علمتني الأديان التي أومن بأنبيائها جميعا، أن هبة معجزة عصا موسى عليه السلام "نبي بني إسرائيل" وقاهر فرعون الأكبر في العظيمة "مصر"، لم تكن وحدها كافية بل كان قبلها وبها ومعها، بل وأهم منها الإعجاز الأخوي ب "هارون" والفرق فقط بينهما ثلاثة أعوام، وهو "الأخ" أول النجدة الإلهية التي تذلل بها العبد موسى عليه السلام لربه عندما أمره بالذهاب إلى فرعون، وكان ذلك تكليفا شاقا على من يعاني ومن لديه "لثغة" في اللسان يعلمها ويدرك أثرها. (قال رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا (والاستنجاد بالأخ يأتي لأيما سبب. وعلمتني الأيام أن أحمد الله تعالى أن لي أختا صغرى، هي في عرف أسرتي أكبر ذراع وأشد عضد اسْتَند.. ويستند عليه، في مفارقة مع العمر والقدر والأيام والقوة والضعف.... أغلى وأغنى... وأقوى وأضعف مخلوقين "أبي وأمي عند الكبر"... وقد علمني الدين الذي هو صلب الحياة، أهمية الأخ (سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون). وتلك القصة في الحياة، هي ذاتها في الأوطان دون معايير الحجم والمقاسات الجغرافية والثروات، التي يعزف عليها البعض اليوم سخرية وتندرا غير واعٍ، لا ترقى لحجم العمل والهدف العربي الوحدوي السامي الذي تسعى له قطر... والحال في قطر حقا يقول، وباللحن والصوت الجميل الذي أردده هنا مترنمة بنغمة كما أتمنى أن ترنموه معي: وطني حبيبي الوطن الأكبر يوم ورا يوم أمجاده بتكبر وانتصارته مالية حياته وطني بيكبر وبيتحرر وطني وطني. لم يخطىء أهل قطر، ولم ولن يندموا أبدا عندما صفقوا للوحدة العربية المصغرة بين مصر وسوريا التي تغنى بها وبغيرها أوبريت 1960 "الوطن الأكبر"، وما استلهمته وألهمته، فقد عاشوا مع الحلم وتطبيقه حكومة وشعبا... بل سمى أجدادنا وآباؤنا أولادهم ب "جمال" و"عبدالناصر"... واقترعوا لتسمية بناتهم ب "وحدة" و"انتصار" في أوج الفرحة والفخر بما حققه الوطن العربي واليد الواحدة وبما تعشمه العرب في زعيم مصر، زعيما للوطن العربي قاطبة، دون خوض ملحمة فرقة أو أوبريت خلاف أو العزف على أوتار المقاسات والأحجام الجغرافية، أو التندر بسلاح النفط وثرواته، والذي طوع وقتها بشكل ناجح كما طوع اليوم بشكل آخر ناجح أيضا لخدمة الوحدة والحريات وإعلاء الأوطان ورفعة شعوبها.... اختلف العهد أو التاريخ أو الزمن أو مقاليد الحكم أو السيادة أو الريادة أو الرأي في كل وطننا الأكبر حول القومية، أو حول مسمى آخر قبع وقتها في السجون، ولكنه لم يختلف أبدا على الوحدة ومصلحة الشعوب. ولأن "لكل زمان دولة ورجال" لم يخطىء الأوبريت الذي لحّنه الملحن الشهير "محمد عبدالوهاب" وألف كلماته "أحمد شفيق كامل" إصابة الهدف، بل إنه أصاب كبد الحقيقة، حتى لو تم تجديد تصويره اليوم، بوضع علم قطر ليبدو خلفية لمن يتكبد مشاق الوحدة العربية، وهو عمل بطولي شجاع وجسور تُعنى به قطر على مستوى هدم عبودية الديكتاتوريات، وتعزيز الحريات، وبناء الدول، ليس بالمال فحسب بل بالنفس وهي أعز من "المال"، والذي عبر عن حال النخوة والوحدة في الوطن العربي التي تضطلع بها الأخت الصغرى مساحة الكبرى مواقفا. وطني يا أغلى وطن في الدنيا "قطري" يا قلعة للحرية أنت الباني مع البانيين وأنت الهادم للعبودية الصوت صوتك حر وعربي مش صدا شرقي ولا صدى غربي انتا حبيبي يا وطني العربي. لقد عمل قبل أن يؤكد زعيم القمة العربية في افتتاحيتها في الدوحة آخر الشهر الماضي مرارا بأن: "قضية فلسطين هي قضية العرب الأولى، وهي مفتاح السلام والأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، فلا سلام إلا بحلها حلاً عادلاً ودائماً وشاملاً، يلبّي كامل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف." مؤكدا على "أن الحقوق الفلسطينية والعربية والإسلامية في القدس لا تقبل المساومة، وعلى إسرائيل أن تعي هذه الحقيقة، كما على الدول العربية أن تبدأ تحركاً سريعاً وجاداً في هذا الشأن" إن المناداة بما سبق وفوقها تنفيذ صندوق لدعم القدس برأسمال قدره مليار دولار وبذل قطر الإنفاق الأكبر فيه "ربع مليار دولار"....له هدفه الأكبر يا من يتظاهر بجهل وطني الأكبر.... وطني يا زاحف لانتصاراتك ياللى حياة المجد حياتك في فلسطين وجنوبنا الثائر هنكملك حرياتك احنا وطن يحمى ولا يهدد احنا وطن بيصون ما يبدد وطن المجد يا وطني العربي. وطني يا ثورة على استعمارهم إملا "منايرك" نار دمرهم لو نستشهد كلنا فيك صخر "ديارنا" راح يحاربهم "الاحتلال" على ايدنا نهايته راح من الدنيا زمانه ووقته لا الجزاير ولا في عمان تهدا الثورة على الطغيان إلا بنبض الشعب العربي. ليس الحياض والدفاع عن معاناة الشعب السوري والسعي لتحقق إرادته وتطلعاته المشروعة والتأكيد على وحدة شعبه وأراضيه الوطنية بالأمر الهين، أما المناداة ب: "إنها مسؤولية أخلاقية وتاريخية نتحملها جميعاً، ولا يجوز لأحد أن يتنصل منها." واستنهاض مجلس الأمن لذلك.... فهو الوهن على وهن لدولة حُبلى بهموم أمتها العربية فوق هموم مساعدة دول أخرى منكوبة، ولكنها لم تنسَ أن تعيد على المجتمع الدولي وبجرأة: "إننا نكرّر ما طالبنا به مجلس الأمن بأن يقف مع الحق والعدالة، وأن يستصدر قراراً بالوقف الفوري لسفك الدماء في سورية، وتقديم المسؤولين عن الجرائم التي ترتكب بحق شعبها إلى العدالة الدولية." إن الفعل والإصرار يعيد إلى الأذهان ويؤكد أن وطني: "قطري" يا وطن الشعب العربي يالى ناديت بالوحدة الكبرى بعد ما شفت جمال الثورة انتا كبير كبير كبير و أكتر بكتيير من الوجود كله من الخلود كله يا وطني. أما التشديد من أروقة قمة قطر، وبدعوة قائدها على وجوب دعم الأخت الصغرى، ومن ثم جميع العرب لكل من قضايا الشقيقات في العروبة "الصومال" و"جزر القمر" و"دارفور"، فإنه حديث يُداعب القلوب والنخوة بالتاكيد لا الجيوب على حد الرواية الضعيفة بل الموضوعة. وحلو يا مجد يا مالي قلوبنا حلو يا نصر يا كاسي رايتنا حلوة يا "قطر" يا جامعة شعوبنا حلوة يا أحلى نغم في حياتنا يا نغم ساري بين المحيطين عشق مراكش والبحرين في اليمن ودمشق وجدة نفس الغنوة لأجمل وحدة وحدة كل الشعب العربي. أما النداء لسماع تنهّدات الإصلاح فقد رُفع لأهله من أجل مَنْ؟ أفلا يعقلون قول قائد القمة: "على أنظمة الحكم أن تدرك أنه لا بديل عن الإصلاح ولا مجال للقهر والكبت والاستبداد والفساد." "ومن منطلق المسؤولية الإنسانية والقومية، يتعين علينا الوقوف بجانب أشقائنا في دول الربيع العربي، لاجتياز المرحلة الانتقالية الصعبة، التي تتبع أي ثورة شعبية. ولا يجوز أن يراهن أحد على حالة الفوضى وعدم الاستقرار في هذه الدول لتنفير الناس من التغيير..." "وإذا كان الدعم الاقتصادي العربي مطلوباً لبعض هذه الدول؛ فإنه أكثر إلحاحاً لدول الثورات التي تمر اليوم بمرحلة انتقالية تقتضي الدعم، وبالأخص جمهورية مصر العربية الشقيقة بحكم كثافتها السكانية وأوضاعها الاقتصادية، ولا يمكن لأحد أن ينسى التضحيات التي قدمتها مصر ودورها الكبير تجاه القضايا العربية وأشقائها العرب، لذا فإن تقديم الدعم لجمهورية مصر العربية الشقيقة في هذه الظروف واجب علينا جميعاً." ولماذا خُصِّصت مصر العظيمة والشقيقة هنا ومنذ حكم العسكر وهي الأخت المليونية عددا التي نراهن جميعا على أمنها واستقرارها كقاعدة لأمن ولُحمة سائر دول الوطن العربي؟؟ ولأن الشيء بالشيء يذكر، لم تنسَ قطر ولا غيرها أبدا دور مصر وتضحياتها وعجلة التاريخ ودواعي الحماية لمن نحبها ونطلق عليها "أم الدنيا" مهما عقّها وأساء لها اليوم بعضٌ من أبنائها.... فهي "الأخت الكبرى" ووعي إخوتنا في مصر نراهن عليه في فهم القول: قوميتنا اللي بنحميها اللي حياتنا شموع حواليها جنة بتضحك للي يسالم وجحيم ثاير على أعاديها عاش وانتصر الشعب العربي. أما مَنْ وما خرج عن روح قطر وروح مصر، أعني روح العروبة والمحبة والأخوة والمصير المشترك بين البلدين والشعبين في ما يبث من سخرية... وخرج بعدها عن بحور الشعر وعن سياق النص من مهاترات لا ترقي لأدب الحديث ورقي الفن وجماليات تقاطيع الأوبريت، ومن انزلق عن الورع الأدبي والحصافة السياسية والفقه الاقتصادي فلن يفي له ردا إلا كلمات أوبريت "عبدالوهاب" والشاعر شفيق كامل، وبأصوات مطربيّ الوحدة والزمن الجميل ذاتهم، حتى لو كان على غرار مونتاج برنامج "بحلم بيك"، لنستلهم بالفن "الحُلمْ العَربي" توأمة لحديث مجد الواقع الذي تقوده قطر وزعيم العرب. والذي نردده ترنما.... "قطري" يا جنة الناس حاسدينها على أمجادها وعلى "مواقفها" يالى "الزعامة" رجعت ملكك ونتا لخير الدنيا صاينها علىّ "جودك" ووْهَبْ" من خيره اصنع وازرع وابنى في نوره يا لى عُلُاك في قلوبنا عبادة يا وطن كل حياته سيادة وطن العزة يا قطري الأكبر.