بقلم :محمد حسن الحسني عندما يذهب احدنا لعلاج نفسه أو احد أقربائه من مرض ما .... يسعى بكل ما أؤتي من جهد ويحرص اشد الحرص على قول الحقيقة .... حقيقة ما يعانيه هو إن كان المرض به أو قريبه إن كان مرافقا له ...... بدءاً من تاريخ المرض وأعراضه و ... و .... و كل ما يطلبه الدكتور المعالج ... فالدقة والمصداقية عنوان المريض ومرافقه دوما وأبدا في حديثة مع الدكتور .... لأنه يعلم علم اليقين إن إخفاء أي معلومة عن المرض ربما تؤدي إلى نتائج عكسية حتى مع علمه بان المريض سيخضع أيضا لفحوصات مخبريه إضافة إلى المعاينة السريرية ومع ذلك فانه يحرص على قول الحقيقة مهما كانت مرة في مثل هكذا حالة .... هذه ربما الحالة الوحيدة في هذا الزمان التي يزداد فيها عداد السائرون على درب الحقيقة كمفهوم يجب أن يُسلك من اجل الحصول على نتائج مشرفة , فقول الحقيقة دوما وأبدا يؤدي إلى نتائج مشرفة وحقيقية ... فالحقيقة مهما كانت مرة فهي مفيدة وناجعة لحل الكثير من المشاكل والأمور المستعصية في حياة الفرد والمجتمع و الوطن .. في غير هكذا حالة يتناقص العاشقون المتيمون بالحقيقة , فالقادمون إلى محراب الحقيقة قليل جدا , لأنها – أي الحقيقة – في غير هذا الموطن – اعني مشهد المريض مع دكتوره المعالج – عالم من المرارة والآلام , ووطن تحيط به العراقيل والمتاعب وصنوف الأسقام من كل الجوانب ... أي نعم فالحقيقة تظل مرة بل بالغة المرارة حينا , وأبناء هذا الزمان لا يحبذون ابتلاع ما يشبه المرارة عوضا عن المرارة ذاتها ...... غابت الحقيقة في تعاملات قادتنا ومسوؤلينا مع قضايا الوطن الشائكة فغرقت البلاد في أتون حروب مستعرة وبلاوي لها أول وليس لها أخر , لقد دأبوا على إخفاء الحقائق ربما طمعا في مصلحة ما او منصب رفيع .. أو خوفا من جبروت لا يرحم أو ربما حبا في الظهور بدور البطل على حساب الحقيقة الدامغة .. غابت الحقيقة عن الكثيرين من المحكومين بدواع أخرى غير التي يدندن على أوتارها ويشدو على إلحانها المسوؤلين بعضهم بداعي الخوف من مصير مجهول والآخرين بداع اللامبالاة بالعواقب الوخيمة جراء عدم النطق بها , والآخرين بداع التعصب الأعمى فهم يعتقدون أن هذا الفرد أو ذاك فوق كل ما يقال عن اخطائه.. عندما غابت الحقيقة عن الحاكمين والمحكومين – الا ما رحم ربي- أصبح الكل في غياب الحقيقة عن واقعنا , يرزح تحت طائلة ليل مظلم يسود الوطن من المشرق إلى المغرب .... وأصبح الوطن المظلم يسير في نفق مظلم أيضا , لا يُرى النور ولا نعلم منتهاه ... يا له من حال جد قاتم .. فمتى نفيق حكاما ومحكومين من أخطائنا – وإخفاء الحقائق احدها – ومتى نجعل من الحقيقة في تعاملاتنا مع أنفسنا ومع الآخرين هدفا نسعى إليه بكل ما نملك من قوة الإرادة وحب الفضائل .. فنظهر أنفسنا على حقيقتها مهما كانت الحقيقة مرة ونظهر حقائق الآخرين ممن نظن فيهم خيرا بعيوبها وسلبياتها وبنواقصها وايجابياتها حتى يتم وضعهم في ميزان بكفتي السلب والإيجاب من اجل إعطائنا معلومة كاملة غير منقوصة , وإفادتنا بوزنهم الحقيقي وفقا لهذا الميزان العادل ... ومتى نستشعر قضايا الوطن والمواطنين كمرض يؤلمنا ويهد كياننا ويكاد يفتك بنا إذا ما استفحل وبلغ حد لا تجدي معه المهدئات والحقن نفعا , فنضعها على طاولة الدكتور بمصداقية عالية خالية من معالم اخفاء أي معلومة مهما بلغت درجة صغرها ولو حتى حد التناهي – عندها نقدر نقول أننا قد امتلكنا جزء من الحل لقضايانا الشائكة وما أكثرها – فقول الحقيقة جزء من الحل وليس كل الحلول لمتاعبنا وقضايانا اليومية الشائكة في يمن الايمان .... ولكنه يظل حلا موصلاً لحلول أخرى ناجعة ومفيدة .....