أصدرت محكمة مانهاتن الاتحادية في نيويورك حكماً بسجن المدير السابق لمصرف "غولدمان ساكس" راجات غوبتا 3 سنوات مؤخراً، وهو حكم أخف بكثير مما كان المدعون العامون الأمريكيون يطالبون به، وكان أحد القضاة وصف ممارسات التداول بأنها من الجرائم المثيرة للغثيان، والتي تمثل انتهاكاً صارخاً للثقة . وفرض القاضي على غوبتا دفع غرامة بقيمة 5 ملايين دولار . وقد أدين في محكمة مانهاتن الفيدرالية لتسريب أسرار من غرفة مجلس إدارة "غولدمان ساكس" إلى راج راجاراتنام، مدير صندوق التحوط في مركز القوة الضاربة الحكومية التي مارست رقابة مشددة في الأعوام الأربعة الماضية . وقال بعض الخبراء القانونيين إن الحكم جاء مفاجئاً في حين قال آخرون إن القاضي حقق توازناً دقيقاً . وأبلغ قاضي منطقة مانهاتن جيد راكوف الحضور في قاعة المحكمة الذين بدا على وجوههم الوجوم ومن بينهم زوجة غوبتا وبناته الأربع أن تسريب أسرار المؤسسة في ذروة الأزمة المالية العام 2008 يوازي فعلياً طعن "مؤسسة غولدمان ساكس" في ظهرها . من جهته لم تبد على غوبتا علامات التأثر بعد النطق بالحكم الذي جاء في نهاية بيان امتد لثلاثين دقيقة الذي تحدث خلاله القاضي عن أعمال الخير غير العادية التي يقوم بها غوبتا منذ سنوات، وهي أعمال تخالف بشدة الجرائم الصارخة التي اقترفها . وكان كوفي عنان وبيل غيتس من بين 400 شخصية ونجوم مجتمع ممن وجهوا رسائل إلى القاضي يرجونه الترفق بالحكم . وخلال سير المحاكمة استمعت المحكمة إلى كيف سرب غوبتا معلومات بالغة السرية في المصرف إلى صديقه وزميله في الأعمال راجاراتنام خلال الفترة ما بين سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول العام 2008 . وفي غضون دقائق من دعوة مؤتمر لأعضاء مجلس إدارة غولدمان يومي الثالث والعشرين العام 2008 . أبلغ غوبتا زميله أن المستثمر المتنفذ وارن بوفيت سيضخ 5 مليارات دولار في مصرف الاستثمار . واستفاد راجاراتنام من هذه المعلومات، بينما كان السوق مغلقاً . وقال القاضي جيد راكوف إنه خلال تداول الحكم الذي استغرق ساعتين ونصف الساعة أن القضية لم تكن طاغية فقط على التفاصيل ولكنها مثيرة للاشمئزاز في حيثياتها وخرق صارخ للثقة، في وقت كان مصرف "غولدمان ساكس" في حالة شديدة من الاضطراب . وقال القاضي أيضاً "لم أواجه في حياتي متهماً يوحي تاريخه الماضي بمثل هذا التكريس غير العادي لأناس يتوقون إلى الدعم" . وكان غوبتا واجه الحكم عليه بالسجن 20 عاماً لارتكابه عمليات غش طالت الأسهم، فضلاً عن خمس سنوات عقوبة لارتكابه جرم التآمر . ويذكر أن القاضي لديه فسحة كبيرة في إصدار الحكم ولدى راكوف سمعة بالخروج على المبادئ الرئيسة الخاصة بالتعامل مع العقاب . وأمر راكوف غوبتا بالبدء بتنفيذ الحكم في الثامن من يناير/ كانون ثاني العام 2013 . وستقرر إدارة السجون الأمريكية أين سيمضي غوبتا محكوميته، وإن كان محاميه طلب أن يمضي محكوميته في سجن أوتيسفيل في نيويورك الذي تطبق فيه أبسط الإجراءات الأمنية . ورفض القاضي عرضاً لمحامي غوبتا جاري نافتاليس الذي حث القاضي على إطلاق سراح موكله بكفالة في انتظار طلب الاستئناف ويمكن لطلب الاستئناف أن يستمر نحو عامين . وقال محاميه في بيان: "نعتقد أن وقائع هذه القضية تبين أن غوبتا بريء" . يشار إلى أن المدير السابق لمصرف "غولدمان ساكس" هو الشخصية الأكثر تنفذا التي تصدر ضدها أحكام قضائية في عملية التحقيق الواسعة مع الدائرة الداخلية لنشاط التداول التي تتضمن صندوق المديرين والمتداولين والاستشاريين والمديرين التنفيذيين . وشغل منصب الرئيس السابق لمؤسسة ماكنزي العالمية الاستشارية، وكان في سنوات سابقة عضواً في مجلس إدارة شركة "بروكتر آند كامبل" والخطوط الجوية الأمريكية وعمل أيضاً مستشاراً للجمعيات الخيرية بما فيها مؤسسة بيل وميليندا جيت الخيرية . ولد غوبتا في الهند من عائلة تعاني الفقر وتربى يتيماً لكن عندما بلغ العشرينات من عمره تألق نجمه وتقلب في المراتب حتى نال أعلى الرتب الوظيفية وأصبح فيما بعد من نخبة المهتمين بالأعمال الخيرية . * (رويترز)