أكدوا أن الاكتفاء بالتشديد على استصدار تراخيص لا يغني عن الرقابة على المنازل المسكونة حذر خبراء في البناء والعقار من تردي إجراءات الأمن والسلامة في الكثير من المساكن بالدوحة، وأكدوا أن غالبية البنايات القديمة لا يهتم أصحابها بتوفير المعدات اللازمة للأمن والسلامة فيها، ما قد يترتب عليه مشكلات أكبر مستقبلاً تهدد حياة الكثير من السكان. وأكد مهندسون مدنيون ل «العرب» أن النسبة الأكبر من المساكن القديمة والتي تنعدم فيها معدات الأمن والسلامة يقطنها العمال، فالمشكلة مضاعفة كون أغلبيتهم لا يتمتع بثقافة التعامل مع الحرائق، أو الخروج الآمن في حال حدوث أي مكروه. وطالب الخبراء العقاريون بمزيد من التوعية للعمال، وتدريبهم على استخدام معدات الإطفاء على اختلافها والتعامل في حالة الحريق وطرق الإخلاء، بالإضافة إلى إجراء عمليات تحديث مستمرة لمعدات الأمن والسلامة الموجودة بالمناطق القديمة تحسباً لوقوع حرائق، وأشادوا بالدور الكبير الذي لعبته إدارة الدفاع المدني، وسعيها الدؤوب خلال السنوات الخمس الأخيرة من أجل توفير سبل الأمن والحماية في كافة المباني الجديدة، ما سينعكس مستقبلاً على كافة مناطق الدوحة، خاصةً مع التجديدات المستمرة التي تشهدها المدينة والطفرة التنموية العملاقة التي تعيشها قطر بوجه عام. في البداية يقول المهندس أحمد جولو رئيس جمعية المهندسين القطريين: الفترة الأخيرة شهدت تقدما ملحوظا في مستوى أداء الدفاع المدني، ولكن استهتار بعض المؤسسات يضع حياة الكثير من السكان في خطر، فالأمر عائد إلى الشعور بالمسؤولية الشخصية والمجتمعية. وأضاف: الوضع يختلف من الفلل للمجمعات السكنية والبنايات والمجمعات التجارية، وكل مبنى يحتاج إلى نظام أمن وسلامة مختلف تماماً يتناسب مع احتمالات حدوث حرائق فيه ومدى تضرر الموجودين به في حال وقوع أي مكروه. وأردف أن الفلل لا تحتاج إلى الاحتياطات الأمنية التي يستوجب توافرها في المجمعات السكنية، فالضرر يكون أكبر في حال وقوع حريق بمجمع سكني -لا قدر الله- وكذلك بالنسبة للمجمعات التجارية التي تحتاج إلى نظام أمن وسلامة دقيق، تفادياً لحدوث أي إصابات بالغة في حال الحرائق. وأوضح جولو أن المجمعات التجارية والتي تكتظ بالرواد يمكن أن تخلف مئات الإصابات بينهم، فالتشديد الذي تفرضه وزارة الداخلية متمثلة في إدارة الدفاع المدني ينبع من حرص الوزارة الدائم على سلامة السكان، فلا يمكن التهاون في مثل هذه الأنظمة الدقيقة لارتباطها بحياة آلاف السكان. وأشار جولو إلى أن التشديد على المواد المستخدمة في كافة المباني يعد من الضرورات التي يجب الالتفات إليها دائماً، فبعض المواد تزيد من حجم الخسائر المتوقعة في حال نشوب حريق، وهناك بدائل تضاعف من اطمئنان المسؤولين في أوقات الرقابة، وبيّن أن استهتار بعض المستثمرين واستخدام مواد تهدد حياة السكان، أمر لا بد أن يواجه بالكثير من الحزم، فلا يمكن أن يكون الاستثمار على حساب أرواح الكثير من السكان. وقال رئيس جمعية المهندسين القطريين: إن غالبية المشكلة تتركز في المساكن القديمة بالدوحة، ففي حال وقوع حريق في مثل هذه البنايات يمكن أن يتسبب في تعرض حياة السكان للكثير من المخاطر، خاصة أن غالبيتها لا يوجد به أي من أنظمة الأمن والسلامة التي تساعد في السيطرة على الحرائق. وأضاف: ومما يضاعف من حجم المشكلة المستوى التعليمي لسكان هذه البنايات، فغالبيتهم من العمالة التي لا تتمتع بالقدر الكافي من المعرفة أو التعلم، ما يزيد من حجم المخاوف ويضاعف من مخاطر سقوط ضحايا، ناهيك عن عدم تمتعهم بالمعرفة حول كيفية استخدام أدوات الأمن والسلامة إن توافرت في هذه البنايات. وأوضح جولو أن النسبة الأكبر من هذه المساكن تتجمع في أماكن متقاربة وفي نفس المناطق، وفي حال نشوب حريق -لا قدر الله- يمكن أن يمتد لأكثر من مبنى إن لم تتم السيطرة عليه بصورة عاجلة عن طريق العمال أنفسهم قبل وصول الدفاع المدني، فهذه المناطق مكتظة بمئات العمال. حلول مقترحة وعن الحلول المقترحة لهذه المشكلة بيّن جولو أن الكثير من البنايات في الدوحة تحتاج إلى مراقبة مستمرة من إدارة الدفاع المدني، فالاكتفاء بالتشديد على استصدار تراخيص لا يغني عن الرقابة على المنازل القديمة، فالدولة لن تتخلص من هذه المباني دفعة واحدة، والأمر يحتاج إلى سنوات للقضاء عليها تدريجياً. وأوضح أن الكثير من هذه المباني لا يرجع ضعف أنظمة الأمن والسلامة بها لقصور في عمل أجهزة الدولة، فبعض البنايات تعود إلى سبعينيات القرن الماضي، أي تم بناؤها في آونة قلت فيها أنظمة الأمن والسلامة، ولم تكن على هذا النحو من التقدم، والمطالبة بتطويرها لا يعني إهمال أجهزة الدولة، ولكنها المسؤولية المجتمعية التي تستوجب الكثير من الحيطة والحذر في التعامل مع أبنية مر عليها قرابة النصف قرن. وأضاف: المسؤولية تقع على كاهل الجميع، فتوعية العمال هي من شأن الشركات العاملة في قطر، ويجب أن تقدم لهم دورات كافية لتعليمهم طرق استخدام معدات الأمن والسلامة، وزيادة معرفتهم بطرق الخروج من المسكن في حال وقوع حرائق، وكذلك تزويدهم ببعض المعدات الخفيفة التي يمكن أن يسيطروا بها على الحرائق الصغيرة في حال وقوعها. وأردف: يجب على المسؤولين في الدفاع المدني الاستمرار في إجراءاتهم، وإن رآها البعض مبالغا فيها، فالمبالغة أفضل من سقوط أبرياء تكاسلاً في تطبيق الإجراءات الواجبة. وأكد رئيس جمعية المهندسين القطريين على ضرورة إيجاد حلول تتوافق مع التكنولوجيا الحديثة، وتتناسب مع ما تعيشه قطر من طفرة تنموية يشهد بها العالم، فحدوث أخطاء بسيطة كالتي تقع في معدات الأمن والسلامة لا تتماشى مع ما حققته البلاد من تقدم. وأوضح أن بعض المناطق كمشيرب والدوحة الجديدة والتي ترتكز فيها الكثير من البنايات القديمة يمكن أن تشكل خطراً على سكانها، خاصة أن أغلبهم من العمال. أداء متميز للدفاع المدني من جانبه قال الخبير العقاري عبدالرحمن النجار: إن قانون الدفاع المدني الحالي والذي يحقق نجاحا كبيرا في توفير معدات أمن حديثة وتفادي وقوع حرائق، لم يكن موجوداً بالثمانينيات، الأمر الذي خلف الكثير من المنازل التي لا تتوافر بها معدات الأمن والسلامة. وأضاف: القانون لا ينطبق على الفلل، وإنما تندرج تحت مظلته الطوابق المتعددة فحسب؛ لذا فنسبة المباني القديمة المتبقية قليلة، وتجري عمليات التطوير بها بصورة مستمرة تبشر بالخير. وأشار النجار إلى أن تطوير قانون الدفاع المدني كان له الأثر الأكبر في تقليل عدد المساكن غير المطابقة للمواصفات، مؤكداً أن الإدارة بذلت جهوداً كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية للخروج بالدوحة على نحو آمن يتناسب مع ما تنشده الدولة من خطط تنموية مستقبلية. وتابع: إدارة الدفاع المدني تتواصل مع الشركات بصورة مستمرة، والمشاورات لا تنقطع بين كافة المؤسسات في قطر والإدارة من أجل توصيات سليمة تخرج بكافة المباني الجديدة على نحو آمن، فالأوضاع دائمة التحسن ووزارة الداخلية دائمة التواجد في كافة المحافل من أجل تحقيق مستوى متميز من الخدمات على كافة الأصعدة. وأوضح النجار أن التطوير المستمر للقوانين في قطر ينذر باستمرار علميات التحسين والخروج بأفكار تتناسب مع كل مرحلة ومتطلباتها، فتواصل الدفاع المدني يجعله على مقربة من الأحداث بصورة مستمرة، ويضعه على أعتاب الحلول المناسبة دون تهاون يمكن أن يهدد حياة السكان. وعن الوسائل المفترض اتباعها في الدوحة من أجل تجنب الخسائر التي يمكن أن تلحق بالمباني القديمة أضاف: لا بد من إجراء عمليات تطوير مستمرة للمباني القديمة إن كانت تجارية أو سكنية، ولا بد من إشراف إدارة الدفاع المدني على هذه العملية لتقصي الوسائل التي تتناسب مع المبني ومدى إمكانية تركيب معدات به، فالوضع سيختلف من مبنى لآخر. وأردف: المباني الحديثة يجب أن تخضع لرقابة مستمرة لكافة معدات الأمن والسلامة، وأن يقوم الدفاع المدني بحملات تفتيشية تستهدف المباني والمجمعات التجارية للتأكد من مدى أهليتها، ومدى قدرة المعدات المستخدمة بها على التصدي لأي حوادث مستقبلية. وطالب النجار بالاستمرار في عمليات التطوير، بما يعود بالنفع على كافة السكان، ويوفر أكبر قدر من الحماية في البنايات، فالتقنيات الحديثة تساهم في اكتشاف الكثير من السبل التي تساعد على تفادي وقوع خسائر، ويجب على كافة مؤسسات الدولة أن تعتمد على هذه التقنيات وأن تقوم بتطويردائم لأساليبها. وأشار إلى أن غالبية المساكن القديمة بالدوحة تمت إزالتها، وأن النسبة المتبقية والتي لا تتجاوز %20 سيتم التخلص منها خلال السنوات القليلة المقبلة في خضم حملة التطوير المستمرة التي تشهدها البلاد. وأوضح النجار أن سكن العمال في الدوحة مسألة وقت، وسيتم انتقال كافة العمال إلى المناطق الخارجية، الأمر الذي سيترتب عليه تطوير كافة البنايات التي يقطنها العمال في الوقت الحالي، وسيساهم في تطويرها بشكل يتناسب مع الأبنية المحيطة. وأكد ضرورة تكاتف الجهود بين وزارتي البلدية والداخلية حتى تتمكن الداخلية من تحديد البنايات الممكن تعرضها لمخاطر السقوط أو القديمة بشكل غير مؤهل للعيش، ومن ثم التخلص منها تدريجياً وبأسرع وقت، فهي وبلا شك تشكل خطرا على ساكنيها. غياب معدات الأمن والسلامة وقال الخبير والمثمن العقاري خليفة المسلماني: إنه ومن خلال معاينتنا المستمرة للمساكن في الدوحة، نجد الكثير من المباني غير المؤهلة، ولا تتوافق مع اشتراطات الأمن والسلامة، فحتى الفلل لا يوجد بها معدات خفيفة تساعد على السيطرة على الحرائق في حال نشوبها، الأمر الذي يهدد سكانها دائماً ويعرضهم للمخاطر. وأضاف: لا يلتزم بإجراءات الأمن والسلامة على نحوها الصحيح إلا المجمعات التجارية الكبرى، فهي تخضع لعمليات تفتيش مستمر ورقابة مشددة للكشف عن سبل الأمن والحماية بها؛ لذا فالقائمون على هذه المجمعات يسعون جاهدين لتوفير كافة المعدات وتدريب العمال على استخدامها. وتابع: أما فيما يخص البنايات السكنية، فلا يلتزم أصحابها بتوفير المعدات المناسبة، وإن توافرت فلا يتم التفتيش عليها بصورة مستمرة أو على نحو يجنب سكانها المخاطر، الأمر الذي يعرض حياة عشرات الآلاف من السكان للخطر. وبيّن المسلماني أن نسبة المباني المعرضة لمخاطر في الدوحة تتجاوز %90، فالأبنية القديمة منتشرة في كافة أرجاء المدينة، وحتى المباني الحديثة لا يلتزم غالبية أصحابها بتوفير السبل الكافية لحماية السكان من أي مخاطر مستقبلية محتملة. وأوضح أن البنايات التي تلتزم بالمعايير السليمة للأمن والسلامة في الدوحة تعود أغلبيتها لكبار موظفي الدولة، وهم يسعون لحمايتها إيماناً منهم باحتمالية حدوث كوارث تهدد المبنى ككل. وأشار إلى أن الكثير من المباني القديمة لا يلتفت أصحابها لتطويرها، فالمشروعات الكبرى في البلاد ضاعفت عدد السكان بما يضمن عدم وجود شواغر في الشقق السكنية بالدوحة، الأمر الذي يدفع أصحاب هذه الأبنية للتهاون في تطويرها أو تزويدها بمعدات أمن وسلامة تتطابق مع احتياجات سكانها. وأكد المسلماني على ضرورة نشر الوعي بين كافة سكان الدوحة، خاصةً العمال الذين يشكلون نسبة كبيرة من السكان، فطرق التعامل مع أدوات الأمن والسلامة وتفادي وقوع خسائر في الأرواح في حال حدوث كوارث تعد من الأمور الواجب نشرها بين كافة أفراد المجتمع، فهي مسؤولية مجتمعة مشتركة يجب أن تساهم فيها كافة قطاعات الدولة، بما يتماشى مع ما نعيشه من طفرة تنموية كبيرة شملت مظلتها جميع المؤسسات القطرية.