيد بإرثه الأدبي والثقافي    مصادر حكومية: انفراج مرتقب في صرف المرتبات وتحولات اقتصادية تعزز فرص الاستقرار    شبوة برس تنشر صور تظهر لقاء صلاح باتيس بالمرشد للإخوان محمد بديع (صور)    تسجيل 26 حالة وفاة وألف و232 إصابة بالحمى الشوكية منذ مطلع العام الجاري    الأرصاد يحذر من رماد بركاني واسع الانتشار وأجواء باردة في عدة محافظات    لقاح وقائي لسرطان الرئة يدخل التجارب السريرية    رئيس الوزراء يؤكد استمرار الإصلاحات وتعزيز حضور الدولة وتقليل السفر الخارجي    آخر حروب الإخوان    ميسي يقود إنتر ميامي لتحقيق انتصار كبير خارج ملعبه    رئيس سياسية الإصلاح يلتقي مسؤولا في الحزب الشيوعي الصيني لبحث العلاقات وأوجه التعاون    ريال مدريد يقع في فخ إلتشي    تقرير عبري: نصف الإسرائيليين يعانون أمراضا نفسية بعد 7 أكتوبر    وزير الخدمة المدنية يؤكد أهمية ربط مسار التدريب بالمسار العملي في وحدات الخدمة العامة    وزارة الزراعة تؤكد استمرار قرار منع استيراد الزبيب الخارجي    أزمة وقود خانقة تدفع محافظة المهرة نحو كارثة إنسانية    يوم كانت المائة الشلن أهم من الوزير    قراءة تحليلية لنص "حرمان وشدّة..!" ل"أحمد سيف حاشد"    هيئة أسر الشهداء تُنفذ مشاريع تمكين اقتصادي بنصف مليار ريال    الأوقاف والخطوط اليمنية توقعان اتفاقية لنقل أكثر من 6 آلاف حاج    ميزان الخصومة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام والفرائض الاجتماعية
نشر في الجنوب ميديا يوم 16 - 11 - 2012

ولذلك كان إثم التخلف عن الفريضة الفردية واقفا عند الفرد وحده, بينما إثم التخلف عن الفريضة الاجتماعية واقعا علي الأمة جمعاء!.. بل إن الفرائض الفردية كالصلاة مثلا يكون ثوابها أعظم عندما تؤدي في جماعة واجتماع!
كما أن المقاصد والثمرات لكل الفرائض الفردية إنما تصب في ترشيد الجماعة والمجموع.. ولهذا التميز الإسلامي كان لابد لإقامة كامل الإسلام من وطن يمثل الوعاء لإقامة فرائضه الاجتماعية, وذلك علي عكس ديانات أخري يكتمل قيامها وإقامتها في عزلة الرهبنة, بعيدا عن الإنتماء للوطن والأمة والمجموع.. ولهذه الحكمة أيضا كانت رهبانية الإسلام فريضة إجتماعية, هي الجهاد في سبيل الله.. أي في سبيل الأمة وصيانة الوطن وصلاح الإجتماع!.. ولهذه الحكمة التي تميز بها الإسلام كونه دين الجماعة قامت دولته وكذلك أمته علي التنظيم والنظم والمؤسسات..
فالدولة الإسلامية الأولي التي أبرم عقدها الاجتماعي والسياسي في بيعة العقبة س1 ق.ه سنة621 م والتي برزت الي حيز الواقع عقب الهجرة سنة1ه سنة622 م قد قامت علي مؤسسات دستورية ثلاث:
1 مؤسسة الأمراء: المهاجرون الأولون العشرة الذين مثلوا قيادات بطون قريش والذين كانوا أول الناس إسلاما, والذين أحاطت بيوتهم بمسجد النبوة دار الحكومة وكانت لها أبواب تفتح في المسجد, وكانوا في الصلاة يقفون خلف رسول الله صلي الله عليه وسلم وفي القتال يقفون أمامه!
2 ومؤسسة الوزراء: النقباء الاثنا عشر الذين مثلوا قيادات الأنصار من الأوس والخزرج والذين تم انتخابهم في بيعة العقبة لينوبوا عن الأنصار في مبايعة الرسول علي الهجرة الي المدينة وإقامة الدولة فيها.
3 ومؤسسة مجلس الشوري: مجلس السبعين الذي كان يعقد جلساته بمسجد النبوة دار الحكومة في مكان محدد, وأوقات محددة, وتعرض عليه شئون الدولة ومشكلات الولايات والأقاليم..
وغير مؤسسات الدولة كانت المؤسسية والمؤسسات هي الروابط التي تحول الأفراد والقبائل والطوائف والطبقات الي لبنات في بناء أمة الإسلام.. الإسلام العقدي الخاص بالمؤمنين, والإسلام الحضاري الجامع لرعية الدولة علي إختلاف العقائد والأعراق والألسنة التي احتضنها المحيط الإسلامي, وسلكها في النسيج الحضاري الواحد الذي بناه وانتمي اليه واعتز به كل الذين أظلتهم رايات حضارة الإسلام.
ولأن صلاح الدنيا صلاح المعاش هو الأساس الذي يقوم عليه صلاح الدين صلاح المعاد علي النحو الذي عبر عنه حجة الإسلام أو حامد الغرالي(450 505 ه105 1111 م) عندما قال: إن نظام الدين لايحصل إلا بنظام الدنيا فنظام الدين, بالمعرفة والعبادة, لايتوصل إليهما إلا:
بصحة البدن. وبقاء الحياة وسلامة قدر الحاجات من:
ا الكسوة. ب والمسكن والأقوات. والأمن.
فلا ينتظم الدين إلا بتحقيق هذه المهمات الضرورية, وإلا فمن كان جميع أوقاته مستغرقا بحراسة نفسه من سيوف الظلمة, وطلب قوته من وجوه الغلبة, متي يتفرغ للعلم والعمل, وهما وسيلتاه الي سعادة الآخرة؟!.. فإذن, بان أن نظام الدنيا, أعني مقادير الحاجة اشرط لنظام الدين لأن هذا هو مكان صلاح الدنيا والمعاش من صلاح الدين والمعاد, في فلسفة الاسلام, كانت فريضة الزكاة التي هي ركن من أركان الإسلام والتي هي فريضة جامعة بين التكليف الفردي وبين التكليف الاجتماعي كانت أولي المؤسسات الاجتماعية الاقتصادية في تاريخ الإسلام ودولة الإسلام وأمة الإسلام.
صحيح أن إيتاء الزكاة كان مشروعا في الرسالات السماوية التي سبقت الشريعة الاسلامية الخاتمة, فلقد جاء في قصص أبي الأنبياء, إبراهيم وآله عليهم السلام:( وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين) الأنبياء:73 .. لكن هذه الشعيرة قد إتخذت في الإسلام مكانا متميزا, جمع بين التكليف الاجتماعي, لأنها السبيل لتكافل الأمة اجتماعيا, ومن ثم فهي الآلية التي تحقق جعل آحاد الأفراد أمة واحدة ونسيجا متصلا وجسدا واحدا.. كما أنها تميزت وامتازت في الإسلام بجعلها مؤسسة تقوم عليها الدولة وتنظمها الجماعة عندما يتولاها ويقوم عليها نظام في الجمع والتحصيل وفي الرعاية والتنمية وفي التوزيع, ينهض به العاملون عليها.. فهي مؤسسة للأمة, ترعاها الدولة التي تحرس الدين وتساس بهذا الدين.. فالخطاب الإلهي بها موجه الي الدولة والي الأمة معا:
خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) التوبة:102 ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وماتقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله( البقرة:.110
ولقد نبعت هذه المكانة المتميزة لفريضة الزكاة, علي النحو الذي جعلها أولي المؤسسات الاجتماعية في دولة الإسلام وأمته من فلسفة الإسلام في الثروات والأموال, هذه الفلسفة التي جعلت الذات الإلهية هي المالك الحقيقي مالك الرقبة في الثروات والأموال, وجعلت الناس كل الناس وليس الفرد أو الطبقة.
مستخلفين عن الله سبحانه وتعالي في الحيازة و ملكية المنفعة و التنمية والاستثمار والاستمتاع الحلال بهذه الثروات والأموال فكانت الفلسفة المالية التي جمعت بإعجاز وتوازن بين ملكية المجموع وبين ملكية الأفراد علي النحو الذي بريء من غلوي الإفراط والتفريط اللذين سادا في الحضارات غير الإسلامية .. حتي أن القرآن الكريم قد نص علي فلسفة الاستخلاف هذه في الثروات والأموال فقال ضمن ما قال:( وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) النور:33 ( وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه) الحديد:7 كما أضاف القرآن مصطلح المال الي ضمير الفرد في سبع آيات وأضافه الي ضمير المجموع في سبع وأربعين آية!.. لتقرير هذه الفلسفة الفريدة والجامعة في الثروات والأموال..
ولقد قام الفكر الإسلامي وكذلك تطبيقاته بالتفصيل لهذه الفلسفة الإسلامية في الثروات والأموال فلسفة الاستخلاف فقال الراشد الثاني عمر بن الخطاب(40 ق. ه23 ه584 644 م).. رضي الله عنه :.. والذي نفسي بيده, مامن أحد إلا له في هذا المال حق, وما أحد أحق به من أحد, وما أنا فيه إلا كأحدهم, فالرجل وبلاؤه, والرجل وقدمه, والرجل وغناؤه, والرجل وحاجته. هو مالهم يأخذونه, ليس هو العمر ولا لآل عمر.. ولو استقبلت من أمري ما استبدرت لأخذت فضول ( زيادات) أموال الأغنياء فقسمتها علي الفقراء, وجعلتهم رجلا واحدا
وقال الراشد الرابع علي بن أبي طالب(23 ق. ه600 661 م) رضي الله عنه : إن الله قد فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء, فما جاع فقير إلا بما متع به غني, وإن الله سائلهم عن ذلك.. إن الغني في الغربة وطن, وإن الفقر في الوطن غربة, وإن المقل غريب في بلدته!
وقال الراشد الخامس عمر بن عبد العزيز(61 101 ه681 720 م) رضي الله عنه عن المال في دولة النبوة : إن الله قد اختار رسوله صلي الله عليه وسلم الي جواره, وترك للناس نهرا شربهم ( نصيبهم) فيه سواء(5)!
وقال الإمام الزمخشري(467 538 ه1075 1144 م) في تفسير آية:( وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه): إن مراد الله من هذه الآية هو أن يقول للناس: إن الأموال التي في أيديكم إنما هي أموال الله, بخلقه وإنشائه لها, وإنما مولكم إياها, وخولكم الاستمتاع بها, رجعلكم خلفاء في التصرف فيها, فليست هي أموالكم في الحقيقة, وما أنتم فيها إلا بمنزلة الوكلاء والنواب(6).
وقال الإمام محمد عبده(1266 1323 ه1849 1905 م) في التعليق علي إضافة القرآن مصطلح المال الي ضمير الفرد في سبع آيات, وإضافته الي ضمير الجمع في سبع وأربعين آية : إن الله سبحانه وتعالي أراد أن ينبه بذلك علي تكافل الأمة في حقوقها ومصالحها, فكأنه يقول: إن مالي كل واحد منكم هو مال أمتكم(7).
وعبر تاريخ الإسلام والحضارة الإسلامية, ورغم الجور والاستبداد والأثر التي طرأت علي الدولة الإسلامية في كثير من الحقب والعصور, ظلت الأمة ساعية وقائمة علي رعاية العدل الاجتماعي قدر الطاقة .. وظلت الزكاة ومعها الأوقاف راعية للفقراء, وعاملة علي الوفاء بقدر من حقوق الفقراء في أموال الأغنياء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.