مع دخول فصل الصيف، ترتفع درجات الحرارة لمستويات قياسية، فتخفض الروح المعنوية للمزارعين، مع انخفاض إنتاجية الأرض، ومع ظهور المشاكل والتحديات التي تواجههم يبقى دائما جانب مشرق وطرق نتحدى بها الواقع الصعب، ونصائح مفيدة للتغلب على الظروف القاهرة، علينا فقط أن نستمع إليهم في قلب مزارعهم لنلمس على أرض الواقع هموم شح العمالة وانقطاع المياه ووعورة الطرق وصعوبة التسويق وبالتالي يمكن تصور الحلول. القبس قامت بجولة على 3 مزارع بمنطقة العبدلي، لرصد استعدادات المزارعين لموسم الصيف في بدايته. محطتنا الأولى كانت مزرعة المواطن جمال العنزي، التي تبعد بمسافة قصيرة عن المركز الصحي بالمنطقة، وتبلغ مساحتها 100 ألف متر مربع، كانت مقسمة على جزأين، الأول للزراعة المحمية وفيه 45 بيتا محميا، 28 مصنوعا من الزجاج، والباقي من البلاستيك، والجزء الثاني للزراعة الحقلية، ويمتد على مساحة 30 ألف متر مربع، وكان الإنتاج في المزرعة مقتصرا على الخضروات بنوعيها الورقي والثمري. أحوال الطقس يقول صاحب المزرعة: يعاني المزارعون في فصل الصيف الحرارة المصاحبة للرطوبة والغبار الشديدين، مما يؤدي إلى تلف معظم المزروعات الحقلية، وفي فصل الشتاء تتسبب الأمطار الغزيرة التي تهطل على المزارع، بغمر التربة بكميات كبيرة من المياه، مما يؤدي الى غرق معظم النباتات المزروعة، وهو المشهد الذي حصل في كثير من الأراضي الزراعية خلال فصل الشتاء الذي انتهى قبل أيام معدودة، حيث تسبب الصقيع مع الأمطار الغزيرة بتلف محاصيل زراعية كثيرة بشكل كامل. العمالة الزراعية وقال: توفير العمالة الزراعية في المزارع يتحول من أمر صعب في فصل الشتاء إلى مستحيل في فصل الصيف، فمعظم العمالة الوافدة، ترفض رفضا قاطعا العمل في المزارع صيفا، نظرا إلى أحوال الطقس المتقلب،الذي يخشى العمال فيه من الإصابة بأذى بسبب أشعة الشمس الحارقة، مضيفا: لم يتبق من يقبل العمل من هؤلاء سوى أعداد قليلة، وهم يضعون شروطا مسبقة قبل مزاولتهم العمل، بدءا من راتب شهري يتراوح ما بين 100 و150 دينارا، مرورا بتوفير سكن ملائم داخل المزرعة فيه أثاث وتكييف، ووصولا إلى تحديد ساعات العمل بحيث لا تتجاوز ثماني ساعات يوميا، وغيره الكثير. وتابع: مطالب وشروط العمالة للعمل بالمزارع، تسببت في تزايد التحديات التي تواجه المزارعين، نظرا لتضاعف المصاريف الشهرية عليهم، حيث أصبح الكثير منهم شبه عاجز عن توفيرها، بينما أصبح بعضهم يوفر بالكاد متطلبات عاملين أو ثلاثة، مشيرا الى أن قلة العمالة في كل مزرعة تؤثر في معدل الإنتاج كماً ونوعاً. تسويق المنتجات ويلتقط أطراف الحديث عبيد العنزي، كاشفا الغطاء عن المعاناة الشديدة التي تواجه المزارعين في تسويق منتجاتهم الزراعية، والتي استمرت منذ عدة سنوات حتى الوقت الراهن، لعل وعسى أن يطلع المسؤولون المعنيون في الشأن الزراعي بالبلاد عليها، ويعملوا على إيجاد حلول سريعة لها، يقول: المشكلة بدأت بعد إغلاق عدد من شبرات الخضار أمام وجوههم، كحال شبرتي الشويخ والرقة، اللتين كانتا متنفسين مناسبين للمزارعين لعرض وبيع محاصيلهم من الخضروات والفواكه والتمور، مشددا على ضرورة إعطاء كل صاحب مزرعة في البلاد الحق في استئجار بسطة في شبرتي الأندلس والصليبية، من اجل تمكينه من عرض وبيع منتجاته للمستهلكين بشكل مباشر من دون وسطاء، كي يحقق مردودا ماديا يساعده على الاستمرار في المهنة، خصوصا في ظل تزايد المصاريف المادية عليه طوال فصول العام، وخصوصا فصل الصيف، كمصاريف تهيئة المحميات وشراء أجهزة التبريد ورواتب العمالة وغيرها الكثير. قرارات عشوائية وأضاف: أناشد المسؤولين في الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية، الالتفات الى أحوالنا، فقد ذقنا الويل من القرارات الصادرة في السنوات القليلة الماضية، التي تتميز بالعشوائية وعدم الدراية الكاملة بأحوال الزراعة في الكويت، مشددا على ضرورة أخذ رأي الاتحاد الكويتي للمزارعين، قبل إصدار القرارات الخاصة في الشأن الزراعي من قبل الجهات الحكومية. حزن وأسى انتقلنا إلى مزرعة المواطن محمد العتيبي، الواقعة بالقرب من مستشفى العبدلي البيطري، وتبلغ مساحتها الكلية 60 ألف متر مربع، وكان فيها عدد قليل من البيوت المحمية، جميعها مصنوعة من البلاستك، ويعمل في المزرعة 5 عمال من الجنسيات الآسيوية، ومهندس زراعي وحيد. يقول العتيبي: الحزن والأسى يعتصران قلوب معظم ملاك الأراضي الزراعية بمنطقتي الوفرة والعبدلي خلال السنوات الأخيرة، وهم ينظرون إلى أحوال أقرانهم في البلدان المجاورة، ممن يتمتعون بالكثير من الامتيازات والتسهيلات والمنح المالية من قبل المسؤولين الزراعيين لديهم، بهدف حث المزارعين وتشجيعهم على مواصلة مهنتهم التي يساهمون بها في توفير الأمن الغذائي الوطني لبلدانهم، من خلال الكميات التي ينتجونها في مزارعهم، بينما يعاني مزارعو البلاد الأمرّين من كثرة المشاكل والتحديات التي تواجههم وتعترض طريقهم خلال عملهم، بدءا من قطع الكهرباء والماء بشكل مستمر عن أراضيهم، وصولا لمنعهم من عرض وتسويق بضاعتهم، سواء في مزارعهم أو شبرات الفرضة بشكل مباشر من دون وسطاء. أزمة غذائية وتابع: لقد قطعوا الماء عن مزرعتي في بداية الشهر الماضي، واستمر الانقطاع على مدار أسبوع كامل من دون أسباب تذكر، مما تسبب في انخفاض الانتاج للنصف، عاودوا بعدها توصيل الماء بعدما تأثر معدل الإنتاج في مزرعتي، وتوقفت عن إنتاج عدد من المحاصيل التي تحتاج الى كميات وفيرة من الماء، مضيفا: ان استمرار تلك التصرفات غير المسؤولة من قبل بعض المسؤولين في الجهات الحكومية مع المزارعين، سيتسبب في نفورهم من مواصلة مهنتهم، التي يوفرون من خلالها المنتجات الزراعية الوطنية الطازجة في الجمعيات التعاونية والأسواق المركزية، ويبيعونها للمستهلكين من مواطنين ومقيمين بأسعار مخفضة في متناول أيديهم. الحقلية والمحمية ويقول المهندس الزراعي العامل بالمزرعة، محمد محفوظ: من خلال خبرتي التي اكتسبتها في الكثير من الأراضي الزراعية في الكويت ومصر، التي تمتد لأكثر من 10 أعوام، فان الزراعة المحمية انسب وأفضل بكثير من قرينتها الحقلية خلال فصل الصيف، لما تتميز به من خصال كثيرة، بدءا من إنتاج ثمار ذات مواصفات تسويقية عالية، مرورا بكثافة الإنتاج فيها على حسب أنواع النباتات، وصولا الى عدم حاجتها الى مبيدات حشرية، وتكتفي بكمية قليلة من الماء، إضافة الى قلة تأثر المزروعات فيها برداءة الطقس، بعكس الزراعة الحقلية، بدءا من أن المزروعات فيها غالبا ما تكون فريسة سهلة لرداءة الطقس، وصولا الى حاجتها لعمالة كثيرة ومياه وفيرة ومبيدات حشرية بكميات كبيرة. تهيئة الأرض محطتنا الأخيرة في مزرعة شاهر الفرحان، التي تقع بالقرب من مركز الإطفاء بالمنطقة، حيث وجدناها ممتدة على مساحة 100 ألف متر مربع، بها 44 بيتا محميا، 24 منها من الزجاج، ويعمل فيها 8 عمال، جميعهم من الجنسيات الآسيوية. كان صاحب المزرعة يشرف ويخطط، واثنان من أبنائه يقومان بإحدى المهام الموكلة إليهم، وهي وضع الخضروات في كراتين التعبئة المخصصة لها، بينما كان العمال الآسيويون العاملون في المزرعة منهمكين في تهيئة الأرض الحقلية بالمزرعة، التي كانت ممتدة على مساحة تتراوح ما بين 25 الى 30 ألف متر مربع، استعدادا لفصل الصيف، بدءا من حرث التربة، ومرورا بغرس البذور، وصولا الى ريها بالمياه ورشها بالسماد. تلف المحاصيل سألنا صاحب المزرعة: ما أبرز التجهيزات التي قمت بها استعدادا لفصل الصيف في المزرعة؟ وكيف سيكون وضع الإنتاج خلاله؟ فقال: الحزن والرعب يسيطران على قلوب معظم ملاك الأراضي الزراعية في منطقتي الوفرة والعبدلي خلال هذه الأيام، نظرا لحلول فصل الصيف، الذي يتميز عن غيره من الفصول، وتابع: فصل الصيف في العام الماضي كان مختلفا عن الأعوام التي سبقته، خصوصا في درجات الحرارة، التي تجاوزت في بعض الفترات حاجز ال 50 درجة مئوية، وذلك الأمر اجبر المزارعين على الابتعاد عن الزراعة الحقلية، والاكتفاء بالزراعة المحمية، اتقاء لحرارة الشمس الضارة في بعض المزروعات، مضيفا: إذا تطابقت أحوال الطقس في موسم الصيف هذا العام مع صيف العام الماضي، فأتوقع انخفاض الكميات المعروضة من المنتجات المحلية من الفاكهة والخضروات، وسيطرة المنتجات المستوردة على الأرفف في الأسواق المركزية والجمعيات التعاونية. التيار الكهربائي وتمنّى الفرحان ألا يشهد فصل الصيف هذا العام انقطاعا للتيار الكهربائي عن الأراضي الزراعية، كما حدث في الصيف الماضي، حتى يتمكن المزارعون من تهيئة الأجواء المناسبة للأشجار وللنباتات، خصوصا التي تحتاج الى التبريد منها، مضيفا: قوة التيار الكهربائي في بعض المزارع ضعيفة جدا، ولا تكفي سوى لتشغيل عدد محدود من أجهزة التبريد، ولذالك نتمنى من المسؤولين في وزارة الكهرباء والماء النظر في ذلك الأمر، وإيجاد حل سريع. البذور والأصناف المناسبة يمكن أن نزرع في الصيف ثمريات مثل الخيار والطماطم والباذنجان والفلفل البارد والحار، وورقيات كالاشمنت والجرجير، ويمكن أن نستعد بالبذور المناسبة كبذور القرنبيط، والبروكلي، والملفوف، والخس، ويمكن أن نبدأ بزراعة السبانخ والسلق والفجل واللفت والجزر، وكلها ستكون جاهزة مع بداية فصل الخريف. دروس زراعية أكد المزارع الفرحان انه يحرص دائما على اصطحاب أطفاله الصغار الى المزرعة، خصوصا يومي الجمعة والسبت، كي يقدم دروسا شفوية لهم عن أهمية الزراعة وكيفية ممارستها، بدءا من حرث التربة، مرورا بغرس البذور، وصولا الى ريها بالمياه. أساليب الزراعة قال المهندس الإنشائي بالمزرعة، علاء محمود: تختلف متطلبات الزراعة وأساليبها وفق الفصول وأحوال الطقس، ففي فصل الصيف، تكون المزارع بحاجة الى عدد من المقومات الأساسية لاستمرار الزراعة بشكل طبيعي، والحفاظ على المزروعات التي تتأثر بأجواء المناخ، كالبيوت المحمية والتبريد المناسب، نظرا لحرارة الطقس في بعض الفترات، ووصول الحرارة في بعض الأحيان الى 60 درجة مئوية، مضيفا: معظم المزارعين بدأوا في الاستعداد للصيف قبل أسبوعين وأكثر، عبر تهيئة البيوت المحمية وتوفير أجهزة التبريد فيها. الاستعراض والتقحيص في قطعة 3 بالعبدلي، وتحديدا في الساحة الترابية الواقعة خلف الجمعية التعاونية بالمنطقة، أقام عدد من الشبان بطولة للسيارات خاصة ب«الاستعراض والتقحيص»، حيث استمرت على مدار ساعتين بما يهدد المارة ورواد المزارع الزائرين.