د. عبدالإله محمد جدع خطوة التصحيح لوضع العمالة السائبة خطوة مهمة، وكان لا بد من البدء فيها منذ زمن، فالأمر في المخالفات قد استفحل كثيرًا وأصبح ينذر بالخطر. وللحقيقة.. إن الخطة ينبغي أن تكون شاملة، فلا تمس الشركات والمؤسسات والمحلات التجارية فحسب، ولكن لا بد أن تُلاحق تلك الأعداد الهائلة من المتسولين في الشوارع والطرقات أمام الإشارات المرورية صغارًا وكبارًا.. نساءً ورجالًا وأولئك الفئة من الإفريقيين المتجولين بعرباتهم وأطفالهم والذين بدأوا يطوفون أبواب البيوت ويستجدون ربّاتها ليفتحوا لهم الأبواب، ويطلبون الملابس القديمة والصدقات، ونحن شعب عاطفي وقد وجد أولئك في كثير منّا الوسيلة للتكسّب من الشحاذة والاستجداء، أذكر أنني رأيتُ منظرًا في إشارة شارع الملك في تقاطعها مع شارع حراء بجدة استرعى انتباهي وانتباه الواقفين من أصحاب السيارات.. فقد حدث أن وقفت سيارة أمن ونزل أحد الأفراد ليلتقط المتسولين حول الإشارة الذين ما أن لمحوا السيارة حتى أطلقوا أرجلهم للعنان هاربين فتمسك رجل الأمن بسيّدة يحاول إحضارها للسيارة وهي تُمانع وترتمي أرضًا وتبكي، وهو يحاول دون جدوى، حتى إن إيقاف سيارته قد عطّل حركة المرور بالرغم من أنه وقف في جانب الخدمات.. والشاهد في الأمر أن خطوة ملاحقة مثل هؤلاء هي مهمة ومطلوبة استكمالًا لتصحيح أوضاع العمالة السائبة وحفظ الأمن، غير أن الآلية كانت تحتاج إلى دراسة وتنسيق، إذ لا بد من مرافقة رجل الأمن مع زملاء له وفريق للضبط ومعهم نساء ليؤدّوا هذا الدور الرائع، ويُعيدوا صورة المجتمع المشرق الذي تشوّهه تلك الفئات السائبة. أما وضع العمالة في المؤسسات والشركات والمحلات فإن الحملة قد كشفت سوء الوضع الذي كان قائمًا في بعض المدارس الخاصة والمؤسسات وحتى بعض الشركات الكبرى التي تضطلع بإدارة وإنشاء وتشغيل بعض المشروعات الكبيرة في المجتمع.. والخطوة كما ذكرت رائعة ومطلوبة وملحّة، غير أن الآليات كان لا بد من التخطيط للأخذ بأفضلها دون المساس بخط حفظ الأمن الأحمر الذي لا جدال فيه من ناحية ودون الإضرار بالناس وأرزاقهم في خطوة مفاجئة، ودون التأثير على العلاقات مع بعض الدول الشقيقة.. وللحقيقة كان لا بد من تنفيذ الخطة وفق مراحل وإنذارات وتنبيهات في مؤتمرات صحفية تشرح آليات التصحيح، حتى يترك المجال للتصحيح السريع، فالهدف التصحيح وليس الإضرار بالناس، وربما اختلط الحابل بالنابل فقد صرح البعض بأنه تم قص إقامته وهو يقيم نظاميًا وعند مكفوله.. ولعل تلك المهلة كانت ستُعطي كل الأطراف الفرصة للتصحيح وإعادة الانضباط لسوق العمل الذي ظل في فوضى ردحًا من الزمن، وأما ما يسترعي الانتباه فهو كيف تراكمت تلك المخالفات واستشرى ذلك التسّيب حتى تراكمت العمالة وجالت في المجتمع دون رقيب، وكيف كانت تُمنح التصاريح لتلك المدارس الخاصة والمطاعم والمؤسسات من الجهات التي تشرف عليها دون رقابة حقيقية، وكيف تسنّى لها العمل والتعاقد في ظل تلك الفوضى. وهناك ملابسات رافقت تلك الحملات التصحيحية، فإلى جانب مداهمة بعض المحلات وأخذ بعض الإقامات التي كانت سليمة اختلط فيها الأمر فأضرّ بالعامل السليم الذي خاف على إقامته ولم يسلّمها خوفًا من قصّها -كما قيل-، فهناك الذين ليسوا على كفالة المؤسسات التي يعملون فيها حين المداهمة أو المراقبة لكنهم يسعون في التصحيح وأوراقهم التي تستكمل لنقل الكفالات أو يواجهون مشاكل في عمليات النقل أو التصحيح، وهؤلاء أيضًا لا بد من مراعاة وضعهم.. وختامًا فقد أثلج صدورنا ما صدر من توجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- لوزارة الداخلية ووزارة العمل بإعطاء فرصة للعاملين المخالفين لنظام العمل والإقامة في المملكة لتصحيح أوضاعهم في مدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخه، ومن لم يقم بذلك فيطبق بحقه النظام. فقد عالج التوجيه الكريم تلك المشاكل التي أفرزها التطبيق السريع لخطة تصحيح العمالة. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (45) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain