لماذا تغييب عبدالله الجابر الصباح وأحمد محمد الغانم من الذاكرة الوطنية؟ لماذا تم تغييب اسم الشيخ عبدالله الجابر الصباح وأحمد محمد الغانم من الذاكرة الوطنية؟ ما حقيقة قصر خزعل؟ كيف بني؟ وكيف انتقلت ملكيته إلى الشيخ عبدالله الجابر الصباح وأحمد محمد الغانم؟ ما دور المجلس الوطني للثقافة والفنون، الذي آلت إليه ملكية القصر عام 2008، في حفظ التراث الثقافي والمعماري بالدولة؟ منذ فترة والمشهد لم يتغير، القصر محاط بألواح من الشينكو بغرض الترميم.. وصور تاريخية تلف المكان كأنها تروي جزءاً من حياة هذا المعلم الذي يميز المنطقة المحاذية لمبنى السفارة البريطانية. على الجانب الآخر ما تبقى من معالم لقصر أحمد محمد الغانم، وهو أيضاً تحت الترميم.. والمار في هذا الطريق المؤدي الى البحر، بالقرب من مركز دسمان للسكري، يلحظ ان البناء ما زال ينتظر اليد التي تعيده الى صورته الأولى.. كجزء من الذاكرة الوطنية التي أَلفت هذا المنظر الجميل، ديوان عبدالله الجابر وقصر الغانم كما درج الناس على تسميته لفترة من الزمن، لتنقطع بعدها هذه الصلة ويُمحى جزءٌ أساسي وثابت في الأرض منها ليبقى الجزء الأول وهو اسم قصر خزعل. في كتاب «الكويت.. صور وذكريات» للشيخة منى الجابر العبدالله الجابر الصباح تُنشر صورتان: الأولى تحت عنوان «أول متحف وطني في الكويت عام 1958»، وفيها شرح يقول القصر المتحف «صورة لقصر الشيخ عبدالله الجابر الصباح في منطقة دسمان الذي سكنه حتى عام 1954، ثم حول الى اول متحف وطني يوثق تاريخ الكويت، وكان دائرة المعارف، وقد دمر هذا المتحف خلال الغزو العراقي الغاشم على دولة الكويت عام 1990»، والصورة التقطت في اوائل الستينات بعدسة طارق سيد فخري السيد رجب من كتابه «صورة من ماضي الكويت القريب» 19601965. اما الصورة الثانية فهي «قصر الشيخ عبدالله الجابر الصباح في منطقة دسمان» متبوعة بكلام يفيد ان هذا القصر بناه في اوائل القرن التاسع عشر الشيخ خزعل بن مرداو حاكم عربستان، وبعد وفاته باع ورثته هذا القصر الى الشيخ عبدالله الجابر الصباح الذي سكنه حتى عام 1954، بعدما تحول الى متحف. وفي الكتاب الذي اصدره مركز البحوث والدراسات الكويتية عام 2012 «الكويت في مجلة اخبار لندن المصورة» صورة للقصر مع ترجمة باللغة العربية للشرح، وهو، «واحد من المنازل القديمة في الكويت اهداها الشيخ عبدالله الجابر الصباح للدولة مؤخراً لتستخدمها متحفاً للبلاد» بتاريخ سبتمبر 1957. ولفترة من الزمن كانت المدفوعات والتقارير التي تنشر غالباً ما يتم الربط فيها بين عبارة متحف الكويت القديم وبين قصر الشيخ عبدالله الجابر الصباح الذي سكنه وورثته في اوائل الاربعينات، وبسبب الامطار الغزيرة وعمليات التثمين انتقلوا الى سكن احدث في الخمسينات في بنيد القار، ثم أُجّر المبنى للدولة (ادارة المعارف) حيث جرى تجديده وافتتح كأول متحف وطني عام 1957، بعدها استغل كمساكن للعزاب اثر انتقال المتحف الى المبنى الجديد في بيت البدر، مما زاد من تدهور حالته، الى ان جاء الغزو عام 1990 وتعرض للقصف. مدة السكن التقديرات تشير الى ان هناك ما بين 15 الى 20 سنة هي الفترة التي كان الشيخ عبد الله الجابر الصباح واسرته وابناؤه يسكنون القصر لغاية مرحلة التثمين في عهد الشيخ عبد الله السالم الصباح. كذلك الحال مع بيوت الغانم التي سكنها ابناء أحمد محمد الغانم الى اواخر الخمسينات، اضافوا على القصر بعض التعديلات الخاصة بهم. عام 2008 نزعت ملكية المبنيين (ديوان عبد الله الجابر الصباح وقصر الغانم)، وآلت الى المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، بعد ان قام، ووفق الاجراءات المتبعة بالاستملاك من ورثة الشيخ عبد الله الجابر الصباح، وورثة اسرة أحمد محمد الغانم، لتحويله الى مركز ثقافي ومعلم من المعالم التاريخية في الكويت. المباني التاريخية من ضمن الكتب ذات الاهمية في مجال العمارة الكويتية، هناك كتاب «العمارة التقليدية في الكويت وشمال الخليج» من تأليف رونالد لوكوك وتقديم زهرة خريث يدخل في اطار بحوث في الفن وعلم الآثار وفيه استشهاد واضح ببيت شيخ خزعل والمعروف ببيت الشيخ عبد الله الجابر الصباح، والذي استخدم لفترة كمتحف وطني متضمنا وصفا للبناء وتكويناته، ومِمّ يتألف وتقسيماته الكاملة والمواد المستخدمة. يذكر هنا ان عدد المباني الاثرية والتاريخية على مستوى الكويت هو 104 مبان، كما يذكر استاذ قسم العمارة في جامعة الكويت الدكتور محمد الدواير العجمي، والذي يطالب بتفعيل قانون حماية التراث العمراني والحفاظ على الهوية المعمارية للكويت. رواية أخرى وفي هذا السياق، وفي رواية مختلفة بعض الشيء، يؤكد رئيس قسم التوثيق والمتابعة للمباني التاريخية في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، السيد عبدالله البيشي، أن قصور الشيخ خزعل بنيت عام 1916، واقتناها «سكان محليون» في الثلاثينات، فأصبح قصر خزعل ملكا لأحمد محمد الغانم وديوان خزعل ملكاً للشيخ عبدالله الجابر الصباح.. يضيف أن قصر الشيخ خزعل، وهو المبنى الأكبر ذو الطوابق الملائمة للإقامة سكنه أحمد محمد الغانم وورثته في أوائل الأربعينيات حتى منتصف السبعينات.. (كما جاء على لسانه في مقابلة أجريت معه يوم 2012/4/7 ونشرتها وكالة «كونا») عندما انتقلوا إلى مساكنهم الجديدة لم أغلق القصر وبقي محمياً.. وأن ديوان الشيخ خزعل سكنه الشيخ عبدالله الجابر الصباح وورثته في أوائل الأربعينات وبسبب الأمطار الغزيرة انتقلوا الى سكن أحدث في أوائل الخمسينات ثم تم تأجير المبنى للدولة -كما سبق ذكره- ليفتتح كأول متحف وطني عام 1957. العلاقة بين خزعل والصباح الجانب الآخر من الموضوع يتعلق بقصة حاكم عربستان الشيخ خزعل وتاريخه، وهي فصول مروية في كتب التاريخ، على أن العلاقة التي ارتبط بها مع الكويت، وبالأخص مع الشيخ مبارك الكبير، هي الأساس الذي انطلقت منه وبنيت عليه، ففي كتاب «حكم الشيخ خزعل في الأحواز» تأليف أنعام مهدي علي السلمان، سرد مفصل وموثق لعلاقة الشيخ خزعل بالشيخ مبارك، التي امتدت بين عامي 1892 و1895 كمرحلة أولى، ففي تلك الفترة كان الشيخان يلتقيان في الفاو، حيث تقع أملاك أخويهما في بساتين النخيل، فقد بنى كل منهما للآخر قصرا، فبنى الشيخ خزعل للشيخ مبارك قصرا في الفيلية، وبنى الشيخ مبارك للشيخ خزعل قصرا بجانب قصره في الكويت، بل بادر خزعل فيما بعد إلى بناء قصرين له في الكويت، يطلان على البحر وعلى الأرض التي أهداها له الشيخ مبارك الكبير. توفي الشيخ مبارك الكبير عام 1915، خلفه ولده الشيخ جابر الثاني (1915 / 1917)، وحصل لقاء واحد بين الاثنين، إضافة إلى زيارة الشيخ خزعل إلى الكويت يوم وفاة الشيخ جابر ابن مبارك الصباح. عام 1917 تولى الحكم الشيخ سالم الصباح وامتد إلى عام 1921، زار الشيخ خزعل الكويت مرات عدة بعدها تولى الحكم الشيخ أحمد الجابر الصباح، وفي تلك الفترة زار الشيخ خزعل الكويت وأمضى فيها مدة 25 يوماً، وكانت آخر مرة يزور فيها الكويت أي ما بين 1921 و1922 على وجه التقريب، وربما بعدها. عام 1925، احتلت المحمرة من قبل الشاه رضا بهلوي وجرى اختطاف الشيخ خزعل واقتيد إلى طهران ومات بالسجن هناك عام 1936، وهناك روايات تؤكد اغتياله، وفي عام 1955 نقل جثمانه إلى العراق ودفن في مدينة النجف الأشرف مع ولده الشيخ عبدالحميد في مقبرة الأسرة. خلف ذرية من أبنائه 13 ابناً و14 بنتاً. مدة الإقامة بحسبة الزمن، امتدت فترة الشيخ خزعل بين الإقامة والتردد على القصر منذ بنائه عام 1916 ولغاية 1922 تقريباً، وهي آخر زيارة له إلى الكويت نحو 6 سنوات، تقريباً أو أكثر، وبقي القصر لورثته وأبنائه من بعده إلى منتصف الثلاثينات، حين تم بيعه إلى الشيخ عبدالله الجابر وأحمد محمد الغانم، ومنذ ذاك التاريخ وإلى منتصف الخمسينات آل إلى العائلتين الكريمتين الصباح والغانم، ومن بعدهما أُجير لإدارة المعارف وديوان الشيخ عبدالله الجابر الصباح ليصبح أول متحف وطني عام 1957. تلك كانت محطات من تاريخ هذا القصر الذي شهد على تحولات كبيرة رافقت تطور دولة الكويت السياسي والعمراني، لينتهي به المطاف إلى ما هو عليه الآن. مستوى التكريم؟ أطلق اسم الشيخ عبدالله الجابر الصباح على مسرح في جامعة الكويت، وسمّي شارع باسمه شمال منطقة الصبية... فهل هذا هو التكريم المناسب لشخصية بحجم وتاريخ وانجازات الشيخ عبدالله الجابر الصباح، ابو التعليم في الكويت، ومؤسس اكبر ثانوية في الشرق الاوسط (ثانوية الشويخ)، والمشارك في معركتي الجهراء 1920 والرقعي 1928، وكان رئيسا للبلدية ورئيسا للمحاكم ورئيسا للمعارف؟ أما بيت الغانم فهو من الاسر العريقة والمؤسسة في تاريخ الكويت الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، هل نالت هذه الاسرة حقها من التكريم وتخليد اسمها، وهي التي احتضنت وضمت بيت الفنون او المرسم الحر اليها على البحر، وهي التي ساهمت في تأسيس «بيت الامة» بعد الاستقلال، وهي التي اقامت صروحا من المرافق الصحية لمعالجة الاطفال الخدج والمسنين وغيرهم على نفقتها الخاصة؟ بيت ديكسون استخدم لمدة تزيد على 30 عاما كمكتب ومقر للمعتمدين السياسيين البريطانيين، اولهم الكولونيل نوكس، الذي عين عام 1904، وآخرهم الكولونيل ديكسون عندما تركه عام 1935، لينتقل بعدها الى مقر المعتمدية الجديد، الذي اصبح مقرا للسفارة البريطانية ومنزلا للسفير، وبعد تقاعد الكولونيل ديكسون عاد الى هذا المنزل وبقي فيه حتى وفاته عام 1959، واستمرت من بعده زوجته السيدة فيوليت ديكسون. أنشئ المبنى في نهاية القرن التاسع عشر، وهناك وثيقة عثمانية تشير الى ان البيت عائد الى عائلة العصفور (ديوان جاسم العصفور) في منطقة شرق. سمي ببيت ديكسون، نسبة الى آخر معتمد بريطاني، ومن بعده زوجته السيدة فيوليت، ومازال يحمل هذا الاسم بعد ان اصبح في عهدة المجلس الوطني للثقافة والنفون والآداب، واطلق عليه اسم «مركز بيت ديكسون الثقافي»، بعد ان تم تجديده وتأهيله ليصبح معلما ثقافيا يعبّر عن تاريخ الصداقة الكويتية البريطانية. قصور ومعالم تغيّرت مسمياتها قصر السلام الواقع في منطقة الشويخ السكنية، الذي بات مهجوراً، لم يكن اسمه هكذا من قبل، بل كان يعرف باسم «قصر الضيافة»، بني في الستينات اثناء حكم الشيخ عبدالله السالم الصباح وخصص للملوك والرؤساء وكبار الزوار. ساعة «بيغ بين» تحولت الى اسم آخر وهو «برج اليزابيث الثانية»، احتفالاً بالذكرى الستين لجلوس الملكة على عرش بريطانيا، وهذا اعتراف من الحكومة البريطانية لما قدمته الملكة من خدمات. مقر المفوضية السامية لحقوق الانسان في مدينة جنيفبسويسرا تم بناؤه عام 1873باعتباره قصر البلدية، وعند انضمام سويسرا الى عصبة الامم سنة 1920اصبح العقار مقرا الهيئة، وفي عام 1964 جرى تغيير الاسم الى قصر ويلسون تيمناً باسم للرئيس الاميركي وودرو ويلسون والذي اضطلع بدور هام بانشاء عصبة الامم. قصر «دار الجامعي» في مدينة مكناس المغربية نسبة الى الوزير الصدر محمد بن العربي الجامعي، شيد عام 1882استخدمته السلطات الاستعمارية عند دخولها المدينة وحولته الى مستشفى عسكري، وفي عام 1616أصبح مقرا للفنون الجميلة وبات متحفاً تحت اسم «متحف الفنون الجميلة».