الفساد بكافة أنواعه هو آفة من آفات هذا العصر وهو كالسوس ينخر في مفاصل الدول مادياً واجتماعياً وأخلاقياً والشرح فيه يطول ونأخذ المادي منه الذي هو سبب الغنى الفاحش للبعض.. وهو من أسباب الفقر في كثير من الدول والتخلف والطبقية ولا سيَّما في الدول العربية وهو سبب خرابها وزعيم مشاكلها وهو ما أعاق مسيرتها نحو الإصلاح والصلاح وجعلها بعيدة عن التقدم والازدهار والنماذج كثيرة ومتعددة من حولنا وهو عامل من العوامل التي حركت الربيع العربي، ففي العالم العربي نرى الثراء الفاحش في طبقة المسؤولين ومن يدور في فلكهم فبسبب الفساد في ليلةٍ وضحاها يملك المفسدون ما الله به عليم وقد اعتمد أمثالهم طرقا احتيالية لكي ينفذوا من المُساءلة القانونية ونادراً ما ترى مسؤولا في العالم العربي لم يخرج من المنصب إلا بثروة كبيرة؟؟ فبرغم ما يُعطى البعض منهم من الهبات والعطايا الكبيرة من الحكومات بغرض تأمين مستقبله الوظيفي ويغنيه عن الحاجة ويجعله مخلصا لجهة عمله ولمن ولاه عليها إلا أن الطمع والجشع يحول بينه وبين ذلك؟؟ وفي كثير من الأحيان تتساءل كيف تصل ثروة البعض إلى هذا الحد هل أمطرت عليه السماء ذهباً وفضة أم استخرج كنزاً خبأه له والده فقبل المنصب كان لا يملك إلا القليل؟؟!! والكثيرون ممن على هذه الشاكلة قد يشك والعياذ بالله بأن هناك حسابا وعقابا في انتظاره عند رب العالمين وان ما سرقه سوف يكون وبالا عليه وسوف يرى آثار ذلك المدمرة تنعكس عليه وعلى ذريته جيلا بعد جيل، ومن أسباب تفشي هذه الظاهرة التراخي في ملاحقة هؤلاء أو غَض الطرف عنهم خاصة في المجتمعات الصغيرة فعندما يرى الناس أن البعض أخذ الكثير وسجل الكثير باسمه ولم يُسأل من أين لك هذا؟؟ قد يسير الكثيرون من ضعاف النفوس على خطاه وفي ركبه. ومن المفارقات الغريبة قد تسرق فأرا فتُلاحق وقد تسرق حوتا وتُترك!! وقد تلوح بعض الدول بعصا مكافحة الفساد وانها لن تتهاون مع المفسدين لكي تحد من هذه الظاهرة لكنها في نفس الوقت لم تسترجع ما سُرق في السابق ولم تُحاسب أحدا ليكون عبرة لغيره إلا فيما ندر وقد تكون واجهة حالها كحال منظمات حقوق الإنسان في العالم العربي؟؟ ومن جانب آخر هناك فساد مُقنع مُقنن يمارسه البعض في مجال نطاق مسؤوليته ولا يتعرض إلى أي نوع من الملاحقة القانونية أو حتى المساءلة خاصة في تبذير المال العام أو مال المصلحة الحكومية او الخاصة او المختلطة على سفراته ومهرجاناته واختراعاته وبنود الصرف كثيرة بالنسبة لأفكاره وخططه العقيمة وألبسها مصلحة العمل وطبعاً الشماعة الكبرى مصلحة الوطن ليعطيها أهمية كبرى وتذهب معه شلة كبيرة من المطبلين له بدون لزمة؟؟ والكل أسبغ على نفسه صفة الخبير وهو ليس له في الثور ولا الطحين عبارة عن بياع كلام تمثيل في تمثيل والكل يصرف ويقول مال الدولة كثير ما تعرف وين تصرفه،،، فإذا كانت الأوضاع الاقتصادية هذه الأيام جيدة جداً فلا أحد يعلم ماذا يحمل الغد من مفاجآت قد لا تكون في الحسبان فالصرف في الأمور ذات الطائل لا مانع منه إذا كان سوف ينعكس على مصلحة الوطن أو مواطنيه أو علاقاته أو أمنه أو اقتصاده فمواسير الصرف المادي وصنابيره أصبحت كثيرة ومفتوحة واستغلها الكثيرون لمصالحهم الشخصية فمثل ما قالوا النعمة زوالة فإذا اليوم ماؤها كثير قد لا تجد غداً نقطة ماء فيها أو كانت حدائق غناء قد تصبح لا سمح الله صحارى جرداء!!