براقش نت - صنعاء - يحيى السدمي:" أنت ومالك لشيخك " قاعدة استعبادية, غير معلنة تمضي على رقاب عدد كبير ممن باتوا يعرفون في اليمن بالمهمشين, كصورة مروعة من صور التمييز العنصري والظلم الطبقي المريع الذي لا يرحم ولايتوقف عند ذلك الحد بل يصل الى المتاجرة بالآلاف منهم وتحويلهم الى عبيد وجوار, جميع أنظمة الحكم المتعاقبة على اليمن وخاصة في الشمال ظلت تنكر أو تتعامى عن وجود هذا النوع من الرق الذي مورس وبقسوة في ظل الثورة والجمهورية التي كان هدفها الأول التحرر من الاستبداد وازالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات. "السياسة الكويتية" التقت بممثل المهشمين في مؤتمر الحوار الوطني نعمان الحذيفي الذي كشف عن وقائع مروعة قد لا يصدقها حتى كثير من اليمنيين الذين يعيش أولئك المهمشون بين ظهرانيهم ك ̄" بقايا " بشر وينتشر الآلاف من أطفالهم في الشوارع شبه عرايا متسولين بحثا عن فضلات طعام وما تبقى من كرامة انسانية في بلد يتفاخر بالكرم والشهامة والنخوة والحكمة, وهذا نص الحوار: ما الذي تؤملونه كمهمشين من مؤتمر الحوار الوطني? قضية المهمشين حاضرة في مؤتمر الحوار الوطني فصوتنا عال ولسنا ضعفاء بل قادرون على انتزاع حقوقنا, وأعتقد أن هناك تعاطفا كبيرا مع قضيتنا في مؤتمر الحوار, كما تحظي قضية المهمشين بتعاطف مجتمعي واسع على الصعيد الوطني, فهناك قطاع واسع يتحدث عن أن المهمشين ظلموا كثيرا ولابد أن تعاد اليهم كرامتهم وانسانيتهم وآدميتهم, ونحن نعول على مؤتمر الحوار الوطني ونعتبره فرصة تاريخية لا تعوض أيا كانت النتائج, نحن سنواصل نضالنا السلمي والذي لن ينتهي بانتهاء مؤتمر الحوار الوطني بل سيتواصل فنحن فئة مسالمة, ومن الظلم أن ندفع ثمن أخطاء الساسة, فعدونا واضح وليس خفيا وهو الأنظمة السياسية المتعاقبة كلها على اليمن, فكل من سيصل الى السلطة ولا يفهم معنى المواطنة فهو عدونا. كم عددكم? عدد المهمشين ثلاثة ملايين مواطن أسود, 50 % منهم يعاملون معاملة العبيد قبل الجاهلية, و50 % نصفهم أحرار ونصفهم متسولون هل هناك من يستعبدكم الآن? نعم هناك بيع وشراء وان أردت الاجابة عن هذا السؤوال فما عليك الا التوجه الى محافظتي الحديدةوحجة فهناك 11900شخص يشكلون1700 أسرة تباع وتشتري, حيث يباع الواحد منهم بسعر البهيمة ب ̄" 250 ألف ريال " مايعادل 1168 دولارا. استعباد ومتاجرة من يستبعد جماعتكم ويتاجر بكم? مشايخ قبليون ونافذون في حجةوالحديدة, هاتان المحافظتان مازالتا تعيشان عصر ما قبل الاسلام, حيث يقوم أولئك المشايخ والنافذون ببيع أو شراء أحد الأشخاص بموجب ملكية محررة تنتقل من شخص الى آخر, ويقوم قضاة ومحاكم والأمناء الشرعيون بتحرير صكوك الملكية بالنسبة للنساء هل يبقين لدى أولئك المشايخ في حكم الجواري? هذا ما يحدث بالتأكيد, فهناك كثير من هذه الحالات تحت سماء الرق والعبودية, عوضا عن المهمشين الذين يعتبرون أكثر رقيا وهم من يوصفون ب ̄" الأخدام " فهؤلاء مسموح لهم بالالتحاق بالتعليم وممارسة الوظائف في اطار القانون ولكن على الواقع العملي هذا غير موجود, فالقانون لا يميز بيني وبينك من حيث المواطنة والتعليم, وحتى الصنف الآخر من العبيد يمكن أن يدرسوا لكنهم مملوكون لشيخ قبلي, أما بالنسبة لنا فالتعليم للجميع, أما تجمعات المهمشين فهي واحدة على امتداد الساحة اليمنية, مساكننا عبارة عن أكواخ من الصفيح وطرابيل بلاستيكية وكراتين وبقايا المخلفات, هي عبارة عن أكواخ لا يمكن أن تعيش فيها الحيوانات. في أي المحافظات تقطنون? نحن موجودون في صنعاءوالحديدةوعدن وأبين والمحويت وساحل حضرموت واب وذمار وصعده والمهره وكل أرجاء اليمن من أين تأكلون وتشربون? 70% نقتات على التسول و30% هم فقط العاملون في قطاع النظافة وجمع المواد البلاستيكية وأعمال الحصاد والحمالة وغيرها من الأعمال التي ينظر اليها المجتمع اليمني على أنها أعمال دونية. هل يوجد منكم مغتربون? المهمشون كانوا أكثر الفئات اليمنية تضررا من حرب الخليج لأن غالبيتهم يعملون في المملكة العربية السعودية ودول خليجية أخرى, لكن بعد حرب الخليج الأولى لم يعد يوجد هناك سوى عدد قليل كأصابع اليد. من يتحمل مسؤولية هذا الوضع الذي تعانونه? الأنظمة السياسية المتعاقبة على اليمن منذ عام 1962م حتى اليوم هي التي تتحمل مسؤولية ما وصل اليه المجتمع اليمني, فالقضية سياسية في المقام الأول وليست مجتمعية وبالتالي لم تتوافر الارادة السياسية خلال الخمسين سنة الماضية لتذويب الفجوة الاجتماعية بين المهمشين وبين بقية شرائح المجتمع, فحتى المجتمع اليمني نفسه تجده مقسما الى 19 فئة اجتماعية متنافرة فيما بينها, ونظام طبقي تم قوننته, فمصلحة شؤون القبائل هي الوبال الأكبر على هذا البلد تخيل أن هذه المصلحة تسنن أن هناك مشايخ وهناك رعية وهناك مواطنة منعدمة ففي اليمن نحو 120 ألف شيخ قبلي منهم 45 يسمون بمشايخ الضمان, يضاف اليهم العدد الحالي من السياسيين هؤلاء هم سبب بلاء هذا البلد وهم ناهبو ثروات هذا الوطن وهم العائشون فقط وهم المواطنون من الدرجة الأولى في اليمن. استغلال هل يسمح لكم بالالتحاق بالوظائف العسكرية والمدنية? لدينا مجموعة في الجيش لكنهم جنود وفي الأعمال الادارية نحن عمال نظافة, لا يسمح لنا بالمشاركة في ادارة شؤون الدولة نحن فقط عبارة عن أداة للتنظيف والتصويت في الانتخابات, فالأحزاب السياسية استغلتنا خلال الانتخابات الماضية التي شهدتها اليمن وبعد ذلك يبيعوننا بعد أن كانوا يستغلوننا مقابل " 500 ريال " ثمنا للصوت الانتخابي, لكن هذا الأسلوب لم يعد مقبولا الآن فالأخدام في اليمن أصبح لديهم وعي كبير وشعور بأن الآخرين يستغلونهم وبدأوا الآن يتجمعون على أساس طبقي, هناك الآن صحوة اجتماعية داخل فئة الأخدام وتشكيل مجتمع الأخدام بدأ منذ الآن فلن يكون المستقبل كما كان الماضي عندما كانت الأحزاب السياسية تتعامل معهم على أنهم صوت انتخابي, بل سيكون الصوت مقابل المشاركة والصوت مقابل أن نكون شركاء في صناعة القرار. هل تزوجون وتتزوجون من الشرائح الأخرى? في هذا الجانب وقعت لنا قصص مؤلمة, فأحد المهمشين أحب فتاة من أسرة قبلية في منطقة جبل حبشي بمحافظة تعز فرفضت الأسرتان تزويجهما وهرب الشابان معا فقامت أسرة الفتاة بهدم 75 منزلا من منازل المهمشين, كما أن أحدنا أحبته فتاة فقتلها والدها بعد اشاعة بأنها حملت منه وطرد 350 مهمشا الى مدينة تعز, لكن بالنسبة لنا لانمانع من تزويج فتياتنا من أي فرد قبلي أو غير ذلك لأن هذا هو شرع الله وهو أفضل من الزنا أو ارتكاب الفاحشة. أين تدفنون موتاكم? هناك من يقول أن لكم مقابر خاصة وطقوساً معينة? هذا السؤوال دائما ما يطرح وأعتقد أن هذا السؤوال يأتي من باب المزاح, لكن بدلا من هذا السؤوال فليقولوا لنا هل أنتم مسلمون ام لا? نحن مسلمون وغالبيتنا ننتمي الى الطائفة السنية ندفن موتانا في مقابر عامة المسلمين, وليس لدينا طقوس معينة,انما في بعض مناطق الريف لنا مقابر خاصة وهذه وجدت لطبيعة السكن الذي يعيش فيه المهمشون. هل هناك من يرفض دفن موتاكم في مقابرهم? في مدينة الشرق بآنس بمحافظة ذمار للأسف الشديد أقدم أحد مشايخ القبائل على قتل خمسة من المهمشين وذلك بسجنهم ومنع الأكسجين عنهم, ومنع أسرهم من دفنهم في المقبرة العامة ثم أمرهم بأخذ جثثهم الى منطقة أخرى, وهذا نعتبره سلوكا شخصيا لدى بعض الأفراد وليس سلوكا عاما هل يطالب المهشمون في الجنوب بالانفصال عن الشمال كما هو حال الحراك? هم الفئة الوحيدة التي لا ترغب في الانفصال بحكم صلة القرابة بين مهمشي الجنوب ومهمشي الشمال, وجماعتنا في الجنوب يعانون معاناة شديدة منذ حرب 94م يعانون من ثقافة " البرغلي " و" الخادم " " والمقرأ " وهي ثقافة انعكست سلبا حتى على الصعيد المجتمعي العام في محافظة عدن ككل وليس على المهمشين فقط, لكن في سبعينات القرن الماضي استطاع الرئيس الراحل سالم ربيع أن يوصل المهمشين الى مناصب عليا في الدولة, فكانوا منهم القادة وأفضل الطيارين والفنانين. هل سيترشح احد منكم لانتخابات مجلس النواب ولرئاسة الجمهورية في العام 2014م? نعم سيكون منا مرشحون لانتخابات مجلس النواب, ومرشح للرئاسة ونحن في مؤتمر الحوار الوطني نؤسس لهذا, وسيكون لنا مرشحون في الانتخابات المقبلة ولما لا نرى بعد الأميركية تتكرر في اليمن ويقود هذا البلد رجل أسود أو اوباما يمني وحينها سيكون اليمن في أوج المفهوم الانساني, وسيكون مرشح المهمشين لانتخابات الرئاسة رقما صعبا ليتم تجاوزه فلدينا أكثر من 700 ألف صوت انتخابي وهذا رقم كبير يؤهلنا لأن نضاف الى بقية القوى الوطنية المؤمنة بقيم الحرية والعدالة والمساواة.