تمام سلام يؤيد الثورة السورية ولا يأتي على معادلة الجيش والشعب والمقاومةبيروت 'القدس العربي': كُلِّف النائب تمام سلام رسمياً برئاسة الحكومة بشبه إجماع بلغ 124 صوتاً وامتناع 4 نواب هم ميشال عون وسليمان فرنجية واسطفان الدويهي وسليم كرم. وبذلك طُويت صفحة التكليف وفُتحت صفحة التأليف التي دشّنها الرئيس المكلّف بسلسلة ثوابت حدّدت مواقفه ازاء مجموعة من العناوين، أبرزها مهمة حكومته التي أكد انها 'حكومة انتخابات'. وشدّد على تمسّكه ب'اعلان بعبدا' واستراتيجية رئيس الجمهورية الدفاعية، وبدعمه للثورة السورية، مبدياً ملاحظات على أداء حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، ورافضاً أن يحذو حذوه في عدد من المواقف. أما رد الفعل الأبرز ازاء هذا التكليف فجاء من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي بعث برقية تهنئة لسلام معرباً فيها 'باسمه وباسم شعب وحكومة المملكة العربية السعودية عن أجمل التهاني وأطيب التمنيات بموفور الصحة والسعادة لدولته، ولشعب لبنان الشقيق التقدم والرقي'. وأكد العاهل السعودي حرصه على الاستمرار في تنمية العلاقات المتميزة بين البلدين ودعم كل ما من شأنه أن يسهم في استقرار وازدهار لبنان الشقيق'.كما بعث ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز برقية مماثلة لسلام. وكانت الاستشارات الملزمة التي اختتمت بعد ظهر السبت أظهرت تباينات حول شكل الحكومة العتيدة رغم الإجماع على اسم رئيسها، بين متمسك بحكومة انتخابات وبين مَن يدعو إلى حكومة وحدة وطنية، ما حدا بالرئيس المكلّف إلى الخروج من دوّامة الأوصاف المتناقضة، في بيان التكليف، بشعار آخر أطلقه لحكومته التي سماها حكومة 'المصلحة الوطنية'، آملاً أن 'تنعقد الخناصر لنتمكن معاً من إنجاز الاستحقاقات الدستورية بينما أنظار العالم تتابع أوضاعنا وأوضاع المنطقة'. وقال سلام انه يدرك 'حساسية المرحلة وحراجة الاستحقاقات والمهل الدستورية'، آملاً أن تتابع القيادات السياسية 'الإيجابيات في المشاورات النيابية في الأيام المقبلة لتأكيد أولويات المرحلة ومهمة الحكومة الجديدة'. وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وفور الانتهاء من الاستشارات النيابية استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري وأطلعه رسمياً على نتائجها. ولدى خروجه من اللقاء سُئل بري عما إذا كانت الحكومة ستكون حكومة وحدة وطنية والمرحلة مرحلة سلام والتكليف سريعاً، فأجاب 'إن شاء الله'. ثم استدعى الرئيس سليمان النائب سلام إلى بعبدا وكلّفه تشكيل الحكومة. وأكد سلام في بيان التكليف انه لم يتعهّد 'لأي جهة بأي شيء، لقد تعهدت لنفسي بالمصلحة الوطنية التي تحتضن كل الصيغ التي تم طرحها'، مؤكداً ان كل ما يتعلق بالحكومة 'مرهون باستشارات التأليف'. لكنه أكد في مقابلة تلفزيونية مع 'المؤسسة اللبنانية للإرسال' أن الحكومة المزمع تشكيلها هي 'حكومة انتخابات، لأنها استحقاق ضروري ومصيري'، ويجب التركيز على هذه الوظيفة، مؤكداً السعي لأن تضم أشخاصاً غير مرشحين. وعن تسميته من قوى 14 آذار قال ان الخبر 'جاءني من أشخاص من فريق 14 آذار ان ثمة قرارا بدعم ترشيحي للتكليف وتحدث معي الرئيس سعد الحريري وقال لي ان الطائرة ستكون جاهزة صباحاً إذا أحببنا التداول أكثر، ولم يطلب مني أي شيء كذلك لم يطلب مني أي طرف آخر شيئاً'. وعوّل سلام على إعلان بعبدا مضيفاً أنه يمكن بحث الاستراتيجية الدفاعية من بعده، لكن لا يمكن تحميل حكومة الانتخابات أكثر مما تحتمل'، وأكد انه مع حكومة الرئيس ميقاتي 'تعذب اللبنانيون والتركيبة التي كانت قائمة لم تنجح فتراجع البلد والاقتصاد'، مشدداً على انه يؤيد ثورة الشعب السوري 'ومع خياراته ولا أخفي ذلك وكل ما يستلزم ذلك من مواقف لن أقصّر فيها لكن بما لا يعرّض بلدي لمواقف لا يمكن تحمّلها ولا يمكن تكرار التجربة حيث رئيس الحكومة لديه موقف من أمور معينة فيما موقف وزير خارجيته يعلنه مختلفاً'. ويفترض ان يقوم الرئيس المكلف اليوم بالزيارات التقليدية لرؤساء الحكومات السابقين، على أن يجري استشارات التأليف يومي غد وبعد غد في مجلس النواب وفقاً لبرنامج حددته الامانة العامة لرئاسة المجلس النيابي. وفيما أجمعت ردود الفعل المحلية على تأييد تكليف سلام برز تباين صريح حول مهمة الحكومة العتيدة، فأكد مستشار الرئيس سعد الحريري النائب السابق غطاس خوري ان المطلوب من الحكومة 'إجراء الانتخابات وبعد هذه الانتخابات إذا فاز خيار الجيش والشعب والمقاومة سنرضخ جميعاً، وإذا لم يفز فهذا يعني ان الشعب قرر ان هذه المعادلة انتهت'. اضاف 'هذا موضوع خلافي ولن يُحل الآن ومَن يثيره حالياً يعني أنه يعقّد مسار الانتقال الديمقراطي للسلطة ويريد تأجيل الانتخابات'. في المقابل، أعلن عضو كتلة 'الوفاء للمقاومة' النائب علي فياض ان كتلته سمّت سلام 'على أساس أن تكون الحكومة توافقية ويكون اداؤها توافقياً، ونأمل من الرئيس المكلف أن يخلع رداء الانحياز السياسي على عتبة السراي ويدخل إليها رئيساً وحدوياً'. وكذلك قال عضو كتلة 'التنمية والتحرير' النائب علي خريس 'ان شرطنا الأساسي هو العمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية، حكومة توافقية سياسية فاعلة تستطيع اتخاذ القرارات في الأوقات الصعبة'. وأكد رفض التخلي عن ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة في البيان الوزاري العتيد، 'لأن المقاومة يجب أن تبقى وأن تستمر لأنها حاجة أساسية ووطنية'. اما رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون فزار امس بكركي وعقد خلوة مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، وقال بعدها ' ان شاء الله نتوصل الى حكومة توافق وطني حتى تقوم بمهماتها على اكمل وجه. من جهتنا سنسهّل عملية التاليف ونتمنى ان لا يكون فيها اي اشارة الى الكيدية السياسية التي يتحدث عنها البعض'. غير أن الرد اكثر وضوحاً على مواقف رئيس الحكومة المكلف جاء من صحيفة 'الديار' التي تنتهج حالياً خطاً قريباً من النظام السوري حيث انتقدت موقف سلام من إعلان بعبدا ومن النظام السوري بقولها 'بدأ الرئيس تمام سلام عهده بكلام انه مع ثورة الشعب السوري وبذلك وضع لبنان طرفاً في الصراع على الساحة اللبنانية، وارتكب خطأ سيؤدي الى ضرب تكليفه .ثم ان هناك خبثاً وباطنية في الكلام عندما يعلن انه مع إعلان بعبدا، وبرنامج بعبدا اعلن فيه رئيس الجمهورية ميشال سليمان حياد لبنان عن المحاور، وكي لا يفهم حياد لبنان عن المحاور هو حياد لبنان عن الصراع العربي - الاسرائيلي فاعلن رئيس الجمهورية ان الحياد ما عدا قضية الشعب الفلسطيني وحقوق العرب. فأخذ الرئيس تمام سلام حياد لبنان من بيان بعبدا كي لا يضع في البيان الوزاري مقولة 'الجيش والشعب والمقاومة وبذلك يكون الرئيس تمام سلام قد ارتكب خطأ سياسياً فادحاً. وما لم يعلنه فوراً من تصحيح لموقفه فانه يكون قد قضى على تأليف الحكومة'. وسألت الصحيفة الرئيس المكلف 'كيف تعلن وقوفك مع الثورة السورية بدل ان تكون خارج المحاور والصراعات وانت رئيس حكومة وفاق، وتعلم ان 8 آذار تؤيد نظام بشار الاسد وان 14 آذار هي ضد نظام بشار الاسد فلماذا تقول هذا الكلام؟. تقول انك مع بيان بعبدا حيث تريد الاختباء خلف كلمة الحياد عن المحاور التي استدركهاالرئيس سليمان باضافة ما عدا قضية فلسطين والعدو الاسرائيلي 'لذلك لكي تكون على الحياد وتهرب من عبارة الجيش الشعب والمقاومة في البيان الوزاري'. وختمت 'تمام سلام إسحب خطابك والا تكون انهيت مهمتك ووضعت لبنان في مجيئك بصلب المخاطر'. تزامناً، تلقى سلام رسالة من القيادة الايرانية نقلها اليه السفير الايراني غضنفر ركن آبادي تمنت له فيها النجاح في مهمته تأليف الحكومة، وتؤكد الحرص على المقاومة'. وأوضح سلام بخصوص سلاح حزب الله 'المقاومة ضد اسرائيل مشروعة، لكن قرار الحرب والسلم يجب ان يكون بيد الدولة اللبنانية، وأي ستخدام للسلاح في الداخل يجب وضع حد له'. وعما اذا كان قد تفاجأ بتلقيه رسالة ايرانية على اعتبار انه مرشح قوى الرابع عشر من آذار، أجاب: 'انا اليوم رئيس مكلف واتواصل مع الجميع. وقد تلقيت أيضاً رسالة دعم من روسيا، نقلها السفير الروسي'. ونفى في الوقت عينه ان يكون قد حصل اي اتصال مع السفير السوري. في غضون ذلك، وقّع رئيس الجمهورية امس مرسوم تعديل دعوة الهيئات الناخبة وتقديمها الى 16/6/2013، فيما أصدر وزير الداخلية مروان شربل بياناً أوضح فيه انه في حال التوقيع على هذا المرسوم ستُصدر الوزارة تعميماً تعتبر بموجبه ان آخر مهلة لقبول طلبات الترشيح تنتهي في 17 نيسان 2013 بدلاً من 10 نيسان (ابريل). الى ذلك، دعا الرئيس نبيه بري الى عقد اجتماع لهيئة مكتب المجلس ظهر اليوم الاثنين، في خطوة فسّرها نواب انها من أجل عقد جلسة عامة يُقرّ خلالها تمديد مهل الانتخابات وفقاً للمرسوم المشار إليه. وقال سلام في حديث لمحطة 'بي بي سي' الاحد عن 'توافق دولي واقليمي لمساعدة لبنان في هذه المرحلة'، وعن 'تأثيرات اقليمية ودولية وراء الاجماع على تسميته'، معربا عن أمله في 'ان ينسحب هذا الاجماع على مهمة تأليف الحكومة التى تنحصر مهمتها بالانتخابات'. ونفى 'ان يكون ينحى منحى الكيدية السياسية في التعاطي مع تشكيل الحكومة الجديدة'، وقال: 'لبنان مكون من مشارب عدة والصراع السياسي أمر مشروع في اطار المؤسسات'. وسئل عن توقعاته لجهة سرعة التأليف، فقال 'ان الامور ليس ممهدة'، آملا 'أن تعي كل القوى السياسية الظرف الدقيق والحرج على وقع التطورات في سورية والمنطقة التى تحتم توحيد الموقف'. ورفض الخوض في تفاصيل شكل حكومته وحجمها 'بانتظار الاستشارات'.